الاستدلال عند أهل السنة

من إمامةبيديا

التعريف

الاستدلال لغة: طلب الدليل[١]، وهو من دله على الطريق دلالة: إذا أرشده إليه[٢]. وله في عرف الأصوليين إطلاقات[٣]. أهمها اثنان:

  1. أنه إقامة الدليل مطلقا، أي سواء أكان الدليل نصا، أم إجماعا، أم غيرهما.
  2. أنه الدليل الذي ليس بنص ولا إجماع ولا قياس.

وفي قول: الدليل الذي ليس بنص ولا إجماع ولا قياس علة. قال الشربيني: «الاستفعال يرد لمعان. وعندي أن المراد منها هنا (أي في هذا الإطلاق الثاني) الاتخاذ. والمعنى أن هذه الأشياء اتخذت أدلة، أما الكتاب والسنة والإجماع والقياس فقيامها أدلة لم ينشأ عن صنيع المجتهدين واجتهادهم، أما الاستصحاب ونحوه مما اعتبر استدلالا فشيء قاله كل إمام بمقتضى اجتهاده، فكأنه اتخذه دليلاً[٤]».

فعلى هذا الإطلاق الثاني يدخل في الاستدلال الأدلة التالية:

  1. القياس الاقتراني،
  2. القياس الاستثنائي، وهما نوعاً القياس المنطقي. مثال الاقتراني: النبيذ مسكر، وكل مسكر حرام، ينتج: النبيذ حرام. ومثال الاستثنائي: إن كان النبيذ مسكرا فهو حرام، لكنه مسكر، ينتج: فهو حرام. أو: إن كان النبيذ مباحا فهو ليس بمسكر، لكنه مسكر، ينتج: فهو ليس بمباح.
  3. وقياس العكس: ذكر السبكي أنه من الاستدلال. وقياس العكس هو: إثبات عكس حكم شيء لمثله، لتعاكسهما في العلة، كما في حديث مسلم: وفي بضع أحدكم صدقة قالوا: أيأتي أحدنا شهوته وله فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر [٥]

وقول العلماء: الدليل يقتضي ألا يكون الأمر كذا، خولف في صورة كذا، لمعنى مفقود في صورة النزاع، فتبقى هي على الأصل الذي اقتضاه الدليل.

انتفاء الحكم لانتفاء دليله، بأن لم يجده المجتهد بعد الفحص الشديد، فعدم وجدانه دليل على انتفاء الحكم. قال في المحلى: خلافا للأكثر.

قول العلماء: وجد السبب فوجد الحكم، أو وجد المانع أو فقد الشرط فانتفى الحكم، قال السبكي: خلافا للأكثر.

الاستقراء وهو: الاستدلال بالجزئي على الكلي. قال السبكي: فإن كان تاما بكل الجزئيات إلا صورة النزاع، فهو دليل قطعي عند الأكثر، وإن كان ناقصا، أي بأكثر الجزئيات، فدليل ظني. ويسمى هذا عند الفقهاء بإلحاق الفرد بالأغلب.

الاستصحاب وهو كما عرفه السعد: الحكم ببقاء أمر كان في الزمان الأول، ولم يظن عدمه، وينظر تفصيل القول فيه في بحث الاستصحاب، وفي الملحق الأصولي. ونفى قوم أن يكون استدلالا.

شرع من قبلنا، على تفصيل فيه، يرجع إليه في الملحق الأصولي. ونفى قوم أن يكون استدلالا.

وزاد الحنفية الاستحسان، واستدل به غيرهم لكن سموه بأسماء أخرى.

وزاد المالكية المصالح المرسلة. وسماه الغزالي الاستدلال المرسل[٦]. وسماه أيضا الاستصلاح، واستدل به غيرهم. ويدخل في الاستدلال أيضاً: القياس في معنى الأصل، وهو المسمى بتنقيح المناط.

وفي كشف الأسرار للبزدوي: الاستدلال هو: انتقال الذهن من المؤثر إلى الأثر، وقيل بالعكس، وقيل مطلقا. وقيل: بل الانتقال من المؤثر إلى الأثر يسمى تعليلا، والانتقال من الأثر إلى المؤثر يسمى استدلالا [٧].

وأكثر هذه الأنواع يفصل القول فيها تحت مصطلحاتها الخاصة، ويرجع إليها أيضا في الملحق الأصولي.[٨]

مواطن البحث في كلام الفقهاء

يرد عند الفقهاء ذكر الاستدلال في مواطن كثيرة. منها في مبحث استقبال القبلة: الاستدلال بالنجوم، ومهاب الرياح، والمحاريب المنصوبة وغير ذلك على القبلة. ومنها في مبحث مواقيت الصلاة: الاستدلال بالنجوم ومقادير الظلال على ساعات الليل والنهار، ومواعيد الصلاة. ومنها في مبحث الدعاوى والبينات: الاستدلال على الحق بالشهادات، والقرائن والفراسة ونحو ذلك.[٩]

المراجع والمصادر

  1. الموسوعة الفقهية

الهوامش

  1. كشاف اصطلاحات الفنون، وكليات أبي البقاء ١ / ١٧٤ ط دمشق.
  2. تاج العروس مادة: (دل) .
  3. كشاف اصطلاحات الفنون ٢ / ٤٩٨، ٤٩٩
  4. جمع الجوامع بتقريرات الشربيني ٢ / ٣٥٨ ط الأزهرية.
  5. حديث «وفي بضع أحدكم. . .» أخرجه مسلم من حديث أبي ذر ٢ / ٢٩٧ ط عيسى الحلبي.
  6. المستصفى ٢ / ٣٠٦ ط بولاق.
  7. كشاف اصطلاحات الفنون ٢ / ٤٩٨، ٤٩٩ ط كلكتة.
  8. الموسوعة الفقهية، ج٣، ص ٢٧٨-٢٧٩.
  9. الموسوعة الفقهية، ج٣، ص ٢٧٩.