الآية
التعريف
الآية: العلامة الواضحة، ولذا سمّي الكون «آية» لأنّه علامة على قدرة الله. والأصل: أَوَية، قلبت الواو ألِفاً؛ لتحرُّكها وانفتاح ما قبلها، والنسبة إليها أَوَوِيٌّ.
قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾[١].
وقال تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا﴾[٢]. أي المعجزات؛ لأنّها علامة على صدق الأنبياء.
وقال تعالى: ﴿وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ﴾[٣]. أي عِبرة؛ لأنّها علامة على معاني العظة والاعتبار.
وقيل المراد بالآية الوحدة القرآنية المنفصلة عمّا قبلها وبعدها بعلامة على ما تضمّنته من أحكام وآداب ونحوها، أو لأنّها علامة لانقطاع كلام من كلام.
وقال تعالى: ﴿كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ﴾[٤].
وقال تعالى: ﴿أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ﴾[٥]. أي بناءً شامخاً كأ نّه علم، أو لأنّه علامة على قدرة بانية.
من حديثه(ع) عن عظمة السماء: «وَجَعَلَ شَمْسَهَا آيَةً مُبْصِرَةً لِنَهَارِهَا، وَقَمَرَهَا آيَةً مَمْحُوَّةً مِنْ لَيْلِهَا»[٦].
فيه تقابل بين «الليل» و«النهار» - لبيان المعجزتين؛ وهما الفعل الدالّ على حدث يتعلّق بالليل والنهار - وبين ما يطرأ عليهما؛ وهو «جَعَلَ» فإنّ اللام في «لِنَهَارِهَا» متعلّقة بالفعل «جَعَلَ»، أي جعل لأجل النهار الشمس مبصرة، وجعل قمرها قد محي فيه النور من الطرف الأوّل والأخير من ليالي الشهر، وقد أفاد التقابل بين «الليل» و«النهار» معرفة الزمن، ليعلم المرء عدد السنين، فالشمس تعرّفنا باليوم، والقمر بالشهر، ومتى عرفنا الشهر عرفنا السنة.
وقال(ع) في صفة الإسلام: «آيَةً لِمَنْ تَوَسَّمَ، وَتَبْصِرَةً لِمَنْ عَزَمَ، وَعِبْرَةً لِمَنِ اتَّعَظَ»[٧].
أي دليلاً يهتدي به المتوسّم إلى الحقّ، و«المتوسّم»: المتأمّل الذي يدرك الخفايا، والمتثبّت في نظره حتّى يعرف حقيقة سمت الشيء.
ومن وصفه(ع) لإتمام الله سبحانه لدينه: «فَعَظِّمُوا مِنْهُ سُبْحَانَهُ مَا عَظَّمَ مِنْ نَفْسِهِ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يُخْفِ عَنْكُمْ شَيْئاً مِنْ دِينِهِ، وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئاً رَضِيَهُ أَوْ كَرِهَهُ إِلَّا وَجَعَلَ لَهُ عَلَماً بَادِياً، وَ آيَةً مُحْكَمَةً»[٨].
ومن وصفه(ع) للقرآن العظيم: «جَعَلَهُ اللهُ رَيَّاً لِعَطَشِ الْعُلَمَاءِ... وَآيَةً لِمَنْ تَوَسَّمَ، وَجُنَّةً لِمَنِ اسْتَلْأَمَ، وَعِلْماً لِمَنْ وَعَى»[٩]. أي علامة لمن استدلّ بها على حقائق الاُمور الخفيّة.
ومن تنزيهه(ع) للباري سبحانه وتعالى: «وَلَا يَجْرِي عَلَيْهِ السُّكُونُ وَالْحَرَكَةُ، وَكَيْفَ يَجْرِي عَلَيْهِ مَا هُوَ أَجْرَاهُ، وَيَعُودُ فِيهِ مَا هُوَ أَبْدَاهُ، وَيَحْدُثُ فِيهِ مَا هُوَ أَحْدَثَهُ؟! إِذَنْ لَتَفَاوَتَتْ ذَاتُهُ، وَلَتَجَزَّأَ كُنْهُهُ، وَلاَمْتَنَعَ مِنَ الْأَزَلِ مَعْنَاهُ، وَلَكَانَ لَهُ وَرَاءٌ إِذْ وُجِدَ لَهُ أَمَامٌ، وَلَالْتَمَسَ الَّتمَامَ إِذْ لَزِمَهُ النُّقْصَانُ، وَإِذَنْ لَقَامَتْ آيَةُ الْمَصْنُوعِ فِيهِ»[١٠].
