الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الأدلة على وجوب الإمامة»
لا ملخص تعديل |
|||
سطر ٧٨: | سطر ٧٨: | ||
====[[آية التطهير]]==== | ====[[آية التطهير]]==== | ||
====آية الأذن الواعية==== | ====[[آية الأذن الواعية]]==== | ||
====آية الإطعام==== | ====[[آية الإطعام]]==== | ||
====آية طاعة أولي الأمر==== | ====[[آية طاعة أولي الأمر]]==== | ||
====الآيات التي نزلت في علي{{ع}}==== | ====[[الآيات التي نزلت في علي]]{{ع}}==== | ||
====[[سورة براءة]]==== | |||
====سورة براءة==== | |||
===ثانياً: السنة الشريفة=== | ===ثانياً: السنة الشريفة=== |
مراجعة ٠٩:٥٤، ٦ فبراير ٢٠٢٣
تمهيد
إنَّ الإمامة واجبة على الله تعالى بالنسبة لعباده وإنها أمر إلهي لا يتعلق تعيينها بأحدٍ من البشر كما يعتقد الإمامية بذلك ولهم أدلة عدة من العقل والنقل في إثبات وتحقيق ذلك، نحاول أنْ نبينها في هذه الصفحات بشيء من الإيجاز لنكون على بينة منها.[١]
الأدلة العقلية
الإمامة واجبة عقلاً على الله تبارك وتعالى أي محال بحكم العقل أنْ ينقض الله تبارك وتعالى غرضه. وإنَّ الله تبارك وتعالى بعث الرسول(ص) لهداية الناس ومعه رسالة وأراد لهذه الرسالة الاستمرار وأنْ تبقى حية لتنقذ البشرية جمعاء من المتاهات، فإذا لم يتكلف سبحانه ببيان استمرارية هذه الرسالة والتي تتم عن طريق الإمامة، فمعنى ذلك أنَّ الله تبارك وتعالى -و العياذ بالله- ناقض لغرضه! ويستحيل بحكم العقل أنْ ينقض غرضه.
وحسب قاعدة اللطف فالله تبارك وتعالى يريد من الناس أنْ يسيروا في طريق الهداية ويتجنبوا طريق الظلال، فيأمرهم بالطاعة ويبعدهم عن المعصية. وإنَّ امتثال الطاعة وترك المعصية إذا كان متوقفاً على وجود إمامٍ يسددهم ويرشدهم إلى الطريق الصحيح فالله تبارك وتعالى لحكمته ولطفه لابد أنْ يعين لهم الإمام ليكمل خطوات النبي، وهذا هو الفارق الأساس بين الإمامية وغيرهم من الطوائف الأخرى.
فالإمامية يقولون بأنَّ الإمامة قاعدة من قواعد اللطف، وأنها منصب إلهي لابد وأنْ يكون الله تبارك وتعالى المتعهد والمتكفل لأمر الإمامة كما تعهد وتكفل أمر الرسالة، فكما أنَّ الرسول لا يعينه الناس ولا يختاره إجماع الأمة فكذلك الإمامة، لأنَّ الله تبارك وتعالى خلق في الإنسان روح التكامل وأودع فيه قابليات للحركة التكاملية والإنسان مستمر في هذه الحركة التكاملية وهناك عوامل تصده، فلابد من وجود فرد متميز جامع لكل المزايا الروحية ومستوعب أعماق الحكم الإلهي ويكون إنساناً مسدداً ربانياً معصوماً اختاره الله ليكون داعية التوحيد ويكون بهذا ذو أهلية للقيادة، وهذا القائد والإنسان الكامل المعصوم هو رائد ركب الإنسانية وواسطة الفيض الرباني وحلقة الوصل بين عالم الغيب وأفراد البشر ليوصلهم إلى الهداية المنشودة للإنسانية فيستحيل بحكم العقل أنْ يحرم الله تبارك وتعالى الإنسان من الهداية التي تتكفل وصوله إلى الغاية. فالألطاف الإلهية اللامتناهية تقتضي أنْ يهدي العبد نحو الوصول إلى الحقائق السامية والكمالات العليا بأطروحة جامعة شاملة تضمن له سعادة الدنيا والآخرة وحينما يُعين له الإمام فإنه قد نَصَّب له الهادي والمرشد ويكون قد أكمل له طريق الهداية.
