آل البيت

من إمامةبيديا

التعريف

التعريف اللغوي

آل البيت لفظ مركب من كلمتين «آل» و «البيت»، و «الآل» في اللغة الاتباع، ويستعمل فيما فيه شرف غالباً [١]، وأمّا لفظ «البيت» فهو المأوى والمآب ومجمع الشمل [٢]، والعرب تسمّي ما يُلتجأ إليه بيتاً ولهذا سمّوا الأنساب بيوتاً [٣]. وعليه فالمراد من التركيب «آل البيت» من يرتبط ويتعلّق بذي البيت بجهة من التعلّق الشديد.

التعريف الاصطلاحي

لم يتفق الفقهاء على معنى «الآل»، فهناك من ذهب إلى أنّ «الآل» و «الأهل» بمعنى واحد، ولكنّهم اختلفوا في مدلوله فقيل: هم من يشارك الرجل في النسب إلى أقصى أب له في الإسلام[٤]، أو هم العصبة ويشمل ذلك كلّ إمرأة لو فرض أنّها رجل كان عاصباً[٥]، أو هم أهل بيته وقومه ونسبائه[٦]. والقول الآخر فرّق بينهما حيث قالوا: إنّ آل الرجل هم أقاربه، وأهله من تلزمه نفقتهم، وأهل بيته أقاربهُ وزوجته[٧].[٨]

آل بيت النبي(ص)

المراد من «آل البيت» لدى المسلمين بصورة عامة هم «آل بيت النبي(ص)»، وهم الذين ينصرف إليهم اللفظ المذكور عند اطلاقه وقد ثبت لهم بعض الخصوصيات.

إنّ للفظ «آل البيت» إطلاقاً خاصّاً يقصد به خصوص قرابة النبي (ص) المعصومين (ع)؛ أي: الأئمة الاثني عشر و فاطمة بنت النبي (ص)، ذهب إلى ذلك الشيعة الإماميّة[٩]، مستدلّين عليه بما يلي:

  1. ما ورد في المعنى اللغوي: حيث نصّ بعض اللغويين بأنّ المراد منه مَنْ يختصّ بالإنسان اختصاصاً ذاتيّاً ويتعلّق به تعلّقاً شديداً، ومثل هذا الارتباط الوثيق بالنبيّ لا ينطبق إلا على الخمسة أصحاب الكساء «علي وفاطمة والحسن والحسين (ع)» مضافاً إلى جدّهم النبيّ (ص)، أشار إلى هذا الفخر الرازي في تفسيره[١٠].
  2. النصوص الكثيرة:
    1. منها: ما ورد في شأن نزول آية التطهير وهي قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا[١١]، إذ كان يَمُرّ النبي (ص) بباب فاطمة (عليها السلام) في كلّ يوم ويناديهم بالآية المتقدمة.
    2. ومنها: ما ورد في شأن الثقلين «القرآن وأهل البيت»[١٢]، وتعريف الصحابة لأهل البيت بأنّهم علي وفاطمة وابناهما (ع)[١٣].

ثمّ إنّ تعيين مصداق مفهوم «آل البيت» في أصحاب الكساء لم يكن اعتباطاً، بل لانحصار تحقّق الخصوصيّة المذكورة في الآية حين نزولها فيهم (ع)، وهي العصمة والطهارة، وقد دلّ الدليل على عصمة وإمامة هؤلاء مضافاً إلى الأئمة التسعة من ذريّة الحسين (ع)، فيثبت أنّ «آل البيت» لا يشمل غيرهم.[١٤]

الأحكام الخاصّة لآل البيت (ع)

لا شكّ أنّ لآل البيت (ع) منزلة رفيعة حيث نزلت عدّة آيات في بيان فضلهم، وتواترت الأحاديث النبويّة في ذلك. ولقد اتفق الفقهاء على اختلافهم على أنّ لآل البيت (ع) في الجملة أحكاماً خاصّة، وإن اختلفوا في سعة دائرة هذه الأحكام، وخصائصها، وموضوعها كما تقدم، ومن هذه الأحكام:

أولاً: الصلاة عليهم

إنّ الصلاة على الآل في الصلاة واجبة، تبعاً للصلاة على النبيّ (ص)، هذا القول هو المجمع عليه عند الإماميّة، وهو أحد رأيين عند الشافعيّة والحنابلة، وقد استدلّ عليه بجملة وافرة من النصوص المرويّة عن طرق الإماميّة وأهل السنّة المتضمّنة عدم كفاية الصلاة بدون الصلاة على النبيّ (ص) وأنّه (ص) قال لأصحابه: «لا تصلّوا عليّ الصلاة البتراء»، فقالوا: وما الصلاة البتراء؟ قال: «تقولون: اللهم صلّي على محمد وتمسكون، بل قولوا: اللهم صلّي على محمدٍ وآل محمدٍ»[١٥]، فقد أمر الرسول (ص) بذلك، والأمر يقتضي الوجوب[١٦].[١٧]

ثانياً: الإمامة وآل البيت (ع)

تؤمن مدرسة أهل البيت (ع)، بأنّ خلفاء النبيّ (ص) هم أهل بيته المعصومين فقط، الذين نصّبهم الله سبحانه، واستدلّوا له بنصوص كثيرة.[١٨]

ثالثاً: تحريم الصدقة على أهل البيت (ع)

اتفق جميع فقهاء الإسلام على عدم جواز دفع الزكاة المفروضة إلى بني هاشم[١٩]، وآل البيت هم عماد بني هاشم والأصل فيهم، وإن اختلف الفقهاء في مصداق آل البيت من بني هاشم كما تقدّم.[٢٠]

رابعاً: وجوب محبّتهم (ع)

من المسلّمات عند أغلب المذاهب الإسلامية وجوب محبّة أهل البيت وهو صريح القرآن الكريم: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى[٢١]

وهناك روايات متظافرة في هذا الشأن: منها: ما رواهُ الزمخشري: أنّه لمّا نزلت آية المودّة في القربى، قيل: «يَا رَسُولَ اَللَّهِ مَنْ قَرَابَتُكَ هَؤُلاَءِ اَلَّذِينَ وَجَبَتْ عَلَيْنَا مَوَدَّتُهُمْ قَالَ عَلِيٌّ وَ فَاطِمَةُ وَ اِبْنَاهُمَا»[٢٢].[٢٣]

خامساً: حكم سبّ أهل البيت (ع)

حكمه حكم من شتم النبيّ (ص)، أي يجب قتلهُ‌، ذهب إليه الإماميّة بإجماع فقهائهم، وذلك لما عُلم من الخارج بالضرورة أنّ الأئمة (ع) والصديقة فاطمة الزهراء (عليها السلام) بمنزلة نفس النبي (ص) وأنّ حكمهم (ع) حكمه (ص)، إلا أنّهم قيّدوا من ينفّذ الحكم بالذي لم يخف الضرر على نفسه أو عرضه أو ماله الخطير[٢٤].[٢٥]

سادساً: حق آل البيت (ع) في الخمس

لا اختلاف بين الفقهاء في استحقاق آل البيت من الخمس، فالمشهور بين الإماميّة شهرة عظميّة كادت أن تكون إجماعاً[٢٦]، أنّه يقسّم ستة أقسام، ثلاثة منها للنبيّ (ص) وهي: سهم الله وسهم رسوله وسهم ذي القربى، والمراد بذي القربى في الكتاب والسنّة هو الإمام (ع)، فسهم الله وسهم رسول الله (ص) لأُولي الأمر من بعده وراثةً‌، فلهُ - أي للإمام - ثلاثة أسهم، سهمان وراثة وسهم مقسوم له من الله تعالى، ونصف الخمس الباقي - أي الأسهم الثلاثة الأُخرى - بين أهل بيته[٢٧].[٢٨]

سابعاً: حرمة النصب لهم والغلو فيهم

تسالم فقهاء الإسلام على حرمة النصب والغلو لآل البيت (ع).

أمّا النصب: فعن رسول الله (ص) أنّه قال في شأن الساب لعلي (ع) والسبّ بداعي النصب نوع من النصب -: «مَنْ سَبَّ عَلِيّاً فَقَدْ سَبَّنِي وَ مَنْ سَبَّنِي فَقَدْ سَبَّ اَللَّهَ»[٢٩]، كما لم يتوقّف فقهاء الإماميّة في كفر الناصب ونجاسته[٣٠]، بل أجمعوا عليه[٣١].