فلو كانت تجري عليه الحركة والسكون، لقامت عليه علامة المصنوع؛ لكونها من خصوصيات المخلوق المتصف بالتغيّر، والحركة، وغيرهما، فيتحوّل الصانع إلى مصنوع.
ومن وصفه(ع) للمتّقين: «فَإِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا تَشْوِيقٌ رَكَنُوا إِلَيْهَا طَمَعاً، وَتَطَلَّعَتْ نُفُوسُهُمْ إِلَيْهَا شَوْقاً، وَظَنُّوا أَنَّهَا نُصْبُ أَعْيُنِهِمْ، وَإِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا تَخْوِيفٌ أَصْغَوْا إِلَيْهَا مَسَامِعَ قُلُوبِهِمْ»[١١].
أي إذا مرّوا بآية فيها تشويق وترغيب إلى الجنّة، سكنوا وهدأوا وطمعوا أن يكونوا من أهلها. وقال(ع) في فلسفة بعثة الأنبياء ومهامّهم الرسالية: «وَيُثِيرُوا لَهُمْ دَفَائِنَ الْعُقُولِ، وَيُرُوهُمْ آيَاتِ الْمَقْدِرَةِ»[١٢]. أي كانت بعثة الأنبياء من أجل أن يبصر الناس علامات القدرة الإلهية.
ومن وعظه(ع) لأصحابه: «فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ، وَأَنّى تُؤْفَكُونَ، وَالْأَعْلَامُ قَائِمَةٌ، وَ الْآيَاتُ وَاضِحَةٌ؟!»[١٣]. أي المعجزات التي أُقيمت علاماتها بيّنة.
ومن حكمه(ع) بكفر من ساوى الله سبحانه بشيء من خلقه: «وَأَشْهَدُ أَنَّ مَنْ سَاوَاكَ بِشَيْء مِنْ خَلْقِكَ فَقَدْ عَدَلَ بِكَ، وَالْعَادِلُ بِكَ كَافِرٌ بِمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ مُحْكَمَاتُ آيَاتِكَ»[١٤].
فإنّ آيات الله سبحانه المحكمة - غير المتشابهة - دلّت على أنّ الله سبحانه لا يشبهه شيء، كقوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾[١٥].
ومن وصفه(ع) تكلّم الله تعالى مع موسى(ع): «الَّذِي كَلَّمَ مُوسَى تَكْلِيماً، وَأَرَاهُ مِنْ آيَاتِهِ عَظِيماً»[١٦].
من جعل عصاه حيّة تسعى، وجعل يده بيضاء من غير سوء وغيرهما.
ومن وعظه(ع) بالأموات: «أَيُّ الْجَدِيدَيْنِ ظَعَنُوا فِيهِ كَانَ عَلَيْهِمْ سَرْمَدَاً، شَاهَدُوا مِنْ أَخْطَارِ دارِهِمْ أَفْظَعَ مِمَّا خَافُوا، وَرَأَوْا مِنْ آيَاتِهَا أَعْظَمَ مِمَّا قَدَّرُوا»[١٧].
ومن مواعظه(ع): «فَاتَّعِظُوا - عِبَادَ اللهِ - بِالْعِبَرِ النَّوَافِعِ، وَاعْتَبِرُوا بِالْآيِ السَّوَاطِعِ»[١٨]. أي بالدلائل الظاهرة.[١٩]
المراجع والمصادر
الهوامش
- ↑ سورة الروم، الآية ٢٢.
- ↑ سورة القصص، الآية ٣٦.
- ↑ سورة مريم، الآية ٢١.
- ↑ سورة البقرة، الآية ١٨٧.
- ↑ سورة الشعراء، الآية ١٢٨.
- ↑ نهج البلاغة، الخطبة ٩١.
- ↑ نهج البلاغة، الخطبة ١٠٦.
- ↑ نهج البلاغة، الخطبة ١٨٣.
- ↑ نهج البلاغة، الخطبة ١٩٨.
- ↑ نهج البلاغة، الخطبة ١٨٦.
- ↑ نهج البلاغة، الخطبة ١٩٣.
- ↑ نهج البلاغة، الخطبة ١.
- ↑ نهج البلاغة، الخطبة ٨٧.
- ↑ نهج البلاغة، الخطبة ٩١.
- ↑ سورة الشورى، الآية ١١.
- ↑ نهج البلاغة، الخطبة ١٨٢.
- ↑ نهج البلاغة، الخطبة ٢٢١.
- ↑ نهج البلاغة، الخطبة ٨٥.
- ↑ السيد جعفر السيد باقر الحسيني، شرح مفردات نهج البلاغة ، ج۱، ص ٤٠٢-٤٠٥.