وإنَّ الأدلة العقلية على وجوب الإمامة عدة نحاول بيان ثلاثة منها:[٢]
أولاً: قاعدة اللطف
الإنسان بناء على فطرته السليمة في حركة لا تتوقف باتجاه الكمال، فهو يقطع الطريق من حيث يشعر أو لا يشعر وبشوقٍ شديدٍ حتى المحطة الأخيرة في حركته، ومن خلال إحساسه بالحاجة الملحة يحاول أنْ يقطع مراحل أكثر في هذا الطريق لكي يتقرب من المدارج العالية، وهذا الطريق التكويني له مراتب مختلفة يربط بينها رباطٌ وثيقٌ عميقٌ، وبما أنَّ الإنسان قد أودعت فيه نوازع الخير وتجليات الجمال فهذه يجب أنْ تظهر من مرحلة القوة إلى مرحلة الفعل لحظة بعد أخرى. وغريزة حب الجمال والتوجه نحو الكمال والتكامل موجودة عند الإنسان بشكل فطري، لكنه قد يُخطئ في التطبيق إضافة إلى وجود عوائق ومثبطات وعوامل كالميول والرغبات والأهواء الغير متزنة تقضي على هذا المعنى، ففي حركته التكاملية يجب أنْ يُقوي ويُنمي من طاقته ومواهبه الروحية والنفسية للتكامل، وفي جانب آخر يحاول أنْ يمنع من الآثار السيئة للغرائز والعوامل السلبية في الشخصية الإنسانية، فهذه الطاقات المخربة دائماً تصده من الوصول إلى الكمال لذلك فهو في كفاحٍ مستمر مع الشيطان ومع الغرائز التي تغويه وترديه، وإلى جانب ذلك نجد إنساناً كاملاً بلغ الرتبة النهائية في الكمال ويأتي ليأخذ بأيدي المجموعة البشرية وليكون حجة الله الظاهرية، بعد أنْ أودع الله تبارك وتعالى في الباطن حجة باطنية تتعاون الحجتان الظاهرية والباطنية لتدعم الحركة التكاملية للإنسان.
إذاً فالإمامةُ لطفُ، واللطفُ عبارةٌ عن كل ما يُقرب العبد من الطاعة ويُبعده عن المعصية، والذي يقود الناس إلى مسيرة التكامل ويمنعهم من الخطأ هو الإمام.
ولتقريب هذا المعنى نورد مناقشة لطيفة تروى عن هشام بن الحكم أحد تلامذة الإمام الكاظم(ع) تبين هذا المعنى، حيث ذهب هشام إلى البصرة ودخل إلى مجلس درس عمرو بن عبيد المعتزلي إمام المعتزلة بالبصرة فيجده يتحدث عن الإمامة وأنَّ الإمامة إنما هي ليست واجبة على الله تبارك وتعالى وإنكار وجوبها العقلي.
- فيقول له هشام: هل لي أنَّ أسألك سؤالاً؟
- فيبدأ هشام يسأله: هل لك عين؟
- قال: ألا تراني أبصر؟
- قال هشام: نعم ولكن أجب على سؤالي.
- قال: نعم.
- قال هشام: هل لك يد؟ وظل يعد له مجموعة من الأعضاء والجوارح ويسأله ماذا يفعل بتلك الجوارح.
- قال هشام: إذا أخطأت هذه الحواس في إدراكها للأشياء فهل هناك عضو ليرفع الخطأ عن هذه الأعضاء؟
- قال: نعم.
