آدم
التعريف
آدم: الأب الذي ينسب إليه البشر، والأُدمة في العربية: السُّمْرة، وقيل: سمّي آدم لأنّه خلق من أديم الأرض؛ أي ترابها، وقيل: من الأدَمَة على معنى اللون[١].
وقد كرّم الله آدم بأن خلقه بيده خلقاً مباشراً من غير أب واُمّ، وهذه ميّزة له وحده لا يشاركه فيها غيره من البشر. قال تعالى: ﴿قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾[٢]. وقال تعالى: ﴿إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾[٣]. وقال تعالى: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾[٤].
من حديثه(ع) عن استنكاف إبليس: «فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ﴾[٥] اعْتَرَتْهُ الْحَمِيَّةُ، وَغَلَبَتْ عَلَيْهِ الشِّقْوَةُ»[٦].
ومن حديثه(ع) عن خلق واختيار آدم(ع): «فَلَمَّا مَهَدَ أَرْضَهُ، وَأَنْفَذَ أَمْرَهُ، اخْتَارَ آدَمَ(ع) خِيَرَةً مِنْ خَلْقِهِ»[٧]. أي اختار آدم(ع) من بين خلقه.
ومن وصفه(ع) لابتلاء الله سبحانه لخلق آدم(ع): «وَلَوْ أَرَادَ اللهُ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ مِنْ نُورٍ يَخْطَفُ الْأَبْصَارَ ضِيَاؤُهُ، وَيَبْهَرُ الْعُقُولَ رُوَاؤُهُ، وَطِيبٍ يَأْخُذُ الْأَنْفَاسَ عَرْفُهُ، لَفَعَلَ وَلَوْ فَعَلَ لَظَلَّت لَهُ الأعْنَاقُ خاضِعَةٌ»[٨].
إنّ للصور الخيالية في «يَخْطَفُ الْأَبْصَارَ» و«يَبْهَرُ الْعُقُولَ» و«يَأْخُذُ الْأَنْفَاسَ» براعة في تجلية المعنى وقوّة أدائه؛ ليمهّد بما يؤول له هذا الأداء الثلاثي من معنى الخضوع والذلّ والانقياد بقول(ع): «لَظَلَّت لَهُ الأعْنَاقُ خاضِعَةٌ».
ومن حديثه(ع) عن أمره سبحانه لآدم(ع) بالحجّ: «ثُمَّ أَمَرَ آدَمَ(ع) وَوَلَدَهُ أَنْ يَثْنُوا أَعْطَافَهُمْ (أَغْطَافَهُمْ) نَحْوَهُ»[٩].
أي أمرهم أن يقصدوه ويحجّوه. وثني العطف - أي الجانبين - كناية عن التوجّه والميل إليه والطواف حوله[١٠].
ومن تحذيره(ع) من استدراج الله سبحانه للعبد: «يَابْنَ آدَمَ، إِذَا رَأَيْتَ رَبَّكَ سُبْحَانَهُ يُتَابِعُ عَلَيْكَ نِعَمَهُ وَأَنْتَ تَعْصِيهِ فَاحْذَرْهُ»[١١].
أي لا يغرّك تتابع النعم، فاحذر استدراج الله تعالى في ازدياد نعمه عليك، فيزيد ذلك في هلاكك.
ومن حكمه(ع): «يَا بْنَ آدَمَ، مَا كَسَبْتَ فَوْقَ قُوتِكَ فَأَنْتَ فِيهِ خَازِنٌ لِغَيْرِكَ»[١٢].
استعار لفظ الخازن للإنسان الذي يدخر الأموال.
ومن حثّه(ع) على أن يكون الشخص وصيّ نفسه: «يَابْنَ آدَمَ، كُنْ وَصِيَّ نَفْسِكَ في مَالِكَ، وَاعْمَلْ فِيهِ مَا تُؤْثِرُ أَنْ يُعْمَلَ فِيهِ مِنْ بَعْدِكَ»[١٣].
فلا تعتمد على فعل الوصيّ للبرّ والتقوى من مالك.
ومن حثّه(ع) على القناعة: «يَا بْنَ آدَمَ، لَاتَحْمِلْ هَمَّ يَوْمِكَ الَّذِي لَمْ يَأْتِكَ عَلَى يَوْمِكَ الَّذِي قَدْ أَتَاكَ»[١٤].
