الأخلاق

من إمامةبيديا

التعريف

الأخلاق جمع الخُلْق - بضمّ الخاء وسكون اللّام - السيرة والسّجايا كما أنَّ الخَلْق - بفتح الخاء وسكون اللّام - الصورة الظاهريّة والشكل.

قال الرّاغب في المفردات: «الخَلْق والخُلْق في الأصل واحد كالشَّرب والشُّرب والصوم والصوم، لكن خُصَّ الخَلْق بالهيئات والأشكال والصُّور المدركة بالبصر، وخُصَّ الخُلْق بالقوى والسّجايا المدركة بالبصيرة».

وفي اصطلاح علم الأخلاق أعمُّ منه ومن الأخلاقيّات؛ أي الأفعال والأقوال والأفكار الناتجة عن تلك الصفات، فضيلة كانت تلك الصفات أم رذيلة.

فبناءً عليه، علم الأخلاق هو علم يبحث فيه عن الصفات الكامنة في النفس، وعن الأفعال والأقوال والأفكار الناتجة عنها، وعن كيفية تهذيب النفس عن الرذائل، وتحلّيها بالفضائل، وعن طرق السعادات الأبديّة وإرائتها وعرضها و...[١]

الأخلاق من الفطرّيات

يظهر من القرآن الشريف انّ حسن الفضائل وقبح الرذائل يُعدّ من الفطريات والوجدانيات والنّفس تدركه فطرة من غير حاجة إلى تعلّم أنّ الظّلم قبيح والعدل حسن.

قال تعالى: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا[٢] و«فجور النفس» هو الرّذائل و«تقويها» هو الفضائل.

فادراك حسن الفضائل وقبح الرّذائل كادراك وجود واجب الوجود وصفاته العليا وأسمائه الحسنى، فكما انّ الإنسان لو كشفت له الغطاء وزالت عنه الغفلات يدرك فطرة ويجد ويرى بقلبه أنّ هناك ذاتاً جامعة للصّفات الكمالية، قال اللَّه تعالى: ﴿فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ[٣]، فهو يراه ويدعوه، ويدرك وحدته فلا يلتفت إلّااليه، ويرى انّه سميع، عليم، قدير، جواد، رئوف، و.... فيدعوه ويطلب منه انجاءه من المهالك وحوائجه و... فكذلك يجد ويرى بقلبه وفطرته حسن الفضائل وقبح الرّذائل.

وهذا معنى قولنا انّ الأخلاق من الفطريات.

فحسن العفّة والشجاعة والعدالة لا يحتاج إلى دليل وبرهان، كما انّ قبح الشّره والتّهوّر والظّلم والخمود والجبن والانظلام ايضاً كذلك.[٤]

الأخلاق من العلم الحضوري

ينقسم العلم إلى حصولىّ وهو حصول صورة الشّئ في النّفس، وحضورىّ وهو حصول نفس الشّىء عند النّفس والأوّل نظير العلم بالأشياء الخارجيّة والثّاني هو علم النّفس بمعلوماته.

إذا عرفت ذلك فاعلم انّ الفضائل والرّذائل من القسم الثّاني، إذ الفضائل والرّذائل كلّها ملكات موجودة في النّفس، فهما من باب حضور الشّئ عند الشّئ، ضرورة انّ الفضائل كلّها والرّذائل كلّها في النّفس بل الأفكار والأقوال والأعمال ناشئة منهما.

قال تعالى: ﴿قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ[٥].

قال في المفردات: «وقوله قل كلّ يعمل على شاكلته‌اي على سجيّته» بل على مقتضى قاعدتي انّ النّفس في وحدتها كلّ القوى، واتّحاد العاقل والمعقول الحِكْمِيّتين، انّ بين النّفس وبين الفضائل والرّذائل نحو اتّحاد. لكنّ المقام خارج عن تفصيل مثل هذه المطالب.[٦]

العقل النظري والعقل العملي

انّ من المدركات ما لا يكون تحت خيار المرء وهو خارج عن حيطة العمل، فالعقل بهذا الاعتبار يطلق عليه العقل النظري، ومنها ما يكون تحت خياره ومرتبط بالعمل، فالعقل بهذا الاعتبار يطلق عليه العقل العملي، فالاوّل نظير العلم بالمبدء والمعاد والثّانى نظير العلم بتهذيب النّفس. وبما ذكرنا يظهر انّ نسبة النظري والعملي إلى العقل من باب نسبة الصّفة إلى متعلّق الموصوف حيث إنّ نسبة النّظري والعملي إلى المدركات لا إلى العقل ولكنّهما من المصطلح عليهما في هذا العلم منذ قديم الزمن.[٧]

نسبيّة الأخلاق واطلاقها

هل الأخلاق نسبى أو مطلق؟

الحقّ انّه مطلق وذهب شر ذمة إلى نسبيته وهو خطأٌ فاحش.

توضيح ذلك: انّ المراد بالنّسبيّة هو انّ الأخلاق يختلف حسنه وقبحه بالنّسبة إلى الأزمنة والأمكنة والافراد والأقوام والحالات الشتيتة. والمراد من كونها مطلقاً انّه لا يختلف حسنه وقبحه بحسب العوامل والممهّدات اصلًا، وما يكون من الفضائل فهي فضيلة عند الكلّ في كلّ زمان ومكان وحالةٍ. وما يكون قبيحاً فقبحه كذلك.

وحيث انّا أثبتنا في صدر الفصل الأوّل كونه من الفطريات وانّه من العلم الحضوري فكونه مطلقاً لا يحتاج إلى برهان آخر، ويكفيك برهاناً درك الفطرة إيّاه وامضاء القرآن له.

قال تعالى: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا[٨]

وممّا يوجب أن يتوّهم نسبيّتها ما يترائى من تجويز العقل بل الزامه بعض القبائح كارتكاب الكذب لحفظ نفس محترمة أو أكل مال الغير أو التّصرّف فيه لحفظ النّفس أو حفظ النّظام.

ولكن يرد هذا الوهم اولًا بانّ هذه الأمثلة كلّها من الاخلاقيّات لا من الأخلاق، فلو سلّم صحّة الكلام فالنّسبيّة والاطلاق ترجعان إلى الاخلاقيّات اي الافعال والأقوال، لا إلى الفضائل والرّذائل.

وثانياً انّ الّذي يسهّل الخطب انّ إلّامثلة كلّها من باب الاهمّ والمهمّ وتقديم الاهمّ على المهمّ وهو أيضاً من الفطريات.

توضيح ذلك: انّ الكذب قبيح ولا يتغيّر عن قبحه اصلًا ولكنّ العقل وامضاء الشّرع قد يجوّزان بل يوجبان ارتكابه كما إذا توقّف حفظ نفس محترمة مثلًا عليه، فهذا ليس من باب نسبيّة الأخلاق وتبديل القبح بالحسن، بل من باب تقديم الاهمّ على المهمّ وارتكاب قبيح للتّخلّص من الأقبح.

ملخّص الكلام انّ فطرة كلّ إنسان ترى حسن الفضائل كلّها كالعفّة مثلًا وذلك الحسن لا يتبدّل ولا يتغيّر في زمان أو مكان أو عند قوم أو فرد، وكذلك الرذائل بلا فرق أو تفاوت، وكذلك الاخلاقيّات. وامّا لوترى جواز قبيح عقلًا أو وجوبه فهو من باب الاهمّ والمهمّ لا من باب نسبيّة الأخلاق أو الاخلاقيّات.[٩]

الأخلاق وسيلة إلى اللَّه تعالى

انّ تهذيب النّفس والتّخلّق بالفضائل وإن كان من أوجب الواجبات العقليّة والشّرعيّة حيث به يصل السالك إلى المقام المحمود، وانّ علمه أشرف العلوم إلّاانّه ليس إلّا وسيلة للوصول إلى مقام العبوديّة.

فكما انّ العبادات كلّها قد شرّعت والنّواهي كلّها قد وضعت للوصول إلى مقام القرب والعبوديّة فكذلك التّهذيب عن الرّذائل والتّخلّق بالفضائل لهما نفس الغاية والغرض.

فلذا يُرى انّ الواصلين إلى مقام اللقاء عدّوا التّهذيب والتخلّق من المقدمات والمنازل، قالوا: انّ المنازل للوصول إلى القرب خمسة: التّوبة واليقظة والتّخليه والتّحلية والتّجلية.

ومرادهم من التّوبة الرّجوع من التقصير والقصور ونبذ المعاصي والخطايا إلى اللَّه تعالى، والإنابة والتّضرّع إليه، واستشعار النّدم والحياء، والاقرار بانّه - اي التائب - فقير كلّ الفقر ولا مؤثّر في الوجود إلّاهو تعالى حتّى يتبدّل السّيّئات بالحسنات.

قال تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ[١٠].

والمراد من اليقظة هو التّنبّه والتّقيّد بظواهر الشّرع من الواجب والمندوب واجتناب المحرّمات؛ قال تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[١١].

والمراد من التّخلية تهذيب النّفس عن الرّذائل؛

قال تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا[١٢].

والمراد من التّحلية التّخلّق والتّحلّى بالفضائل والوصول إلى مقام الأمن والاطمينان؛

قال تعالى: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ[١٣]

والمراد من التّجلية تنوير القلب بنور المعرفة؛

قال تعالى: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا[١٤]

ثمّ إنّهم ذهبوا إلى انّ طىّ هذه المنازل يوصل السّالك إلى مقام اللّقاء بمراتبه؛

قال تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا[١٥].

ومرادهم من اللّقاء ومراتبه ليس إلّامقام القرب والعبوديّة وحكم اللَّه تعالى وسلطانه على القلب. هذا غيض من فيض أقوالهم، وتفصيل ذلك سيأتي إن شاء اللَّه تعالى.[١٦]

موضوع علم الأخلاق

موضوع علم الأخلاق وان كان في بادي‏ء النّظر هو الفضائل والرّذائل الّاانّه في الواقع هو الإنسان من حيث اتّصافه بهما، كما انّ كثيراً من العلوم كالطّبّ وعلم الاجتماع كذلك، مثلًا علم الطّبّ وان كان في بادي الرأي موضوعه هو الصّحّة والسّقم إلّا انّ الموضوع في واقع الامر هو الإنسان من حيث اتّصافه بهما، وكذلك سائر العلوم المرتبطة بالإنسان.

الفرق بين الفضائل والرّذائل‏

ظهر من المباحث السّابقة انّ حسن الفضائل وقبح الرّذائل فطري، قال تعالى: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا[١٧] كما ظهر انّ درك الفضائل والرّذائل من العلم الحضوري لا الحصولي، فحينئذ يظهر انّ الفرق بين الفضائل والرّذائل واضح لا لبس فيه.

ولكن قد يتشابه بعض الفضائل ببعض، فيقع السالك من هذه الناحية في غلطٍ لاتخلّص له عنه الّا بتنبيهه عليه كاشتباه صفة التّوكّل بالتفويض مثلًا، واشتباه التّوكّل بالانقطاع إلى الله، كما يتشابه بعض الرّذائل ببعض الفضائل كالحسد مع الغبطة او المنافسة والتّسابق وكالبخل مع القناعة، كما يتشابه بعض الأخلاقيّات ببعض آخر كمواضع الانفاق والاسراف والتّزهد والانعزال والالفة.

نقد على نظريّة علماء الأخلاق‏

قد اشتهر في علم الأخلاق انّ للإنسان قوي ثلاث وهي القوى: الفكريّة والشهويّة والغضبيّة، وانّ حدّ الوسط في تلك القوى الثلاث هو اصول الأخلاق الفاضلة، كما انّ طرفي الافراط والتّفريط في تلك القوى هما اصول الرّذائل الخلقيّة.

وسمّي حدّ الوسط في القوّة الفكريّة بالحكمة، والافراط فيها بالجربزه، والتفريط فيهما بالبلادة.

وسمّي حدّ الوسط في القوّة الشّهويّة بالعفّة، وطرف الافراط بالشّره، والتّفريط فيهما بالخمود.

وسمّي حدّ الوسط في القوّة الغضبيّة بالشجاعة والجانبان منها بالتّهوّر والجبن.

وتحصّل من اجتماع هذه القوى الثّلاث‌ اي الحكمة والعفّة والشّجاعة قوّة رابعة سمّيت عندهم بالعدالة والجانبان منها بالظلم والانظلام.

وقيل: انّ الفضائل كلّها ناشئة من تلك الاصول الاربعة كما انّ الرّذائل كلّها ناشئة من تلك الاصول الّثمانيّة الواقعة في طرفي الافراط والتّفريط.

هذا خلاصة القول في مبني القوم هيهنا، ومن اراد التّفصيل فليرجع إلى مثل تهذيب الأخلاق لابن مسكويه وغيره من مسفورات القوم المفصّلة.

ويرد على هذا ايرادات كثيرة، نذكر بعضها على مايلي:

١. انّ الإنسان مركّب من الرّوح وهو النّفس النّاطقة ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا[١٨] ومن الجسم وهو النّفس الامّارة ﴿إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي[١٩] فهو من حيث الرّوح في غاية العلوّ ومن حيث الجسم في غاية التّداني والسّقوط؛ قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ[٢٠] فبمقتضى قاعدة التّسانخ القائلة بانّ السّنخيّة علّة الانضمام، انّ الفضائل كلّها تنشا من الرّوح كما انّ الرّذائل كلّها تنشا من الجسم.

وبهذا البيان يجمع بين نظائر قوليه تعالى: ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ[٢١] و: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ[٢٢]

فالإنسان الّذي هو خليفة الله - ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً[٢٣] - يشابهه تعالى من حيث الرّوح فكلّ الخيرات والفضائل تنشا وتصدر منه من تلك الجهة، ومن حيث الجسم يشابه الطّاغوت، وكلّ الشّرور والرّذائل تنشا منه من جهته.

لّان الخيرات كلّها لله‏و منه واليه، وكلّ الشّرور للطّاغوت ومنه واليه، قال تعالى: ﴿مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ[٢٤]

نعم على مقتضى قاعدة انّ النّفس في وحدتها كلّ القوى الحكميّة، فكل الخيرات والشّرور منها، كما انّ التوحيد الافعالى يقتضي ذلك الله تعالى ايضاً، قال تعالى: ﴿قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللهِ فَمَا لِهَؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا[٢٥] ولكن هذه اللطيفة الدّقيقة واضرابها خارجة عن ما نحن فيه.

فما قيل: انّ العفّة والشّجاعة والعدالة من النّفس الامّارة، وانّ الجربزه والبلادة من النّفس النّاطقة لهو في غاية السّخف والانحطاط.

٢. انّ الفضائل كلّها ملكات ذات تشكيك موجودة في النّفس النّاطقة بالقوّة ثمّ تظهر وتتبلور مرتبة بعد اخرى حتّى يتخلّق الإنسان باخلاق الله بالممارسات الدّينيّة والرّياضات العمليّة المشروعة- ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ[٢٦] - فليست تلك الخلقيات من باب حدّ الوسط بين الافراط والتّفريط، بل كلّما سمت رتبة وقوّت ظهوراً وتبلوراً ازدادات حسناً وفضلًا، وكلّما نقصت لاتخرج عن كونها عن فضيلة، بل هي فضيلة كامنة في النفس غير ظاهرةٍ فيها.

كما انّ الرّذائل كلّها ملكات ذات تشكيك موجودة في النّفس الامّارة بالقوّة ثمّ تظهر فيها مرتبة بعد اخرى حتّى يتخلّق الإنسان باخلاق البهائم والسّباع - ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ[٢٧] - وذلك بالممارسات الشّيطانيّه والتّلهيّات النّفسانيّة البهيميّة.

فبينهما بون بعيد وكلّ واحد منهما يضادّ الآخر بحيث لا يمكن ان يجمعهما موضوع واحد.

فما قيل: انّ التّهوّر افراط الشّجاعة والجبن تفريطها، ليس بشي‏ءٍ مقبول.

٣. انّ النّفس النّاطقة تستقوي بالعبادات الدّينيّة وممارسة الرّياضات المشروعة فتتمكّن من السّلطان على النّفس الامّاره لتمنعها عن الافراط والتّفريط وتعديله، فهذه هي التّقوى الّتي هي مشككة ايضاً.

وبذلك تحصل للنّفس ملكة العدالة فتقدر بها على اتيان الواجبات العقليّة والشرعيّة والاجتناب عن المحرّمات كذلك.

فهذه كلّها امور لا غبار عليها ولكنّها غير ما سلكه علماء الأخلاق، لانّ السلطة على القوّة الشّهويّة هو غير ملكة العفّة كما انّ السلطان على القوّة الغضبيّة هو غير ملكة الشّجاعة وعلى قوى البهيميّة والإنسانيّة غير ملكة العدالة، وكانّهم وقعوا في الخلط بين التّقوى والملكات الفاضلة حين سمّي الاوّل بالثاني بينما انّ بينهما فرق واضح بالضّرورة.

هذه نبذة موجزة من مفصّل والاسهاب فيه يوجب الملل فلانطول الكلام بتفصيله.

الحركة إلى الحقّ تعالى‏

انّ للإنسان سيراً إلى الله تعالى؛

  1. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ[٢٨]
  2. وقال تعالى: ﴿إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى[٢٩] و﴿وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى[٣٠].
  3. وقال تعالى: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ[٣١]

وهو في هذا السّير يحتاج إلى براقٍ به يرتقي في سماء الكمال، وهو جسمه وبعده المادّي شريطة تسلّطه عليه وجعله مركباً ذلولًا له كما هو بحاجة إلى الزّاد والرّاحلة وهو التّوبة واليقظة قال تعالى: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى[٣٢]

والى السّراج ايضاً وهو القرآن؛

  1. قال تعالى: ﴿هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ[٣٣]
  2. وقال تعالى: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ[٣٤]

والى رفع الموانع وليس مانع اشدّ من الرّذائل واقبح منها؛

  1. قال تعالى: ﴿وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا[٣٥]
  2. وقال تعالى: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ[٣٦]

كما يحتاج الإنسان في سيره هذا إلى الهادي وهو الإمام في القرآن.

قال الله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا[٣٧]

والمراد بالامر ليس الّاافاضات الحقّ تعالى على عباده، كما انّ المراد بضمير «هم» في ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ ليس الّاالوسائط في الفيض.

وملخّص الكلام انّا نحتاج في كلّ امر إلى وسائط الفيض سيّما في السّير إلى الحقّ تعالى، ولا يعقل التّهذيب والتّخلّق بالفضائل الّا بالّتمسك بالعروة الوثقي الّتي هي الولاية، فان قلنا انّ التّهذيب والتّخلّق بالفضائل يتوقّف على وسائط الفيض لسنا مجازفاً في القول.

وفي الزيارة الجامعة الكبيرة: «كُمْ فَتَحَ اللهُ وَبِكُمْ يَخْتِمُ، وَبِكُمْ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ، وَبِكُمْ يُمْسِكُ السَّماءَ اَنْ تَقَعَ عَلَى الاَْرْضِ اِلاّ بِاِذْنِهِ، وَبِكُمْ يُنَفِّسُ الْهَمَّ وَيَكْشِفُ الضُّ». [٣٨]

وورد في وصف بقيّة الله عجّل الله تعالى فرجه الشّريف وروحي وارواح العالمين لتراب مقدمه الفداء «بِيُمْنِهِ رُزِقَ اَلْوَرَى وَ بِوُجُودِهِ ثَبَتَتِ اَلْأَرْضُ وَ اَلسَّمَاءُ»[٣٩]

فوائد علم الاخلاق

لعلم الأخلاق وتهذيب النّفس والتّخلّق بالفضائل والعمل بالاخلاقيّات فوائد هامّة ولا اشكال في انّ سعادة الدّارين موقوفةٌ عليها رهينةٌ بها. ونحن نذكر هنا بعض فوائدها الهامّة:

الفائدة الأولى: تجسّم العمل

يظهر من القرآن والرّوايات انّ الملكات، رذيلة كانت أو فضيلة، تحصل من الافعال والأقوال والافكار، وهويّة الإنسان وحقيقته تحصل من تلك الملكات، فالعفّة والشّجاعة والعدالة تتوقّف على الاعمال، كما انّ ضدّها من الشّره والتّهوّر والطّغيان يكون كذلك. وتلك الملكات، رذيلة كانت أو فضيلة، لها تأثير بالغٌ في هويّة الإنسان وحقيقته. فحقيقة الإنسان وهويّته تتصوّر بما يناسب تلك الملكات.

فمن يتخلّق بما يليق بالإنسان من السّجايا الفاضلة فيرتقى درجة درجة إلى مكانة الإنسان الكامل ومرتبته ويتعالى ويسمو حتّى يكون مصداقاً لقوله تعالى: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً[٤٠] فيصل إلى مقام الخلافة الإلهية. وبعبارةٍ أخرى يتوغّل في الإنسانيّة حتّى يكون كالقمر يوم القيامة.

وامّا من يتخلّق بالأخلاق البهيميّة والسّبعيّة فيتنزّل درجة درجة حتّى يخرج عن الإنسانيّة ومراتبها بتلك الأخلاق ويتصوّر بصورة سبع أو بهيمة أو غيرهما من صورٍ تناسب تلك الملكات.

فربّ إنسانٍ بحسب الظّاهر ولكنّه ليس إلّا كلباً بحسب الهويّة والحقيقة، وأهل البصيرة يروا تلك الصّور ولو لم‌يرها غيرهم. ويوم تنكشف الأغطية وتصير الابصار حديدة وتظهر الحقائق والهويّات، فيرى نفسه كما يراه غيره كلباً.

قال تعالى: ﴿لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ[٤١] وهذه اللّطيفة الدّقيقة الواضحة عند أهلها أقيمت عليها البراهين ونحن نكتفي بالبرهان الأعظم وهو الذكر والحديث.

امّا القرآن فيظهر من آيات كثيرة انّ الملكات توجد بالافعال والأقوال والافكار وتنشأ منها؛

  1. قال تعالى: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً[٤٢]
  2. قال تعالى: ﴿بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا[٤٣]
  3. قال تعالى: ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ[٤٤]
  4. قال تعالى: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ[٤٥]
  5. قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا[٤٦]
  6. قال تعالى: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ[٤٧]
  7. قال تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ[٤٨]
  8. قال تعالى: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ[٤٩]
  9. قال تعالى: ﴿إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ[٥٠]
  10. قال تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا[٥١]

وهذه الآيات ونظائرها الكثيرة جدّاً لها إشارة إلى شيء واحد وهو انّ الذّنوب الّتي تصدر من الإنسان توجب أن تحصل للقلب ملكة تحول بينه وبين إقباله إلى الحقّ وقبوله إيّاه. فالقلب المريض يجد الحقّ مرّاً، بل ليس له أن يرى الحقّ ويسمع ندائه أو يفهمه، بل القرآن الّذي هو شفاء كلّ همّ وداء لا يزيده إلّاخساراً.

قال الراغب في المفردات: فقوله: ختم اللَّه على قلوبهم، وقوله تعالى: قل أرأيتم إن اخذ اللَّه سمعكم وابصاركم وختم على قلوبكم، إشارة إلى ما اجرى اللَّه به العادة انّ الإنسان إذا تناهى في اعتقاد باطل أو ارتكاب محظور ولا يكون منه تلفّت بوجه إلى الحقّ يورثه ذلك هيئة تمرّنه على استحسان المعاصي وكانّما يختم بذلك على قلبه. وعلى ذلك: أولئك الّذين طبع اللَّه على قلوبهم وسمعهم وابصارهم. وعل هذا النّحو استعارة الاغفال في قوله عزّ وجلّ: ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا. واستعارة الكنّ في قوله تعالى: وجعلنا على قلوبهم اكنّة أن يفقهوه. واستعارة القساوة في قوله تعالى: «وجعلنا قلوبهم قاسية».[٥٢]

وجملة القول انّ مثل هذه الآيات كلها قريبة المخرج لها معنى واحد، لانّ القسوة بمعنى الصّلابة، والزيغ بمعنى الميل عن الاستقامة، والرّين بمعنى الصّداء وهو ضدّ الجلاء، والختم والطّبع بمعنى السّدّ، والكنّ بمعنى الحجاب، والغشاوة ايضاً كذلك. وكلّها - كما أشار إليه الرّاغب - كناية وإشارة إلى ميل القلب عن الاستقامة وحصول ملكة الطّغيان له.

وهذه الملكة كما صرّح به الذكر الحكيم تحصل بالأفكار الفاسدة والافعال الرّدية، وهذا هو مرادنا من انّ الافكار والأقوال والافعال توجد بالملكات. وهو واضحٌ.