- فقال هشام وما هو؟
- قال: القلب.
- قال: إذاً تقول إنَّ الله تبارك وتعالى بلطفه خلقَ عضواً في داخل الإنسان مركزاً للدقة والموازنة يسيطر على الأعضاء والجوارح ترجع إليه الأعضاء إذا أخطأت.
- قال: نعم.
- قال هشام: إذاً كيف خلق الله تعالى في الإنسان عضواً ترجع إليه الأعضاء كلها عندما تخطئ ولم يخلق للأمة شخصاً ترجع إليه أفراد الأمة عندما يخطؤون وهو مصون من الخطأ؟
فكما أنَّ الله تبارك وتعالى في عالم التكوين يخلق عضواً في داخل الجهاز الإنساني وهذا العضو يرشد الأعضاء كلها ويُقَوِّم خطأها، كذلك لابد حسب قاعدة اللطف أنْ يخلق الله للأمة كلها مركزاً واعياً لإدراك الحقيقة حينما يخطئ أفراد البشر يرجعون إليه.
إذاً فالعصمة إنما هي للإمام الذي هو قلب الأمة، وليست الأمة من دون الإمام بمعزل عن الخطأ في القضاء والحكم على سائر الأمور.[٣]
ثانياً: نقض الغرض
إذا كان النبي(ص) يأتي برسالته ويرشد الناس ويعظهم ويوجههم نحو الخير لمدة ثلاث وعشرين سنة ثم يتوفى ويترك الأمة بلا راعٍ ولا مصير معين، فإنَّ هذا نقضٌ للغرضِ الذي بُعث له، ويستحيل على الحكيم أنْ ينقضَ غرضه، لأنَّ هذا العلاج علاج مؤقت، فمَنْ يضمن المسيرة الصحيحة للأمة بعد وفاة الرسول(ص) إذا لم يعين خليفة وإماماً يتصدى لذلك فلا يمكن أنْ يترك كل شيء للناس فيختارون ما يشاؤون وهو يعلم أنَّ هذه الأمور تؤدي إلى التفرقة والخلافات ولا تعود على الأمة الإسلامية بخير، فكيف إذاً وهو يعلم أنَّ هذه الأخطار ستواجههم؟
فإذا فعل ذلك فهو قد نقضُ الغرض، والحكيم لا ينقض غرضه.
فالطريقة التي اتخذها رسول الله(ص) من أول لحظة كانت تشير إلى مراعاة هذا الأمر العظيم وحديث يوم الدار أكبر دليل على أنَّ النبي(ص) قرر مقام الوصي والخليفة والإمام الذي يكون من بعده.
الإمامة منصب الهي:
إنَّ الإمام لابد أنْ يكون مستجمعاٌ لصفات الفضيلة والعلم، وأنْ يكون أعلم أهل زمانه لأنه المرشد والقدوة، وإنَّ الله تبارك وتعالى هو مَنْ له القدرة على معرفة الكمال والعصمة والهداية والمزايا الموجودة في باطن الإنسان ليكون أهلا لتقبل المسؤولية في الإمامة والقيادة حيث هو الخالق الذي جَبَلَ النفوس وعرف دخائلها، وهو الوحيد الذي يحيط بضمائر الناس ويعرف من يصلح لهذا المنصب من غيره.[٤]
ثالثاً: طريقة العقلاء
إنَّ طريقة كل العقلاء في الخلافة هو تعيين وصي وخليفة ونائب حينما يغيبون عن كل شيء هو في مسؤوليتهم وهذا في أدنى الأمور فكيف بأعظمها، والرسول(ص) الذي يتبعه كل العقلاء لم يسافر مرة إلا وعين مَنْ ينوبه ويتولى الشؤون في غيابه، وكذلك غيره(ص) حيث نلاحظ أنَّ أبا بكر لما توفى أوصى بالخلافة لعمر بن الخطاب ليكون خليفته على الأمة ويتولى شؤونها. فهل هذا يعني أنَّ أبا بكر كان أكثر حرصاً على مستقبل الأمة الإسلامية من الرسول(ص)!!