أي انّ الله سبحانه متكفّل بأرزاق عباده، ولن تموت نفس حتى تستكمل رزقها.
ومن تنبيهه(ع) من عظم الذنوب بعد ستّين سنة: «الْعُمْرُ الَّذِي أَعْذَرَ اللهُ فِيهِ إِلَى ابْنِ آدَمَ سِتُّونَ سَنَةً»[١٥].
يسوغ لابن آدم أن يعتذر ما قبل الستّين، وهي أيّام الصبا والشبيبة والكهولة، وقد تمكّن من أن يعذر الإنسان فيه على ما يقترف من آثام، فإذا تجاوز الستّين فلا عذر له في الجهل[١٦].
ومن بليغ حكمه(ع) في القناعة: «يَا بْنَ آدَمَ، الرِّزْقُ رِزْقَانِ: رِزْقٌ تَطْلُبُهُ، وَرِزْقٌ يَطْلُبُكَ، فَإِنْ لَمْ تَأْتِهِ أَتَاكَ»[١٧].
فإن يك من أجلك يأتِ فيه رزقك فلا تحرص على طلبه.
ومن حكمه(ع): «مِسْكِينٌ ابْنُ آدَمَ: مَكْتُومُ الْأَجَلِ، مَكْنُونُ الْعِلَلِ»[١٨].
فهو يجهل بنهاية عمره، ولا يعلم بالعلل والأمراض في بدنه.
وبين «مَكْتُومُ الْأَجَلِ» و«مَكْنُونُ الْعِلَلِ» سجع مرصّع، فيه قوّة في التصوير، ودقّة في الدلالة، وحلاوة في الاتباع الذي يراد به التأكيد.
ومن تحذيره(ع) من الفخر: «مَا لِابْنِ آدَمَ وَالْفَخْرِ؛ أَوَّلُهُ نُطْفَةٌ، وَآخِرُهُ جِيفَةٌ، وَلَا يَرْزُقُ نَفْسَهُ، وَلَا يَدْفَعُ حَتْفَهُ؟!»[١٩].
المقابلة بين «أوَّلُهُ، نُطْفَةٌ» و«آخِرُهُ، جِيفَةٌ» والسجع المتوازي بين «نَفْسَهُ» و«حَتْفَهُ». وصدّرهما بالاُسلوب الإنشائي؛ أي الاستفهام الذي يراد به التعجّب من وجه الجمع بين الإنسان والفخر، كما في المقابلة والتنبيه على عدم المناسبة بينهما في السجع المتوازي.[٢٠]
المراجع والمصادر
الهوامش
- ↑ ينظر مفردات الراغب، ص٧٠؛ مجمع البحرين، ج١، ص٣٠.
- ↑ سورة ص، الآية ٧٥.
- ↑ سورة ص، الآية ٧١-٧٢.
- ↑ سورة آل عمران، الآية ٥٩.
- ↑ سورة البقرة، الآية ٣٤.
- ↑ نهج البلاغة، الخطبة ١.
- ↑ نهج البلاغة، الخطبة ٩١.
- ↑ نهج البلاغة، الخطبة ١٩٢.
- ↑ نهج البلاغة، الخطبة ١٩٢.
- ↑ بهج الصباغة، ج١٣، ص١٢٤.
- ↑ نهج البلاغة، قصار الحكم ٢٥.
- ↑ نهج البلاغة، قصار الحكم ١٩٢.
- ↑ نهج البلاغة، قصار الحكم ٢٥٤.
- ↑ نهج البلاغة، قصار الحكم ٢٦٧.
- ↑ نهج البلاغة، قصار الحكم ٣٢٦.
- ↑ شرح النهج، ابن أبي الحديد، ج١٩، ص٢٣٨.
- ↑ نهج البلاغة، قصار الحكم ٣٧٩.
- ↑ نهج البلاغة، قصار الحكم ٤١٩.
- ↑ نهج البلاغة، قصار الحكم ٤٥٤.
- ↑ السيد جعفر السيد باقر الحسيني، شرح مفردات نهج البلاغة ، ج۱، ص ١٤٣-١٤٥.