هذا كلّه يتعلّق برذائل الملكات وهذا الحكم يجري في فضائلها أيضاً. وقد صرّح بذلك التنزيل المبين ايضاً في آيات كثيرة، نورد بعضها هيهنا:

  1. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ[٥٣]
  2. ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[٥٤]
  3. ﴿أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ[٥٥]
  4. ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ[٥٦]
  5. ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[٥٧]
  6. ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ[٥٨]
  7. ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ[٥٩]
  8. ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ[٦٠]
  9. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا[٦١]
  10. ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ[٦٢]

هذا قسم من الآيات الدالّة على المقصود وقد وردت روايات بلغت حدّ التّواتر المعنوي تدلّ على المقصود ايضاً منها:

  1. «عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ كَانَ أَبِي عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ يَقُولُ: مَا مِنْ شَيْءٍ أَفْسَدَ لِلْقَلْبِ مِنْ خَطِيئَةٍ إِنَّ اَلْقَلْبَ لَيُوَاقِعُ اَلْخَطِيئَةَ فَمَا تَزَالُ بِهِ حَتَّى تَغْلِبَ عَلَيْهِ فَيَصِيرَ أَعْلاَهُ أَسْفَلَهُ»[٦٣]
  2. «عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ يَقُولُ: إِذَا أَذْنَبَ اَلرَّجُلُ خَرَجَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فَإِنْ تَابَ اِنْمَحَتْ وَ إِنْ زَادَ زَادَتْ حَتَّى تَغْلِبَ عَلَى قَلْبِهِ فَلاَ يُفْلِحُ بَعْدَهَا أَبَداً.»[٦٤]
  3. «عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ قَالَ: مَا مِنْ عَبْدٍ إِلاَّ وَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ فَإِذَا أَذْنَبَ ذَنْباً خَرَجَ فِي اَلنُّكْتَةِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فَإِنْ تَابَ ذَهَبَ ذَلِكَ اَلسَّوَادُ وَ إِنْ تَمَادَى فِي اَلذُّنُوبِ زَادَ ذَلِكَ اَلسَّوَادُ حَتَّى يُغَطِّيَ اَلْبَيَاضَ فَإِذَا غَطَّى اَلْبَيَاضَ لَمْ يَرْجِعْ صَاحِبُهُ إِلَى خَيْرٍ أَبَداً وَ هُوَ قَوْلُ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ[٦٥]»[٦٦]
  4. «قَالَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: لاَ وَجَعَ أَوْجَعُ لِلْقُلُوبِ مِنَ اَلذُّنُوبِ»[٦٧]
  5. «عَنِ اَلصَّادِقِ عَنْ أَبِيهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: أَرْبَعٌ يُمِتْنَ اَلْقَلْبَ اَلذَّنْبُ عَلَى اَلذَّنْبِ وَ كَثْرَةُ مُنَافَسَةِ اَلنِّسَاءِ يَعْنِي مُحَادَثَتَهُنَّ وَ مُمَارَاةُ اَلْأَحْمَقِ تَقُولُ وَ يَقُولُ وَ لاَ يَرْجِعُ إِلَى خَيْرٍ وَ مُجَالَسَةُ اَلْمَوْتَى فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ وَ مَا اَلْمَوْتَى قَالَ كُلُّ غَنِيٍّ مُتْرَفٍ»[٦٨]
  6. «قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: يَا عِبَادَ اَللَّهِ اِحْذَرُوا اَلاِنْهِمَاكَ فِي اَلْمَعَاصِي وَ اَلتَّهَاوُنَ بِهَا فَإِنَّ اَلْمَعَاصِيَ تَسْتَوْلِي اَلْخِذْلاَنَ عَلَى صَاحِبِهَا حَتَّى تُوقِعَهُ فِي رَدِّ وَلاَيَةِ وَصِيِّ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ دَفْعِ نُبُوَّةِ نَبِيِّ اَللَّهِ وَ لاَ تَزَالُ أَيْضاً بِذَلِكَ حَتَّى تُوقِعَهُ فِي دَفْعِ تَوْحِيدِ اَللَّهِ وَ اَلْإِلْحَادِ فِي دِينِ اَللَّهِ»[٦٩]
  7. قال أمير المؤمنين (ع): «مَنْ كَثُرَ كَلاَمُهُ كَثُرَ خَطَاؤُهُ وَ مَنْ كَثُرَ خَطَاؤُهُ قَلَّ حَيَاؤُهُ وَ مَنْ قَلَّ حَيَاؤُهُ قَلَّ وَرَعُهُ وَ مَنْ قَلَّ وَرَعُهُ مَاتَ قَلْبُهُ وَ مَنْ مَاتَ قَلْبُهُ دَخَلَ اَلنَّارَ»[٧٠]
  8. «قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: لاَ يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ وَ لاَ يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ»[٧١]
  9. «عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ: مَنْ زَهِدَ فِي اَلدُّنْيَا أَثْبَتَ اَللَّهُ اَلحِكْمَةَ فِي قَلْبِهِ وَ أَنْطَقَ بِهَا لِسَانَهُ وَ بَصَّرَهُ عُيُوبَ اَلدُّنْيَا دَاءَهَا وَ دَوَاءَهَا وَ أَخْرَجَهُ مِنَ اَلدُّنْيَا سَالِماً إِلَى دَارِ اَلسَّلاَمِ»[٧٢]
  10. «عَنِ اَلرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: مَا أَخْلَصَ عَبْدٌ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً إِلاَّ جَرَتْ يَنَابِيعُ اَلْحِكْمَةِ مِنْ قَلْبِهِ عَلَى لِسَانِهِ»[٧٣]
  11. «قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: اَلصَّمْتُ شِعَارُ اَلْمُحَقِّقِينَ بِحَقَائِقِ مَا سَبَقَ وَ جَفَّ اَلْقَلَمُ بِهِ وَ هُوَ مِفْتَاحُ كُلِّ رَاحَةٍ مِنَ اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ وَ فِيهِ رِضَا اَلرَّبِّ وَ تَخْفِيفُ اَلْحِسَابِ وَ اَلصَّوْنُ مِنَ اَلْخَطَايَا وَ اَلزَّلَلِ قَدْ جَعَلَهُ اَللَّهُ سِتْراً عَلَى اَلْجَاهِلِ وَ زَيْناً لِلْعَالِمِ وَ مَعَهُ عَزْلُ اَلْهَوَاءِ وَ رِيَاضَةُ اَلنَّفْسِ وَ حَلاَوَةُ اَلْعِبَادَةِ وَ زَوَالُ قَسْوَةِ اَلْقَلْبِ وَ اَلْعَفَافُ وَ اَلْمُرُوَّةُ»[٧٤]

هذا كلّه في دلالة الآيات والرّوايات على أنّ الأفكار والأقوال والأفعال توجب أن تحدث ملكات لصاحبها.

وامّا الهويات فهي تنشأ من الملكات وإن الإنسان يدرك الكمال بتحصيل الملكات الفاضلة كما أنه يتبدّل هويّته من الإنسانيّة إلى الحيوانيّة ويتصوّر بصور مختلفة تناسب تلك الملكات الرّذيلة.

فقد يتصور بصورة الكلب لطغيانه وتمكّن ملكة الظلم فيه الحاصل من الأقوال والافعال والافكار وقد يتصور بصورة الخنزير لذلك. كما أنه قد يتصور بصورة الإنسان غير المادي لتحصيله بعض تلك الملكات، وقد وردت فيه آيات وروايات كثيرةٌ.

ونحن نذكر بعض الآيات الدالة على تلك اللطيفة الدقيقة الّتي لا ريب فيها عند أهلها اولًا، ثم نذكر بعض الرّوايات المصرّحة بها حد التواتر المعنوي.

والآيات منها ما هو نصٌ فيها، ومنها ما هو ظاهرٌ فيها، ومنها ما تظهر دلالتها بالتأمل فيها. فاما الآيات فمنها:

  1. قوله عزّ من قائل: ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ[٧٥]
  2. ﴿وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ[٧٦]
  3. ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا[٧٧]
  4. ﴿هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ[٧٨]
  5. ﴿وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا[٧٩]
  6. ﴿وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ[٨٠]
  7. ﴿وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا[٨١]
  8. ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى[٨٢]
  9. ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ[٨٣]
  10. ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ[٨٤]
  11. ﴿يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ[٨٥]
  12. ﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ[٨٦]
  13. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ[٨٧]
  14. ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ[٨٨]
  15. ﴿وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا[٨٩]
  16. ﴿يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا[٩٠]
  17. ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ[٩١]
  18. ﴿يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ[٩٢]

هذه بعض الآيات، فترى ظهور ما يقرب من جميعها في المقصود، سيّما إذا انضمّ إليها الآيات المفسّرة لها وسيأتي ذكرها.

وقد استدل صدر المتألهين بآيات أخر نذكر بعضها، تُظهر المقصود مع شيء من التأمّل والامعان. ولما لم يكن المقام مقام التفسير فنحن نكتفي بذكر الآيات ونوكّل تفسيرها والتأمّل فيها إلى أهلها.

  1. ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ[٩٣]
  2. ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ[٩٤]
  3. ﴿لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ[٩٥]
  4. ﴿قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ[٩٦]
  5. ﴿إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ[٩٧]
  6. ﴿أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ[٩٨]

وامّا الرّوايات الدالّة على المطلوب فهي كثيرة جداً ونحن نذكر نبذة منها، فمنها:

  1. «قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ:... وَ مَنْ بَغَى عَلَى فَقِيرٍ أَوْ تَطَاوَلَ عَلَيْهِ أَوِ اِسْتَحْقَرَهُ حَشَرَهُ اَللَّهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ مِثْلَ اَلذَّرَّةِ فِي صُورَةِ رَجُلٍ حَتَّى يَدْخُلَ اَلنَّارَ»[٩٩]
  2. « عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ): أَنَّ أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَالَ لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ كَيْفَ وَجَدْتَ هَذَا اَلدِّينَ قَالَ كُنَّا بِمَنْزِلَةِ اَلْيَهُودِ قَبْلَ أَنْ نَتَّبِعَكَ تَخِفُّ عَلَيْنَا اَلْعِبَادَةُ، فَلَمَّا اِتَّبَعْنَاكَ وَ وَقَعَ حَقَائِقُ اَلْإِيمَانِ فِي قُلُوبِنَا وَجَدْنَا اَلْعِبَادَةَ قَدْ تَثَاقَلَتْ فِي أَجْسَادِنَا. قَالَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَمِنْ ثَمَّ يُحْشَرُ اَلنَّاسُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ فِي صُوَرِ اَلْحَمِيرِ »[١٠٠]
  3. روى البرسي: «أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِعَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِمَا ذَا فُضِّلْنَا عَلَى أَعْدَائِنَا وَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَجْمَلُ مِنَّا فَقَالَ لَهُ اَلْإِمَامُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَ تُحِبُّ أَنْ تَرَى فَضْلَكَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ نَعَمْ فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَ قَالَ اُنْظُرْ فَنَظَرَ فَاضْطَرَبَ وَ قَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ رُدَّنِي إِلَى مَا كُنْتُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ فِي اَلْمَسْجِدِ إِلاَّ دُبّاً وَ قِرْداً وَ كَلْباً فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ فَعَادَ إِلَى حَالِهِ »[١٠١]
  4. «عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ: يُحْشَرُ اَلْمُكَذِّبُونَ بِقَدَرِهِ تَعَالَى مِنْ قُبُورِهِمْ قَدْ مُسِخُوا قِرَدَةً وَ خَنَازِيرَ»[١٠٢]
  5. «عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ أَخِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَقُولُ: إِنَّ اَلْمُتَكَبِّرِينَ يُجْعَلُونَ فِي صُوَرِ اَلذَّرِّ يَتَوَطَّؤُهُمُ اَلنَّاسُ حَتَّى يَفْرُغَ اَللَّهُ مِنَ اَلْحِسَابِ» [١٠٣]
  6. عن الإمام أبي عبدالله عليه السلام قال: « مَنْ سَوَّدَ أَسْمَعُهُ فِي دِيوَانِ الْجَبَّارِينَ مِنْ وُلْدِ فُلَانٍ حَشَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيمَةِ خِنْزِيراً»[١٠٤]
  7. عنه عليه السلام قال: « مِنْ لقى الْمُسْلِمِينَ بِوَجْهَيْنِ وَلِسَانَيْنِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيمَةِ وَلَهٍ لِسَانِ مِنْ نَارٍ » [١٠٥]
  8. عنه أيضاً عليه السلام قال: «... وَ إِيَّاكُمْ أَنْ تُزْلِقُوا أَلْسِنَتَكُمْ بِقَوْلِ اَلزُّورِ وَ اَلْبُهْتَانِ وَ اَلْإِثْمِ وَ اَلْعُدْوَانِ فَإِنَّكُمْ إِنْ كَفَفْتُمْ أَلْسِنَتَكُمْ عَمَّا يَكْرَهُهُ اَللَّهُ مِمَّا نَهَاكُمْ عَنْهُ كَانَ خَيْراً لَكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ مِنْ أَنْ تُزْلِقُوا أَلْسِنَتَكُمْ بِهِ فَإِنَّ زَلَقَ اَللِّسَانِ فِيمَا يَكْرَهُ اَللَّهُ وَ مَا يَنْهَى عَنْهُ مَرْدَاةٌ لِلْعَبْدِ عِنْدَ اَللَّهِ وَ مَقْتٌ مِنَ اَللَّهِ وَ صَمٌّ وَ عَمًى وَ بَكَمٌ يُورِثُهُ اَللَّهُ إِيَّاهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ فَتَصِيرُوا كَمَا قَالَ اَللَّهُ: ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ[١٠٦] يَعْنِي لاَ يَنْطِقُونَ، ﴿وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ[١٠٧]»[١٠٨]
  9. وفي خبر طويل عنه عليه السلام أيضاً: «... فَإِذَا أَنَا بِقَوْمٍ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مَوَائِدُ مِنْ لَحْمٍ طَيِّبٍ وَ لَحْمٍ خَبِيثٍ يَأْكُلُونَ اَللَّحْمَ اَلْخَبِيثَ وَ يَدَعُونَ اَلطَّيِّبَ فَقُلْتُ مَنْ هَؤُلاَءِ يَا جَبْرَئِيلُ فَقَالَ هَؤُلاَءِ اَلَّذِينَ يَأْكُلُونَ اَلْحَرَامَ وَ يَدَعُونَ اَلْحَلاَلَ وَ هُمْ مِنْ أُمَّتِكَ يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ثُمَّ رَأَيْتُ مَلَكاً مِنَ اَلْمَلاَئِكَةِ جَعَلَ اَللَّهُ أَمْرَهُ عَجَباً نِصْفُ جَسَدِهِ اَلنَّارُ وَ اَلنِّصْفُ اَلْآخَرُ ثَلْجٌ فَلاَ اَلنَّارُ تُذِيبُ اَلثَّلْجَ وَ لاَ اَلثَّلْجُ يُطْفِئُ اَلنَّارَ وَ هُوَ يُنَادِي بِصَوْتٍ رَفِيعٍ وَ يَقُولُ سُبْحَانَ اَلَّذِي كَفَّ حَرَّ هَذِهِ اَلنَّارِ فَلاَ تُذِيبُ اَلثَّلْجَ وَ كَفَّ بَرْدَ هَذَا اَلثَّلْجِ فَلاَ يُطْفِئُ حَرَّ هَذِهِ اَلنَّارِ اَللَّهُمَّ يَا مُؤَلِّفُ بَيْنَ اَلثَّلْجِ وَ اَلنَّارِ أَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِ عِبَادِكَ اَلْمُؤْمِنِينَ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا يَا جَبْرَئِيلُ فَقَالَ هَذَا مَلَكٌ وَكَّلَهُ اَللَّهُ بِأَكْنَافِ اَلسَّمَاءِ وَ أَطْرَافِ اَلْأَرَضِينَ وَ هُوَ أَنْصَحُ مَلاَئِكَةِ اَللَّهِ لِأَهْلِ اَلْأَرْضِ مِنْ عِبَادِهِ اَلْمُؤْمِنِينَ يَدْعُو لَهُمْ بِمَا تَسْمَعُ مُنْذُ خُلِقَ وَ رَأَيْتُ مَلَكَيْنِ يُنَادِيَانِ فِي اَلسَّمَاءِ أَحَدُهُمَا يَقُولُ اَللَّهُمَّ أَعْطِ كُلَّ مُنْفِقٍ خَلَفاً وَ اَلْآخَرُ يَقُولُ اَللَّهُمَّ أَعْطِ كُلَّ مُمْسِكٍ تَلَفاً ثُمَّ مَضَيْتُ فَإِذَا أَنَا بِأَقْوَامٍ لَهُمْ مَشَافِرُ كَمَشَافِرِ اَلْإِبِلِ يُقْرَضُ اَللَّحْمُ مِنْ جُنُوبِهِمْ وَ يُلْقَى فِي أَفْوَاهِهِمْ فَقُلْتُ مَنْ هَؤُلاَءِ يَا جَبْرَئِيلُ فَقَالَ هَؤُلاَءِ اَلْهَمَّازُونَ اَللَّمَّازُونَ ثُمَّ مَضَيْتُ فَإِذَا أَنَا بِأَقْوَامٍ تُرْضَخُ رُءُوسُهُمْ بِالصَّخْرِ فَقُلْتُ مَنْ هَؤُلاَءِ يَا جَبْرَئِيلُ فَقَالَ هَؤُلاَءِ اَلَّذِينَ يَنَامُونَ عَنْ صَلاَةِ اَلْعِشَاءِ ثُمَّ مَضَيْتُ فَإِذَا أَنَا بِأَقْوَامٍ تُقْذَفُ اَلنَّارُ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَ تَخْرُجُ مِنْ أَدْبَارِهِمْ فَقُلْتُ مَنْ هَؤُلاَءِ يَا جَبْرَئِيلُ قَالَ هَؤُلاَءِ ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا[١٠٩] ثُمَّ مَضَيْتُ فَإِذَا أَنَا بِأَقْوَامٍ يُرِيدُ أَحَدُهُمْ أَنْ يَقُومَ فَلاَ يَقْدِرُ مِنْ عِظَمِ بَطْنِهِ فَقُلْتُ مَنْ هَؤُلاَءِ يَا جَبْرَئِيلُ قَالَ هَؤُلاَءِ ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ[١١٠] وَ إِذَا هُمْ بِسَبِيلِ آلِ فِرْعَوْنَ يُعْرَضُونَ عَلَى اَلنَّارِ غُدُوًّا وَ عَشِيًّا يَقُولُونَ رَبَّنَا مَتَى تَقُومُ اَلسَّاعَةُ قَالَ ثُمَّ مَضَيْتُ فَإِذَا أَنَا بِنِسْوَانٍ مُعَلَّقَاتٍ بِثَدْيِهِنَّ فَقُلْتُ مَنْ هَؤُلاَءِ يَا جَبْرَئِيلُ فَقَالَ هَؤُلاَءِ اَللَّوَاتِي يُوَرِّثْنَ أَمْوَالَ أَزْوَاجِهِنَّ أَوْلاَدَ غَيْرِهِمْ»[١١١]
  10. «قَالَ أَبُو بَصِيرٍ لِلْبَاقِرِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مَا أَكْثَرَ اَلْحَجِيجَ وَ أَعْظَمَ اَلضَّجِيجِ فَقَالَ بَلْ مَا أَكْثَرَ اَلضَّجِيجَ وَ أَقَلَّ اَلْحَجِيجَ أَ تُحِبُّ أَنْ تَعْلَمَ صِدْقَ مَا أَقُولُهُ وَ تَرَاهُ عِيَاناً فَمَسَحَ عَلَى عَيْنَيْهِ وَ دَعَا بِدَعَوَاتٍ فَعَادَ بَصِيراً فَقَالَ اُنْظُرْ يَا أَبَا بَصِيرٍ إِلَى اَلْحَجِيجِ قَالَ فَنَظَرْتُ فَإِذَا أَكْثَرُ اَلنَّاسِ قِرَدَةٌ وَ خَنَازِيرُ وَ اَلْمُؤْمِنُ بَيْنَهُمْ كَالْكَوْكَبِ اَللاَّمِعِ فِي اَلظَّلْمَاءِ فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ صَدَقْتَ يَا مَوْلاَيَ مَا أَقَلَّ اَلْحَجِيجَ وَ أَكْثَرَ اَلضَّجِيجِ»[١١٢]

قال الطبرسي في ذيل الآية: ﴿يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا[١١٣]، هكذا: «عَنِ اَلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ جَالِساً قَرِيباً مِنْ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي مَنْزِلِ أَبِي أَيُّوبَ اَلْأَنْصَارِيِّ فَقَالَ مُعَاذٌ يَا رَسُولَ اَللَّهِ أَ رَأَيْتَ قَوْلَ اَللَّهِ تَعَالَى: ﴿يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا[١١٤] اَلْآيَاتِ فَقَالَ يَا مُعَاذُ سَأَلْتَ عَنْ عَظِيمٍ مِنَ اَلْأَمْرِ ثُمَّ أَرْسَلَ عَيْنَيْهِ ثُمَّ قَالَ تُحْشَرُ عَشَرَةُ أَصْنَافٍ مِنْ أُمَّتِي أَشْتَاتاً قَدْ مَيَّزَهُمُ اَللَّهُ تَعَالَى مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ وَ بَدَّلَ صُوَرَهُمْ فَبَعْضُهُمْ عَلَى صُورَةِ اَلْقِرَدَةِ وَ بَعْضُهُمْ عَلَى صُورَةِ اَلْخَنَازِيرِ وَ بَعْضُهُمْ مُنَكَّسُونَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ فَوْقُ وَ وُجُوهُهُمْ مِنْ تَحْتُ ثُمَّ يُسْحَبُونَ عَلَيْهَا وَ بَعْضُهُمْ عُمْيٌ يَتَرَدَّدُونَ وَ بَعْضُهُمْ بُكْمٌ لاَ يَعْقِلُونَ وَ بَعْضُهُمْ يَمْضَغُونَ أَلْسِنَتَهُمْ يَسِيلُ اَلْقَيْحُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ لُعَاباً يَتَقَذَّرُهُمْ أَهْلُ اَلْجَمْعِ وَ بَعْضُهُمْ مُقَطَّعَةٌ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ وَ بَعْضُهُمْ مُصَلَّبُونَ عَلَى جُذُوعٍ مِنْ نَارٍ وَ بَعْضُهُمْ أَشَدُّ نَتْناً مِنَ اَلْجِيَفِ وَ بَعْضُهُمْ يَلْبَسُونَ جِبَاباً سَابِغَةً مِنْ قَطِرَانٍ لاَزِقَةٍ بِجُلُودِهِمْ فَأَمَّا اَلَّذِينَ عَلَى صُورَةِ اَلْقِرَدَةِ فَالْقَتَّاتُ مِنَ اَلنَّاسِ وَ أَمَّا اَلَّذِينَ عَلَى صُورَةِ اَلْخَنَازِيرِ فَأَهْلُ اَلسُّحْتِ وَ أَمَّا اَلْمُنَكَّسُونَ عَلَى رُءُوسِهِمْ فَأَكَلَةُ اَلرِّبَا وَ اَلْعُمْيُ اَلْجَائِرُونَ فِي اَلْحُكْمِ وَ اَلصُّمُّ اَلْبُكْمُ اَلْمُعْجَبُونَ بِأَعْمَالِهِمْ وَ اَلَّذِينَ يَمْضَغُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ فَالْعُلَمَاءُ وَ اَلْقُضَاةُ اَلَّذِينَ خَالَفَتْ أَعْمَالُهُمْ أَقْوَالَهُمْ وَ اَلْمُقَطَّعَةُ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ اَلَّذِينَ يُؤْذُونَ اَلْجِيرَانَ وَ اَلْمُصَلَّبُونَ عَلَى جُذُوعٍ مِنْ نَارٍ فَالسُّعَاةُ بِالنَّاسِ إِلَى اَلسُّلْطَانِ وَ اَلَّذِينَ هُمْ أَشَدُّ نَتْناً مِنَ اَلْجِيَفِ فَالَّذِينَ يَتَمَتَّعُونَ بِالشَّهَوَاتِ وَ اَللَّذَّاتِ وَ يَمْنَعُونَ حَقَّ اَللَّهِ فِي أَمْوَالِهِمْ وَ اَلَّذِينَ يَلْبَسُونَ اَلْجِبَابَ فَأَهْلُ اَلتَّجَبُّرِ وَ اَلْخُيَلاَءِ» [١١٥].[١١٦]

تتميم

يظهر من آي الذكر الحكيم والرّوايات المتواترة تجسّم العمل بمعنيين آخرين:

  1. انّ الاعمال من الأقوال والافعال بل الافكار تتجسّم بصورة مناسبة لتلك الاعمال بل الافكار. فالاعمال القبيحة تتجسّم بصور قبيحة، والاعمال الحسنة تتجسّم بصور حسنة والمرء يحشر معها وهي تصاحب الإنسان، بل يظهر من تلك الآيات والرّوايات انّ نعم الجنّة كلّها ليست إلّانفس الاعمال الحسنة وانّ نقم الجحيم كلّها حتّى نارها أيضاً هي الاعمال القبيحة بعينها.
  2. انّ الاعمال من الافعال والأقوال بل الافكار والملكات لها تأثير بالغ في السّعادة والشّقاء الدّنيويّتين، بل ليست السّعادة الدّنيويّة أو الشّقاوة الدّنيويّة إلّاتلك الاعمال بخيرها وشرّها، بل يظهر من الآيات والرّوايات انّ الاعمال الحسنة والقبيحة تؤثّر في سعادة الذّريّة وشقاءها بل في سعادة الامّة والمجتمع كذلك وشقاءهما.