فهل يمكن القول أنَّ أبا بكر يعرف هذه الحقيقة وأنه لا يمكن أنْ تُترك الأمة سُدىً فيعيِّن وينص على الخليفة الذي بعده، ولكن رسول الله(ص) يجهل أهمية هذه المسألة وخطورتها بالنسبة لمستقبل المسلمين، حاشا رسول الله(ص) من الجهل والإغفال والعياذ بالله.
إذاً فالإمامة واجبة عقلاً على الله تبارك وتعالى.[٥]
الأدلة النقلية
وأما الأدلة النقلية على وجوب الإمامة فهي متعددة كذلك من خلال الآيات المباركة في القرآن الكريم وكذا السنة الشريفة التي أكدت على ذلك في مواطن متعددة.
أولاً: القرآن الكريم
والآيات المباركة التي يمكن الاستدلال بها على وجوب الإمامة وأنَّ الله تعالى قد أكد على ذلك وبينه فهي كثيرة، منها:
آية إكمال الدين
آية الولاية
آية التطهير
آية الأذن الواعية
آية الإطعام
آية طاعة أولي الأمر
الآيات التي نزلت في علي(ع)
سورة براءة
ثانياً: السنة الشريفة
وأما السنة الشريفة فقد تضمنت عدداً من الروايات المباركة التي تدل على الإمامة نذكر منها:
حديث الثقلين
قال رسول الله(ص): "إِنِّي مُخَلِّفٌ فِيكُمُ اَلثَّقَلَيْنِ كِتَابَ اَللَّهِ وَعِتْرَتِي مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا بَعدي أَبَداً وَإِنَّ اَللَّطِيفَ الخَبيرَ قَد أنْبَأَني أنّهمَا لَنْ يَفْتَرِقا حتّى يرِدا علَيَّ اَلحَوض".
وهذا الحديث متواتر قطعي الصدور لا مجال للمناقشة في سنده، وهو متواتر جيلاً بعد جيل.
أما من حيث الدلالة:
النقطة الأولى: قوله: "إِنِّي مُخَلِّفٌ فِيكُمُ" فالبحث الأساسي إنما يركِّز على الخلافة. وإذا ربطنا هذه الخلافة بخلافة من نوع آخر في قوله تعالى: قالب:متن قرآن أي مَنْ يمثل إرادة الله تعالى في الأرض، وهذا التمثيل كان عن طريق الأنبياءقالب:عم وحينما يصدر من الرسول(ص) إني مخلف فيكم، تصدر عن وعي بأنه مفارق الحياة الدنيا، وأنه حين مفارقته للحياة الدنيا لابد أنْ يترك حجة ومستمسكاً بحيث لو تمسك بهِ أبناء الأمة لن يضلوا بعده. إذاً "إِنِّي مُخَلِّفٌ فِيكُمُ" تركز على نقطتين أساسيتين:
- إِنَّ النبي(ص) راحل عن الدنيا كما يرحل أي شخص آخر.
- ما دام هو يرحل وما دامت الرسالة الإسلامية هي الرسالة الخاتمة حينئذ يكون الرسول(ص) مُكَلَّفا من قبل الله تبارك وتعالى بأنْ يترك في الأمة مَنْ يكون مناراً دائماً للهدى الذي أشار إليه من عدم الضلالة.
النقطة الثانية: إنَّ النبي(ص) يطلب من أمته أنْ يتمسكوا بأمرين متوازيين يكمل أحدهما الآخر فيجب التمسك بهما معاً دون التمسك بأحدهما وترك الآخر.
