الجنة
تمهيد
يتم تقسيم الناس يوم القيامة - بعد طي جميع المراحل والمواقف التي مرت في الفصل السابق - إلى صنفين، أهل الإيمان والعمل الصالح يجتازون جميع المراحل بنجاح ويدخلون الجنة، أما أهل الكفر والنفاق وأمثالهم فيدخلون النار.
إنّ الاعتقاد بالجنة والنار من المسائل العقائدية القطعية في الإسلام التي لا يُمكن الشك فيها، حيث يشهد على صحتها مئات الآيات والأحاديث، من هنا اتفق على صحتها جميع الفِرق الكلامية وكل علماء المسلمين، وإن اختلفوا في بعض أبعادها.
فقد ذكرت مطالب قيّمة في القرآن الكريم والأحاديث الإسلامية تتعلّق بالجنة والنار وعدّدت الكثير من النّعم الأخروية في الجنة وصفاتها، والعذاب الأخروي في النار وخصوصياته وأنحائه، إلا أنّ المسألة التي شغلت المتكلّمين المسلمين هي: هل الجنة والنار موجودتان الآن، أي: قبل قيام القيامة أم أنها تُخلق بعد قيام القيامة؟[١]
خلق الجنة والنار
اختلف المتكلمون في مسألة وجود الجنة والنار وخلقها قبل يوم الجزاء أو بعده، واختار أغلب المتكلمين من الإمامية والأشاعرة وجماعة من المعتزلة الرأي الأول، في حين دافع جماعة من المعتزلة والخوارج وجماعة من الزيدية عن الرأي الثاني، وذكر كل جماعة أدلتهم، ومن أهم تلك الأدلّة ما يلي:
أدلة أصحاب الرأي الأول
- استُعمل الفعل الماضي في كثير من الآيات التي ذكرت الجنة والنار، كالآيات التالية: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾[٢]، ﴿فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾[٣] وبما أنّ ظاهر فعل الماضي أنه قد وقع في الماضي فإنّ هذه الآيات تُشير إلى أنّ الجنة والنار خلقتا مسبقاً من أجل التهيؤ لاستقبال المتقين لأنه لا دليل لدينا لحمل هذه الآيات على معنى آخر[٤].
- ذكرت الجنة في الآيات المرتبطة بمعراج النبي الأكرم(ص): ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى﴾[٥]، فالآيات تدلّ على أنّ الجنة كانت موجودة في زمن النبي الأكرم(ص) بالتالي هي موجودة قبل قيام القيامة، خاصّة مع لحاظ قرينة (المأوى) التي تُشير إلى أنها هي الجنة التي سيخلد فيها الإنسان، أي: الجنة الأخروية.
- الآيات المرتبطة بقصة آدم وحواء وسكنهم في الجنة ثمّ هبوطهم منها، وكذلك الآيات المرتبطة بعرض فرعون على النار بعد موته ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ﴾[٦]، ففي هذه الآيات دلالة على وجود الجنة والنار قبل وقوع يوم القيامة. في نقد الاستدلال المذكور، قيل أنه لا يوجد دليل لدينا على أنّ آدم وحواء كانا في الجنة الأخروية لأنّ (الجنة) استعملت في القرآن في موارد غير الجنة الأخروية﴿لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ...﴾[٧]، كما أنّ عرض آل فرعون على النار يرتبط بالنار البرزخية، وليس النار الأخروية التي هي محل بحثنا.
- جاء في سورة العنكبوت: ﴿يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ﴾[٨]، عبارة ﴿مُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ﴾ تُشير أنّ النار هي الآن مّحيطة بالكافرين وهذا المعنى يستلزم وجود النار في الزمن الحاضر.
- حتى إن كانت الشواهد القرآنية المذكورة غير كافية لإثبات وجود الجنة والنار، هناك روايات متعددة تؤكّد على المطلب المراد إثباته بشكل واضح وصريح إلى درجة تمنع الشك في المسألة، كالحديث المذكور عن أنّ أحد أتباع الإمام الرضا(ع) سأله: «عَنِ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ أَ هُمَا الْيَوْمَ مَخْلُوقَتَانِ؟ فَقَالَ نَعَمْ وَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ(ص) قَدْ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَ رَأَى النَّارَ لَمَّا عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ ثم تبرأ الإمام(ع) ممن أنكر وجودهما فقال: مَنْ أَنْكَرَ خَلْقَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ فَقَدْ كَذَّبَ النَّبِيَّ(ص) وَ كَذَّبَنَا»[٩].[١٠]
أدلة أصحاب الرأي الثاني
سنذكر دليلين فقط من أدلتهم[١١]:
١. بناء على الآية ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾[١٢]، فإنّ كل ما سوى الله فاني، بالتالي إذا كانت الجنة والنار مخلوقتين فإنهما ستفنيان في يوم من الأيام، في حين أنّ المسلمين قد أجمعوا على خلودهما كما دلت بعض الآيات القرآنية على هذا المعني ﴿أُكُلُهَا دَائِمٌ﴾ [١٣]. فالقول بوجود الجنة والنار غير صحيح لأنه مخالف للإجماع ولما ورد من آيات القرآن الكريم.