لا يقال انّ ذلك يناقض العدل بين انّ والقرآن يقول: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى[١١٧] لانّ هذه الآثار وضعيّة فهي كالنّار من استوقدها فقد أحرق نفسه وكذلك يحرق ما حوله ولو كان هناك ولده الصّغير أو النّائم الغافل. نعم عليه وزران وزر احراق نفسه ووزر احراق غيره وللبرئ المظلوم المحترق بنار غيره اجر ما اصابه من المصيبة بغير ما اكتسبه.

وامّا قوله تعالى: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى[١١٨] فهو يتعلّق بالآخرة وأحكامه الخاصّة، فهو غير مرتبط بالبحث.

ونحن نذكر اولًا الآيات والرّوايات الدالّة على تجسّم العمل بالمعنى الأوّل ثمّ نتبعها بالآيات والرّوايات الدّالّه على تجسّم العمل بالمعنى الثاني.

امّا الآيات والرّوايات الواردة في المعنى الأوّل فمنها:

  1. ﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ إِنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ[١١٩]
  2. ﴿فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ[١٢٠]
  3. ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ[١٢١]
  4. ﴿وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ[١٢٢]
  5. ﴿لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ[١٢٣]
  6. ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ[١٢٤]
  7. ﴿وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا[١٢٥]
  8. ﴿وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا[١٢٦]
  9. ﴿مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ[١٢٧]
  10. ﴿وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[١٢٨]
  11. ﴿وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ[١٢٩]
  12. ﴿يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ[١٣٠]
  13. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ[١٣١]
  14. ﴿يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ[١٣٢]
  15. ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ[١٣٣]
  16. ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ[١٣٤]
  17. ﴿هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ[١٣٥]
  18. ﴿يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ[١٣٦]
  19. «قَالَ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ: وَفَدْتُ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ إِلَى اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَدَخَلْتُ وَ عِنْدَهُ صَلْصَالُ بْنُ اَلدُّلَهْمِسِ فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اَللَّهِ عِظْنَا مَوْعِظَةً نَنْتَفِعْ بِهَا فَإِنَّا قَوْمٌ نَعِيشُ فِي اَلْبَرِّيَّةِ فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَا قَيْسُ إِنَّ مَعَ اَلْعِزِّ ذُلاًّ وَ إِنَّ مَعَ اَلْحَيَاةِ مَوْتاً وَ إِنَّ مَعَ اَلدُّنْيَا آخِرَةً وَ إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً وَ هُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبٌ وَ إِنَّ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَاباً وَ إِنَّهُ لاَ بُدَّ لَكَ يَا قَيْسُ مِنْ قَرِينٍ يُدْفَنُ مَعَكَ وَ هُوَ حَيٌّ وَ تُدْفَنُ مَعَهُ وَ أَنْتَ مَيِّتٌ فَإِنْ كَانَ كَرِيماً أَكْرَمَكَ وَ إِنْ كَانَ لَئِيماً أَسْلَمَكَ ثُمَّ لاَ يُحْشَرُ إِلاَّ مَعَكَ وَ لاَ تُحْشَرُ إِلاَّ مَعَهُ وَ لاَ تُسْأَلُ إِلاَّ عَنْهُ وَ لاَ تَجْعَلْهُ إِلاَّ صَالِحاً فَإِنَّهُ إِنْ صَلَحَ أَنِسْتَ بِهِ وَ إِنْ فَسَدَ لاَ تَسْتَوْحِشُ إِلاَّ مِنْهُ وَ هُوَ فِعْلُكَ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اَللَّهِ أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ هَذَا اَلْكَلاَمُ فِي أَبْيَاتٍ مِنَ اَلشِّعْرِ نَفْخَرُ بِهِ عَلَى مَنْ يَلِينَا مِنَ اَلْعَرَبِ وَ نَدَّخِرُهُ فَأَمَرَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَنْ يَأْتِيهِ بِحَسَّانَ قَالَ فَأَقْبَلْتُ أُفَكِّرُ فِيمَا أَشْبَهَ هَذِهِ اَلْعِظَةَ مِنَ اَلشِّعْرِ فَاسْتَتَبَّ لِيَ اَلْقَوْلُ فِيهِ قَبْلَ مَجِيءِ حَسَّانَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ قَدْ حَضَرَتْنِي أَبْيَاتٌ أَحْسَبُهَا تُوَافِقُ مَا تُرِيدُ فَقُلْتُ لِقَيْسٍ»[١٣٧]
تَخَيَّرْ خَلِيطاً مِنْ فِعَالِكَ إِنَّمَاقَرِينُ اَلْفَتَى فِي اَلْقَبْرِ مَا كَانَ يَفْعَلُ
وَ لاَ بُدَّ بَعْدَ اَلْمَوْتِ مِنْ أَنْ تُعِدَّهُلِيَوْمٍ يُنَادَى اَلْمَرْءُ فِيهِ فَيُقْبِلُ
فَإِنْ كُنْتَ مَشْغُولاً بِشَيْءٍ فَلاَ تَكُنْبِغَيْرِ اَلَّذِي تُرْضِي بِهِ اَللَّهَ تُشْغَلُ
فَلَنْ يَصْحَبَ اَلْإِنْسَانُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِوَ مِنْ قَبْلِهِ إِلاَّ اَلَّذِي كَانَ يَعْمَلُ
أَلاَ إِنَّمَا اَلْإِنْسَانُ ضَيْفٌ لِأَهْلِهِيُقِيمُ قَلِيلاً بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَرْحَلُ[١٣٨]


  1. «عَنْ أَحَدِهِمَا عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ قَالَ: إِذَا مَاتَ اَلْعَبْدُ اَلْمُؤْمِنُ دَخَلَ مَعَهُ فِي قَبْرِهِ سِتَّةُ صُوَرٍ فِيهِنَّ صُورَةٌ أَحْسَنُهُنَّ وَجْهاً وَ أَبْهَاهُنَّ هَيْئَةً وَ أَطْيَبُهُنَّ رِيحاً وَ أَنْظَفُهُنَّ صُورَةً قَالَ فَيَقِفُ صُورَةٌ عَنْ يَمِينِهِ وَ أُخْرَى عَنْ يَسَارِهِ وَ أُخْرَى بَيْنَ يَدَيْهِ وَ أُخْرَى خَلْفَهُ وَ أُخْرَى عِنْدَ رِجْلِهِ وَ تَقِفُ اَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُهُنَّ فَوْقَ رَأْسِهِ فَإِنْ أُتِيَ عَنْ يَمِينِهِ مَنَعَتْهُ اَلَّتِي عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ كَذَلِكَ إِلَى أَنْ يُؤْتَى مِنَ اَلْجِهَاتِ اَلسِّتِّ قَالَ فَتَقُولُ أَحْسَنُهُنَّ صُورَةً وَ مَنْ أَنْتُمْ جَزَاكُمُ اَللَّهُ عَنِّي خَيْراً فَتَقُولُ اَلَّتِي عَنْ يَمِينِ اَلْعَبْدِ أَنَا اَلصَّلاَةُ وَ تَقُولُ اَلَّتِي عَنْ يَسَارِهِ أَنَا اَلزَّكَاةُ وَ تَقُولُ اَلَّتِي بَيْنَ يَدَيْهِ أَنَا اَلصِّيَامُ وَ تَقُولُ اَلَّتِي خَلْفَهُ أَنَا اَلْحَجُّ وَ اَلْعُمْرَةُ وَ تَقُولُ اَلَّتِي عِنْدَ رِجْلَيْهِ أَنَا بِرُّ مَنْ وَصَلْتِ مِنْ إِخْوَانِكِ ثُمَّ يَقُلْنَ مَنْ أَنْتِ فَأَنْتِ أَحْسَنُنَا وَجْهاً وَ أَطْيَبُنَا رِيحاً وَ أَبْهَانَا هَيْئَةً فَتَقُولُ أَنَا اَلْوَلاَيَةُ لِآلِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ» [١٣٩]
  2. «عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: مَا مِنْ مَوْضِعِ قَبْرٍ إِلاَّ وَ هُوَ يَنْطِقُ كُلَّ يَوْمٍ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ أَنَا بَيْتُ اَلتُّرَابِ أَنَا بَيْتُ اَلْبَلاَءِ أَنَا بَيْتُ اَلدُّودِ قَالَ فَإِذَا دَخَلَهُ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ قَالَ مَرْحَباً وَ أَهْلاً أَمَا وَ اَللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أُحِبُّكَ وَ أَنْتَ تَمْشِي عَلَى ظَهْرِي فَكَيْفَ إِذَا دَخَلْتَ بَطْنِي فَسَتَرَى ذَلِكَ قَالَ فَيُفْسَحُ لَهُ مَدَّ اَلْبَصَرِ وَ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ اَلْجَنَّةِ قَالَ وَ يَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ رَجُلٌ لَمْ تَرَ عَيْنَاهُ شَيْئاً قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ فَيَقُولُ يَا عَبْدَ اَللَّهِ مَا رَأَيْتُ شَيْئاً قَطُّ أَحْسَنَ مِنْكَ فَيَقُولُ أَنَا رَأْيُكَ اَلْحَسَنُ اَلَّذِي كُنْتَ عَلَيْهِ وَ عَمَلُكَ اَلصَّالِحُ اَلَّذِي كُنْتَ تَعْمَلُهُ قَالَ ثُمَّ تُؤْخَذُ رُوحُهُ فَتُوضَعُ فِي اَلْجَنَّةِ حَيْثُ رَأَى مَنْزِلَهُ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ نَمْ قَرِيرَ اَلْعَيْنِ فَلاَ يَزَالُ نَفْحَةٌ مِنَ اَلْجَنَّةِ تُصِيبُ جَسَدَهُ يَجِدُ لَذَّتَهَا وَ طِيبَهَا حَتَّى يُبْعَثَ قَالَ وَ إِذَا دَخَلَ اَلْكَافِرُ قَالَ لاَ مَرْحَباً بِكَ وَ لاَ أَهْلاً أَمَا وَ اَللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أُبْغِضُكَ وَ أَنْتَ تَمْشِي عَلَى ظَهْرِي فَكَيْفَ إِذَا دَخَلْتَ بَطْنِي سَتَرَى ذَلِكَ قَالَ فَتَضُمُّ عَلَيْهِ فَتَجْعَلُهُ رَمِيماً وَ يُعَادُ كَمَا كَانَ وَ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى اَلنَّارِ فَيَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ اَلنَّارِ ثُمَّ قَالَ ثُمَّ إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُ رَجُلٌ أَقْبَحُ مَنْ رَأَى قَطُّ قَالَ فَيَقُولُ يَا عَبْدَ اَللَّهِ مَنْ أَنْتَ مَا رَأَيْتُ شَيْئاً أَقْبَحَ مِنْكَ قَالَ فَيَقُولُ أَنَا عَمَلُكَ اَلسَّيِّئُ اَلَّذِي كُنْتَ تَعْمَلُهُ وَ رَأْيُكَ اَلْخَبِيثُ قَالَ ثُمَّ تُؤْخَذُ رُوحُهُ فَتُوضَعُ حَيْثُ رَأَى مَقْعَدَهُ مِنَ اَلنَّارِ ثُمَّ لَمْ تَزَلْ نَفْخَةٌ مِنَ اَلنَّارِ تُصِيبُ جَسَدَهُ فَيَجِدُ أَلَمَهَا وَ حَرَّهَا فِي جَسَدِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُ وَ يُسَلِّطُ اَللَّهُ عَلَى رُوحِهِ تِسْعَةً وَ تِسْعِينَ تِنِّيناً تَنْهَشُهُ لَيْسَ فِيهَا تِنِّينٌ يَنْفُخُ عَلَى ظَهْرِ اَلْأَرْضِ فَتُنْبِتَ شَيْئاً»[١٤٠]
  3. «عَنْ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ: إِنَّ اِبْنَ آدَمَ إِذَا كَانَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنَ اَلدُّنْيَا وَ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنَ اَلْآخِرَةِ مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ وَ وَلَدُهُ وَ عَمَلُهُ فَيَلْتَفِتُ إِلَى مَالِهِ فَيَقُولُ وَ اَللَّهِ إِنِّي كُنْتُ عَلَيْكَ لَحَرِيصاً شَحِيحاً فَمَا لِي عِنْدَكَ فَيَقُولُ خُذْ مِنِّي كَفَنَكَ ثُمَّ يَلْتَفِتُ إِلَى وَلَدِهِ فَيَقُولُ وَ اَللَّهِ إِنِّي كُنْتُ لَكُمْ لَمُحِبّاً وَ إِنِّي كُنْتُ عَلَيْكُمْ لَمُحَامِياً فَمَا ذَا لِي عِنْدَكُمْ فَيَقُولُونَ نُؤَدِّيكَ إِلَى حُفْرَتِكَ وَ نُوَارِيكَ فِيهَا ثُمَّ يَلْتَفِتُ إِلَى عَمَلِهِ فَيَقُولُ وَ اَللَّهِ إِنِّي كُنْتُ فِيكَ لَزَاهِداً وَ إِنَّكَ كُنْتَ عَلَيَّ لَثَقِيلاً فَمَا ذَا عِنْدَكَ فَيَقُولُ أَنَا قَرِينُكَ فِي قَبْرِكَ وَ يَوْمِ حَشْرِكَ حَتَّى أُعْرَضَ أَنَا وَ أَنْتَ عَلَى رَبِّكَ فَإِنْ كَانَ لِلَّهِ وَلِيّاً أَتَاهُ أَطْيَبَ اَلنَّاسِ رِيحاً وَ أَحْسَنَهُمْ مَنْظَراً وَ أَزْيَنَهُمْ رِيَاشاً فَيَقُولُ أَبْشِرْ بِرَوْحٍ مِنَ اَللَّهِ وَ رَيْحَانٍ وَ جَنَّةِ نَعِيمٍ قَدْ قَدِمْتَ خَيْرَ مَقْدَمٍ فَيَقُولُ مَنْ أَنْتَ فَيَقُولُ أَنَا عَمَلُكَ اَلصَّالِحُ اِرْتَحِلْ مِنَ اَلدُّنْيَا إِلَى اَلْجَنَّةِ وَ إِنَّهُ لَيَعْرِفُ غَاسِلَهُ وَ يُنَاشِدُ حَامِلَهُ أَنْ يُعَجِّلَهُ فَإِذَا أُدْخِلَ قَبْرَهُ أَتَاهُ مَلَكَانِ وَ هُمَا فَتَّانَا اَلْقَبْرِ يَجُرَّانِ أَشْعَارَهُمَا وَ يَبْحَثَانِ اَلْأَرْضَ بِأَنْيَابِهِمَا وَ أَصْوَاتُهُمَا كَالرَّعْدِ اَلْقَاصِفِ وَ أَبْصَارُهُمَا كَالْبَرْقِ اَلْخَاطِفِ فَيَقُولاَنِ لَهُ مَنْ رَبُّكَ وَ مَنْ نَبِيُّكَ وَ مَا دِينُكَ فَيَقُولُ اَللَّهُ رَبِّي وَ مُحَمَّدٌ نَبِيِّي وَ اَلْإِسْلاَمُ دِينِي فَيَقُولاَنِ ثَبَّتَكَ اَللَّهُ فِيمَا تُحِبُّ وَ تَرْضَى وَ هُوَ قَوْلُ اَللَّهِ: ﴿يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا[١٤١] اَلْآيَةَ فَيَفْسَحَانِ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ وَ يَفْتَحَانِ لَهُ بَاباً إِلَى اَلْجَنَّةِ وَ يَقُولاَنِ لَهُ نَمْ قَرِيرَ اَلْعَيْنِ نَوْمَ اَلشَّابِّ اَلنَّاعِمِ وَ هُوَ قَوْلُهُ: ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا[١٤٢] وَ إِذَا كَانَ لِرَبِّهِ عَدُوّاً فَإِنَّهُ يَأْتِيهِ أَقْبَحَ خَلْقِ اَللَّهِ رِيَاشاً وَ أَنْتَنَهُ رِيحاً فَيَقُولُ لَهُ أَبْشِرْ بِنُزُلٍ مِنْ حَمِيمٍ وَ تَصْلِيَةِ جَحِيمٍ وَ إِنَّهُ لَيَعْرِفُ غَاسِلَهُ وَ يُنَاشِدُ حَامِلَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ فَإِذَا أُدْخِلَ قَبْرَهُ أَتَيَاهُ مُمْتَحِنَا اَلْقَبْرِ فَأَلْقَيَا عَنْهُ أَكْفَانَهُ ثُمَّ قَالاَ لَهُ مَنْ رَبُّكَ وَ مَنْ نَبِيُّكَ وَ مَا دِينُكَ فَيَقُولُ لاَ أَدْرِي فَيَقُولاَنِ لَهُ مَا دَرَيْتَ وَ لاَ هَدَيْتَ فَيَضْرِبَانِهِ بِمِرْزَبَةٍ ضَرْبَةً مَا خَلَقَ اَللَّهُ دَابَّةً إِلاَّ وَ تُذْعَرُ لَهَا مَا خَلاَ اَلثَّقَلَيْنِ ثُمَّ يَفْتَحَانِ لَهُ بَاباً إِلَى اَلنَّارِ ثُمَّ يَقُولاَنِ لَهُ نَمْ بِشَرِّ حَالٍ فَهُوَ مِنَ اَلضَّيْقِ مِثْلُ مَا فِيهِ اَلْقَنَا مِنَ اَلزُّجِّ حَتَّى إِنَّ دِمَاغَهُ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ ظُفُرِهِ وَ لَحْمِهِ وَ يُسَلِّطُ اَللَّهُ عَلَيْهِ حَيَّاتِ اَلْأَرْضِ وَ عَقَارِبَهَا وَ هَوَامَّهَا فَتَنْهَشُهُ حَتَّى يَبْعَثَهُ اَللَّهُ مِنْ قَبْرِهِ وَ إِنَّهُ لَيَتَمَنَّى قِيَامَ اَلسَّاعَةِ مِمَّا هُوَ فِيهِ مِنَ اَلشَّرِّ»[١٤٣]
  4. «قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ: مَا مِنْ ذِي مَالٍ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ يَمْنَعُ زَكَاةَ مَالِهِ إِلاَّ حَبَسَهُ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ بِقَاعٍ قَرْقَرٍ - وَ سَلَّطَ عَلَيْهِ شُجَاعاً أَقْرَعَ يُرِيدُهُ وَ هُوَ يَحِيدُ عَنْهُ فَإِذَا رَأَى أَنَّهُ لاَ يَتَخَلَّصُ مِنْهُ أَمْكَنَهُ مِنْ يَدِهِ فَيَقْضِمُهَا كَمَا يُقْضَمُ اَلْفُجْلُ ثُمَّ يَصِيرُ طَوْقاً فِي عُنُقِهِ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: سَيُطَوَّقُونَ مٰا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ اَلْقِيٰامَةِ وَ مَا مِنْ ذِي مَالٍ إِبِلٍ أَوْ بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ يَمْنَعُ زَكَاةَ مَالِهِ إِلاَّ حَبَسَهُ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ بِقَاعٍ قَرْقَرٍ تَطَؤُهُ كُلُّ ذَاتِ ظِلْفٍ بِظِلْفِهَا وَ تَنْهَشُهُ كُلُّ ذَاتِ نَابٍ بِنَابِهَا وَ مَا مِنْ ذِي مَالٍ نَخْلٍ أَوْ كَرْمٍ أَوْ زَرْعٍ يَمْنَعُ زَكَاتَهَا إِلاَّ طَوَّقَهُ اَللَّهُ رَبْعَةَ أَرْضِهِ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ»[١٤٤]
  5. «عَنِ اَلصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: مَانِعُ اَلزَّكَاةِ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي اَلنَّارِ يَعْنِي أَمْعَاءَهُ فِي اَلنَّارِ وَ مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ فِي اَلنَّارِ فِي صُورَةِ شُجَاعٍ أَقْرَعَ لَهُ زَبِيبَانِ أَوْ زَبِيبَتَانِ يَفِرُّ اَلْإِنْسَانُ مِنْهُ وَ هُوَ يَتْبَعُهُ حَتَّى يَقْضِمَهُ كَمَا يُقْضَمُ اَلْفُجْلُ وَ يَقُولُ أَنَا مَالُكَ اَلَّذِي بَخِلْتَ بِهِ»[١٤٥]
  6. «عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) فَذُكِرَ عِنْدَهُ اَلْمُؤْمِنُ وَ مَا يَجِبُ مِنْ حَقِّهِ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) فَقَالَ لِي: يَا أَبَا اَلْفَضْلِ، أَ لاَ أُحَدِّثُكَ بِحَالِ اَلْمُؤْمِنِ عِنْدَ اَللَّهِ فَقُلْتُ: بَلَى فَحَدِّثْنِي جُعِلْتُ فِدَاكَ. فَقَالَ: إِذَا قَبَضَ اَللَّهُ رُوحَ اَلْمُؤْمِنِ صَعِدَ مَلَكَاهُ إِلَى اَلسَّمَاءِ فَقَالاَ: يَا رَبِّ عَبْدُكَ وَ نِعْمَ اَلْعَبْدُ، كَانَ سَرِيعاً إِلَى طَاعَتِكَ، بَطِيئاً عَنْ مَعْصِيَتِكَ، وَ قَدْ قَبَضْتَهُ إِلَيْكَ، فَمَا تَأْمُرُنَا مِنْ بَعْدِهِ فَيَقُولُ اَلْجَلِيلُ اَلْجَبَّارُ: اِهْبِطَا إِلَى اَلدُّنْيَا، وَ كُونَا عِنْدَ قَبْرِ عَبْدِي، وَ سَبِّحَانِي وَ مَجِّدَانِي وَ هَلِّلاَنِي وَ كَبِّرَانِي وَ اُكْتُبَا ذَلِكَ لِعَبْدِي حَتَّى أَبْعَثَهُ مِنْ قَبْرِهِ. ثُمَّ قَالَ لِي: أَ لاَ أَزِيدُكَ قُلْتُ: بَلَى. فَقَالَ: إِذَا بَعَثَ اَللَّهُ اَلْمُؤْمِنَ مِنْ قَبْرِهِ خَرَجَ مَعَهُ مِثَالٌ يَقْدُمُهُ أَمَامَهُ، فَكُلَّمَا رَأَى اَلْمُؤْمِنُ هَوْلاً مِنْ أَهْوَالِ يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ قَالَ لَهُ اَلْمِثَالُ: لاَ تَجْزَعْ وَ لاَ تَحْزَنْ وَ أَبْشِرْ بِالسُّرُورِ وَ اَلْكَرَامَةِ مِنَ اَللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ)، قَالَ: فَمَا يَزَالُ يُبَشِّرُهُ بِالسُّرُورِ وَ اَلْكَرَامَةِ مِنَ اَللَّهِ (سُبْحَانَهُ) حَتَّى يَقِفَ بَيْنَ يَدَيِ اَللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) - وَ يُحَاسِبُهُ حِسَاباً يَسِيراً، وَ يَأْمُرُ بِهِ إِلَى اَلْجَنَّةِ وَ اَلْمِثَالُ أَمَامَهُ، فَيَقُولُ لَهُ اَلْمُؤْمِنُ: يَرْحَمُكَ اَللَّهُ، نِعْمَ اَلْخَارِجُ مَعِي مِنْ قَبْرِي، مَا زِلْتَ تُبَشِّرُنِي بِالسُّرُورِ وَ اَلْكَرَامَةِ مِنَ اَللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) حَتَّى كَانَ ذَلِكَ، فَمَنْ أَنْتَ فَيَقُولُ لَهُ اَلْمِثَالُ: أَنَا اَلسُّرُورُ اَلَّذِي أَدْخَلْتَهُ عَلَى أَخِيكَ فِي اَلدُّنْيَا خَلَقَنِيَ اَللَّهُ مِنْهُ لِأُبَشِّرَكَ»[١٤٦]
  7. «عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَقُولُ: إِنَّ اَلْعَمَلَ اَلصَّالِحَ يَذْهَبُ إِلَى اَلْجَنَّةِ فَيَمْهَدُ لِصَاحِبِهِ كَمَا يَبْعَثُ اَلرَّجُلُ غُلاَمَهُ فَيَفْرُشُ لَهُ ثُمَّ قَرَأَ وَ أَمَّا اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصَّالِحَاتِ ﴿فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ[١٤٧]»[١٤٨]
  8. «عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) قَالَ: «إِذَا دَخَلَ اَلْمُؤْمِنُ فِي قَبْرِهِ، كَانَتِ اَلصَّلاَةُ عَنْ يَمِينِهِ، وَ اَلزَّكَاةُ عَنْ يَسَارِهِ، وَ اَلْبِرُّ مُطِلٌّ عَلَيْهِ، وَ يَتَنَحَّى اَلصَّبْرُ نَاحِيَةً، فَإِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ اَلْمَلَكَانِ اَللَّذَانِ يَلِيَانِ مُسَاءَلَتَهُ، قَالَ اَلصَّبْرُ لِلصَّلاَةِ وَ اَلزَّكَاةِ وَ اَلْبِرِّ: دُونَكُمْ صَاحِبَكُمْ، فَإِنْ عَجَزْتُمْ عَنْهُ فَأَنَا دُونَهُ»[١٤٩]
  9. «قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: إِنَّ لِلْمَرْءِ اَلْمُسْلِمِ ثَلاَثَةَ أَخِلاَّءَ فَخَلِيلٌ يَقُولُ أَنَا مَعَكَ حَيّاً وَ مَيِّتاً وَ هُوَ عَمَلُهُ وَ خَلِيلٌ يَقُولُ لَهُ أَنَا مَعَكَ إِلَى بَابِ قَبْرِكَ ثُمَّ أُخَلِّيكَ وَ هُوَ وَلَدُهُ وَ خَلِيلٌ يَقُولُ لَهُ أَنَا مَعَكَ إِلَى أَنْ تَمُوتَ وَ هُوَ مَالُهُ فَإِذَا مَاتَ صَارَ لِلْوَارِثِ»[١٥٠]
  10. «عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ: وَعَظَنِي جَبْرَئِيلُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَحْبِبْ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ وَ اِعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مُلاَقِيهِ»[١٥١].[١٥٢]

رفع اشكال خلود أهل النّار

وبما ذكرنا ظهر الجواب عن اشكال مشهور أورده بعضهم وهو عدم تناسب الاعمال والعقوبات في جملةٍ منها، كخلود أهل النار فيها.