وأمّا الغلو: فقد ذكر الفقهاء نصوصاً ظاهرة في تحريم الغلو بآل بيت الرسول (ص) والغلاة هم الذين غلوا في النبي (ص) أو الأئمة من آله أو بعضهم (ع)، بأن أخرجوهم عمّا ثبت في حقّهم - من كونهم وسائط ووسائل بين الله وبين خلقه، وكونهم وسيلة لوصول النعم من الله إليهم، حيث إنّ ببركتهم حلّت النعم على العباد، ورفع عنهم الشرور، قال الله سبحانه: ﴿وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ[٣٢] - والتزموا بكونهم شركاء لله تعالى بالعبودية والخلق والرزق، أو أن الله تعالى حلّ فيهم، أو أنّهم يعلمون الغيب بغير وحي أو إلهام من الله تعالى[٣٣]. والغلو بلحاظ هذه المرتبة كفر[٣٤].[٣٥]

مقالات ذات صلة

المراجع والمصادر

  1. السيد محمود الهاشمي الشاهرودي، موسوعة الفقه الإسلامي المقارن

الهوامش

  1. تاج العروس ٢١٦: ٧.
  2. معجم مقاييس اللغة، ٣٢٤: ١.
  3. مجمع البيان ٧-٥٥٨: ٨-٥٥٩.
  4. الإسعاف في أحكام الأوقاف: ١٠٨-١١١. بدائع الصنائع ٣٥٠: ٧.
  5. الشرح الكبير وحاشيّة الدسوقي ٩٣: ٤.
  6. كشاف القناع ٢٤٢: ٤.
  7. نهاية المحتاج ٨٢: ٦.
  8. السيد محمود الهاشمي الشاهرودي، موسوعة الفقه الإسلامي المقارن، ج١، ص٧٦.
  9. انظر: البسوط ٣٢/٣. تذكرة القضاء ٣: ٢٣٤. منهاج الصالحين (الوحيد خراساني) ٢٤٧: ١-٢٥٣
  10. التفسير الكبير ١٦٥: ٢٧-١٦٦.
  11. سورة الأحزاب، الآية ٣٣.
  12. رواه الثعلبي عن أُم سلمة، انظر: شواهد التنزيل ٣١: ٢ وما بعدها.
  13. ينابيع المودّة ٧٤: ١، ٩٥، ١٠٥، ١١٢.
  14. السيد محمود الهاشمي الشاهرودي، موسوعة الفقه الإسلامي المقارن، ج١، ص٧٦-٧٩.
  15. كشف الغمة (للشعراني) ١٩٤: ١. الصواعق المحرقة: ٨٨. ينابيع المودة ٣٧: ١ و ٤٣٤: ٢.
  16. كما قرر في كتب علم الأُصول، انظر: إعانة الطالبين ٢٦٨: ١.
  17. السيد محمود الهاشمي الشاهرودي، موسوعة الفقه الإسلامي المقارن، ج١، ص٧٩-٨٠.
  18. السيد محمود الهاشمي الشاهرودي، موسوعة الفقه الإسلامي المقارن، ج١، ص ٨٠.
  19. المقنعة: ٢٤٣. الخلاف ٥٤٠: ٣. تذكرة الفقهاء ٢٦٨: ٥. المغني ٥١٧: ٢. نيل الأوطار ٢٤٠: ٤.
  20. السيد محمود الهاشمي الشاهرودي، موسوعة الفقه الإسلامي المقارن، ج١، ص٧٦-٧٩.
  21. سورة الشورى، الآية ٢٣.
  22. تفسير الكشاف ٤٠٤: ٥.
  23. السيد محمود الهاشمي الشاهرودي، موسوعة الفقه الإسلامي المقارن، ج١، ص٨٠.
  24. مباني تكملة المنهاج ٣٢١: ١.
  25. السيد محمود الهاشمي الشاهرودي، موسوعة الفقه الإسلامي المقارن، ج١، ص٨١.
  26. جواهر الكلام ٨٤: ١٦-٨٧.
  27. جواهر الكلام ٨٦: ١٦.
  28. السيد محمود الهاشمي الشاهرودي، موسوعة الفقه الإسلامي المقارن، ج١، ص٨١.
  29. مستدرك الحاكم ١٣١: ٣، ح ٤٦١٥ و ٤٦١٦.
  30. مفتاح الكرامة ١٤٤: ١.
  31. جواهر الكلام ٦٣١: ٦.
  32. سورة المائدة، الآية ٣٥.
  33. صراط النجاة ٤١٨: ٣.
  34. بحوث في شرح العروة الوثقى ٣٠٦: ٣.
  35. السيد محمود الهاشمي الشاهرودي، موسوعة الفقه الإسلامي المقارن، ج١، ص٨٢.