آية التبليغ

من إمامةبيديا

تمهيد

الآية التي تدلّ بصراحة على إمامة علي(ع) بعد النبي(ص) المعروفة بآية التبليغ: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ[١].

بالتأمل في ما يلي، تتضح دلالة الآية على المطلوب:

  1. بناءً على روايات متعددة مذكورة في منابع الفريقين، إنّ هذه الآية نزلت في إعلان النبي(ص) ولاية علي(ع) يوم الغدير.
  2. الآية تُشير إلى نزول رسالة على النبي(ص) و كان خائفاً من إبلاغها للناس و لو لم يكن كذلك لما نزلت الآية بلحن التهديد ﴿وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ.
  3. لاشك في أنّ خوف النبي(ص) من إبلاغ الرسالة المذكورة لم يكن له بُعد شخصي، لأنه(ص) أكبر من أن يخاف من التضحية في سبيل الله بروحه، بل إنّ أنبياء الله لا يخافون مما سوى الله.
  4. الاحتمال الوحيد الذي ينسجم مع شأن النبي(ص) أنه كان خائفاً من أن يتهمه الناس بما يخدش أصل دعوته و رسالته بسبب تلك الرسالة التي لابدّ من إبلاغها لهم، لذلك كان يرى تأخيرها حتى تتهيأ المقدمات اللازمة.
  5. المقصود من الرسالة التي نزلت على النبي(ص) والتي أمر بإبلاغها ليست أصل الدين أو مجموعة تعاليم دينية، لأنه في هذه الحالة تصبح العبارة (و إن لم تبلغ دين الله فإنك ما بلغت دين الله!)، إذن: المقصود من الرسالة هنا هو جزء من الدين و ليس الدين كله.
  6. إنّ نزول الآية كان في أواخر عمر النبي(ص)، حيث تم تبيين أصول المعارف الدينية و أحكام الإسلام، كالتوحيد و الصلاة.. بيّنها النبي(ص) بشكل تام، فما أمر النبي(ص) بإبلاغه هنا هو شيء وراء التعاليم الاعتقادية و العملية السابقة.
  7. الظاهر أنّ المقصود من (القوم الكافرين) في الآية هم جماعة من المسلمين سيخالفون النبي في ذلك الأمر المأمور بإبلاغه، و هذا ليس غريباً بالالتفات إلى حضور المنافقين بين المسلمين[٢]، والمقصود من عدم الهداية في هذه الموارد أن الله سيزيل آثار حِيَلهم و خططهم.

بملاحظة كل ما ذُكر نجد أنّ آية التبليغ تريد بيان أنّ حكماً نزل على النبي(ص)، لو بلغه النبي(ص) لاتهم أنه يريد تأمين منافعه الشخصية، لذلك قام بتأخيره خوفاً من هذا الاتهام الذي سيشعل نار الشك في إلهية رسالته. بالتوجه إلى شأن نزول الآية يُمكن القول أن هذا الحكم هو عبارة عن خلافة علي(ع). إن خوف النبي(ص) كان من إعلان هذا الأمر حيث سيُتهم بأنه رجّح العلاقات النسَبية والأُسرية على مصالح الأمة[٣]. و بالإضافة إلى الآيتين السابقتين فقد ذكرت آيات أخرى مثل: آية أولوا الأمر ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [٤]، آية القربى ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى[٥] و آية الصادقين ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ[٦] التي يُتمسك بها لإثبات إمامة على(ع) إلا أننا لم نُبيّن الاستدلال بها رعايةً للاختصار، كما توجد عشرات الآيات تُبيّن فضائل علي(ع) على غيره من الصحابة[٧]، هذه الآيات في مجموعها تُثبت أفضليته على غيره ممن ادّعى خلافة النبي(ص)، بالتوجه إلى بحث لزوم أفضلية الإمام(ع) على غيره، يُمكن عدّ الآيات المذكورة دليلاً قاطعاً على إمامة علي(ع) و خلافته بلا فصل للنبي(ص).[٨]

المراجع والمصادر

  1. محمد سعيدي مهر، دروس في علم الكلام الاسلامي

الهوامش

  1. سورة المائدة: ٦٧.
  2. بعبارة أخرى: "ال" في "القوم" هي للعهد (لا للجنس).
  3. كالاتهام الذي ورد من الحارث بن نعمان الفهري، الذي سأل النبي الأكرم(ص) معترضاً: هل هذا التنصيب منك أو من الله؟ فقال له النبي(ص) من الله، فسأل الله أن يسقط حجراً من السماء إن كان كلام النبي حق!، فسقط عليه حجراً من السماء فقتله.
  4. سورة النساء: ٥٩.
  5. سورة الشورى: ٢٣.
  6. سورة التوبة: ١١٩.
  7. راجع على سبيل المثال: آية المباهلة، سورة آل عمران: ٦١، و آية خير البرية، سورة البينة: ٧، و آية ليلة المبيت، سورة البقرة: ٢٠٧، و آية الحكمة، سورة البقرة: ٢٦٩، و الآيات من ٧ إلى ١٠ من سورة الإنسان، آية أهل البيت، سورة الأحزاب: ٣٣.
  8. محمد سعيدي مهر، دروس في علم الكلام الاسلامي، ص ٥٠٠-٥٠٢.