توضيح ذلك: ان الذكر الحكيم أصرّ على انّ الكفّار معذّبون يوم القيمة من غير انقطاعٍ وانّهم مخلّدون في النّار وانّ أهل الجنّة متنعّمون في الجنّة وانّهم مخلّدون فيها.

  1. قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ[١٥٣]
  2. قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ[١٥٤].

ونظير الايتن في القرآن ما يربو على مائة آية.

ويظهر من عدّةٍ من آي الكتاب انّ هناك نقماً وعقوبات شديدة لأهل العذاب أيضاً تحيّر العقول وتدهشها كما انّ نعم الجنّة ممّا تحيّر العقول فلا عين رأت نظيرها ولا اذن سمعت بمثلها.

قال تعالى: ﴿وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ لّا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ[١٥٥]

وقال تعالى: ﴿عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنزِفُونَ وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ[١٥٦]

وفي التنزيل العزيز أكثر من ألف آيةٍ يدلّ على هذا المعنى.

هذا مع انّ العذاب الرّوحي واللّذّة الرّوحيّة لأهل الجحيم والجنّة أزيد من ذلك. فلو لم يكن لأهل النار سوى خطاب ﴿اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ[١٥٧] ولأهل الجنّة سوى خطاب ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ[١٥٨]، ليكفى ان يرجّح هذا العذاب على سائر اشكال العذاب ويرجّح هذه اللّذّة على تلك اللّذّات.

فيقع الاشكال في انّ هذا السّنخ من العذاب والعقاب لا يناسب العمل الموقّت زماناً بل لا يناسب الأعمال الكثيرة فضلًا عن الاعمال اليسيرة الموقتة.

ولكنّ القرآن في آيات كثيرة - مضى ذكر بعضها - أجاب عن الاشكال. وأهل البيت (ع) الّذين فسّروا القرآن وبيّنوه قد أجابوا عن هذا الاشكال، وقد مضى ذكر بعض تلك الرّوايات المتواترة معناً.

وخلاصة الجواب: انّ تلك النّعم لأهل الجنّة وتلك النّقم لأهل النّار ليست إلّااعمالهم الّتي ردّت إليهم. فمن وضع في هذه الدّنيا على عنقه أغلال اللّجاج والعصبيّة والكبر فعاش وفق تلك الاغلال، كما قال تعالى: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ وَسَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ[١٥٩]

تتحوّل تلك الاغلال إلى الاغلال الّتي أشار تعالى إليها بقوله: ﴿خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ[١٦٠]

كما وقد أجاب التنزيل المبارك عن هذا الاشكال في آيات الخلود غير مرّة.

  1. قال تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ[١٦١]
  2. وقال تعالى: ﴿بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ[١٦٢]
  3. قال تعالى: ﴿لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ[١٦٣]

ونظير هذه الآيات كثير. وملخّص القول انّ جواب هذا الاشكال ذكر صراحة في هاتين الآيتين.

  1. قال تعالى: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ[١٦٤]
  2. وقال تعالى: ﴿وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي[١٦٥]

ومن يتدّبر في تلك الآيات يظهر له جواب الاشكال ولكّن ايضاحها ببيانٍ خال عن مصطلحات القوم ربّما لا يخلو من فائدة.

هذا كلّه في التّجسّم بالمعنى الاوّل، وامّا التّجسّم بالمعنى الثّاني الّذي يقال له في العرف المكافأة والجزاء. وعند المحققين يُعبّر عنه بالآثار القهريّة.

وعند أهل القلوب يسمّى بالتّجسّم كما عبّرنا عنه سابقاً على هو ظاهر الآيات والرّوايات فمنها:

  1. قال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ[١٦٦]
  2. قال تعالى: ﴿فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ[١٦٧]
  3. قال تعالى: ﴿وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللهِ إِنَّ اللهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ[١٦٨]
  4. قال تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ[١٦٩]
  5. قال تعالى: ﴿فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ[١٧٠]
  6. قال تعالى: ﴿وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ[١٧١]
  7. قال تعالى: ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا[١٧٢]
  8. قال تعالى: «﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ[١٧٣]
  9. قال تعالى: ﴿فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ[١٧٤]
  10. قال تعالى: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ[١٧٥]
  11. قال تعالى: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا[١٧٦]
  12. قال تعالى: ﴿فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ[١٧٧]
  13. قال تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ[١٧٨]
  14. قال تعالى: ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا[١٧٩]
  15. قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ[١٨٠]
  16. قال تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[١٨١]
  17. قال تعالى: ﴿وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا[١٨٢]
  18. قال تعالى: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ[١٨٣]
  19. قال تعالى: ﴿وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ[١٨٤]
  20. قال تعالى: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا[١٨٥]
  1. «عَنْ زُرَارَةَ وَ حُمْرَانَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ قَالاَ: يُحْفَظُ اَلْأَطْفَالُ بِصَلاَحِ آبَائِهِمْ كَمَا حَفِظَ اَللَّهُ اَلْغُلاَمَيْنِ بِصَلاَحِ أَبَوَيْهِمَا»[١٨٦]
  2. «عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ: إِنَّ اَللَّهَ يَحْفَظُ وُلْدَ اَلْمُؤْمِنِ إِلَى أَلْفِ سَنَةٍ وَ إِنَّ اَلْغُلاَمَيْنِ كَانَ بَيْنَهُمَا وَ بَيْنَ أَبِيهِمَا سَبْعُمِائَةِ سَنَةٍ»[١٨٧]
  3. «عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ سَنَةٍ أَقَلَّ مَطَراً مِنْ سَنَةٍ وَ لَكِنَّ اَللَّهَ يَضَعُهُ حَيْثُ يَشَاءُ إِنَّ اَللَّهَ جَلَّ جَلاَلُهُ إِذَا عَمِلَ قَوْمٌ بِالْمَعَاصِي صَرَفَ عَنْهُمْ مَا كَانَ قَدَّرَ لَهُمْ مِنَ اَلْمَطَرِ فِي تِلْكَ اَلسَّنَةِ إِلَى غَيْرِهِمْ وَ إِلَى اَلْفَيَافِي وَ اَلْبِحَارِ وَ اَلْجِبَالِ وَ إِنَّ اَللَّهَ لَيُعَذِّبُ اَلْجُعَلَ فِي جُحْرِهَا بِحَبْسِ اَلْمَطَرِ عَنِ اَلْأَرْضِ اَلَّتِي هِيَ بِمَحَلَّتِهَا لِخَطَايَا مَنْ بِحَضْرَتِهَا وَ قَدْ جَعَلَ اَللَّهُ لَهَا اَلسَّبِيلَ إِلَى مَسْلَكٍ سِوَى مَحَلَّةِ أَهْلِ اَلْمَعَاصِي قَالَ ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ﴿فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ[١٨٨] ثُمَّ قَالَ وَجَدْنَا فِي كِتَابِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: إِذَا ظَهَرَ اَلزِّنَا كَثُرَ مَوْتُ اَلْفَجْأَةِ وَ إِذَا طُفِّفَ اَلْمِكْيَالُ أَخَذَهُمُ اَللَّهُ بِالسِّنِينَ وَ اَلنَّقْصِ وَ إِذَا مَنَعُوا اَلزَّكَاةَ مَنَعَتِ اَلْأَرْضُ بَرَكَتَهَا مِنَ اَلزَّرْعِ وَ اَلثِّمَارِ وَ اَلْمَعَادِنِ كُلِّهَا وَ إِذَا جَارُوا فِي اَلْأَحْكَامِ تَعَاوَنُوا عَلَى اَلظُّلْمِ وَ اَلْعُدْوَانِ وَ إِذَا نَقَضُوا اَلْعَهْدَ سَلَّطَ اَللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوَّهُمْ وَ إِذَا قَطَّعُوا اَلْأَرْحَامَ جُعِلَتِ اَلْأَمْوَالُ فِي أَيْدِي اَلْأَشْرَارِ وَ إِذَا لَمْ يَأْمُرُوا بِمَعْرُوفٍ وَ لَمْ يَنْهَوْا عَنْ مُنْكَرٍ وَ لَمْ يَتَّبِعُوا اَلْأَخْيَارَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي سَلَّطَ اَللَّهُ عَلَيْهِمْ شِرَارَهُمْ فَيَدْعُو عِنْدَ ذَلِكَ خِيَارُهُمْ فَلاَ يُسْتَجَابُ لَهُمْ»[١٨٩]
  4. «عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: اَلذُّنُوبُ اَلَّتِي تُغَيِّرُ اَلنِّعَمَ اَلْبَغْيُ وَ اَلذُّنُوبُ اَلَّتِي تُورِثُ اَلنَّدَمَ اَلْقَتْلُ وَ اَلَّتِي تُنْزِلُ اَلنِّقَمَ اَلظُّلْمُ وَ اَلَّتِي تَهْتِكُ اَلسُّتُورَ شُرْبُ اَلْخَمْرِ وَ اَلَّتِي تَحْبِسُ اَلرِّزْقَ اَلزِّنَا وَ اَلَّتِي تُعَجِّلُ اَلْفَنَاءَ قَطِيعَةُ اَلرَّحِمِ وَ اَلَّتِي تَرُدُّ اَلدُّعَاءَ وَ تُظْلِمُ اَلْهَوَاءَ عُقُوقُ اَلْوَالِدَيْنِ»[١٩٠]
  5. «عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَال اِتَّقُوا اَلذُّنُوبَ فَإِنَّهَا مَمْحَقَةٌ لِلْخَيْرَاتِ إِنَّ اَلْعَبْدَ لَيُذْنِبُ اَلذَّنْبَ فَيَنْسَى بِهِ اَلْعِلْمَ اَلَّذِي كَانَ قَدْ عَلِمَهُ وَ إِنَّ اَلْعَبْدَ لَيُذْنِبُ اَلذَّنْبَ فَيَمْتَنِعُ بِهِ مِنْ قِيَامِ اَللَّيْلِ وَ إِنَّ اَلْعَبْدَ لَيُذْنِبُ اَلذَّنْبَ فَيُحْرَمُ بِهِ اَلرِّزْقَ وَ قَدْ كَانَ هَيِّناً لَهُ ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ ﴿إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ[١٩١]»[١٩٢]
  6. «قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: إِنَّمَا وُضِعَتِ اَلزَّكَاةُ اِخْتِبَاراً لِلْأَغْنِيَاءِ وَ مَعُونَةً لِلْفُقَرَاءِ وَ لَوْ أَنَّ اَلنَّاسَ أَدَّوْا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ مَا بَقِيَ مُسْلِمٌ فَقِيراً مُحْتَاجاً وَ لاَسْتَغْنَى بِمَا فَرَضَ اَللَّهُ لَهُ وَ إِنَّ اَلنَّاسَ مَا اِفْتَقَرُوا وَ لاَ اِحْتَاجُوا وَ لاَ جَاعُوا وَ لاَ عَرُوا إِلاَّ بِذُنُوبِ اَلْأَغْنِيَاءِ وَ حَقِيقٌ عَلَى اَللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَنْ يَمْنَعَ رَحْمَتَهُ مَنْ مَنَعَ حَقَّ اَللَّهِ فِي مَالِهِ وَ أُقْسِمُ بِالَّذِي خَلَقَ اَلْخَلْقَ وَ بَسَطَ اَلرِّزْقَ أَنَّهُ مَا ضَاعَ مَالٌ فِي بَرٍّ وَ لاَ بَحْرٍ إِلاَّ بِتَرْكِ اَلزَّكَاةِ وَ مَا صِيدَ صَيْدٌ فِي بَرٍّ وَ لاَ بَحْرٍ إِلاَّ بِتَرْكِهِ اَلتَّسْبِيحَ فِي ذَلِكَ اَلْيَوْمِ»[١٩٣]
  7. «عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ قَالَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: فِي قَوْلِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ[١٩٤] لَيْسَ مِنِ اِلْتِوَاءِ عِرْقٍ وَ لاَ نَكْبَةِ حَجَرٍ وَ لاَ عَثْرَةِ قَدَمٍ وَ لاَ خَدْشِ عُودٍ إِلاَّ بِذَنْبٍ وَ لَمَا يَعْفُو اَللَّهُ أَكْثَرُ فَمَنْ عَجَّلَ اَللَّهُ عُقُوبَةَ ذَنْبِهِ فِي اَلدُّنْيَا فَإِنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَجَلُّ وَ أَكْرَمُ وَ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَعُودَ فِي عُقُوبَتِهِ فِي اَلْآخِرَةِ»[١٩٥]
  8. «عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: مَنْ ظَلَمَ مَظْلِمَةً أُخِذَ بِهَا فِي نَفْسِهِ أَوْ فِي مَالِهِ أَوْ فِي وُلْدِهِ»[١٩٦]
  9. «عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ يَقُولُ: مَا أَنْعَمَ اَللَّهُ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً فَسَلَبَهَا إِيَّاهُ حَتَّى يُذْنِبَ ذَنْباً يَسْتَحِقُّ بِذَلِكَ اَلسَّلْبَ»[١٩٧]
  10. «عَنِ اَلْعَبَّاسِ بْنِ عَلِيٍّ اَلشَّامِيِّ قَالَ سَمِعْتُ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَقُولُ: كُلَّمَا أَحْدَثَ اَلْعِبَادُ مِنَ اَلذُّنُوبِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ أَحْدَثَ لَهُمْ مِنَ اَلْبَلاَءِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ»[١٩٨]
  11. «قَالَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: إِذَا غَضِبَ اَللَّهُ عَلَى أُمَّةٍ وَ لَمْ يُنْزِلْ بِهَا اَلْعَذَابَ غَلَتْ أَسْعَارُهَا وَ قَصُرَتْ أَعْمَارُهَا وَ لَمْ تَرْبَحْ تُجَّارُهَا وَ لَمْ تَزْكُ ثِمَارُهَا وَ لَمْ تَغْزُرْ أَنْهَارُهَا وَ حُبِسَ عَنْهَا أَمْطَارُهَا وَ سُلِّطَ عَلَيْهَا شِرَارُهَا»[١٩٩]
  12. «قَالَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: وَ اَيْمُ اَللَّهِ مَا كَانَ قَوْمٌ قَطُّ فِي غَضِّ نِعْمَةٍ مِنْ عَيْشٍ فَزَالَ عَنْهُمْ إِلاَّ بِذُنُوبٍ اِجْتَرَحُوهَا، لِأَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى ﴿لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ[٢٠٠]، وَ لَوْ أَنَّ اَلنَّاسَ حِينَ تَنْزِلُ بِهِمُ اَلنِّقَمُ وَ تَزُولُ عَنْهُمُ اَلنِّعَمُ، فَزِعُوا إِلَى رَبِّهِمْ بِصِدْقٍ مِنْ نِيَّاتِهِمْ، وَ وَلَهٍ مِنْ قُلُوبِهِمْ، لَرَدَّ عَلَيْهِمْ كُلَّ شَارِدٍ، وَ أَصْلَحَ لَهُمْ كُلَّ فَاسِدٍ»[٢٠١]
  13. «قَالَ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ: ظَهَرَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ قَحْطٌ شَدِيدٌ سِنِينَ مُتَوَاتِرَةً وَ كَانَ عِنْدَ اِمْرَأَةٍ لُقْمَةٌ مِنْ خُبْزٍ فَوَضَعَتْهَا فِي فَمِهَا لِتَأْكُلَهَا فَنَادَى اَلسَّائِلُ يَا أَمَةَ اَللَّهِ اَلْجُوعُ فَقَالَتِ اَلْمَرْأَةُ أَتَصَدَّقُ فِي مِثْلِ هَذَا اَلزَّمَانِ فَأَخْرَجَتْهَا مِنْ فِيهَا وَ دَفَعَتْهُ إِلَى اَلسَّائِلِ وَ كَانَ لَهَا وَلَدٌ صَغِيرٌ يَحْتَطِبُ فِي اَلصَّحْرَاءِ فَجَاءَهُ اَلذِّئْبُ فَحَمَلَهُ فَوَقَعَتِ اَلصَّيْحَةُ فَعَدَتِ اَلْأُمُّ فِي أَثَرِ اَلذِّئْبِ فَبَعَثَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ جَبْرَئِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَأَخْرَجَ اَلْغُلاَمَ مِنْ فَمِ اَلذِّئْبِ فَدَفَعَهُ إِلَى أُمِّهِ وَ قَالَ لَهَا جَبْرَئِيلُ يَا أَمَةَ اَللَّهِ أَ رَضِيتِ لُقْمَةً بِلُقْمَةٍ»[٢٠٢]

قال سيّدنا الأستاذ العلامة الطباطبائي: «ومن احكام الاعمال: انّ بينها وبين الحوادث الخارجيّة ارتباطاً. ونعنى بالاعمال الحسنات والسّيئات الّتي هي عناوين الحركات الخارجيّة دون الحركات والسكنات الّتي هي آثار الأجسام الطبيعية. فقد قال تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ[٢٠٣]

وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ[٢٠٤]. وقال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ[٢٠٥] والآيات ظاهرة في أن بين الاعمال والحوادث ارتباطاً ما شرّ أو خيراً.

ويجمع جملة الامر آيتان من كتاب الله تعالى وهما قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ[٢٠٦] وقوله تعالى: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ[٢٠٧]

فالحوادث الكونيّة تتبع الاعمال بعض التبعية، فجرى النوع الإنساني على طاعة الله سبحانه وسلوكه الطريق الّذي يرتضيه يستتبع نزول الخيرات، وانفتاح أبواب البركات وانحراف هذا النوع عن صراط العبوديّة وتماريه في الغي والضلالة وفساد النيات وشناعة الاعمال يوجب ظهور الفساد في البر والبحر وهلاك للأمم يفشو الظلم وارتفاع الامن وبروز الحروب وسائر الشرور الرجعة إلى الإنسان واعماله وكذا ظهور المصائب والحوادث المبيدة الكونيّة كالسيل والزلزلة والصاعقة والطوفان وغير ذلك، وقد عدّ الله سبحانه سيل العرم وطوفان نوح وصاعقة ثمود وصرصر عاد من هذا القبيل»[٢٠٨].[٢٠٩]

الفائدة الثّانية: نشوء الأعمال كلّها من الملكات والهويّات

لا اشكال في انّ منشأ الاعمال من الافعال والأقوال وحتّى الافكار هو الهويّات والملكات، قال تعالى: ﴿قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ[٢١٠]

فالشّجاع لا يخاف عن أن يقول الحقّ ويفعل الحقّ فكثيراً ما تنشأ أقواله وافعاله وأفكاره عن تلك الملكة من غير التفاتٍ منه إليها. كما انّ الجبان يخاف عن كلّ شيء فضلًا عن القيام قِبَل العدوّ والتقوّل بالحق والاتيان به، فجميع ما يصدر منه يحفّ بالخوف والجبن.

كما انّ المتهوّر غالب أقواله وافعاله وأفكاره يوقعه في المخاطرة من غير داع عقلائيّ. وقس عليه سائر الملكات سيّما الملكات الرّاسخة في النّفس.

فكانّ الإنسان لا يقدر أن يتطرّق ما يخالف ملكاته بل يسير طبقاً لها من غير توجّه، والذّهاب بخلافها يحتاج إلى مؤنة شديدة.

فاجود اللذّات للسّخي ان ينفق ماله ليسرّ الآخرين، كما انّ اشدّ الأمورللبخيل ان يؤدّي زكاة ماله مع علمه بانّ المال للَّه‌تعالى، قال تعالى: ﴿وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ[٢١١]. بل مع علمه بقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ[٢١٢] لكنه يكنز ويعدّ ماله بل لا يؤتي حتّى حقوقه الواجبة عليه.

الا ترى انّ القرآن يشير إلى بعض الناس قائلًا: ﴿وَإِذْ قَالُواْ اللهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاء أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ[٢١٣] وإلى بعض آخرين: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ[٢١٤]

فهذا لسان سليمي الصدور وهو لسان حال من رسخ فيه اللّجاج والعصبيّة، وقد مضى شطر من هذا المقال. فلذا اشتهر انّ العصمة من مراتب الإيمان والمعرفة، وللذكر الحكيم لسان واضح على انّ الإيمان لورسخ في القلب فاوّل مراتبه وهو علم اليقين يمنع عن ارتكاب الذّنوب فضلًا عن مراتبه الاخر - أعنى: عين اليقين، وحقّ اليقين -.

قال تعالى: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ[٢١٥]

وقال: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ[٢١٦]

ومعنى الآية الشّريفة - والله أعلم -: انّ الاعراب لم يدخل الإيمان في قلوبهم فما صار لهم ملكة وإلّالم يخالفوا الرّسول.

وبالجملة انّ الفضائل لو صارت ملكة لصاحبه، فهو يقول ويفعل خيراً ويلتذّ به حتّى يصدر عنه الخيرات من غير التفاته إليها.

كما انّ الرّذائل لو صارت ملكة فصاحبها يلتذّ بصدورها عنه من غير أن يلتف إليها.

وقد مرّت الآيات الدّالّة على انّه ينكر الحقائق يوم القيامة مع كونها له من باب حقّ اليقين.

قال تعالى: ﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ[٢١٧]

فلو لم تكن فائدة لعلم الأخلاق وتهذيب النّفس وتزكيتها وللتّخلّق باخلاق الله وللعمل والقيام بالاخلاقيّات إلّاما أشرنا إليه ليكفى لالتزامنا اتصافاً وعملًا بالتّهذيب وبالتّخلّق بالفضائل والعمل بها والاجتناب عن رّذائل الاخلاقيّات.[٢١٨]

الفائدة الثّالثة: توقف العلم المفيد على الفضائل

انّ العلم شريف في الغاية بدلالة العقل والشرع.

قال تعالى: ﴿هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ[٢١٩]

وقال تعالى: ﴿هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ[٢٢٠]

وقال تعالى: ﴿أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ[٢٢١]

والشريعة البيضاء طبقاً للعقل ذكرت مقام العلم والعلماء في مستوى لا أعلى منه، فانّها:

  1. ذكرت العلم كالعلّة الغائيّة للتّكوين والتّشريع: قال تعالى: ﴿اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا[٢٢٢] وقال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ[٢٢٣]
  2. ذكرت آدم (ع) كخليفةٍ للَّه‌ تعالى ومسجوداً للملائكة لكونه مظهر الأسماء والصّفات، قال تعالى: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا[٢٢٤]
  3. جعلت الزّعامة والحكومة خاصّةً بالعالم: قال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ[٢٢٥]
  4. جعلت قيمة الأرض وثقلها بالعالم كما جعلتْها ناقصة وبلا قيمة من موت العالم: قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا[٢٢٦]. «عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ اَلْحُسَيْنِ يَقُولُ: إِنَّهُ يُسْخِي نَفْسِي فِي سُرْعَةِ اَلْمَوْتِ وَ اَلْقَتْلِ فِينَا قَوْلُ اَللَّهِ: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا[٢٢٧] وَ هُوَ ذَهَابُ اَلْعُلَمَاءِ»[٢٢٨]
  5. اطلق الله على القرية لفظة المدينة بوجود العالم فيه، فوجود العالِم هو الفارق بين القرية والمدينة. قال تعالى: ﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ[٢٢٩]. ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ[٢٣٠]. ألا ترى انّه تعالى اطلق على القرية الانطاكيّة المدينة بمجرّد ذهاب المرسلين إليها فقال: ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ[٢٣١].
  6. جعل اهتداء نفس واحدة مثل احياء النّاس كلّهم واضلال فرد مثل قتل النّاس كلّهم.