النقطة الثالثة: قوله: " وَإِنَّ اَللَّطِيفَ الخَبيرَ قَد أنْبَأَني أنّهمَا لَنْ يَفْتَرِقا حتّى يرِدا علَيَّ اَلحَوض" أي إنه لا يمكن الاحتجاج بالقرآن وحده من دون العترة الطاهرة، والسبب في ذلك هو ما أجمع عليه المؤرخون والمفسرون أنَّ ابن عباس قد روي عن علي(ع) أنه قال: "واللّهِ مَا نزلَت آية بِلَيْلٍ أو نَهَارٍ أوْ سَهْلٍ أوْ جَبَلٍ أوْ سَفَرٍ أوْ حَضَرٍ إِلاَّ وأنَا أَعْلَمُ فِيمَ نَزَلَتْ"
إذن علي(ع) كان مع القرآن والقرآن معه، وكان يعلم فيم نزلت كل آية وهذا العلم نُقل منه إلى أولاده الأئمة الطاهرين(ع) من بعده.
ولقد ذكر الإمام علي(ع) في خطبة له قوله: "وَ لَقَدْ كُنْتُ أَتَّبِعُهُ اِتِّبَاعَ اَلْفَصِيلِ أَثَرَ أُمِّهِ ...وَ لَقَدْ سَمِعْتُ رَنَّةَ اَلشَّيْطَانِ حِينَ نَزَلَ اَلْوَحْيُ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ فَقُلْتُ لَهُ مَا هَذِهِ قَالَ رَنَّةُ اَلشَّيْطَانِ قَدْ أَيِسَ مِنْ عِبَادَتِهِ إِنَّكَ تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ وَ تَرَى مَا أَرَى إِلاَّ أَنَّكَ لَسْتُ بِنَبِيٍّ".
فقد لازم علي(ع) الرسالة منذ اللحظات الأولى وبقي معاصراً لها ومرافقاً للرسول(ص) في كل مناسبة، وقد تربى تربيته ثم فاضت روح رسول الله إلى الملأ الأ على ورأسه في صدره.
وأما إذا رويت الرواية بالشكل الآتي كما يريد أنْ يرويها بعض: قالب:عربی فإذا كان نص الحديث هكذا فنقول: إنَّ رسول الله(ص) خلف في الأمة أمرين عظيمين هما الكتاب والسنة ولا نشك بأنَّ سنة الرسول(ص) حجة وهي من مصادر التشريع، ولكن هذه السنة نؤمن بأنها معتبرة حينما تصلنا عن طريق العترة، والطريق الذي عاصر الرسول(ص) منذ اللحظة الأولى من لحظات الوحي هو علي(ع) لا الذي عاشر الرسول لسنة أو سنتين.
فإذا كان الحديث كما يقولون هو قالب:عربی فهذه السنة لا يؤمن عليها إلا علي(ع) أما سند هذه الرواية: نجد إنَّ أول كتاب يذكر هذا الحديث هو كتاب الموطأ للإمام "مالك بن أنس" وقد ألفه بأمر من أبي جعفر المنصور في حدود سنة (١۵٠ه) والفاصل الزمني بين هذا الكتاب وبين الرسول(ص) هو حوالي سنة (١۵٠ه أو ١۴٠ه)، ويقول المؤلف: بلغني إنَّ رسول الله(ص) قال إني مخلف ...
إذاً هذا الحديث لا سند له ولا اعتبار له لأنه حديث مرفوع، والمرفوع لااعتبار له في مقابل حديث المسند المتواتر الذي ذكرت فيه سلسلة الرواة واحدٌ بعد الآخر بشكل مضبوط ودقيق، وعليه لا يمكن الاعتماد على هذا الحديث.[٦]
حديث المنزلة
قال رسول الله(ص): " يَا عَلِيُّ أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى " أو " أَ مَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلاَّ أَنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي".