في نقد الدليل المذكور يُمكن القول أنّ المقصود من (هالك) في الآية المستند بها هو البطلان الذاتي وعدم استقلال المخلوقات في وجودها عن الله سبحانه وتعالى، وهذا المعنى ينسجم مع استمرار وجودها. وهناك احتمال الآخر وهو أن يكون المراد من (هالك) هو تبدّل الأمور الدنيوية المادية وتحولها وفي هذه الحالة فإنّ الهلاك لا يشمل الجنة والنار.
٢. خلق الجنة والنار قبل قيام القيامة عمل لغو لا فائدة منه، والذات الإلهية الحكيمة، منزّهة عن الإتيان بأعمال غير مفيدة.
الجواب على نحو الإجمال على الدليل المذكور أن الفعل لا يعدّ لغواً إلا إذا كان هناك علم قطعي بعدم وجود غاية له، في حين أننا نفتقد إلى العلم القطعي بأنّ خلق الجنة والنار قبل القيامة ليس له غاية، ولعل هناك غايات نحن لم ندركها.
من هنا يُمكن استنتاج أنّ الأدلّة والشواهد الدينية تؤيّد الرأي الأوّل، أي: أن الجنة والنار مخلوقتان في الزمن الحاضر. وفي ما يلي سنحاول ترسيم تصوير كلى عن الجنة والنار بناء على مضامين القرآن والروايات[١٤]
الجنة
ذكرت الجنة في أغلب السور القرآنية، وقد خصص القرآن ما يُقارب ٣٠٠ آية قرآنية لوصفها. فالبحث في مسائل الجنة واسع جداً، لذا سنلتزم برعاية الاختصار في البحث، وسنكتفي بذكر بعض أهم المسائل المرتبطة بالجنة:
أسماء الجنة في القرآن
الجنة هي مركز النعم الروحانية والجسمانية في الآخرة التي يدخلها المؤمنون المحسنون والمتقون الراغبون في الله ويبقون فيها إلى الأبد[١٥].
(الجنة) هو اللفظ الأكثر شيوعاً في القرآن الذي يُشير إلى ذلك المركز، استعملت كلمة (الجنة) بشكل مفرد، تثنية (جنتان) وجمع (جنّات) في أكثر من ١٠٠ آية، الجنة بمعنى البستان وأصلها (جنّ) من الستر، وسميت الغابة جنة لأنّ أشجارها تستر الأرض. ويظهر أن تسمية الجنة بهذا الاسم يرتبط بالحقيقة التي يلمسها الإنسان في نفسه من السرور والسعادة عند مشاهدة البساتين والأشجار الخلابة كيف أنها تغطي الأرض، وهذا الشعور هو من أشد النعم الدنيوية لذّة حيث إنّ طبع الإنسان يستحسنه كثيراً، ولا شكّ أنّ الوجه الحقيقي للجنة الأخروية أعلى بكثير من البساتين الدنيوية، لكن بما أننا لا نملك تجربة ملموسة عنها فقد استعمل القرآن هذا المفهوم الملموس عندنا لكي يرسم لنا تصوراً عن تلك الحقيقة، وقد استعمله القرآن على أحسن وجه ممكن. واستعمل القرآن بالإضافة إلى كلمة (الجنة) كلمات أخرى في الإشارة إلى تلك الحقيقة. سوف نذكرها في بحث مراتب الجنة ومقاماتها.[١٦]
أبواب الجنة
بعض آيات القرآن تذكر أبواب الجنة وتفتحها إلى أهلها: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ﴾[١٧][١٨]، يظهر من آيات أخرى أنّ ملائكة الرحمة يدخلون الجنة من الأبواب نفسها: ﴿وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ﴾[١٩]، أما الأحاديث فقد ذكرت مطالب أكثر تتعلق بأبواب الجنة: أن للجنة ثمانية أبواب في حين أنّ هناك آية في القرآن الكريم تُشير إلى أنّ للنار سبعة أبواب ﴿لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ﴾ [٢٠].