قال الله تعالى: ﴿مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا[٢٣٢]

«عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: قُلْتُ لَهُ قَوْلُ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: ﴿مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ[٢٣٣] ﴿فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا[٢٣٤] قَالَ مَنْ أَخْرَجَهَا مِنْ ضَلاَلٍ إِلَى هُدًى فَكَأَنَّمَا أَحْيَاهَا وَ مَنْ أَخْرَجَهَا مِنْ هُدًى إِلَى ضَلاَلٍ فَقَدْ قَتَلَهَا.»[٢٣٥]

هذه نبذة من الآيات وامّا الرّوايات الدالة على المقصود فهي كثيرة جدّاً ونحن نذكر بعضها، فمنها:

  1. قال رسول الله (ص): «إِنَّ اَلْمُؤْمِنَ إِذَا مَاتَ وَ تَرَكَ وَرَقَةً وَاحِدَةً عَلَيْهَا عِلْمٌ كَانَتِ اَلْوَرَقَةُ سِتْراً فِيمَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اَلنَّارِ وَ أَعْطَاهُ اَللَّهُ تَعَالَى بِكُلِّ حَرْفٍ مَدِينَةً أَوْسَعَ مِنَ اَلدُّنْيَا وَ مَا فِيهَا وَ مَنْ جَلَسَ عِنْدَ اَلْعَالِمِ سَاعَةً نَادَاهُ اَلْمَلِكُ جَلَسْتَ إِلَى عَبْدِي وَ عِزَّتِي وَ جَلاَلِي لَأُسْكِنَنَّكَ اَلْجَنَّةَ مَعَهُ وَ لاَ أُبَالِي»[٢٣٦]
  2. «قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: يَا عَلِيُّ نَوْمُ اَلْعَالِمِ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ رَكْعَةٍ يُصَلِّيهَا اَلْعَابِدُ يَا عَلِيُّ لاَ فَقْرَ أَشَدُّ مِنَ اَلْجَهْلِ وَ لاَ عِبَادَةَ مِثْلُ اَلتَّفَكُّرِ.»[٢٣٧]
  3. «عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ اَلْقِيَامَةِ جَمَعَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ اَلنَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ وَ وُضِعَتِ اَلْمَوَازِينُ فَتُوزَنُ دِمَاءُ اَلشُّهَدَاءِ مَعَ مِدَادِ اَلْعُلَمَاءِ فَيُرَجَّحُ مِدَادُ اَلْعُلَمَاءِ عَلَى دِمَاءِ اَلشُّهَدَاءِ»[٢٣٨]
  4. «عَنِ اَلصَّادِقِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: مَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَطْلُبُ فِيهِ عِلْماً سَلَكَ اَللَّهُ بِهِ طَرِيقاً إِلَى اَلْجَنَّةِ وَ إِنَّ اَلْمَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ اَلْعِلْمِ رِضًا بِهِ وَ إِنَّهُ لَيَسْتَغْفِرُ لِطَالِبِ اَلْعِلْمِ مَنْ فِي اَلسَّمَاءِ وَ مَنْ فِي اَلْأَرْضِ حَتَّى اَلْحُوتُ فِي اَلْبَحْرِ وَ فَضْلُ اَلْعَالِمِ عَلَى اَلْعَابِدِ كَفَضْلِ اَلْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ اَلنُّجُومِ لَيْلَةَ اَلْبَدْرِ وَ إِنَّ اَلْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ اَلْأَنْبِيَاءِ إِنَّ اَلْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَاراً وَ لاَ دِرْهَماً وَ لَكِنْ وَرَّثُوا اَلْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَ مِنْهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ»[٢٣٩]
  5. «خَرَجَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَإِذَا فِي اَلْمَسْجِدِ مَجْلِسَانِ مَجْلِسٌ يَتَفَقَّهُونَ وَ مَجْلِسٌ يَدْعُونَ اَللَّهَ وَ يَسْأَلُونَهُ فَقَالَ كِلاَ اَلْمَجْلِسَيْنِ إِلَى خَيْرٍ أَمَّا هَؤُلاَءِ فَيَدْعُونَ اَللَّهَ وَ أَمَّا هَؤُلاَءِ فَيَتَعَلَّمُونَ وَ يُفَقِّهُونَ اَلْجَاهِلَ هَؤُلاَءِ أَفْضَلُ بِالتَّعْلِيمِ أُرْسِلْتُ ثُمَّ قَعَدَ مَعَهُمْ»[٢٤٠]
  6. «قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ اَلْحَسَنُ اَلْعَسْكَرِيُّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: إِنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ بِرَجُلٍ يَزْعُمُ أَنَّهُ قَاتِلُ أَبِيهِ فَاعْتَرَفَ فَأَوْجَبَ عَلَيْهِ اَلْقِصَاصَ وَ سَأَلَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ لِيُعْظِمَ اَللَّهُ ثَوَابَهُ فَكَأَنَّ نَفْسَهُ لَمْ تَطِبْ بِذَلِكَ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ لِلْمُدَّعِي لِلدَّمِ اَلْوَلِيِّ اَلْمُسْتَحِقِّ لِلْقِصَاصِ إِنْ كُنْتَ تَذْكُرُ لِهَذَا اَلرَّجُلِ عَلَيْكَ فَضْلاً فَهَبْ لَهُ هَذِهِ اَلْجِنَايَةَ وَ اِغْفِرْ لَهُ هَذَا اَلذَّنْبَ قَالَ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ لَهُ عَلَيَّ حَقٌّ وَ لَكِنْ لَمْ يَبْلُغْ أَنْ أَعْفُوَ عَنْ قَتْلِ وَالِدِي قَالَ فَتُرِيدُ مَا ذَا قَالَ أُرِيدُ اَلْقَوَدَ فَإِنْ أَرَادَ لِحَقِّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَالِحَهُ عَلَى اَلدِّيَةِ صَالَحْتُهُ وَ عَفَوْتُ عَنْهُ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ فَمَا ذَا حَقُّهُ عَلَيْكَ قَالَ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ لَقَّنَنِي تَوْحِيدَ اَللَّهِ وَ نُبُوَّةَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اَللَّهِ وَ إِمَامَةَ عَلِيٍّ وَ اَلْأَئِمَّةِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ فَهَذَا لاَ يَفِي بِدَمِ أَبِيكَ بَلَى وَ اَللَّهِ هَذَا يَفِي بِدِمَاءِ أَهْلِ اَلْأَرْضِ كُلِّهِمْ مِنَ اَلْأَوَّلِينَ وَ اَلْآخِرِينَ سِوَى اَلْأَنْبِيَاءِ وَ اَلْأَئِمَّةِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ إِنْ قُتِلُوا فَإِنَّهُ لاَ يَفِي بِدِمَائِهِمْ شَيْءٌ أَنْ يُقْنَعَ مِنْهُ بِالدِّيَةِ قَالَ بَلَى قَالَ عَلِيُّ بْنُ اَلْحُسَيْنِ لِلْقَاتِلِ أَ فَتَجْعَلُ لِي ثَوَابَ تَلْقِينِكَ لَهُ حَتَّى أَبْذُلَ لَكَ اَلدِّيَةَ فَتَنْجُوَ بِهَا مِنَ اَلْقَتْلِ قَالَ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ أَنَا مُحْتَاجٌ إِلَيْهَا وَ أَنْتَ مُسْتَغْنٍ عَنْهَا فَإِنَّ ذُنُوبِي عَظِيمَةٌ وَ ذَنْبِي إِلَى هَذَا اَلْمَقْتُولِ أَيْضاً بَيْنِي وَ بَيْنَهُ لاَ بَيْنِي وَ بَيْنَ وَلِيِّهِ هَذَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَتَسْتَسْلِمُ لِلْقَتْلِ أَحَبُّ إِلَيْكَ مِنْ نُزُولِكَ عَنْ هَذَا اَلتَّلْقِينِ قَالَ بَلَى يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ اَلْحُسَيْنِ لِوَلِيِّ اَلْمَقْتُولِ يَا عَبْدَ اَللَّهِ قَابِلْ بَيْنَ ذَنْبِ هَذَا إِلَيْكَ وَ بَيْنَ تَطَوُّلِهِ عَلَيْكَ قَتَلَ أَبَاكَ حَرَمَهُ لَذَّةَ اَلدُّنْيَا وَ حَرَمَكَ اَلتَّمَتُّعَ بِهِ فِيهَا عَلَى أَنَّكَ إِنْ صَبَرْتَ وَ سَلَّمْتَ فَرَفِيقُكَ أَبُوكَ فِي اَلْجِنَانِ وَ لَقَّنَكَ اَلْإِيمَانَ فَأَوْجَبَ لَكَ بِهِ جَنَّةَ اَللَّهِ اَلدَّائِمَةَ وَ أَنْقَذَكَ مِنْ عَذَابِهِ اَلدَّائِمِ فَإِحْسَانُهُ إِلَيْكَ أَضْعَافُ أَضْعَافِ جِنَايَتِهِ عَلَيْهِ فَإِمَّا أَنْ تَعْفُوَ عَنْهُ جَزَاءً عَلَى إِحْسَانِهِ إِلَيْكَ لِأُحَدِّثَكُمَا بِحَدِيثٍ مِنْ فَضْلِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ خَيْرٌ لَكَ مِنَ اَلدُّنْيَا بِمَا فِيهَا وَ إِمَّا أَنْ تَأْبَى أَنْ تَعْفُوَ عَنْهُ حَتَّى أَبْذُلَ لَكَ اَلدِّيَةَ لِتُصَالِحَهُ عَلَيْهَا ثُمَّ أَخْبَرْتُهُ بِالْحَدِيثِ دُونَكَ فَلَمَا يَفُوتُكَ مِنْ ذَلِكَ اَلْحَدِيثِ خَيْرٌ مِنَ اَلدُّنْيَا بِمَا فِيهَا لَوِ اِعْتَبَرْتَ بِهِ فَقَالَ اَلْفَتَى يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ قَدْ عَفَوْتُ عَنْهُ بِلاَ دِيَةٍ وَ لاَ شَيْءٍ إِلاَّ اِبْتِغَاءَ وَجْهِ اَللَّهِ وَ لِمَسْأَلَتِكَ فِي أَمْرِهِ فَحَدِّثْنَا يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ بِالْحَدِيثِ قَالَ عَلِيُّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لَمَّا بُعِثَ إِلَى اَلنَّاسِ كَافَّةً بِالْحَقِّ بَشِيراً وَ نَذِيراً إِلَى آخِرِ مَا سَيَأْتِي فِي أَبْوَابِ مُعْجِزَاتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ» [٢٤١]
  7. «قَالَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلاَمُ وَ قَدْ اِخْتَصَمَ إِلَيْهَا اِمْرَأَتَانِ فَتَنَازَعَتَا فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ اَلدِّينِ إِحْدَاهُمَا مُعَانِدَةٌ وَ اَلْأُخْرَى مُؤْمِنَةٌ فَفَتَحَتْ عَلَى اَلْمُؤْمِنَةِ حُجَّتَهَا فَاسْتَظْهَرَتْ عَلَى اَلْمُعَانِدَةِ فَفَرِحَتْ فَرَحاً شَدِيداً فَقَالَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلاَمُ إِنَّ فَرَحَ اَلْمَلاَئِكَةِ بِاسْتِظْهَارِكَ عَلَيْهَا أَشَدُّ مِنْ فَرَحِكَ وَ إِنَّ حُزْنَ اَلشَّيْطَانِ وَ مَرَدَتِهِ بِخِزْيِهَا عَنْكَ أَشَدُّ مِنْ حُزْنِهَا وَ إِنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ لِلْمَلاَئِكَةِ أَوْجِبُوا لِفَاطِمَةَ بِمَا فَتَحَتْ عَلَى هَذِهِ اَلْمِسْكِينَةِ اَلْأَسِيرَةِ مِنَ اَلْجِنَانِ أَلْفَ أَلْفِ ضِعْفِ مَا كُنْتَ أَعْدَدْتَ لَهَا وَ اِجْعَلُوا هَذِهِ سُنَّةً فِي كُلِّ مَنْ يَفْتَحُ عَلَى أَسِيرٍ مِسْكِينٍ فَيَغْلِبُ مُعَانِداً مِثْلَ أَلْفِ أَلْفِ مَا كَانَ مُعَدّاً لَهُ مِنَ اَلْجِنَانِ»[٢٤٢]
  8. «قَالَ اَلْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ [بْنِ أَبِي طَالِبٍ] عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ وَ قَدْ حَمَلَ إِلَيْهِ رَجُلٌ هَدِيَّةً فَقَالَ لَهُ: أَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ أَرُدَّ عَلَيْكَ بَدَلَهَا عِشْرِينَ ضِعْفاً، عِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، أَوْ أَفْتَحَ لَكَ بِهَا بَاباً مِنَ اَلْعِلْمِ تَقْهَرُ فُلاَنَ اَلنَّاصِبِيِّ فِي قَرْيَتِكَ، تُنْقِذُ بِهِ ضُعَفَاءَ أَهْلِ قَرْيَتِكَ إِنْ أَحْسَنْتَ اَلاِخْتِيَارَ جَمَعْتُ لَكَ اَلْأَمْرَيْنِ، وَ إِنْ أَسَأْتَ اَلاِخْتِيَارَ خَيَّرْتُكَ لِتَأْخُذَ أَيِّهُمَا شِئْتَ قَالَ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ فَثَوَابِي فِي قَهْرِي لِذَلِكَ اَلنَّاصِبِ، وَ اِسْتِنْقَاذِي لِأُولَئِكَ اَلضُّعَفَاءِ مِنْ يَدِهِ، قَدْرُهُ عِشْرُونَ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: بَلْ أَكْثَرُ مِنَ اَلدُّنْيَا عِشْرِينَ أَلْفَ أَلْفِ مَرَّةٍ! فَقَالَ: يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ فَكَيْفَ أَخْتَارُ اَلْأَدْوَنَ! بَلْ أَخْتَارُ اَلْأَفْضَلَ: اَلْكَلِمَةَ اَلَّتِي أَقْهَرُ بِهَا عَدُوَّ اَللَّهِ، وَ أَذُودُهُ عَنْ أَوْلِيَاءِ اَللَّهِ. فَقَالَ اَلْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: قَدْ أَحْسَنْتَ اَلاِخْتِيَارَ. وَ عَلَّمَهُ اَلْكَلِمَةَ، وَ أَعْطَاهُ عِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. فَذَهَبَ، فَأَفْحَمَ اَلرَّجُلَ، فَاتَّصَلَ خَبَرُهُ بِهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، فَقَالَ لَهُ إِذْ حَضَرَهُ: يَا عَبْدَ اَللَّهِ مَا رَبِحَ أَحَدٌ مِثْلَ رِبْحِكَ، وَ لاَ اِكْتَسَبَ أَحَدٌ مِنَ اَلْأَوِدَّاءِ مَا اِكْتَسَبْتَ: اِكْتَسَبْتَ: مَوَدَّةَ اَللَّهِ أَوَّلاً، وَ مَوَدَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ثَانِياً، وَ مَوَدَّةَ اَلطَّيِّبِينَ مِنْ آلِهِمَا ثَالِثاً، وَ مَوَدَّةَ مَلاَئِكَةِ اَللَّهِ [اَلْمُقَرَّبِينَ] رَابِعاً، وَ مَوَدَّةَ إِخْوَانِكَ اَلْمُؤْمِنِينَ خَامِساً وَ اِكْتَسَبْتَ بِعَدَدِ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَ كَافِرٍ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنَ اَلدُّنْيَا [وَ مَا فِيهَا أَلْفَ] أَلْفِ مَرَّةٍ فَهَنِيئاً [لَكَ] هَنِيئاً» [٢٤٣]
  9. «قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ اَلْعَسْكَرِيُّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: حَضَرَتِ اِمْرَأَةٌ عِنْدَ اَلصِّدِّيقَةِ فَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ عَلَيْهَا السَّلاَمُ فَقَالَتْ إِنَّ لِي وَالِدَةً ضَعِيفَةً وَ قَدْ لُبِسَ عَلَيْهَا فِي أَمْرِ صَلاَتِهَا شَيْءٌ وَ قَدْ بَعَثَتْنِي إِلَيْكِ أَسْأَلُكِ فَأَجَابَتْهَا فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلاَمُ عَنْ ذَلِكَ فَثَنَّتْ فَأَجَابَتْ ثُمَّ ثَلَّثَتْ إِلَى أَنْ عَشَّرَتْ فَأَجَابَتْ ثُمَّ خَجِلَتْ مِنَ اَلْكَثْرَةِ فَقَالَتْ لاَ أَشُقُّ عَلَيْكِ يَا اِبْنَةَ رَسُولِ اَللَّهِ قَالَتْ فَاطِمَةُ هَاتِي وَ سَلِي عَمَّا بَدَا لَكِ أَ رَأَيْتِ مَنِ اُكْتُرِيَ يَوْماً يَصْعَدُ إِلَى سَطْحٍ بِحِمْلٍ ثَقِيلٍ وَ كِرَاهُ مِائَةُ أَلْفِ دِينَارٍ يَثْقُلُ عَلَيْهِ فَقَالَتْ لاَ فَقَالَتْ اُكْتُرِيتُ أَنَا لِكُلِّ مَسْأَلَةٍ بِأَكْثَرَ مِنْ مِلْءِ مَا بَيْنَ اَلثَّرَى إِلَى اَلْعَرْشِ لُؤْلُؤاً فَأَحْرَى أَنْ لاَ يَثْقُلَ عَلَيَّ سَمِعْتُ أَبِي صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ يَقُولُ إِنَّ عُلَمَاءَ شِيعَتِنَا يُحْشَرُونَ فَيُخْلَعُ عَلَيْهِمْ مِنْ خِلَعِ اَلْكَرَامَاتِ عَلَى قَدْرِ كَثْرَةِ عُلُومِهِمْ وَ جِدِّهِمْ فِي إِرْشَادِ عِبَادِ اَللَّهِ حَتَّى يُخْلَعُ عَلَى اَلْوَاحِدِ مِنْهُمْ أَلْفُ أَلْفِ حُلَّةٍ مِنْ نُورٍ ثُمَّ يُنَادِي مُنَادِي رَبِّنَا عَزَّ وَ جَلَّ أَيُّهَا اَلْكَافِلُونَ لِأَيْتَامِ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ اَلنَّاعِشُونَ لَهُمْ عِنْدَ اِنْقِطَاعِهِمْ عَنْ آبَائِهِمُ اَلَّذِينَ هُمْ أَئِمَّتُهُمْ هَؤُلاَءِ تَلاَمِذَتُكُمْ وَ اَلْأَيْتَامُ اَلَّذِينَ كَفَلْتُمُوهُمْ وَ نَعَشْتُمُوهُمْ فَاخْلَعُوا عَلَيْهِمْ خِلَعَ اَلْعُلُومِ فِي اَلدُّنْيَا فَيَخْلَعُونَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أُولَئِكَ اَلْأَيْتَامِ عَلَى قَدْرِ مَا أَخَذُوا عَنْهُمْ مِنَ اَلْعُلُومِ حَتَّى إِنَّ فِيهِمْ يَعْنِي فِي اَلْأَيْتَامِ لَمَنْ يُخْلَعُ عَلَيْهِ مِائَةُ أَلْفِ خِلْعَةٍ وَ كَذَلِكَ يَخْلَعُ هَؤُلاَءِ اَلْأَيْتَامُ عَلَى مَنْ تَعَلَّمَ مِنْهُمْ ثُمَّ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ أَعِيدُوا عَلَى هَؤُلاَءِ اَلْعُلَمَاءِ اَلْكَافِلِينَ لِلْأَيْتَامِ حَتَّى تُتِمُّوا لَهُمْ خِلَعَهُمْ وَ تُضَعِّفُوهَا لَهُمْ فَيَتِمُّ لَهُمْ مَا كَانَ لَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَخْلَعُوا عَلَيْهِمْ وَ يُضَاعَفُ لَهُمْ وَ كَذَلِكَ مَنْ يَلِيهِمْ مِمَّنْ خَلَعَ عَلَى مَنْ يَلِيهِمْ وَ قَالَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلاَمُ يَا أَمَةَ اَللَّهِ إِنَّ سِلْكَةً مِنْ تِلْكَ اَلْخِلَعِ لَأَفْضَلُ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ اَلشَّمْسُ أَلْفَ أَلْفِ مَرَّةٍ وَ مَا فَضَلَ فَإِنَّهُ مَشُوبٌ بِالتَّنْغِيصِ وَ اَلْكَدَرِ»[٢٤٤]
  10. «قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: اَلْعِلْمُ رَأْسُ اَلْخَيْرِ كُلِّهِ وَ اَلْجَهْلُ رَأْسُ اَلشَّرِّ كُلِّهِ.»[٢٤٥]
  11. «عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: بَخْ بَخْ لِعَالِمٍ عَمِلَ فَجَدَّ وَ خَافَ اَلْبَيَاتَ فَأَعَدَّ وَ اِسْتَعَدَّ إِنْ سُئِلَ نَصَحَ وَ إِنْ تُرِكَ صَمَتَ كَلاَمُهُ صَوَابٌ وَ سُكُوتُهُ مِنْ غَيْرِ عِيٍّ جَوَابٌ»[٢٤٦]
  12. «قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: اَلنَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اَلْعَالِمِ عِبَادَةٌ»[٢٤٧]
  13. «عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَابٌ مِنَ اَلْعِلْمِ تَتَعَلَّمُهُ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ أَلْفِ رَكْعَةٍ تَطَوُّعاً وَ قَالَ سَمِعْنَا رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ إِذَا جَاءَ اَلْمَوْتُ طَالِبَ اَلْعِلْمِ وَ هُوَ عَلَى هَذِهِ اَلْحَالِ مَاتَ شَهِيداً»[٢٤٨]
  14. «قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: فَقِيهٌ وَاحِدٌ أَشَدُّ عَلَى إِبْلِيسَ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ.»[٢٤٩]
  15. «عَنْ سَمَاعَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): أَنْزَلَ اَللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ): ﴿مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا[٢٥٠] قَالَ: مَنْ أَخْرَجَهَا مِنْ ضَلاَلٍ إِلَى هُدًى فَقَدْ أَحْيَاهَا، وَ مَنْ أَخْرَجَهَا مِنْ هُدًى إِلَى ضَلاَلٍ فَقَدْ وَ اَللَّهِ قَتَلَهَا»[٢٥١]
  16. «عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَقُولُ: لَيْتَ اَلسِّيَاطُ عَلَى رُءُوسِ أَصْحَابِي حَتَّى يَتَفَقَّهُوا فِي اَلْحَلاَلِ وَ اَلْحَرَامِ»[٢٥٢]
  17. «أَبِي مُحَمَّدٍ اَلْعَسْكَرِيِّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ قَالَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ: فَقِيهٌ وَاحِدٌ يُنْقِذُ يَتِيماً مِنْ أَيْتَامِنَا اَلْمُنْقَطِعِينَ عَنَّا وَ عَنْ مُشَاهَدَتِنَا بِتَعْلِيمِ مَا هُوَ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ أَشَدُّ عَلَى إِبْلِيسَ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ لِأَنَّ اَلْعَابِدَ هَمُّهُ ذَاتُ نَفْسِهِ فَقَطْ وَ هَذَا هَمُّهُ مَعَ ذَاتِ نَفْسِهِ ذَاتُ عِبَادِ اَللَّهِ وَ إِمَائِهِ لِيُنْقِذَهُمْ مِنْ يَدِ إِبْلِيسَ وَ مَرَدَتِهِ فَذَلِكَ هُوَ أَفْضَلُ عِنْدَ اَللَّهِ مِنْ أَلْفِ أَلْفِ عَابِدٍ وَ أَلْفِ أَلْفِ عَابِدَةٍ»[٢٥٣]
  18. «عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ حَدَّثَنِي اَلرِّضَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى اَلرِّضَا عَنْ أَبِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ اَلْحُسَيْنِ عَنْ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ: طَلَبُ اَلْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فَاطْلُبُوا اَلْعِلْمَ مِنْ مَظَانِّهِ وَ اِقْتَبِسُوهُ مِنْ أَهْلِهِ فَإِنَّ تَعْلِيمَهُ لِلَّهِ حَسَنَةٌ وَ طَلَبَهُ عِبَادَةٌ وَ اَلْمُذَاكَرَةَ بِهِ تَسْبِيحٌ وَ اَلْعَمَلَ بِهِ جِهَادٌ وَ تَعْلِيمَهُ مَنْ لاَ يَعْلَمُهُ صَدَقَةٌ وَ بَذْلَهُ لِأَهْلِهِ قُرْبَةٌ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ مَعَالِمُ اَلْحَلاَلِ وَ اَلْحَرَامِ وَ مَنَارُ سُبُلِ اَلْجَنَّةِ وَ اَلْمُونِسُ فِي اَلْوَحْشَةِ وَ اَلصَّاحِبُ فِي اَلْغُرْبَةِ وَ اَلْوَحْدَةِ وَ اَلْمُحَدِّثُ فِي اَلْخَلْوَةِ وَ اَلدَّلِيلُ عَلَى اَلسَّرَّاءِ وَ اَلضَّرَّاءِ وَ اَلسِّلاَحُ عَلَى اَلْأَعْدَاءِ وَ اَلزَّيْنُ عِنْدَ اَلْأَخِلاَّءِ يَرْفَعُ اَللَّهُ بِهِ أَقْوَاماً فَيَجْعَلُهُمْ فِي اَلْخَيْرِ قَادَةً تُقْتَبَسُ آثَارُهُمْ وَ يُهْتَدَى بِفِعَالِهِمْ وَ يُنْتَهَى إِلَى رَأْيِهِمْ وَ تَرْغَبُ اَلْمَلاَئِكَةُ فِي خُلَّتِهِمْ وَ بِأَجْنِحَتِهَا تَمْسَحُهُمْ وَ فِي صَلاَتِهَا تُبَارِكُ عَلَيْهِمْ يَسْتَغْفِرُ لَهُمْ كُلُّ رَطْبٍ وَ يَابِسٍ حَتَّى حِيتَانُ اَلْبَحْرِ وَ هَوَامُّهُ وَ سِبَاعُ اَلْبَرِّ وَ أَنْعَامُهُ إِنَّ اَلْعِلْمَ حَيَاةُ اَلْقُلُوبِ مِنَ اَلْجَهْلِ وَ ضِيَاءُ اَلْأَبْصَارِ مِنَ اَلظُّلْمَةِ وَ قُوَّةُ اَلْأَبْدَانِ مِنَ اَلضَّعْفِ يَبْلُغُ بِالْعَبْدِ مَنَازِلَ اَلْأَخْيَارِ وَ مَجَالِسَ اَلْأَبْرَارِ وَ اَلدَّرَجَاتِ اَلْعُلَى فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ اَلذِّكْرُ فِيهِ يَعْدِلُ بِالصِّيَامِ وَ مُدَارَسَتُهُ بِالْقِيَامِ بِهِ يُطَاعُ اَلرَّبُّ وَ يُعْبَدُ وَ بِهِ تُوصَلُ اَلْأَرْحَامُ وَ بِهِ يُعْرَفُ اَلْحَلاَلُ وَ اَلْحَرَامُ اَلْعِلْمُ إِمَامُ اَلْعَمَلِ وَ اَلْعَمَلُ تَابِعُهُ يُلْهِمُهُ اَلسُّعَدَاءَ وَ يَحْرِمُهُ اَلْأَشْقِيَاءَ فَطُوبَى لِمَنْ لَمْ يَحْرِمْهُ اَللَّهُ مِنْهُ حَظَّهُ»[٢٥٤]
  19. «جَاءَ رَجُلٌ مِنَ اَلْأَنْصَارِ إِلَى اَلنَّبِيِّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ إِذَا حَضَرَتْ جَنَازَةٌ أَوْ حَضَرَ مَجْلِسُ عَالِمٍ أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ أَشْهَدَ فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِنْ كَانَ لِلْجَنَازَةِ مَنْ يَتْبَعُهُا وَ يَدْفِنُهَا فَإِنَّ حُضُورَ مَجْلِسِ اَلْعَالِمِ أَفْضَلُ مِنْ حُضُورِ أَلْفِ جَنَازَةٍ وَ مِنْ عِيَادَةِ أَلْفِ مَرِيضٍ وَ مِنْ قِيَامِ أَلْفِ لَيْلَةٍ وَ مِنْ صِيَامِ أَلْفِ يَوْمٍ وَ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ يُتَصَدَّقُ بِهَا عَلَى اَلْمَسَاكِينِ وَ مِنْ أَلْفِ حِجَّةٍ سِوَى اَلْفَرِيضَةِ وَ مِنْ أَلْفِ غَزْوَةٍ سِوَى اَلْوَاجِبِ تَغْزُوهَا فِي سَبِيلِ اَللَّهِ بِمَالِكَ وَ نَفْسِكَ وَ أَيْنَ تَقَعُ هَذِهِ اَلْمَشَاهِدُ مِنْ مَشْهَدِ عَالِمٍ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ اَللَّهَ يُطَاعُ بِالْعِلْمِ وَ يُعْبَدُ بِالْعِلْمِ وَ خَيْرُ اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ مَعَ اَلْعِلْمِ وَ شَرُّ اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ مَعَ اَلْجَهْلِ»[٢٥٥]
  20. وفي الدّعاء: «أَوْ لَعَلَّكَ فَقَدْتَنِي مِنْ مَجَالِسِ اَلْعُلَمَاءِ فَخَذَلْتَنِي»[٢٥٦]