المنزلة المذكورة في كلا الحديثين واضحة وتتعلق بمواطن عديدة منها غزوة تبوك حيث خرج رسول الله(ص) من المدينة لقتال المشركين وترك علياً(ع) مع النساء والصبيان، فالمنافقون لما اطَّلعوا على خروج الرسول(ص) وتخلف علي(ع) في المدينة المنورة، بدؤوا يشيعون كلاماً وأحاديث وإنَّ رسول الله(ص) لم يسمح لعلي(ع) بالاشتراك في هذه الغزوة أو في هذه الحرب المقدسة، وانتشر الخبر في كل المدينة المنورة إلى درجة أنْ صار كل شخصين يتقابلان يتحدثان، يسأل أحدهما الآخر عن هذا الخبر وأن رسول الله(ص) غادر المدينة وترك الإمام علي(ع) مع النساء والصبيان في المدينة المنورة ... فهذا الجو أحدث شيئاً من الحرج لعواطف علي(ع) ولذلك دمعت عيناه وقابل رسول الله(ص) بهذه العبارة قال: أَتخَلِّفني مع النساء والصبيان؟
فجاء جواب الرسول(ص) :" يَا عَلِيُّ أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلاَّ أَنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي ... إِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي أَنْ أَذْهَبَ إِلاَّ وَ أَنْتَ خَلِيفَتِي".
بهذا المضمون روي عن الرسول(ص) بشكل متواتر ذكره المحدث السيد هاشم البحراني في كتابه "غاية المرام وحجة الخصام" ص١٢۶-١٠٩. ذكره بمائة سند من المصادر المختلفة.
من خلال ما تقدم نركز على:
أولاً: قوله "إِلاَّ أَنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي" لماذا ذكر الرسول(ص) هذه الجملة؟
إذن فكل المناصب والمزايا التي كانت لهارون(ع) موجودة لعلي(ع) إلا مسألة النبوة. فالمناصب التي كانت لهارون(ع) واضحة من خلال قوله تعالى: قالب:متن قرآن [٧]
ثانياً: مشاركته في الرسالة، ويدل عليه قوله تعالى على لسان موسى(ع): قالب:متن قرآن [٨]، فالأمر هو أمر الرسالة والتبليغ.
ثالثاً: الدعم والتأييد، ويدل عليه قوله تعالى: قالب:متن قرآن [٩] وقد جاء الجواب من الله تبارك وتعالى: قالب:متن قرآن [١٠]
رابعاً: الخلافة، ويدل عليه قوله تعالى: قالب:متن قرآن [١١]، فهذه المناصب كلها باستثناء النبوة موجودة لعلي(ع) فيكون وزيراً ويكون خليفة ويكون أخاً ودعماً وتأييداً لرسول الله(ص) وبالفعل فقد قام الإسلام على أموال خديجة وسيف علي(ع).
فحديث المنزلة من ناحية السند متواتر قطعي الصدور. ومن ناحية الدلالة فيه من التأكيد الواضح على خلافة الإمام علي(ع).
وعلينا أنْ نشير إلى أنَّ هناك مقامات ثلاثة كانت لعلي(ع) كان يتمنى كل مسلم وكل صحابي أنْ تكون له شرف واحدة منها.
وتلك المقامات العظيمة هي:
۱. قول رسول الله(ص) العلي(ع): "يَا عَلِيُّ أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى".
۲. قول رسول الله(ص): "لأَعْطِيَنَّ الرايَةَ غَداً رَجُلاً يُحِبُّهُ اللَّهُ ورَسولُهُ ويُحِبُّ اللَّهَ ورَسولَهُ، كَرارٌ غيرُ فرارٍ، لا يَرْجِعُ حَتى يَفْتَح اللَّهُ على يَدَيْهِ".
