أصول الدين في الثقافة الإسلامية

من إمامةبيديا

التعريف

«الدين» عبارة عن برنامج لتكامل الإنسان، و «اُصول الدين» هي القواعد الّتي تشكّل أساسه، بحيث إنّ برنامج تكامل الإنسان لا يمكن أن يصل إلى النتيجة المطلوبة بانهيار أيّ واحدٍ منها.

على هذا، فإنّ مِن الممكن أن تكون اُصول كلّ دينٍ مختلفة في نظر مذاهبه المختلفة.[١]

اُصول الدين الإسلامي

يُعدّ التوحيد والنبوّة والمعاد اُصولاً للدين الإسلامي، بمعنى أنّ من ينكر أيّا من هذه الاُصول الثلاثة، فإنّه خارج عن جماعة المسلمين ولا تجري عليه أحكام الإسلام.

إنّ ما يستحقّ البحث في هذا المجال، هو سبب انحصار اُصول الدين في هذه الثلاثة.

والحقيقة أن ليس هناك دليل من القرآن والسنّة على انحصار اُصول الدين في الاُصول الثلاثة المذكورة، وما يرى القرآن الكريم الإيمان به ضروريا هو: وحدانية اللّه، الغيب، المعاد، الملائكة، الكتب السماوية، رسالة الأنبياء والاعتقاد بما اُنزل على الأنبياء من جانب اللّه.[٢]

وقد بيّنت الأحاديث الإسلامية بشكلٍ مفصّل ما نزل على النبيّ محمّد(ص) ممّا يُعتبر الاعتقاد به ضروريّا، وعُدّ البعض منه دعائم للإسلام وأركانا له.[٣] إلّا أنّه ليس في المصادر الروائية حديث يحصر اُصول الإسلام في هذه الاُصول الثلاثة.

وقد يتُصوّر أنّ سبب انحصار اُصول الدين في الاُصول الثلاثة المذكورة، هو رجوع جميع الاُمور ـ التّي يعتبر الإسلام الاعتقاد بها ضروريّا ـ إلى هذه الاُصول الثلاثة؛ لأنّ الاعتقاد بالصفة الثبوتية والسلبية للّه تعالى يعود إلى أصل التوحيد. ويتلخّص الاعتقاد بالملائكة والكتب السماوية والرسالات التّي جاء بها الأنبياء من جانب اللّه في أصل النبوّة. والاعتقاد بالاُمور المرتبطة بعالَمِ ما بعد الموت مثل عالم البرزخ والحساب والشفاعة والجنّة والنار، يرجع إلى الأصل الثالث وهو المعاد.

وبعبارة اُخرى: من المحتمل أن يكون سبب انحصار اُصول الدين في الثلاثة المذكورة هو أنها تمثّل مصدر جميع العقائد الإسلامية.

ولكن يتّضح لنا من خلال شيء من التأمّل أنّ السبب المذكور ليس هو السبب الحقيقي؛ إذ لو كان كذلك لوجب القول إنّ اُصول الدين اثنان: التوحيد والنبوّة؛ ذلك لأنّ الاعتقاد بالمعاد يندرج هو أيضا في الاعتقاد بالنبوّة. ولذلك يرى الكثير من الفقهاء أنّ خصوص مُنكر التوحيد والنبوّة هو المحكوم بالكفر، وفي غير هذين الأصلين إذا كان ما تمّ إنكاره من ضروريات الإسلام بحيث يستتبع إنكار النبوّة، وكان منكره عامدا ذلك، فإنّه يكون محكوما بالكفر، أمّا إذا لم يكن من ضروريات الإسلام أو لم يكن المنكر متعمّدا لذلك، فلا يكون محكوما بالكفر[٤]

بل يمكن القول من خلال تحليل أكثر دقّة: إنّ جميع العقائد الإسلامية ترجع إلى أصل التوحيد، ولذلك كان رسول اللّه(ص) يقول: «قُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ تُفْلِحُوا». [٥].[٦]

المعيار في تعيين اُصول الدين

يبدو أنّ المعيار الّذي يمكن تقديمه لتعيين اُصول الإسلام العقيدية هي: أهمّيتها ودورها الأساسي في منظومة العقائد الإسلامية، العقائد الّتي من شأنها البلوغ بالإنسان إلى التكامل الدنيوي والاُخروي، وتنظيم المجتمع التوحيدي. وبعبارة اُخرى أنّنا نرى عند دراسة برامج الإسلام ـ الضامنة لسعادة الإنسان ـ بعض الاُمور لها دور أساسي، ولذلك فقد عبّر عنها في أحاديث أهل البيت (ع) ب «دعائم الإسلام». [٧] بناءً على ذلك، اعتُبر الاعتقاد بالتوحيد والنبوّة والمعاد من اُصول الدين الإسلامي؛ لأنّ دورها أكثر قيمة من سائر الدعائم الّتي يقوم عليها هذا الدين، فضلاً عن مرجعيتها بالنسبة إلى سائر العقائد، في حين أنّ عددا من الاُمور العقيدية مثل الاعتقاد بالمعراج والملائكة والشفاعة، لا تتمتّع بمثل هذه الأهمّية رغم وجوب الاعتقاد بها.[٨]

المراجع والمصادر

  1. محمد الريشهري ، موسوعة العقائد الإسلامية

الهوامش

  1. محمد الريشهري ، موسوعة العقائد الإسلامية، ج٦، ص٦١.
  2. راجع: موسوعة ميزان الحكمة: ج ٥ (الإيمان / الفصل الثاني: ما يجب الإيمان به).
  3. راجع: موسوعة ميزان الحكمة: ج ٥ (الإيمان / الفصل الثاني: ما يجب الإيمان به).
  4. راجع: العروة الوثقى للسيّد محمّد كاظم اليزدي: ج ١ (الثامن من النجاسات / الكافر بأقسامه).
  5. راجع: موسوعة العقائد الإسلامية: ج ٣ ص ٣٦٣ ح ٣٩٠٢.
  6. محمد الريشهري ، موسوعة العقائد الإسلامية، ج٦، ص٦١-٦٣.
  7. راجع: ميزان الحكمة: الإسلام / دعائم الإسلام.
  8. محمد الريشهري ، موسوعة العقائد الإسلامية، ج٦، ص٦٣.