الانتقام

من إمامةبيديا

التعريف والمعنى

المعنى اللغوي

«الانتقام» في اللغة هو معاقبة الشخص على ما صنع، وتتميز هذه المعاقبة بأنها ناشئة من القوة الغضبية وبدافع نفسي وذاتي [١].

المعنى الاصطلاحي

لا يختلف المعنى الاصطلاحي للانتقام عن معناه اللغوي في الفقه الإسلامي، فهو يدور حول معنى المعاقبة والمؤاخذة.[٢].

الألفاظ ذات الصلة

يرتبط الانتقام بعدة مصطلحات قريبة المعنى:

  • الثأر: وهو المطالبة بالدم، يقال: ثأر لقتيله، أي قتل قاتله، وهو أخص من الانتقام لأنه لا يكون إلا بالقتل.
  • العقاب: وهو مجازاة الشخص بما فعل، سواء كان عن انتقام أو عن غيره، فهو أعم من الانتقام مطلقاً.
  • التشفي: وهو النكاية بالعدو المشفية للغيظ، ويعد منشأً للانتقام وهدفاً له لا مرادفاً له.[٣].

الحكم الشرعي للانتقام

انتقام المظلوم من الظالم

أجاز الشرع للمظلوم أخذ حقه من الظالم ومعاقبته، استناداً إلى آيات القرآن الكريم، منها قوله تعالى: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ[٤]، وقوله: ﴿وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ[٥]. ويجوز أن يكون الانتقام بنفسه أو بمعونة الغير كعشيرته وقبيلته إذا لم يمكنه ذلك بنفسه.[٦].

حكم قصد الانتقام في التأديب

يذهب الفقهاء إلى حرمة قصد الانتقام في التأديب، ويشترطون أن يكون القصد هو التأديب والإصلاح عند ضرب من ثبت له حق ضربه، مثل الزوجة الناشزة أو الغلام والصبي. فالحق في العقاب لا يسوغ القيام به بأي قصد كان ولو مثل التشفي والانتقام.[٧].

الانتقام في المال والأملاك

في مسألة الانتقام من الدواب الصائلة، ذهب بعض الفقهاء إلى ثبوت الضمان على من جنى على الدابة الصائلة بقصد الانتقام لا بقصد الدفاع عن نفسه أو غيره، وذلك بلا خلاف ولا إشكال بين الأصحاب. والسبب في ذلك أن الدليل أجاز مواجهتها من باب الدفاع لا مطلقاً.[٨].

ضوابط الانتقام وحدوده

الضوابط الشرعية

وضع الشرع ضوابط محددة للانتقام، منها:

  • عدم جواز التعرض للظالم لأغراض شخصية، بل يجب أن يكون ذلك وسيلة لانتقام المظلوم
  • الالتزام بالضوابط الشرعية في آليات الرد بالمثل.[٩]

القيود والحدود

يتقيد الانتقام المشروع بحدود معينة:

  • في حالة الدفاع عن النفس، يجب أن يكون القصد هو الدفاع وليس مجرد الانتقام
  • في التأديب، يجب أن يكون القصد الإصلاح لا التشفي.[١٠]

الموازنة بين العفو والانتقام

رغم ترخيص الإسلام بانتقام المظلوم من الظالم، إلا أنه حث على العفو وترك المقابلة بالمثل، إذ العفو أولى وأحسن، ومما يستوجب الأجر عند الله تعالى، كما ورد في الآية المباركة: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ[١١].[١٢].

أنواع الانتقام وصوره

الانتقام المشروع

من صور الانتقام المشروع:

  • انتقام المظلوم من الظالم بالضوابط الشرعية
  • الانتصار للحق بعد الظلم، كما في قوله تعالى: ﴿وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ[١٣].[١٤]

الانتقام المحرم

يشمل الانتقام المحرم:

  • الانتقام في التأديب والإصلاح
  • الانتقام من الدابة الصائلة بغير قصد الدفاع
  • التعرض للظالم لأغراض شخصية محضة.[١٥]

الانتقام المكروه

يدخل في هذا النوع كل انتقام جائز شرعاً لكن تركه أفضل وأحسن، كما في حالة المظلوم الذي يمكنه العفو والإصلاح، فإن العفو في مثل هذه الحالة أولى وأفضل وله أجر عند الله.[١٦].