وفي تلك الليلة صار الجميع يتوقعون هذا الفخر العظيم، ولم يحتمل أحد منهم أَنَّ علياً(ع) سيفوز بهذا الوسام لأنه كان مريضاً أرمد العين وعندما أصبح الصباح قال رسول الله(ص) عَلَيَّ بعليٍّ. قالوا إنه يشتكي عينيه، قال رسول الله: علَيَّ بهِ. فأخذ شيئاً من ماء فمه الطاهر ووضعه على عيني عليٍّ فبرئتا، ثم سلم الراية بيده وقال: اذهب يفتح الله على يديك!
٣. إنَّ عليا(ع) كان بمنزلة نفس النبي لقوله تعالى في آية المباهلة: قالب:متن قرآن.
ومن الروايات الأخرى التي وردت بحق علي(ع):
قول رسول الله(ص) مخاطباً علياً(ع) : "يَا عَلِيُّ اَلنَّاسُ مِنْ شَجَرٍ شَتَّى وَ أَنَا وَ أَنْتَ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ". ثم قرأ رسول الله(ص) قالب:متن قرآن [١٢]، يذكر الحديث الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ويعلق على هذا الحديث بأنه حديث صحيح الإسناد.
قول رسول الله(ص) مخاطباً علياً(ع): "خُلِقْتُ أَنَا وَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مِنَ نُورِ اللَّهِ عَلَى يَمِينِ الْعَرْشِ، نُسَبِّحُ اللَّهِ ونقدسُهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ عزوجل آدَمَ بِأَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفَ سَنَةٍ".
يذكر الجويني هذا الحديث في فرائد السمطين. والكنجي الشافعي في كفاية الطالب والخوارزمي في المناقب و....
قول رسول الله(ص) مخاطباً علياً(ع): " يَا عَلِيُّ إِنَّكَ قَسِيمُ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ وَ أَنَّكَ تَنْفِرَ بَابِ الْجَنَّةِ فتدخلها بِغَيْرِ حِسابٍ، أَوْ بِلَا حِسَابٍ".
يذكر هذا الحديث الخوارزمي في المناقب وابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق والقندوزي في ينابيع المودة.
قول رسول الله(ص) مخاطباً علياً(ع) كما في حديث أم سلمة: "عَلَيَّ مَعَ الْقُرْآنِ، وَ الْقُرْآنِ مَعَ عَلَيَّ، لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ".
نلاحظ إنَّ القرآن الصامت يضم إليه القرآن الناطق وهو علي(ع) الذي كان خبيراً بكل آية نزلت من القرآن، وهذه الفضيلة تؤكد عصمة علي(ع) كما أنَّ القرآن معصوم من الخطأ والزلل.
ذكر هذا الحديث الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين وذكره الشبلنجي في نور الأبصار والمتقي الهندي في كنز العمال وصاحب ينابيع المودة وصاحب الصواعق المحرقة ومجمع الزوائد.
قول رسول الله(ص) مخاطباً علياً(ع) كما في حديث أبي ذر الغفاري: ترد عليَّ الحوض راية أمير المؤمنين وإمام الغر المحجلين، فأقوم فآخذ بيده فيبيض وجهه ووجه أصحابه وأقول ما خلفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون: تتبعنا الأكبر وصدقناه ووازرنا الأصغر ونصرناه وقاتلنا معه. فأقول: ردوا رواء مرويين، فيشربون شربة لا يظمأون بعدها أبداً.
والحوض كناية عن رضا الله تعالى وكناية عن الفوز بالجنة.
ويعلق الكنجي الشافعي على هذا الحديث في كفاية الطالب ويقول: في هذا الخبر بشارة وإنذار من النبي(ص). أما البشارة وإنذار فلمن كفر بالله ورسوله وأبغض أهل بيته وقال ما لا يليق بهم.