أي: أنّ أبواب الجنة أكثر من أبواب النار، ولعل هذه الكثرة تُشير إلى حقيقة تقدّم تجليات أصالة الهداية والسعة والرحمة الإلهية على الغضب الإلهي[٢١]. فقد ورد في حديث عن الإمام الباقر(ع): «أَحْسِنُوا الظَّنَّ بِاللَّهِ وَ اعْلَمُوا أَنَّ لِلْجَنَّةِ ثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ...»[٢٢]. كما ورد في كثير من الأحاديث أنّ الأبواب الجنة أسماء تتناسب مع أعمال الإنسان الحسنة، ومن الأسماء التي ذكرت في الأحاديث: باب الجهاد، باب الصبر، باب الشكر، باب المجاهدين، باب الصديقين، باب الصالحين. بناء على ذلك يُمكن القول أنّ أبواب الجنة كناية عن مقامات الإنسان وأعماله الحسنة التي كانت سبباً في دخوله الجنة.[٢٣]
سعة الجنة
بعض الآيات أشارت إلى أنّ الجنة واسعة جداً: ﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ﴾[٢٤] يعتقد كثير من المفسّرين أنّ مفهوم (العرض) في الآية لا يُراد به المفهوم الهندسي للعرض الذي يُقابل الطول (الإرتفاع)، بل يُقصد به نفس معناه اللغوي أي: الاتساع، أي: أنّ سعة الجنة مثل سعة السماوات والأرض الدنيوية، ويحتمل أن يكون التعبير ﴿كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ كناية عن سعة لا يُمكن تصورها، لأن الذهن البشري لم يعرف سعة أوسع من سعة السماوات والأرض، من هنا تم تشبيه سعة الجنة بسعة السماوات لبيان عظمة الجنة.[٢٥]
مقامات الجنة
الثواب والعقاب الأخرويين هما عبارة عن تجسّم اعتقادات الإنسان وأعماله، كما لا شكّ أنّ كل أهل الجنة ليسوا على مرتبة واحدة من حيث الاعتقاد والعمل، وبالتالي من الضروي أن توجد مقامات ومراتب مختلفة في الجنة لكي يتمتع الإنسان فيها بما يتناسب مع مرتبته الإيمانية وعمله. فقد أشارت بعض الآيات إلى هذه المسألة على نحو الإجمال، منها: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ذَوَاتَا أَفْنَانٍ فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ مُدْهَامَّتَانِ ﴾[٢٦]
يعتقد بعض المفسّرين أنّ الآيات المذكورة تُشير إلى اختلاف المراتب والدرجات في الجنة: الخائفون من الذات الإلهية الذين هم عبارة عن المخلصين والمقربين، هؤلاء في المراتب الأعلى ثمّ يليهم في المرتبة الأدنى المؤمنون الذين عبدوا الله خوفاً من النار وطمعاً في الجنة (أصحاب اليمين)[٢٧].
لقد أطلق القرآن على الجنة أسماء مختلفة منها:
- جنة الخلد﴿قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ﴾ [٢٨]،
- جنة عدن﴿أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ﴾ [٢٩]،
- جنة النعيم﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾ [٣٠]،
- جنة المأوى﴿أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى﴾ [٣١]،
- جنة الفردوس﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا﴾ [٣٢].
هناك من يعتقد أنّ هذه التعابير المختلفة تُشير إلى مراتب الجنة ومقاماتها[٣٣].
أيضاً يُمكن الحصول على بعض الشواهد من الأحاديث الإسلامية، كالحديث المروي عن النبي الأكرم(ص): «الْجَنَّةُ مِائَةُ دَرَجَةٍ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ الْفِرْدَوْسُ أَعْلَاهَا دَرَجَةً مِنْهَا تُفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ الْأَرْبَعَةُ فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ»[٣٤].[٣٥]
نعَم الجنّة
عدّد القرآن الكريم خصوصيات وأوصاف أخرى للجنة وأهلها، يُمكن تصنيفها تحت عنوان (نِعَم الجنة)، ذكرنا في بحث المعاد (جسماني – روحاني) أنّ القرآن يُشير إلى نوعين من النعم في الجنة، نِعم جسمانية وأخرى روحانية، وهذه علامة على أنّ لمعاد الإنسان بُعد جسماني وروحاني، وسنُشير هنا إلى بعض هذه النِّعم باختصار[٣٦]:
النّعم الجسمانية
- الأنهار والظلال: بالإضافة إلى وجود البساتين التي لا نظير لها، هناك أنهار جارية كثيرة في الجنة، ذُكر تعبير ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ في عشرات الآيات القرآنية، مما يدلّ على أنّ في الجنة الكثير من الأنهار والعيون مما يزيد من طراوتها، كما أنّ ظلال أشجار الجنة تمتد على رؤوس أهلها ﴿وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ﴾[٣٧] وأنّ تلك الثمار والظلال أبدية: ﴿أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا﴾[٣٨]
- المنازل الملائمة: أهل الجنة في منازل ملائمة منزّهة من كل لوث، يعيشون في منتهى السكينة والأمن: ﴿وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ﴾[٣٩].
