إرادة الإنسان
تمهيد
الإنسان عندما يكون بصدد القيام بعمل اختياري يجد حالة في باطنه يُعبّر عنها بالإرادة، هذه الحالة هي حالة نفسانية وكما هو حال سائر الأحوال الباطنية، فإنها تدرك بالعلم الحضوري، مع هذا فإن حضور علمنا بهذه الحالة لا يعني أن تبيينها في قالب مفاهيم ذهنية (علم حصولي) أمرٌ سهل، وهذا ما أدى إلى الاختلاف في تعريف إرادة الإنسان. فقال جماعة أن الإرادة هي الاعتقاد بمنفعة الفعل، أما قبل القيام بعمل ما نصدق بنفعه وهذا التصديق هو إرادتنا على القيام بالعمل المذكور.
و أحياناً يُعبر عن التصديق ب (الداعي)، فالإرادة هي الداعي على القيام بالعمل، ويرى جماعة أخرى أن الإرادة غير الداعى، بل يعتقدون أن صرف الاعتقاد بمنفعة العمل ليس هو إرادة القيام بذلك العمل، وتوجد هنا أيضاً آراء مختلفة، منها أنه بعد الاعتقاد بمنفعة العمل يحصل في النفس شوق للعمل وهذا الشوق هو الإرادة، وقد يُقال: إن الإرادة هي ميلنا للقيام بفعل ما والكراهة التي تقع مقابل الإرادة هي ميلنا إلى ترك الفعل، وفي رأي آخر يتفاوت الشوق والميل عن القيام بالفعل، فيُقال: إن الإرادة كيفية نفسانية تحصل في النفس بعد العلم بمنفعة الفعل وقبل القيام به وتسبب ترجيح القيام بالفعل على تركه، ولكل رأي من هذه الآراء أدلته وبراهينه، نعرض عن ذكرها لتلافي الإطالة[١]، ما يهم هو أننا لا يُمكننا تسرية معنى الإرادة في الموجودات الممكنة - كالإنسان - إلى الله بدون حذف الجهات الموجبة للنقص والمحدودية. مثلاً: إرادة الإنسان بأيّ معنى كان هي حالة نفسانية وحادثة تعرض على النفس الإنسانية، ومن البديهي أن هكذا معنى لا يتناسب ومقام الإلهية؛ لأن ذات الله منزهه عن أي تغيير وتحول، أو أن تكون معروضه للعوارض.[٢]
حرية إرادة الإنسان
تتفرع من قضية العدل الإلهي قضية حرية إرادة الإنسان، أو ما تعرف كلامياً بمسألة الجبر والتفويض أو الجبر والاختيار.ودراسة هذه المسألة تعني البحث في أفعال الإنسان الصادرة عنه وعلاقتها بقدرة الله تعالى.ويتلخص فحوى القضية في: هل أن الإنسان مجبور ومقسور على أفعاله الإرادية.
وبتعبير آخر: هل الإنسان مسلوب الإرادة، وجميع أفعاله مخلوقة لله تعالى؟أو أنه حر الإرادة، وله الاختيار في أن يفعل أو لا يفعل؟فتكون جميع أفعاله مخلوقة له وليس للإرادة الإلهية أي دخل بها؟[٣].أو أن أفعاله في وضع هو بين بين؟ والأقوال في المسألة هي:
المراجع والمصادر
الهوامش
- ↑ مثلاً يُقال: إن العطشان عندما يرى كأسين ماء يختار أحدهما لرفع العطش مع أن إرادته للاثنين كانت متساوية فيعلم أن الارادة غير العلم بمنفعة الفعل. للمراجعة ماقيل في هذا الباب يُمكن الرجوع إلى: مناهج اليقين في أصول الدين، ص۱۷۱؛ المطالب العالية، ج۳، ص۱۷۷.
- ↑ محمد سعيدي مهر، دروس في علم الكلام الاسلامي، ص ٢٥٧-٢٥٨.
- ↑ عبد الهادي الفضلي، خلاصة علم الكلام، ص١٧٣