آثار الانتقام وأحكامه

الآثار النفسية والاجتماعية

يرتبط الانتقام بالقوة الغضبية والدوافع النفسية الذاتية، مما يجعل له تأثيرات نفسية واجتماعية خاصة. ويتضح هذا من خلال ارتباطه بالتشفي، وهو النكاية بالعدو المشفية للغيظ.[١٧].

الآثار الشرعية

تترتب على الانتقام آثار شرعية متعددة، منها: - المسؤولية الشرعية في حال تجاوز الحدود المشروعة - الضمان في حالات الانتقام غير المبرر، كما في حالة الجناية على الدابة الصائلة بقصد الانتقام.[١٨]

الضمانات المترتبة

يثبت الضمان في حالات الانتقام غير المشروع، كما في حالة من جنى على الدابة الصائلة بقصد الانتقام لا بقصد الدفاع عن نفسه أو غيره.[١٩].

العفو والتسامح

فضل العفو على الانتقام

يعد العفو ضد الانتقام [٢٠]، وقد بين القرآن الكريم فضل العفو في قوله تعالى: ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ[٢١].[٢٢].

شروط العفو وآدابه

من شروط العفو المحمود أن يكون مقروناً بالإصلاح، كما يتضح من الآية الكريمة التي تربط بين العفو والإصلاح: ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ[٢٣].[٢٤].

ثمرات العفو وبركاته

من ثمرات العفو ما ذكره القرآن الكريم من الأجر عند الله تعالى، حيث جعل الله للعافين أجراً خاصاً عنده، وهو ما يتضح من قوله تعالى: ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ[٢٥].[٢٦].

المراجع والمصادر

  1. مؤسسه دائرةالمعارف الفقه الإسلامی، موسوعة الفقه الإسلامي طبقا لمذهب أهل‌ البیت علیهم‌السلام

الهوامش

  1. موسوعة الفقه الإسلامي، ج١٨، ص٤٨
  2. موسوعة الفقه الإسلامي، ج١٨، ص٤٨
  3. موسوعة الفقه الإسلامي، ج١٨، ص٤٨
  4. سورة البقرة، الآية 194.
  5. سورة الشورى، الآية 41.
  6. موسوعة الفقه الإسلامي، ج١٨، ص٤٨
  7. موسوعة الفقه الإسلامي، ج١٨، ص٤٨
  8. موسوعة الفقه الإسلامي، ج١٨، ص٤٨
  9. موسوعة الفقه الإسلامي، ج١٨، ص٤٨
  10. موسوعة الفقه الإسلامي، ج١٨، ص٤٨
  11. سورة الشورى، الآية 40.
  12. موسوعة الفقه الإسلامي، ج١٨، ص٤٨
  13. سورة الشورى، الآية 41.
  14. موسوعة الفقه الإسلامي، ج١٨، ص٤٨
  15. موسوعة الفقه الإسلامي، ج١٨، ص٤٨
  16. موسوعة الفقه الإسلامي، ج١٨، ص٤٨
  17. موسوعة الفقه الإسلامي، ج١٨، ص٤٨
  18. موسوعة الفقه الإسلامي، ج١٨، ص٤٨
  19. موسوعة الفقه الإسلامي، ج١٨، ص٤٨
  20. موسوعة مصطلحات أصول الفقه، ص٢٩١
  21. سورة الشورى، الآية 40.
  22. موسوعة الفقه الإسلامي، ج١٨، ص٤٨
  23. سورة الشورى، الآية 40.
  24. موسوعة الفقه الإسلامي، ج١٨، ص٤٨
  25. سورة الشورى، الآية 40.
  26. موسوعة الفقه الإسلامي، ج١٨، ص٤٨