الإرادة
التعريف
الإرادة لغةً: المشيئة[١]. وقد استعمله الفقهاء في المعنى اللغوي وفي معانٍ أُخرى لكن لا على نحو الاصطلاح الخاصّ، فاستعملوه بمعنى القصد تارة، وفي معنى الرضا وطيب النفس أُخرى، وفي معنى الاختيار والقدرة على الترك ثالثة[٢].
أقسام الإرادة
قسّم المتكلّمون الإرادة الإلهية المتعلّقة بأفعال الإنسان علی قسمين:
- الإرادة التكوينية: وقد تسمّى الكونية أيضاً، لأنّها ترتبط بالجانب الكوني أو التكويني من أفعال الإنسان. وفحواها: أنّ فعل العبد لا يقع منه إلّا بإرادة الله تعالى، ذلك أنّ الله تعالى إذا أراد وقوع الفعل، تعلّقت إرادته الحتمية بجميع مقدّمات الفعل والتي منها الاختيار، فيقع الفعل حتماً. وعندما لا يريد تعالى وقوع الفعل من العبد، يبطل بعض المقدّمات فيعجز العبد عن إيقاعه. فالعبد هنا - دائماً مقهوراً في فعله تحت إرادة الله؛ لأنّ بيده الاختيار فقط الذي هو موهوب من الله تعالى، وباقي المقدّمات خارجة من يده، فإن تمّت واختار العبد وقع الفعل، وإلّا فلا.
- الإرادة التشريعية: وقد تسمّى الشرعية أيضاً؛ لأنّها ترتبط بالجانب الشرعي أو التشريعي من أفعال الإنسان. وهي نفس الأوامر والنواهي الشرعية أو التشريعية، و«التشريع» هو تعليم الله تعالى عباده كيفية سلوكهم في طريق العبودية. وهذه لا تأثير لها في شيء من أفعال العباد، إلّا أنّ لها شأنية بعثهم للأفعال والتروك[٣].
الحكم الإجمالي ومواطن البحث
تعرّض الفقهاء إلى الإرادة في مباحث عدّة في الفقه، منها:
- قصد القربة أو الامتثال: وذلك شرط في العبادات ينبّه عليه الفقهاء في مباحث النيّة في كلّ منها، فلا يصحّ العمل العبادي إلّا بتحقّق الإرادة بمعنى القصد والتوجّه إلى الفعل بالداعي الإلهي المصطلح عليه ب «قصد القربة»[٤].
- الخلل في العبادات: حيث اشترط في إبطال العبادة وقوع المبطلات عن عمد وإرادة، مقابل وقوعها عن سهو أو نسيان أو غير ذلك[٥].
- شرائط التكليف: يعتبر في صحّة التكليف وقوع الفعل عن إرادة، بمعنى الاختيار والقدرة على الفعل والترك، فلا تكليف على العاجز ولا المكره، وكذا تشترط الإرادة بهذا المعنى في صحّة الامتثال، فلا يجتزئ بالفعل الصادر عن اضطرار[٦].
- في المعاملات: إذ يشترط الفقهاء في العقود والإيقاعات صدورها عن الإرادة بمعنى الرضا وطيب النفس[٧] إلى غير ذلك من الموارد المتفرّقة في أبواب الفقه[٨].
المراجع والمصادر
الهوامش
- ↑ الصحاح ٤٧٨:٢. لسان العرب ٣٦٦:٥.
- ↑ السيد محمود الهاشمي الشاهرودي، موسوعة الفقه الإسلامي المقارن، ج٢، ص ٨٤.
- ↑ انظر: تعليقة السيد هاشم الحسيني الطهراني على توحيد الصدوق ص 64.
- ↑ انظر: نهاية الإحكام ٢٩:١. التنقيح الرائع ٧٥:١. الذخيرة (القرافي) ٢٤٠:١ وما بعدها.
- ↑ انظر: جواهر الكلام ٢٢٧:١٢، وما بعدها. الخلل في الصلاة (الإمام الخميني): ٦٧، وما بعدها. حاشية ردّ المحتار ٢٩٧:١، ٣٠٦، ط دار إحياء التراث العربي. كشّاف القناع ٢٨٥:١، ٢٨١، ط عالم الكتب.
- ↑ انظر: الخلاف ١٩٥:٢. الإحكام في أُصول الأحكام ١١٧:١. تيسير التحرير ٢٥٨:٢، ٣٠٧. انظر: الموسوعة الفقهيّة الكويتيّة ١٣١:١٩
- ↑ انظر: الحاشية على البيع والخيارات (المظفر) ١٠٠:١. الهداية مع تكملة فتح القدير ٢٩٣:٧. البحر الرائق ٨١:٨. انظر: الموسوعة الفقهيّة الكويتيّة ٢٣٣:٢٢.
- ↑ السيد محمود الهاشمي الشاهرودي، موسوعة الفقه الإسلامي المقارن، ج٢، ص ٨٤-٨٥.