قول رسول الله(ص) مخاطباً علياً(ع) كما عن أنس: " إِنَّ اللَّهَ رَبُّ الْعَالَمِينَ عَهِدَ إِلَيَّ عَهْداً فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ لِي : إِنَّهُ رَايَةِ الْهُدَى وَ مَنَارُ الْإِيمَانِ وَ إِمَامُ أَوْلِيَائِي وَ نُورُ جَمِيعِ مَنْ أَطَاعَنِي وَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَمِينِي غَداً فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ صَاحِبُ رايتي غَداً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ الْأَمِينُ عَلى مَفَاتِيحُ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي".
قول رسول الله(ص) مخاطباً علياً(ع) كما يرويه الخوارزمي في المناقب عن النبي(ص) " أَنَا أَوَّلُ مَنْ تَشُقُّ عَنْهُ الْأَرْضِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ أَنْتَ يَا عَلِيُّ مَعِي ، وَ مَعَنَا لِوَاءُ الْحَمْدُ وَ هُوَ بِيَدِكَ تُسَيَّرُ بِهِ أَمَامِي تَسْبِقُ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ!"
ومن المزايا التي انفرد بها الإمام علي(ع) من دون سائر الخلق ولم يشركه أحد في هذه الميزة التي انفرد بها هي: أنَّ علياً كان وليد الكعبة! يقول الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين في الجزء الثالث: تواترت الأخبار أنَّ فاطمة بن أسد ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه) في جوف الكعبة الشريفة! فيقول محمد الآلوسي: وأحرى بإمام الأمة وأحرى بإمام الأئمة أنْ يكون وضعه (ولادته) في ما هو قبلة المؤمنين.
ومن مزاياه الأخرى أنه(ع) صعد على منكب رسول الله(ص) لتحطيم الأصنام وتطهير الكعبة المشرفة. وهذا مشهور عند علماء الفريقين، ذكره أحمد بن حنبل في المسند والنسائي في الخصائص ومحب الدين الطبري في ذخائر العقبى والرياض النضرة و..
ومن مناقبه الأخرى قول الرسول(ص) لعلي(ع): "أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها فمَنْ أراد مدينة العلم فليأت الباب". وهذا حديث آخر متواتر صحيح رواه عدد من الصحابة وذكر في المستدرك على الصحيحين وفي المناقب لابن المغازي وفي أسنى المطالب للجزري والصواعق المحرقة وفرائد السمطين.
وحديث آخر يرويه أحمد بن حنبل بإسناد عن أبي سعيد الخدري، قال رسول الله(ص): " إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ يُقَاتِلُ عَلَى تَأْوِيلِهِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَى تَنْزِيلِهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا يَا رَسُولَ اَللَّهِ ؟ قَالَ: لاَ وَ لَكِنْ هُوَ ذَلِكُمْ خَاصِفُ اَلنَّعْلِ"
إضافة إلى كون علي(ع) الصديق الأكبر والفاروق الأكبر ونظائر ذلك أيضاً فقد ورد في أحاديث صحيحة ومتواترة.
وغير ذلك من الروايات التي وردت في حقه(ع).[١٣]
- ↑ ميلاني، سيد فاضل، العقائد الإسلامية، ص ٢٤٠.
- ↑ ميلاني، سيد فاضل، العقائد الإسلامية، ص ٢٤٠-٢٤١.
- ↑ ميلاني، سيد فاضل، العقائد الإسلامية، ص ٢٤٢-٢٤٤.
- ↑ ميلاني، سيد فاضل، العقائد الإسلامية، ص ٢٤٤.
- ↑ ميلاني، سيد فاضل، العقائد الإسلامية، ص ٢٤٥.
- ↑ ميلاني، سيد فاضل، العقائد الإسلامية، ص ٢٦٠-٢٦٣.
- ↑ طه: ۲۹.
- ↑ طه: ۳۲
- ↑ طه: ۳۱.
- ↑ طه: ٣٦.
- ↑ الأعراف: ١٤٢.
- ↑ الرعد: ٤.
- ↑ ميلاني، سيد فاضل، العقائد الإسلامية، ص ٢٦٣-٢٦٨.