ولكن هذا العلم مع شرفه البالغ وفضيلته التامّة لا قيمة له ولا فضيلة إذا حازه غير المهذّب التقىّ، فكأنّ شرافة العلم بالتقوى وتهذيب النفس. بل الرؤية القرآنيّة تدل على انّ العلم من غير اتصاف العالم به ليس إلّاوزراً ووبالًا، بل الذكر الحكيم شبّه العالم غير المهذّب بالكلب والعالم غير المتّقي بالحمار.

قال تعالى: ﴿فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ[٢٥٧]

وقال تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا[٢٥٨]

وبالجملة انّ هذه الأمورالثّلاثة كلّها في كمال الشّرف. فيكفيك لشرف العلم وفضله ما مرّ من الآيات والرّوايات، ويكفيك لشرافة التّقوى ادّعاء الذكر الحكيم نزوله للمتقين، فالمتّقى هو العلّة الغائية لانزال الكتاب، قال تعالى: ﴿الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ[٢٥٩] كما وقد جعل مقام المتّقين عندالله.

قال تعالى: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ[٢٦٠]

كما انّه يكفي لشرف التهذيب وفضله الآيات الدالّة على وجوبه والأحاديث الدالّة عليه، كآيات تدلّ على أن بعث الرسل وانزال الكتب ليس إلّاللوصول إلى هذا الهدف السامي؛ منها قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ[٢٦١]

إلّا انّه يفهم من الآيات توقّف كلّ على الاخر، فالعلم الّذي لا يكون معه تهذيب وتقوى لا قيمة ولا فائدة له، والتّقوى الّذي لا يصاحبه علم أو لا يكون معه تهذيب لا قيمة له، إذ كثيراً مّا يوجب العجب والكبر، الا ترى انّ الخوارج لم يفدهم تقويهم بل كانت وبالًا عليهم.

بل التّهذيب الّذي لا يكون معه علم ايضاً كذلك.

الا ترى انّ كثيراً من الجهلة الّذين في قلوبهم رأفة ورقّة يرتكبون ذنوباً عظيمة رأفة ورحمة على غيرهم حتّى اشتهر: ان امرأة زنت وتصدّقت من اجر فجورها. فقيل لها: ويل لك لا تزني ولا تتصدّقي. فطوبى لمن جمع بين العلم والتّهذيب والتّقوى.

ولكنّ مورد الكلام هنا هو انّ العلم لغير المهذب نفسه والعلم الّذي لا يصحبه العمل الصالح لا فائدة فيه بل هو مضرّ لصاحبه ولغيره. الا ترى انّ البدع والمذاهب الباطلة لا تنشأ إلّامن العلم الّذي وقّر في صدرٍ غير مهذب وغير نقىٍ؟.

فلأجل إثبات ذلك نذكر هنا بعض الآيات والرّوايات الدالّة عليه[٢٦٢]

آيات في العالِم غير المهذّب

قال الله تعالى: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ[٢٦٣]

قال في الكامل: «لَمَّا مَاتَ مُوسَى وَ هَارُونُ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ فِي اَلتِّيهِ أَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى يُوشَعَ بْنِ نُونٍ يَأْمُرُهُ اَلْمَسِيرَ إِلَى أَرِيحَا وَ فَتْحِهَا. وَ قَالَ آخَرُونَ إِنَّ مُوسَى عَاشَ حَتَّى خَرَجَ مِنَ اَلتِّيهِ وَ سَارَ إِلَى مَدِينَةِ اَلْجَبَّارِينَ وَ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ وَ كَالِبُ بْنُ يُوحَنَّا وَ هُوَ صِهْرُهُ عَلَى أُخْتِهِ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ. فَلَمَّا بَلَغُوهَا اِجْتَمَعَ اَلْجَبَّارُونَ إِلَى بَلْعَمَ بْنِ بَاعُورَاءَ وَ هُوَ مِنْ وُلْدِ لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالُوا لَهُ إِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ جَاءَ لِيَقْتُلَنَا وَ يُخْرِجَنَا مِنْ دِيَارِنَا فَادْعُ اَللَّهَ عَلَيْهِمْ وَ كَانَ بَلْعَمُ يَعْرِفُ اِسْمَ اَللَّهِ اَلْأَعْظَمَ فَقَالَ لَهُمْ كَيْفَ أَدْعُو عَلَى نَبِيِّ اَللَّهِ وَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ مَعَهُمْ اَلْمَلاَئِكَةُ فَرَاجَعُوهُ فِي ذَلِكَ وَ هُوَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ. فَأَتَوْا اِمْرَأَتَهُ وَ أَهْدَوْا لَهَا هَدِيَّةً وَ طَلَبُوا إِلَيْهَا أَنْ تُحْسِنَ لِزَوْجِهَا أَنْ يَدْعُوَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالَتْ لَهُ فِي ذَلِكَ فَامْتَنَعَ فَلَمْ تَزَلْ بِهِ حَتَّى قَالَ أَسْتَخِيرُ رَبِّي فَاسْتَخَارَ اَللَّهَ تَعَالَى فَنَهَاهُ فِي اَلْمَنَامِ فَأَخْبَرَهَا بِذَلِكَ فَقَالَتْ رَاجِعْ رَبَّكَ فَعَادَ اَلاِسْتِخَارَةَ فَلَمْ يُرَدَّ جَوَابٌ فَقَالَتْ لَوْ أَرَادَ رَبُّكَ لَنَهَاكَ وَ لَمْ تَزَلْ تَخْدَعُهُ حَتَّى أَجَابَهُمْ. فَرَكِبَ حِمَاراً لَهُ مُتَوَجِّهاً إِلَى جَبَلٍ يُشْرِفُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ لِيَقِفَ عَلَيْهِ وَ يَدْعُوَ عَلَيْهِمْ فَمَا مَشَى عَلَيْهِ إِلاَّ قَلِيلاً حَتَّى رَبَضَ اَلْحِمَارُ فَضَرَبَهُ حَتَّى قَامَ فَرَكِبَهُ فَسَارَ قَلِيلاً فَرَبَضَ فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ. فَلَمَّا اِشْتَدَّ ضَرَبَهُ فِي اَلثَّالِثَةِ فَأَنْطَقَهَا اَللَّهُ وَيْحَكَ يَا بَلْعَمُ أَيْنَ تَذْهَبُ أَ مَا تَرَى اَلْمَلاَئِكَةَ تَرُدُّنِي فَلَمْ يَرْجِعْ فَأَطْلَقَ اَللَّهُ اَلْحِمَارَ حِينَئِذٍ فَسَارَ حَتَّى أَشْرَفَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فَكَانَ كُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ عَلَيْهِمْ يَنْصَرِفُ لِسَانُهُ إِلَى اَلدُّعَاءِ لَهُمْ وَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ لِقَوْمِهِ اِنْقَلَبَ دُعَاؤُهُ عَلَيْهِمْ. فَقَالُوا لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ هَذَا شَيْءٌ غَلَبَ اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ اِنْدَلَعَ لِسَانُهُ فَوَقَعَ عَلَى صَدْرِهِ فَقَالَ اَلْآنَ خَسِرْتُ اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةَ. وَ لَمْ يَبْقَ إِلاَّ اَلْمَكْرُ وَ اَلْحِيلَةُ وَ أَمَرَهُمْ أَنْ يُزَيِّنُوا اَلنِّسَاءَ وَ يُعْطُوهُنَّ اَلسِّلَعِ لِلْبَيْعِ وَ يُرْسِلُوهُنَّ إِلَى اَلْعَسْكَرِ وَ لاَ تَمْنَعَ اِمْرَأَةٌ نَفْسَهَا مِمَّنْ يُرِيدُهَا وَ قَالَ إِنْ زَنَى مِنْهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ كُفِيتُمُوهُمْ. فَفَعَلُوا ذَلِكَ وَ دَخَلَ اَلنِّسَاءُ عَسْكَرٍ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَخَذَ زمريُّ بْنُ شلوم وَ هُوَ رَأْسُ سِبْطِ شَمْعُونَ بْنِ يَعْقُوبَ اِمْرَأَةً وَ أَتَى بِهَا إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ لَهُ أَظُنُّكَ تَقُولُ إِنَّ هَذَا حَرَامٌ فَوَ اَللَّهِ لاَ نُطِيعُكَ ثُمَّ أَدْخَلَهَا خَيْمَةً فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَأَنْزَلَ اَللَّهُ عَلَيْهِمْ اَلطَّاعُونَ. وَ كَانَ صَحَاحُ بْنُ عيرادَ بْنِ هَارُونَ صَاحِبُ عَمِّةِ مُوسَى غَائِباً فَلَمَّا جَاءَ رَأَى اَلطَّاعُونَ قَدِ اِسْتَقَرَّ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ كَانَ ذَا قُوَّةٍ وَ بَطْشٍ فَقَصَدَ زمريَّ فَرَآهُ مُضَاجِعَ اَلْمَرْأَةِ فَطَعَنَهَا بِحَرْبَةٍ بِيَدِهِ فَانْتَظَمَهَا وَ رُفِعَ اَلطَّاعُونُ. وَ قَدْ هَلَكَ فِي تِلْكَ اَلسَّاعَةِ عِشْرُونَ أَلْفاً وَ قِيلَ سَبْعُونَ أَلْفاً ثُمَّ إِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَدِمَ يُوشَعَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِلَى أَرِيحَا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَدَخَلَهَا وَ قَتَلَ بِهَا اَلْجَبَّارِينَ وَ بَقِيَتْ مِنْهُمْ بَقِيَّةٌ وَ قَدْ قَارَبَتِ اَلشَّمْسُ اَلْمَغْرِبَ فَخَشِيَ أَنْ يُدْرِكَهُمْ اَللَّيْلُ فَعَجَزُوا فَدَعَا اَللَّهَ أَنْ يَحْبِسَ عَلَيْهِمْ اَلشَّمْسَ فَفَعَلَ وَ حَبَسَهَا حَتَّى اِسْتَأْصَلَهُمْ وَ دَخَلَهَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَأَقَامَ بِهَا مَا شَاءَ اَللَّهُ أَنْ يُقِيمَ وَ قَبَضَهُ اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ لاَ يَعْلَمُ بِغَيْرِهِ أَحَدٌ مِنَ اَلْخَلْقِ. وَ أَمَّا مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَانَ تُوُفِّيَ قَبْلَ ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ يُوشَعَ بِالْمَسِيرِ إِلَى مَدِينَةِ اَلْجَبَّارِينَ فَسَارَ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ فَفَارَقَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ بَلْعَمُ بْنُ بَاعُورَاءَ وَ كَانَ يَعْرِفُ اَلاِسْمَ اَلْأَعْظَمَ وَ سَاقَ مِنْ حَدِيثِهِ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ. فَلَمَّا ظَفِرَ يُوشَعُ بِالْجَبَّارِينَ أَدْرَكَهُ اَلْمَاءُ لَيْلَةَ اَلسَّبْتِ فَدَعَا اَللَّهَ تَعَالَى فَرَدَّ اَلشَّمْسَ عَلَيْهِ وَ زَادَ فِي اَلشَّمْسِ سَاعَةً فَهَزَمَ اَلْجَبَّارِينَ وَ دَخَلَ مَدِينَتَهُمْ وَ جَمَعَ غَنَائِمَهُمْ لِيَأْخُذَهَا لِلْقُرْبَانِ فَلَمْ تَأْتِ اَلنَّارُ»[٢٦٤]

  1. قال الله تعالى: ﴿وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ[٢٦٥]
  2. قال الله تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكَافِرِينَ[٢٦٦]
  3. قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ[٢٦٧]
  4. قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ[٢٦٨]
  5. قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ[٢٦٩]
  6. قال الله تعالى: ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ[٢٧٠]
  7. قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ[٢٧١]
  8. قال الله تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا[٢٧٢].[٢٧٣]

روايات في العالم غير المهذّب

  1. «عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ قَالَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: إِنَّ اَلْعَالِمَ اَلْكَاتِمَ عِلْمَهُ يُبْعَثُ أَنْتَنَ أَهْلِ اَلْقِيَامَةِ رِيحاً تَلْعَنُهُ كُلُّ دَابَّةٍ حَتَّى دَوَابُّ اَلْأَرْضِ اَلصِّغَارُ»[٢٧٤]
  2. «قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: اَلْعِلْمُ وَدِيعَةُ اَللَّهِ فِي أَرْضِهِ وَ اَلْعُلَمَاءُ أُمَنَاؤُهُ عَلَيْهِ فَمَنْ عَمِلَ بِعِلْمِهِ أَدَّى أَمَانَتَهُ وَ مَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِعِلْمِهِ كُتِبَ فِي دِيوَانِ اَللَّهِ مِنَ اَلْخَائِنِينَ»[٢٧٥]
  3. «عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ: مَنِ اِزْدَادَ عِلْماً وَ لَمْ يَزْدَدْ هُدًى لَمْ يَزْدَدْ مِنَ اَللَّهِ إِلاَّ بُعْداً»[٢٧٦]
  4. «قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: أَشَدُّ اَلنَّاسِ عَذَاباً عَالِمٌ لاَ يَنْتَفِعُ مِنْ عِلْمِهِ بِشَيْءٍ»[٢٧٧]
  5. «قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: مَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ فَقَدْ عَرَفَ رَبَّهُ ثُمَّ عَلَيْكَ مِنَ اَلْعِلْمِ بِمَا لاَ يَصِحُّ اَلْعَمَلُ إِلاَّ بِهِ وَ هُوَ اَلْإِخْلاَصُ»[٢٧٨]
  6. «عَنِ اَلصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِي إِذَا صَلَحَا صَلَحَتْ أُمَّتِي وَ إِذَا فَسَدَا فَسَدَتْ أُمَّتِي اَلْأُمَرَاءُ وَ اَلْقُرَّاءُ»[٢٧٩]
  7. «عَنْ حَفْصٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: يَا حَفْصُ مَا أَنْزَلْتُ اَلدُّنْيَا مِنْ نَفْسِي إِلاَّ بِمَنْزِلَةِ اَلْمَيْتَةِ إِذَا اُضْطُرِرْتُ إِلَيْهَا أَكَلْتُ مِنْهَا يَا حَفْصُ إِنَّ اَللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَلِمَ مَا اَلْعِبَادُ عَلَيْهِ عَامِلُونَ وَ إِلَى مَا هُمْ صَائِرُونَ فَحَلُمَ عَنْهُمْ عِنْدَ أَعْمَالِهِمُ اَلسَّيِّئَةِ لِعِلْمِهِ اَلسَّابِقِ فِيهِمْ فَلاَ يَغُرَّنَّكَ حُسْنُ اَلطَّلَبِ مِمَّنْ لاَ يَخَافُ اَلْفَوْتَ ثُمَّ تَلاَ قَوْلَهُ تَعَالَى: تِلْكَ اَلدّٰارُ اَلْآخِرَةُ اَلْآيَةَ وَ جَعَلَ يَبْكِي وَ يَقُولُ ذَهَبَتْ وَ اَللَّهِ اَلْأَمَانِيُّ عِنْدَ هَذِهِ اَلْآيَةِ ثُمَّ قَالَ فَازَ وَ اَللَّهِ اَلْأَبْرَارُ تَدْرِي مَنْ هُمْ هُمُ اَلَّذِينَ لاَ يُؤْذُونَ اَلذَّرَّ كَفَى بِخَشْيَةِ اَللَّهِ عِلْماً وَ كَفَى بِالاِغْتِرَارِ بِاللَّهِ جَهْلاً يَا حَفْصُ إِنَّهُ يُغْفَرُ لِلْجَاهِلِ سَبْعُونَ ذَنْباً قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لِلْعَالِمِ ذَنْبٌ وَاحِدٌ وَ مَنْ تَعَلَّمَ وَ عَمِلَ وَ عَلَّمَ لِلَّهِ دُعِيَ فِي مَلَكُوتِ اَلسَّمَاوَاتِ عَظِيماً فَقِيلَ تَعَلَّمَ لِلَّهِ وَ عَمِلَ لِلَّهِ وَ عَلَّمَ لِلَّهِ»[٢٨٠]
  8. «قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: اَلْعِلْمُ أَصْلُ كُلِّ حَالٍ سَنِيٍّ وَ مُنْتَهَى كُلِّ مَنْزِلَةٍ رَفِيعَةٍ وَ لِذَلِكَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ طَلَبُ اَلْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَ مُسْلِمَةٍ أَيْ عِلْمِ اَلتَّقْوَى وَ اَلْيَقِينِ وَ قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ اُطْلُبُوا اَلْعِلْمَ وَ لَوْ بِالصِّينِ وَ هُوَ عِلْمُ مَعْرِفَةِ اَلنَّفْسِ وَ فِيهِ مَعْرِفَةُ اَلرَّبِّ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ فَقَدْ عَرَفَ رَبَّهُ ثُمَّ عَلَيْكَ مِنَ اَلْعِلْمِ بِمَا لاَ يَصِحُّ اَلْعَمَلُ إِلاَّ بِهِ وَ هُوَ اَلْإِخْلاَصُ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ وَ هُوَ اَلْعِلْمُ اَلَّذِي يُضَادُّ اَلْعَمَلَ بِالْإِخْلاَصِ وَ اِعْلَمْ أَنَّ قَلِيلَ اَلْعِلْمِ يَحْتَاجُ إِلَى كَثِيرِ اَلْعَمَلِ لِأَنَّ عِلْمَ سَاعَةٍ يُلْزِمُ صَاحِبَهُ اِسْتِعْمَالَهُ طُولَ دَهْرِهِ قَالَ عِيسَى اِبْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ رَأَيْتُ حَجَراً عَلَيْهِ مَكْتُوبٌ اِقْلِبْنِي فَقَلَبْتُهُ فَإِذَا عَلَى بَاطِنِهِ مَكْتُوبٌ مَنْ لاَ يَعْمَلُ بِمَا يَعْلَمُ مَشْئُومٌ عَلَيْهِ طَلَبُ مَا لاَ يَعْلَمُ وَ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ مَا عَلِمَ أَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِنَّ أَهْوَنَ مَا أَنَا صَانِعٌ بِعَالِمٍ غَيْرِ عَامِلٍ بِعِلْمِهِ أَشَدُّ مِنْ سَبْعِينَ عُقُوبَةً بَاطِنَةً أَنْ أُخْرِجَ مِنْ قَلْبِهِ حَلاَوَةَ ذِكْرِي وَ لَيْسَ إِلَى اَللَّهِ سُبْحَانَهُ طَرِيقٌ يُسْلَكُ إِلاَّ بِعِلْمٍ وَ اَلْعِلْمُ زَيْنُ اَلْمَرْءِ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ وَ سَائِقُهُ إِلَى اَلْجَنَّةِ وَ بِهِ يَصِلُ إِلَى رِضْوَانِ اَللَّهِ تَعَالَى وَ اَلْعَالِمُ حَقّاً هُوَ اَلَّذِي يَنْطِقُ عَنْهُ أَعْمَالُهُ اَلصَّالِحَةُ وَ أَوْرَادُهُ اَلزَّاكِيَةُ وَ صِدْقُهُ وَ تَقْوَاهُ لاَ لِسَانُهُ وَ مُنَاظَرَتُهُ وَ مُعَادَلَتُهُ وَ تَصَاوُلُهُ وَ دَعْوَاهُ وَ لَقَدْ كَانَ يَطْلُبُ هَذَا اَلْعِلْمَ فِي غَيْرِ هَذَا اَلزَّمَانِ مَنْ كَانَ فِيهِ عَقْلٌ وَ نُسُكٌ وَ حِكْمَةٌ وَ حَيَاءٌ وَ خَشْيَةٌ وَ إِنَّا نَرَى طَالِبَهُ اَلْيَوْمَ مَنْ لَيْسَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ وَ اَلْعَالِمُ يَحْتَاجُ إِلَى عَقْلٍ وَ رِفْقٍ وَ شَفَقَةٍ وَ نُصْحٍ وَ حِلْمٍ وَ صَبْرٍ وَ قَنَاعَةٍ وَ بَذْلٍ وَ اَلْمُتَعَلِّمُ يَحْتَاجُ إِلَى رَغْبَةٍ وَ إِرَادَةٍ وَ فَرَاغٍ وَ نُسُكٍ وَ خَشْيَةٍ وَ حِفْظٍ وَ حَزْمٍ»[٢٨١]
  9. «قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: إِنَّ مِنَ اَلْعُلَمَاءِ مَنْ يُحِبُّ أَنْ يَخْزُنَ عِلْمَهُ وَ لاَ يُؤْخَذَ عَنْهُ فَذَلِكَ فِي اَلدَّرْكِ اَلْأَوَّلِ مِنَ اَلنَّارِ وَ مِنَ اَلْعُلَمَاءِ مَنْ إِذَا وُعِظَ أَنِفَ وَ إِذَا وَعَظَ عَنَّفَ فَذَاكَ فِي اَلدَّرْكِ اَلثَّانِي مِنَ اَلنَّارِ وَ مِنَ اَلْعُلَمَاءِ مَنْ يَرَى أَنْ يَضَعَ اَلْعِلْمَ عِنْدَ ذَوِي اَلثَّرْوَةِ وَ اَلشَّرَفِ وَ لاَ يَرَى لَهُ فِي اَلْمَسَاكِينِ وَضْعاً فَذَاكَ فِي اَلدَّرْكِ اَلثَّالِثِ مِنَ اَلنَّارِ وَ مِنَ اَلْعُلَمَاءِ مَنْ يَذْهَبُ فِي عِلْمِهِ مَذْهَبَ اَلْجَبَابِرَةِ وَ اَلسَّلاَطِينِ فَإِنْ رُدَّ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ قُصِّرَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِهِ غَضِبَ فَذَاكَ فِي اَلدَّرْكِ اَلرَّابِعِ مِنَ اَلنَّارِ وَ مِنَ اَلْعُلَمَاءِ مَنْ يَطْلُبُ أَحَادِيثَ اَلْيَهُودِ وَ اَلنَّصَارَى لِيَغْزُرَ بِهِ عِلْمُهُ وَ يَكْثُرَ بِهِ حَدِيثُهُ فَذَاكَ فِي اَلدَّرْكِ اَلْخَامِسِ مِنَ اَلنَّارِ وَ مِنَ اَلْعُلَمَاءِ مَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ لِلْفُتْيَا وَ يَقُولُ سَلُونِي وَ لَعَلَّهُ لاَ يُصِيبُ حَرْفاً وَاحِداً وَ اَللَّهُ لاَ يُحِبُّ اَلْمُتَكَلِّفِينَ فَذَاكَ فِي اَلدَّرْكِ اَلسَّادِسِ مِنَ اَلنَّارِ وَ مِنَ اَلْعُلَمَاءِ مَنْ يَتَّخِذُ عِلْمَهُ مُرُوءَةً وَ عَقْلاً فَذَاكَ فِي اَلدَّرْكِ اَلسَّابِعِ مِنَ اَلنَّارِ»[٢٨٢]
  10. «عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ: قَطَعَ ظَهْرِي اِثْنَانِ عَالِمٌ مُتَهَتِّكٌ وَ جَاهِلٌ مُتَنَسِّكٌ هَذَا يَصُدُّ اَلنَّاسَ عَنْ عِلْمِهِ بِتَهَتُّكِهِ وَ هَذَا يَصُدُّ اَلنَّاسَ عَنْ نُسُكِهِ بِجَهْلِهِ»[٢٨٣]

آيات في توقف العلم على العمل

  1. ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ[٢٨٤]
  2. ﴿سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ[٢٨٥]
  3. ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا[٢٨٦]
  4. ﴿لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ[٢٨٧]

روايات في توقّف العلم على العمل

  1. «عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: إِيَّاكُمْ وَ اَلْجُهَّالَ مِنَ اَلْمُتَعَبِّدِينَ وَ اَلْفُجَّارَ مِنَ اَلْعُلَمَاءِ فَإِنَّهُمْ فِتْنَةُ كُلِّ مَفْتُونٍ»[٢٨٨]
  2. «قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: اَلدُّنْيَا دَاءُ اَلدِّينِ وَ اَلْعَالِمُ طَبِيبُ اَلدِّينِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُ اَلطَّبِيبَ يَجُرُّ اَلدَّاءَ إِلَى نَفْسِهِ، فَاتَّهِمُوهُ وَ اِعْلَمُوا أَنَّهُ غَيْرُ نَاصِحٍ لِغَيْرِهِ»[٢٨٩]
  3. «عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ: إِذَا رَأَيْتُمُ اَلْعَالِمَ مُحِبّاً لِلدُّنْيَا فَاتَّهِمُوهُ عَلَى دِينِكُمْ فَإِنَّ كُلَّ مُحِبٍّ يَحُوطُ مَا أَحَبَّ»[٢٩٠]
  4. «عَنْ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ يَقُولُ: ... كُونُوا دُعَاةً إِلَى أَنْفُسِكُمْ بِغَيْرِ أَلْسِنَتِكُمْ وَ كُونُوا زَيْناً وَ لاَ تَكُونُوا شَيْناً»[٢٩١]
  5. «فِي قَوْلِ اَللَّهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ[٢٩٢] قَالَ: يَعْنِي مَنْ يُصَدِّقُ قَوْلَهُ فِعْلُهُ وَ مَنْ لَمْ يُصَدِّقْ قَوْلَهُ فِعْلُهُ فَلَيْسَ بِعَالِمٍ»[٢٩٣]
  6. «عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ: إِنَّ اَلْعَالِمَ إِذَا لَمْ يَعْمَلْ بِعِلْمِهِ زَلَّتْ مَوْعِظَتُهُ عَنِ اَلْقُلُوبِ كَمَا يَزِلُّ اَلْمَطَرُ عَنِ اَلصَّفَا»[٢٩٤]
  7. «قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: أَلاَ إِنَّ شَرَّ اَلشَّرِّ شِرَارُ اَلْعُلَمَاءِ وَ إِنَّ خَيْرَ اَلْخَيْرِ خِيَارُ اَلْعُلَمَاءِ» [٢٩٥]
  8. «عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ: أَوْحَى اَللَّهُ إِلَى بَعْضِ أَنْبِيَائِهِ قُلْ لِلَّذِينَ يَتَفَقَّهُونَ لِغَيْرِ اَلدِّينِ وَ يَتَعَلَّمُونَ لِغَيْرِ اَلْعَمَلِ وَ يَطْلُبُونَ اَلدُّنْيَا لِغَيْرِ اَلْآخِرَةِ يَلْبَسُونَ لِلنَّاسِ مُسُوكَ اَلْكِبَاشِ وَ قُلُوبُهُمْ كَقُلُوبِ اَلذِّئَابِ أَلْسِنَتُهُمْ أَحْلَى مِنَ اَلْعَسَلِ وَ أَعْمَالُهُمْ أَمَرُّ مِنَ اَلصَّبِرِ إِيَّايَ يُخَادِعُونَ وَ بِي يَسْتَهْزِءُونَ لَأُتِيحَنَّ لَهُمْ فِتْنَةً تَذَرُ اَلْحَكِيمَ حَيْرَانَ»[٢٩٦]
  9. «قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: كُلُّ عِلْمٍ وَبَالٌ عَلَى صَاحِبِهِ إِلاَّ مَنْ عَمِلَ بِهِ» [٢٩٧]
  10. «عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ اَلْهِلاَلِيِّ عَنْ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ فِي كَلاَمٍ لَهُ: اَلْعُلَمَاءُ رَجُلاَنِ رَجُلٌ عَالِمٌ آخِذٌ بِعِلْمِهِ فَهَذَا نَاجٍ وَ رَجُلٌ عَالِمٌ تَارِكٌ لِعِلْمِهِ فَهَذَا هَالِكٌ وَ إِنَّ أَهْلَ اَلنَّارِ لَيَتَأَذَّوْنَ بِرِيحِ اَلْعَالِمِ اَلتَّارِكِ لِعِلْمِهِ وَ إِنَّ أَشَدَّ أَهْلِ اَلنَّارِ نَدَامَةً وَ حَسْرَةً رَجُلٌ دَعَا عَبْداً إِلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَاسْتَجَابَ لَهُ وَ قَبِلَ مِنْهُ وَ أَطَاعَ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَدْخَلَهُ اَللَّهُ اَلْجَنَّةَ وَ أَدْخَلَ اَلدَّاعِيَ اَلنَّارَ بِتَرْكِهِ عِلْمَهُ وَ اِتِّبَاعِهِ اَلْهَوَى ثُمَّ قَالَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَلاَ إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ خَصْلَتَيْنِ اِتِّبَاعُ اَلْهَوَى وَ طُولُ اَلْأَمَلِ أَمَّا اِتِّبَاعُ اَلْهَوَى فَيَصُدُّ عَنِ اَلْحَقِّ وَ طُولُ اَلْأَمَلِ يُنْسِي اَلْآخِرَةَ»[٢٩٨]

روايات في توقّف العمل على العلم

  1. «قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: نَوْمٌ مَعَ عِلْمٍ خَيْرٌ مِنْ صَلاَةٍ مَعَ جَهْلٍ»[٢٩٩]
  2. «عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَقُولُ: اَلْعَامِلُ عَلَى غَيْرِ بَصِيرَةٍ كَالسَّائِرِ عَلَى غَيْرِ اَلطَّرِيقِ وَ لاَ يَزِيدُهُ سُرْعَةُ اَلسَّيْرِ مِنَ اَلطَّرِيقِ إِلاَّ بُعْداً»[٣٠٠]
  3. «عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: مَنْ عَمِلَ عَلَى غَيْرِ عِلْمٍ كَانَ مَا يُفْسِدُهُ أَكْثَرَ مِمَّا يُصْلِحُ» [٣٠١]
  4. «عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ: قَطَعَ ظَهْرِي اِثْنَانِ عَالِمٌ مُتَهَتِّكٌ وَ جَاهِلٌ مُتَنَسِّكٌ هَذَا يَصُدُّ اَلنَّاسَ عَنْ عِلْمِهِ بِتَهَتُّكِهِ وَ هَذَا يَصُدُّ اَلنَّاسَ عَنْ نُسُكِهِ بِجَهْلِهِ»[٣٠٢]
  5. «قَالَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: اَلْمُتَعَبِّدُ عَلَى غَيْرِ فِقْهٍ كَحِمَارِ اَلطَّاحُونَةِ يَدُورُ وَ لاَ يَبْرَحُ وَ رَكْعَتَانِ مِنْ عَالِمٍ خَيْرٌ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً مِنْ جَاهِلٍ لِأَنَّ اَلْعَالِمَ تَأْتِيهِ اَلْفِتْنَةُ فَيَخْرُجُ مِنْهَا بِعِلْمِهِ وَ تَأْتِي اَلْجَاهِلَ فَتَنْسِفُهُ نَسْفاً وَ قَلِيلُ اَلْعَمَلِ مَعَ كَثِيرِ اَلْعِلْمِ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرِ اَلْعَمَلِ مَعَ قَلِيلِ اَلْعِلْمِ وَ اَلشَّكِّ وَ اَلشُّبْهَةِ»[٣٠٣]
  6. «قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: ... إِنَّ رَجُلاً كَانَ لَهُ جَارٌ وَ كَانَ نَصْرَانِيّاً فَدَعَاهُ إِلَى اَلْإِسْلاَمِ وَ زَيَّنَهُ لَهُ فَأَجَابَهُ فَأَتَاهُ سُحَيْراً فَقَرَعَ عَلَيْهِ اَلْبَابَ فَقَالَ لَهُ مَنْ هَذَا قَالَ أَنَا فُلاَنٌ قَالَ وَ مَا حَاجَتُكَ فَقَالَ تَوَضَّأْ وَ اِلْبَسْ ثَوْبَيْكَ وَ مُرَّ بِنَا إِلَى اَلصَّلاَةِ قَالَ فَتَوَضَّأَ وَ لَبِسَ ثَوْبَيْهِ وَ خَرَجَ مَعَهُ قَالَ فَصَلَّيَا مَا شَاءَ اَللَّهُ ثُمَّ صَلَّيَا اَلْفَجْرَ ثُمَّ مَكَثَا حَتَّى أَصْبَحَا فَقَامَ اَلَّذِي كَانَ نَصْرَانِيّاً يُرِيدُ مَنْزِلَهُ فَقَالَ لَهُ اَلرَّجُلُ أَيْنَ تَذْهَبُ اَلنَّهَارُ قَصِيرٌ وَ اَلَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اَلظُّهْرِ قَلِيلٌ قَالَ فَجَلَسَ مَعَهُ إِلَى أَنْ صَلَّى اَلظُّهْرَ ثُمَّ قَالَ وَ مَا بَيْنَ اَلظُّهْرِ وَ اَلْعَصْرِ قَلِيلٌ فَاحْتَبَسَهُ حَتَّى صَلَّى اَلْعَصْرَ قَالَ ثُمَّ قَامَ وَ أَرَادَ أَنْ يَنْصَرِفَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَقَالَ لَهُ إِنَّ هَذَا آخِرُ اَلنَّهَارِ وَ أَقَلُّ مِنْ أَوَّلِهِ فَاحْتَبَسَهُ حَتَّى صَلَّى اَلْمَغْرِبَ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَنْصَرِفَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَقَالَ لَهُ إِنَّمَا بَقِيَتْ صَلاَةٌ وَاحِدَةٌ قَالَ فَمَكَثَ حَتَّى صَلَّى اَلْعِشَاءَ اَلْآخِرَةَ ثُمَّ تَفَرَّقَا فَلَمَّا كَانَ سُحَيْرٌ غَدَا عَلَيْهِ فَضَرَبَ عَلَيْهِ اَلْبَابَ فَقَالَ مَنْ هَذَا قَالَ أَنَا فُلاَنٌ قَالَ وَ مَا حَاجَتُكَ قَالَ تَوَضَّأْ وَ اِلْبَسْ ثَوْبَيْكَ وَ اُخْرُجْ بِنَا فَصَلِّ قَالَ اُطْلُبْ لِهَذَا اَلدِّينِ مَنْ هُوَ أَفْرَغُ مِنِّي وَ أَنَا إِنْسَانٌ مِسْكِينٌ وَ عَلَيَّ عِيَالٌ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَدْخَلَهُ فِي شَيْءٍ أَخْرَجَهُ مِنْهُ أَوْ قَالَ أَدْخَلَهُ مِنْ مِثْلِ ذِهْ وَ أَخْرَجَهُ مِنْ مِثْلِ هَذَا» [٣٠٤]

الفائدة الرّابعة: توقف العبوديّة على الفضائل

قد اشتهر بين أهل القلوب انّ الأوامر والنّواهي وان كانت تابعة للمصالح والمفاسد النّفس الامريّة وللواقع إلّاانّ تلك المصالح والمفاسد كما تكون في المأمور به والمنهىّ عنه تصحب نفس الامر والنهي ايضاً، بمعنى انّ نفس أمر المولى ونّهيه فيهما المصلحة، وتلك المصلحة هي خلق روح التّعبّد في العبد . فالعبد باتيان تلك العبادة والكفّ عن تلك النّواهي يتوغّل في العبوديّة والتّسليم . وذلك المقام يعدّ أعلى مقامات العبد وتحصيله من أوجب الواجبات .

وهذا كلام جيّد بحيث انّه لو قلنا بانحصار المصالح في نفس الامر ونفس النّهي لم نقل جزافاً، لانّ تلك المصلحة مصلحة هامّة تامّة، بل قد مرّ الكلام منّا في انّ التّهذيب والتّخلّق بالفضائل مقدمّة للوصول إلى مقام العبوديّة، ومعلوم انّ تلك العبوديّة كلّما زادت زاد مقام التّسليم والخضوع للحقّ تعالى ولرسوله وللائمّة عليهم السّلام .

ولا تتوهّم انّ ذلك المقام يحصل بسهولة، كلّا بل لا يحصل إلّاللأوحدىّ من النّاس .

فتحصيله يحتاج إلى فضل اللَّه ورحمته وإلى رياضات دينيّة من التّوبة واليقظة وتهذيب النّفس والتّخلّق بالفضائل، بل لا ينال السالك ذلك إلّابعد التّجلية والوصول إلى مقام الفرقان .

وبالجملة انّ مقام التّسليم والتّعبّد من المقامات العالية ولا ينالها أحد إلّا بعد التّهذيب، والرّذائل كلّها تمنع عن الوصول إليه سيّما الكبر الّذي يضادّه .

توضيح ذلك: انّ نفسيّة الكبر والتّفرعن موجودة في قلوب البشر فلو أراد المرء الوصول إلى مقام التّسليم وان تحصل له نفسيّة التّعبّد فلا محيص له من إزالة تلك الرّوح القذرة الخبيثة، فبعد ازالتها بالرياضات الدينيّة والاتيان بالأعمال الصالحة والدّعاء والخضوع للَّه‌تعالى تحصل له اوّل مرتبة من مراتبه . وكلّما زاد في عباداته واستقوى صلته بخالقه، رفعت مرتبته فيه .

وللذكرالعزيز والأحاديث الصادرة عن مصادر العصمة اهتمامٌ بالغٌ بهذه الفضيلة نأتي هيهنا بقسم منها تنويهاً إلى اهتمامها بها .

قال اللَّه تبارك وتعالى:

  1. ﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ[٣٠٥]
  2. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً[٣٠٦]
  3. ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[٣٠٧]
  4. ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ[٣٠٨]
  5. ﴿فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ[٣٠٩]
  6. ﴿وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ[٣١٠]
  7. ﴿قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا[٣١١]
  8. ﴿وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ[٣١٢]
  9. ﴿بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ[٣١٣]
  10. ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ[٣١٤]
  11. «عَنْ سَدِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): إِنِّي تَرَكْتُ مَوَالِيَكَ مُخْتَلِفِينَ، يَبْرَأُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ؟ [قَالَ]: فَقَالَ: «وَ مَا أَنْتَ وَ ذَاكَ؟ إِنَّمَا كُلِّفَ اَلنَّاسُ ثَلاَثَةً: مَعْرِفَةَ اَلْأَئِمَّةِ، وَ اَلتَّسْلِيمَ لَهُمْ فِيمَا وَرَدَ عَلَيْهِمْ، وَ اَلرَّدَّ إِلَيْهِمْ فِيمَا اِخْتَلَفُوا فِيهِ» [٣١٥]
  12. «عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ اَلْكَاهِلِيِّ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): «لَوْ أَنَّ قَوْماً عَبَدُوا اَللَّهَ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَ أَقَامُوا اَلصَّلاَةَ، وَ آتَوُا اَلزَّكَاةَ، وَ حَجُّوا اَلْبَيْتَ، وَ صَامُوا شَهْرَ رَمَضَانَ، ثُمَّ قَالُوا لِشَيْءٍ صَنَعَهُ اَللَّهُ أَوْ صَنَعَهُ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَلاَ صَنَعَ خِلاَفَ اَلَّذِي صَنَعَ؟ أَوْ وَجَدُوا ذَلِكَ فِي قُلُوبِهِمْ؛ لَكَانُوا بِذَلِكَ مُشْرِكِينَ». ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ اَلْآيَةَ: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[٣١٦]، ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): «عَلَيْكُمْ بِالتَّسْلِيمِ»»[٣١٧]
  13. «زَيْدٍ اَلشَّحَّامِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنَّ عِنْدَنَا رَجُلاً يُقَالُ لَهُ كُلَيْبٌ فَلاَ يَجِيءُ عَنْكُمْ شَيْءٌ إِلاَّ قَالَ: أَنَا أُسَلِّمُ، فَسَمَّيْنَاهُ كُلَيْبَ تَسْلِيمٍ، قَالَ: فَتَرَحَّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَ تَدْرُونَ مَا اَلتَّسْلِيمُ؟ فَسَكَتْنَا فَقَالَ: هُوَ وَ اَللَّهِ اَلْإِخْبَاتُ قَوْلُ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ[٣١٨]» [٣١٩]
  14. «مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: فِي قَوْلِ اَللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا[٣٢٠] قَالَ اَلاِقْتِرَافُ اَلتَّسْلِيمُ لَنَا وَ اَلصِّدْقُ عَلَيْنَا وَ أَلاَّ يَكْذِبَ عَلَيْنَا» [٣٢١]
  15. «عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا اَلْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْتَكْمِلَ اَلْإِيمَانَ كُلَّهُ فَلْيَقُلِ اَلْقَوْلُ مِنِّي فِي جَمِيعِ اَلْأَشْيَاءِ قَوْلُ آلِ مُحَمَّدٍ فِيمَا أَسَرُّوا وَ مَا أَعْلَنُوا وَ فِيمَا بَلَغَنِي عَنْهُمْ وَ فِيمَا لَمْ يَبْلُغْنِي» [٣٢٢]
  16. «عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ عَنْ قَوْلِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ[٣٢٣] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ قَالَ هُمُ اَلْمُسَلِّمُونَ لِآلِ مُحَمَّدٍ اَلَّذِينَ إِذَا سَمِعُوا اَلْحَدِيثَ لَمْ يَزِيدُوا فِيهِ وَ لَمْ يَنْقُصُوا مِنْهُ جَاءُوا بِهِ كَمَا سَمِعُوهُ» [٣٢٤]
  17. «عَنِ اَلرِّضَا عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: ... وَ اِعْلَمُوا أَنَّ رَأْسَ طَاعَةِ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ اَلتَّسْلِيمُ لِمَا عَقَلْنَاهُ وَ مَا لَمْ نَعْقِلْهُ فَإِنَّ رَأْسَ اَلْمَعَاصِي اَلرَّدُّ عَلَيْهِمْ وَ إِنَّمَا اِمْتَحَنَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ اَلنَّاسَ بِطَاعَتِهِ لِمَا عَقَلُوهُ وَ مَا لَمْ يَعْقِلُوهُ إِيجَاباً لِلْحُجَّةِ وَ قَطْعاً لِلشُّبْهَةِ»[٣٢٥]
  18. «عَنْ أَبِي اَلْحَسَنِ اَلثَّالِثِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ: ... فَنَبِيُّنَا أَفْضَلُ اَلْأَنْبِيَاءِ وَ خَلِيلُنَا أَفْضَلُ اَلْأَخِلاَّءِ وَ وَصِيُّهُ أَكْرَمُ اَلْأَوْصِيَاءِ ... فَارْدُدْ إِلَيْهِمَا اَلْأَمْرَ وَ سَلِّمْ إِلَيْهِمْ»[٣٢٦]
  19. كتب موسى بن جعفر (ع) إلى علي بن سويد: «... وَالِ آلَ مُحَمَّدٍ وَ لاَ تَقُلْ لِمَا بَلَغَكَ عَنَّا أَوْ نُسِبَ إِلَيْنَا هَذَا بَاطِلٌ وَ إِنْ كُنْتَ تَعْرِفُ خِلاَفَهُ فَإِنَّكَ لاَ تَدْرِي لِمَ قُلْنَاهُ وَ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ وَصَفْنَاهُ آمِنْ بِمَا أَخْبَرْتُكَ وَ لاَ تُفْشِ مَا اِسْتَكْتَمْتُكَ»[٣٢٧]
  20. «عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَ اَللَّهِ لَوْ فَلَقْتَ رُمَّانَةً بِنِصْفَيْنِ، فَقُلْتَ هَذَا حَرَامٌ وَ هَذَا حَلاَلٌ، لَشَهِدْتُ أَنَّ اَلَّذِي قُلْتَ حَلاَلٌ حَلاَلٌ وَ أَنَّ اَلَّذِي قُلْتَ حَرَامٌ حَرَامٌ، فَقَالَ رَحِمَكَ اَللَّهُ رَحِمَكَ اَللَّهُ»[٣٢٨]
  21. «عَنْ مَأْمُونٍ اَلرَّقِّيِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ سَيِّدِيَ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِذْ دَخَلَ سَهْلُ بْنُ حَسَنٍ اَلْخُرَاسَانِيُّ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ لَهُ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ لَكُمُ اَلرَّأْفَةُ وَ اَلرَّحْمَةُ وَ أَنْتُمْ أَهْلُ بَيْتِ اَلْإِمَامَةِ مَا اَلَّذِي يَمْنَعُكَ أَنْ يَكُونَ لَكَ حَقٌّ تَقْعُدُ عَنْهُ وَ أَنْتَ تَجِدُ مِنْ شِيعَتِكَ مِائَةَ أَلْفٍ يَضْرِبُونَ بَيْنَ يَدَيْكَ بِالسَّيْفِ فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ اِجْلِسْ يَا خُرَاسَانِيُّ رَعَى اَللَّهُ حَقَّكَ ثُمَّ قَالَ يَا حَنَفِيَّةُ اُسْجُرِي اَلتَّنُّورَ فَسَجَرَتْهُ حَتَّى صَارَ كَالْجَمْرَةِ وَ اِبْيَضَّ عُلْوُهُ ثُمَّ قَالَ يَا خُرَاسَانِيٌّ قُمْ فَاجْلِسْ فِي اَلتَّنُّورِ فَقَالَ اَلْخُرَاسَانِيُّ يَا سَيِّدِي يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ لاَ تُعَذِّبْنِي بِالنَّارِ أَقِلْنِي أَقَالَكَ اَللَّهُ قَالَ قَدْ أَقَلْتُكَ فَبَيْنَمَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَ هَارُونٌ اَلْمَكِّيُّ وَ نَعْلُهُ فِي سَبَّابَتِهِ فَقَالَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ فَقَالَ لَهُ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَلْقِ اَلنَّعْلَ مِنْ يَدِكَ وَ اِجْلِسْ فِي اَلتَّنُّورِ قَالَ فَأَلْقَى اَلنَّعْلَ مِنْ سَبَّابَتِهِ ثُمَّ جَلَسَ فِي اَلتَّنُّورِ وَ أَقْبَلَ اَلْإِمَامُ يُحَدِّثُ اَلْخُرَاسَانِيَّ حَدِيثَ خُرَاسَانَ حَتَّى كَأَنَّهُ شَاهِدٌ لَهَا ثُمَّ قَالَ قُمْ يَا خُرَاسَانِيُّ وَ اُنْظُرْ مَا فِي اَلتَّنُّورِ قَالَ فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَرَأَيْتُهُ مُتَرَبِّعاً فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَ سَلَّمَ عَلَيْنَا فَقَالَ لَهُ اَلْإِمَامُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ كَمْ تَجِدُ بِخُرَاسَانَ مِثْلَ هَذَا فَقُلْتُ وَ اَللَّهِ وَ لاَ وَاحِداً فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لاَ وَ اَللَّهِ وَ لاَ وَاحِداً أَمَا إِنَّا لاَ نَخْرُجُ فِي زَمَانٍ لاَ نَجِدُ فِيهِ خَمْسَةً مُعَاضِدِينَ لَنَا نَحْنُ أَعْلَمُ بِالْوَقْتِ» [٣٢٩].[٣٣٠]

المراجع والمصادر

  1. حسين المظاهري، دراسات في الأخلاق وشؤون الحكمة العملية ج ١

الهوامش

  1. حسين المظاهري، دراسات في الأخلاق وشؤون الحكمة العملية، ج١، ص ٣٣.
  2. سورة الشمس، الآية ٧-٨.
  3. سورة العنكبوت، الآية ٦٥.
  4. حسين المظاهري، دراسات في الأخلاق وشؤون الحكمة العملية، ج١، ص ٣٣-٣٤.
  5. سورة الإسراء، الآية ٨٤.
  6. حسين المظاهري، دراسات في الأخلاق وشؤون الحكمة العملية، ج١، ص ٣٤.
  7. حسين المظاهري، دراسات في الأخلاق وشؤون الحكمة العملية، ج١، ص ٣٥.
  8. سورة الشمس، الآية ٧-٨.
  9. حسين المظاهري، دراسات في الأخلاق وشؤون الحكمة العملية، ج١، ص ٣٦.
  10. سورة الفرقان، الآية ٧٠.
  11. سورة النحل، الآية ٩٧.
  12. سورة الشمس، الآية ٩-١٠.
  13. سورة يونس، الآية ٦٢.
  14. سورة الأنعام، الآية ١٢٢.
  15. سورة الكهف، الآية ١١٠.
  16. حسين المظاهري، دراسات في الأخلاق وشؤون الحكمة العملية، ج١، ص ٣٧.
  17. سورة الشمس، الآية ٧-٨.
  18. سورة الشمس، الآية ٧-٨.
  19. سورة يوسف، الآية ٥٣.
  20. سورة التين، الآية ٤-٥.
  21. سورة الحجر، الآية ٢٩.
  22. سورة العصر، الآية ٢.
  23. سورة البقرة، الآية ٣٠.
  24. سورة النساء، الآية ٧٩.
  25. سورة النساء، الآية ٧٨.
  26. سورة الفجر، الآية ٢٧-٢٨.
  27. سورة الأنفال، الآية ٢٢.
  28. سورة الإنشقاق، الآية ٦.
  29. سورة العلق، الآية ٨.
  30. سورة النجم، الآية ٤٢.
  31. سورة البقرة، الآية ١٥٦.
  32. سورة البقرة، الآية ١٩٧.
  33. سورة الأعراف، الآية ٢٠٣.
  34. سورة المائدة، الآية ١٥.
  35. سورة الشمس، الآية ١٠.
  36. سورة يس، الآية ٨-٩.
  37. سورة الأنبياء، الآية ٧٣.
  38. بحار الانوار، ١٠٢/ ١٣٢.
  39. مشارق انوار اليقين للحافظ البرسي: ١٥٧
  40. سورة البقرة، الآية ٣٠.
  41. سورة ق، الآية ٢٢.
  42. سورة البقرة، الآية ٧٤.
  43. سورة النساء، الآية ١٥٥.
  44. سورة الأنعام، الآية ١١٠.
  45. سورة التوبة، الآية ١٢٥.
  46. سورة الكهف، الآية ٥٧.
  47. سورة يس، الآية ٨-٩.
  48. سورة الجاثية، الآية ٢٣.
  49. سورة الصف، الآية ٥.
  50. سورة المطففين، الآية ١٣-١٥.
  51. سورة الإسراء، الآية ٨٢.
  52. المفردات، ص ١٤٣، ذيل كلمة ختم.
  53. سورة الأنفال، الآية ٢٤.
  54. سورة الأنعام، الآية ١٢٢.
  55. سورة الزمر، الآية ٢٢.
  56. سورة الأنعام، الآية ١٢٥.
  57. سورة التغابن، الآية ١١.
  58. سورة الرعد، الآية ٢٨.
  59. سورة الزمر، الآية ٢٣.
  60. سورة الأنفال، الآية ٢.
  61. سورة الأنفال، الآية ٢٩.
  62. سورة يونس، الآية ٥٧.
  63. أصول الكافي، ج ٢، باب الذنوب، ح ١ (ص ٢٦٨).
  64. أصول الكافي، ج ٢، باب الذنوب، ح ١٣ (ص ٢٧١).
  65. سورة المطففين، الآية ١٤.
  66. أصول الكافي، ج ٢، باب الذنوب، ح ٢٠ (ص ٢٧٣).
  67. أصول الكافي، ج ٧٣، باب ١٣٧، ح ٢٥ (ص ٣٤٢). باب كافي ٢ / ٢٧٥ حديث ٢٨.
  68. أصول الكافي، ج ٢، باب الذنوب، ح ٤٥ (ص ٣٤٩). خصال: ٢٢٨ حديث ٦٥.
  69. أصول الكافي، ج ٧٣، باب ١٣٧، ح ٨٣ (ص ٣٦٠).
  70. أصول الكافي، ج ٧١، باب ٧٨، ح ٤١ (ص ٢٨٦).
  71. أصول الكافي، ج ٧١، باب ٧٨، ح ٧٢ (ص ٢٨٧).
  72. أصول الكافي، ج ٧٠، باب ٥٨، ح ١٦ (ص ٣١٣).
  73. أصول الكافي، ج ٧٠، باب ٥٤، ح ١٠ (ص ٢٤٣).
  74. بحار الأنوار، ج ٧١، باب ٧٨، ح ٣٨ (ص ٢٨٤).
  75. سورة البقرة، الآية 24.
  76. سورة آل عمران، الآية 10.
  77. سورة النساء، الآية 47.
  78. سورة يونس، الآية 30.
  79. سورة الإسراء، الآية 13-14.
  80. سورة الإسراء، الآية 97.
  81. سورة الإسراء، الآية 72.
  82. سورة طه، الآية 124-126.
  83. سورة الأنبياء، الآية 98.
  84. سورة الروم، الآية 55.
  85. سورة الرحمن، الآية 41.
  86. سورة المجادلة، الآية 18.
  87. سورة التحريم، الآية 6.
  88. سورة القلم، الآية 42-43.
  89. سورة الجن، الآية 15.
  90. سورة النبأ، الآية 18.
  91. سورة الطارق، الآية 9.
  92. سورة الزلزلة، الآية 6.
  93. سورة البقرة، الآية 18.
  94. سورة هود، الآية 106.
  95. سورة الأنبياء، الآية 100.
  96. سورة المؤمنون، الآية 108.
  97. سورة غافر، الآية 71-72.
  98. سورة الملك، الآية 22.
  99. ثواب الأعمال وعقاب الأعمال، باب يجمع عقوبات الاعمال، ص 335، ح 1.
  100. بحار الأنوار، ج 7، باب 8، ح 54 ( ص 192 ).
  101. مشارق أنوار اليقين: بحار الأنوار، ج 46، باب 3، ح 49 ( 49 ).
  102. ثواب الأعمال: 212، بحار الأنوار، ج 7، باب أحوال المتقين، ح 11 ( ص 212 ).
  103. أصول الكافي، ج 2، ص 235.
  104. ثواب الأعمال وعقاب الأعمال، باب عقاب من سوّد اسمه في ديون الجبارين، ح 1، ( ص 310 ).
  105. ثواب الأعمال، باب عقاب من كان ذا وجهين وذا السانين، ح 1 ( ص 319 ).
  106. سورة البقرة، الآية 18.
  107. سورة المرسلات، الآية ٣٦.
  108. روضة الكافي، ص 3، ح 1.
  109. سورة النساء، الآية 10.
  110. سورة البقرة، الآية 275.
  111. بحار الأنوار، ج 6، باب أحوال البرزخ، ح 28 ( ص 239 ).
  112. بحار الأنوار، ج 6، باب 16، ح 1 ( ص 261 ).
  113. سورة النبأ، الآية 18.
  114. سورة النبأ، الآية 18.
  115. مجمع البيان، ج 10، ص 423، ذيل الآية 19 من النّبأ.
  116. حسين المظاهري، دراسات في الأخلاق وشؤون الحكمة العملية، ج١، ص ٥٧.
  117. سورة الأنعام، الآية ١٦٤.
  118. سورة الأنعام، الآية ١٦٤.
  119. سورة البقرة، الآية ١١٠.
  120. سورة آل عمران، الآية ٢٥.
  121. سورة آل عمران، الآية ٣٠.
  122. سورة آل عمران، الآية ١٦١.
  123. سورة إبراهيم، الآية ٥١.
  124. سورة النحل، الآية ٢٥.
  125. سورة الكهف، الآية ٤٩.
  126. سورة الأنبياء، الآية ٤٧.
  127. سورة الروم، الآية ٤٤.
  128. سورة سبأ، الآية ٣٣.
  129. سورة الزمر، الآية ٢٤.
  130. سورة الحديد، الآية ١٢-١٣.
  131. سورة الحشر، الآية ١٨.
  132. سورة النبأ، الآية ٤٠.
  133. سورة التكوير، الآية ١٤.
  134. سورة الإنفطار، الآية ٥.
  135. سورة المطففين، الآية ٣٦.
  136. سورة الزلزلة، الآية ٦-٨.
  137. بحار الأنوار، ج ٧١، باب ٦٤، ح ١ (ص ١٧٠).
  138. بحار الأنوار، ج ٧١، باب ٦٤، ح ١ (ص ١٧٠)
  139. بحار الأنوار، ج ٦، باب ٨، ح ٥٠ (ص ٢٣٤).
  140. فروع الكافي، ج ٣، باب ما ينطق به موضع القبر، ح ١١ (ص ٢٤١).
  141. سورة إبراهيم، الآية ٢٧.
  142. سورة الفرقان، الآية ٢٤.
  143. بحار الأنوار، ج ٦، باب ٨، ح ٢٦ (ص ٢٢٦).
  144. فروع الكافي، ج ٣، باب منع الزكاة، ح ١٩ (ص ٥٠٥).
  145. الوسائل، ج ٢، باب ٣ من أبواب ما تجب فيه الزكاة، ح ٢٧ (ص ١٧).
  146. أصول الكافي، ج ٢، باب ادخال السرور على المؤمن، ح ٨ (ص ١٩٠).
  147. سورة الروم، الآية ٤٤.
  148. بحار الأنوار، ج ٧١، باب ٦٤، ح ٤٦ (ص ١٨٥).
  149. أصول الكافي، ج ٢، باب الصبر، ح ٨ (ص ٩٠).
  150. بحار الأنوار، ج ٦٤، باب ٦٤، ح ١١ (ص ١٧٥).
  151. بحار الأنوار، ج ٦٤، باب ٦٤، ح ٥٤ (ص ١٨٨).
  152. حسين المظاهري، دراسات في الأخلاق وشؤون الحكمة العملية، ج١، ص ٦٩.
  153. سورة البقرة، الآية ٣٩.
  154. سورة البقرة، الآية ٨٢.
  155. سورة الواقعة، الآية ٤١-٤٥.
  156. سورة الواقعة، الآية ١٥-٢٣.
  157. سورة المؤمنون، الآية ١٠٨.
  158. سورة الفجر، الآية ٢٧-٢٨.
  159. سورة يس، الآية ٨-١٠.
  160. سورة الحاقة، الآية ٣٠-٣٢.
  161. سورة البقرة، الآية ٢٥.
  162. سورة البقرة، الآية ٨١.
  163. سورة المائدة، الآية ٨٠.
  164. سورة الحاقة، الآية ٢٤.
  165. سورة الفجر، الآية ٢٣-٢٤.
  166. سورة الأنفال، الآية ٥٣.
  167. سورة يونس، الآية ٢٣.
  168. سورة الرعد، الآية ٣١.
  169. سورة إبراهيم، الآية ٧.
  170. سورة النحل، الآية ٣٤.
  171. سورة النحل، الآية ١١٢.
  172. سورة الإسراء، الآية ١٦.
  173. سورة النمل، الآية ٦٩.
  174. سورة العنكبوت، الآية ٤٠.
  175. سورة الروم، الآية ٤١.
  176. سورة فاطر، الآية ٤٥.
  177. سورة النحل، الآية ٣٤.
  178. سورة الشورى، الآية ٣٠.
  179. سورة النساء، الآية ٩.
  180. سورة الأعراف، الآية ٩٦.
  181. سورة النحل، الآية ٩٧.
  182. سورة الكهف، الآية ٨٢.
  183. سورة الأنبياء، الآية ٩٠.
  184. سورة الزخرف، الآية ٢٨.
  185. سورة نوح، الآية ١٠-١٢.
  186. بحار الأنوار، ج ٧١، باب ٦٨، ح ١ و٢، (ص ٢٣٦).
  187. بحار الأنوار، ج ٧١، باب ٦٨، ح ١ و٢، (ص ٢٣٦).
  188. سورة الحشر، الآية ٢.
  189. بحار الأنوار، ج ٧٣، باب ١٣٨، ح ٥، (ص ٣٧٢).
  190. بحار الأنوار، ج ٧٣، باب ١٣٨، ح ١١ (ص ٣٧٤).
  191. سورة القلم، الآية ١٧.
  192. بحار الأنوار، ج ٧٣، باب ١٣٨، ح ١٤.
  193. الوسائل، ج ٦، باب ١ من أبواب ما تجب فيه الزكاة، ح ٦.
  194. سورة الشورى، الآية ٣٠.
  195. أصول الكافي، ج ٢، باب تعجيل عقوبة الذنب، ح ٦ (ص ٤٤٥).
  196. أصول الكافي، ج ٢، باب الظلم، ح ٩ (ص ٣٣٢).
  197. بحار الأنوار، ج ٧٣، باب ١٣٧، ح ٢١ (ص ٣٣٩).
  198. بحار الأنوار، ج ٧٣، باب ١٣٧، ح ٢٦ (ص ٣٤٣).
  199. بحار الأنوار، ج ٧٣، باب ١٣٧، ح ٤٦ (ص ٣٥٠).
  200. سورة آل عمران، الآية ١٨٢.
  201. بحار الأنوار، ج ٧٣، باب ١٣٧، ح ٩٦ (ص ٣٦٤).
  202. ثواب الأعمال، ص ١٦٨، باب ثواب الصدقة، ح ٦.
  203. سورة الشورى، الآية ٣٠.
  204. سورة الرعد، الآية ١١.
  205. سورة الأنفال، الآية ٥٣.
  206. سورة الأعراف، الآية ٩٦.
  207. سورة الروم، الآية ٤١.
  208. الميزان، ج ٢، ص ١٨٠.
  209. حسين المظاهري، دراسات في الأخلاق وشؤون الحكمة العملية، ج١، ص ٧٦.
  210. سورة الإسراء، الآية ٨٤.
  211. سورة النور، الآية ٣٣.
  212. سورة التوبة، الآية ٣٤-٣٥.
  213. سورة الأنفال، الآية ٣٢.
  214. سورة المائدة، الآية ٨٣.
  215. سورة التكاثر، الآية ١-٨.
  216. سورة الحجرات، الآية ١٤.
  217. سورة المجادلة، الآية ١٨.
  218. حسين المظاهري، دراسات في الأخلاق وشؤون الحكمة العملية، ج١، ص ٨٦.
  219. سورة الزمر، الآية ٩.
  220. سورة الرعد، الآية ١٦.
  221. سورة يونس، الآية ٣٥.
  222. سورة الطلاق، الآية ١٢.
  223. سورة الجمعة، الآية ٢.
  224. سورة البقرة، الآية ٣١.
  225. سورة البقرة، الآية ٢٤٧.
  226. سورة الرعد، الآية ٤١.
  227. سورة الرعد، الآية ٤١.
  228. أصول الكافي، ج ١، ص ٣٨، باب فقد العلماء، ح ٦.
  229. سورة يس، الآية ١٣.
  230. سورة يس، الآية ٢٠.
  231. سورة يس، الآية ٢٠.
  232. سورة المائدة، الآية ٣٢.
  233. سورة المائدة، الآية ٣٢.
  234. سورة المائدة، الآية ٣٢.
  235. أصول الكافي، ج ٢، ص ٢١٠، باب في احياء المؤمن، ح ١.
  236. بحار الأنوار، ج ١، باب ٤، ح ١ (١٩٨).
  237. بحار الأنوار، ج ٢، باب ٨، ح ٦٦ (ص ٢٢).
  238. بحار الأنوار، ج ٢، باب ٨، ح ٢٦ (ص ١٤).
  239. بحار الأنوار، ج ١، باب ١، ح ٢ (ص ١٦٤).
  240. بحار الأنوار، ج ١، باب ٤، ح ٣٥ (ص ٢٠٦).
  241. بحار الأنوار، ج ٢، باب ٨، ح ٢٤ (ص ١٢).
  242. بحار الأنوار، ج ٨، باب ٢٣، ح ١٣٧ (ص ١٧٩).
  243. بحار الأنوار، ج ٢، باب ٨، ح ١٦، (ص ٨).
  244. بحار الأنوار، ج ٢، باب ٨، ح ٣، (ص ٣).
  245. بحار الأنوار، ج ٧٧، باب ٧، ح ٩، (ص ١٧٥).
  246. بحار الأنوار، ج ٧٧، باب ٩، ح ١، (ص ٢٣٩).
  247. بحار الأنوار، ج ١، باب ٢، ح ١٤، (ص ١٩٥).
  248. بحار الأنوار، ج ١، باب ١، ح ١١١، (ص ١٨٦).
  249. بحار الأنوار، ج ١، باب ١، ح ٤٨، (ص ١٧٧).
  250. سورة المائدة، الآية ٣٢.
  251. بحار الأنوار، ج ٢، باب ٨، ح ٣٣، (ص ١٦).
  252. بحار الأنوار، ج ١، باب ٦، ح ١٢، (ص ٢١٣).
  253. بحار الأنوار، ج ٢، باب ٨، ح ٩، (ص ٥).
  254. بحار الأنوار، ج ١، ح ٢٤، (ص ١٧١).
  255. بحار الأنوار، ج ١، باب ٤، ح ٢٣، (ص ٢٠٤).
  256. مفاتيح الجنان، دعاء أبي حمزة الّثمالي.
  257. سورة الأعراف، الآية ١٧٦.
  258. سورة الجمعة، الآية ٥.
  259. سورة البقرة، الآية ١-٢.
  260. سورة القمر، الآية ٥٤-٥٥.
  261. سورة الجمعة، الآية ٢.
  262. حسين المظاهري، دراسات في الأخلاق وشؤون الحكمة العملية، ج١، ص ٨٨.
  263. سورة الأعراف، الآية ١٧٥-١٧٦.
  264. الكامل، ج ١، ص ٦٨ - ٧٠.
  265. سورة البقرة، الآية ٤١-٤٢.
  266. سورة البقرة، الآية ٨٩.
  267. سورة البقرة، الآية ١٤٦.
  268. سورة البقرة، الآية ١٥٩.
  269. سورة البقرة، الآية ١٧٤-١٧٥.
  270. سورة المائدة، الآية ٤١.
  271. سورة الصف، الآية ٦.
  272. سورة الجمعة، الآية ٥.
  273. حسين المظاهري، دراسات في الأخلاق وشؤون الحكمة العملية، ج١، ص ١٠١.
  274. بحار الأنوار، ج ٢، باب ١٣، ح ٣٦، (ص ٧٢).
  275. بحار الأنوار، ج ٢، باب ٩، ح ٤٠، (ص ٣٦).
  276. بحار الأنوار، ج ٢، باب ٩، ح ٥٠، (ص ٣٧).
  277. بحار الأنوار، ج ٢، باب ١، ح ٥٣، (ص ٣٧).
  278. بحار الأنوار، ج ٢، باب ٩، ح ٢٢، (ص ٣٢).
  279. بحار الأنوار، ج ٢، باب ١١، ح ١٠، (ص ٤٩).
  280. بحار الأنوار، ج ٢، باب ٩، ح ٥، (ص ٢٧).
  281. بحار الأنوار، ج ٢، باب ٩، ح ٢٥، (ص ٣٢).
  282. بحار الأنوار، ج ٢، باب ١٥، ح ١١، (ص ١٠٨).
  283. بحار الأنوار، ج ١، باب ٥، ح ٨، (ص ٢٠٥).
  284. سورة البقرة، الآية ٤٤.
  285. سورة المائدة، الآية ٤٢.
  286. سورة الجمعة، الآية ٥.
  287. سورة الصف، الآية ٢-٣.
  288. بحار الأنوار، ج ٢، باب ١٥، ح ١، (ص ١٠٦) .
  289. بحار الأنوار، ج ٢، باب ١٥، ح ٥، (ص ١٠٧) .
  290. بحار الأنوار، ج ٢، باب ١٥، ح ٧، (ص ١٠٧) .
  291. بحار الأنوار، ج ٧٨، باب ٢٣، ح ٢٥، (ص ١٩٩) .
  292. سورة فاطر، الآية ٢٨.
  293. بحار الأنوار، ج ٢، باب ١١، ح ٤١، (ص ٥٩) .
  294. بحار الأنوار، ج ٢، باب ٩، ح ٦٨، (ص ٣٩) .
  295. بحار الأنوار، ج ٢، باب ١٥، ح ٢٢، (ص ١١٠) .
  296. بحار الأنوار، ج ١، باب ٧، ح ١٥، (ص ٢٢٤) .
  297. بحار الأنوار، ج ٢، باب ٩، ح ٦٣، (ص ٣٨) .
  298. أصول الكافي، ج ١، باب استعمال العلم، ح ١، (ص ٤٤) .
  299. بحار الأنوار، ج ١، باب ١، ح ١٠٢، (١٨٥) .
  300. بحار الأنوار، ج ١، باب ٥، ح ١، (٢٠٦) .
  301. بحار الأنوار، ج ١، باب ٥، ح ٧، (٢٠٨) .
  302. بحار الأنوار، ج ١، باب ٥، ح ٨، (٢٠٨) .
  303. بحار الأنوار، ج ١، باب ٥، ح ١٠، (٢٠٨) .
  304. أصول الكافي، ج ٢، باب درجات الإيمان، ح ٢، (ص ٣٦) .
  305. سورة البقرة، الآية ١٣٠-١٣١.
  306. سورة البقرة، الآية ٢٠٨.
  307. سورة النساء، الآية ٦٥.
  308. سورة هود، الآية ٢٣.
  309. سورة الحج، الآية ٣٤.
  310. سورة لقمان، الآية ٢٢.
  311. سورة الصافات، الآية ١٠٢-١٠٥.
  312. سورة غافر، الآية ٦٦.
  313. سورة البقرة، الآية ١١٢.
  314. سورة النساء، الآية ١٢٥.
  315. أصول الكافي، ج ١، كتاب الحجّة، باب التسليم وفضل المسلمين، ح ١، (ص ٣٩٠) .
  316. سورة النساء، الآية ٦٥.
  317. أصول الكافي، ج ١، كتاب الحجّة، باب التسليم وفضل المسلمين، ح ٢، (ص ٣٩٠) .
  318. سورة هود، الآية ٢٣.
  319. أصول الكافي، ج ١، كتاب الحجّة، باب التسليم وفضل المسلمين، ح ٣، (ص ٣٩٠) .
  320. سورة الشورى، الآية ٢٣.
  321. أصول الكافي، ج ١، كتاب الحجّة، باب التسليم وفضل المسلمين، ح ٤، (ص ٣٩١) .
  322. أصول الكافي، ج ١، كتاب الحجّة، باب التسليم وفضل المسلمين، ح ٦، (ص ٣٩١) .
  323. سورة الزمر، الآية ١٨.
  324. أصول الكافي، ج ١، ح ٨ (ص ٣٩١) .
  325. بحار الأنوار، ج ٧٨، باب ٢٦، ح ٤، (ص ٣٤٨) .
  326. بحار الأنوار، ج ٧٨، باب ٢٨، ح ٢، (ص ٣٦٧) .
  327. بحار الأنوار، ج ٧٨، باب ٢٥، ح ٦، (ص ٣٢٩) .
  328. رجال الكشي، ص ١٦٢، حالات ابن أبي يعفور .
  329. بحار الأنوار، ج ٤٧، ص ١٢٣، ح ١٧٢ .
  330. حسين المظاهري، دراسات في الأخلاق وشؤون الحكمة العملية، ج١، ص 112-119.