- الفرش النفيس والأسرّة الرفيعة: ﴿مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ﴾[٤٠]، ﴿عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ﴾[٤١].
- طعام الجنة: أهل الجنة يتخيرون الفاكهة اللذيذة في الجنة: ﴿وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ﴾[٤٢]، فبعض الآيات أشارت إلى أنواع خاصّة من الفاكهة: ﴿فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ﴾[٤٣] وآيات أخرى أشارت إلى أنواع اللحوم: ﴿وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ﴾[٤٤].
- شراب طازج، خالص وذو رائحة طيبة: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى﴾[٤٥]، بعض المشروبات في الجنة تختص بفئة معينة، مثلاً: الأبرار يشربون من (الرحيق المختوم) والمقربون يشربون من (تسنيم): ﴿يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ﴾[٤٦]، ﴿وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ﴾[٤٧]. وأشارت بعض الآيات القرآنية إلى أنّ هناك من الأشربة ما يتميّز بمميزات تخالف الشراب الدنيوي، شرابها لذيذ ولا توجب زوال العقل أو فقدان البدن التوازن، بل يزيد من شعلّة العشق الإلهي: ﴿بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ﴾[٤٨].
- الآنية الجميلة تضاعف من لذة الأكل والشرب: ﴿يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ﴾[٤٩].
- اللباس الفاخر وزينة الجنة: ﴿يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ﴾[٥٠].
- أزواج الجنة أطهار ظاهراً وباطناً: ﴿وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ﴾[٥١]، هن كالياقوت والمرجان من شدة الجمال﴿كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ﴾[٥٢] أو أنهن كاللؤلؤ في المكنون في الأصداف﴿كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ﴾[٥٣]، وأنهن أبكار في عنفوان الشباب﴿فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا﴾ [٥٤]، لا ينظرون إلا لأزواجهن﴿فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ﴾[٥٥]، القرآن عبّر عنهن بالحور العين نظراً لشدة جمالهنّ.
- خدَمَة الجنة: لا يحتاج أهل الجنة إلى خدَمة لأنهم عندما يرغبون في أي نعمة تحضر لديهم مباشرة، مع ذلك فقد أشارت الآيات إلى أنّ من نعم الله عليهم وجود خدمة يافعة بالحيوية تطوف حولهم: ﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ﴾[٥٦].
- النِّعَم اللامتناهية: إنّ نِعم أهل الجنة لا تنتهى بما ذُكر حيث لا حدّ لها ولا حصر. من هنا أكدت بعض الآيات القرآنية على عدم تناهي النعم الإلهية في الجنة لا من جهة المقدار ولا الكيفية، فالاستمتاع بنِعَم الآخرة منوط بإرادة الله ورغبة أهل الجنة: ﴿وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ﴾[٥٧]، ﴿لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ﴾[٥٨].[٥٩]
المواهب الروحانية
أكد يتمتع أهل الجنة بنعم روحانية عظيمة، هذه النعم لا يحتاج فيها أهل الجنة إلى وساطة بدن من أجل إدراكها، سنُشير هنا إلى بعض تلك المواهب التي عليها القرآن الكريم:
- صلوات الله وملائكته: حيث يتم استقبال أهل الجنة من قِبل خزنتها: ﴿وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ﴾[٦٠]، كما يحفهم السلام الإلهي ويجذبهم إليه ﴿سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ﴾[٦١] حيث لا يضاهي لذة سلام المحبوب أيّ لذة أخرى.
- مُحيط آمن وسالم: ﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ﴾[٦٢]، فأهل الجنة لا يخشون الموت والمرض والآفات والبلاء، ولا يخافون من الأعداء ولا ينقصهم شيء ليحزنوا من أجله، من هنا سميت الجنة في القرآن بدار السلام: ﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ﴾[٦٣].
- الأصحاب الأخيار الأطهار: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ﴾[٦٤]، ﴿لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا﴾[٦٥]، لا شكّ أنّ مصاحبة أولياء الله هي من اللذات المعنوية العظيمة والمواهب الإلهية التي شملت أهل الجنة: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾[٦٦].
- السرور والنشاط المعنويين: يشعر أهل الجنة بالسرور والنشاط لما يتمتعون به من نِعم معنوية وجسمانية مختلفة، ويظهر أثر السرور على وجوههم: ﴿تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ﴾[٦٧]، ﴿إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ﴾[٦٨].
- رضا الله: وهي من النّعم الكبرى أيضاً، بل هي الفوز العظيم كما يصفها الله سبحانه وتعالى في كتابه: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾[٦٩].
- النّعم غير المتناهية التي لا يُمكن تصورها: لا شكّ أنّ الآيات التي تُشير إلى أنّ نعم الله لا حصر لها - والتي ذكرناها سابقاً - تشمل حتى النعم المعنوية. فالنعم المعنوية سواء من حيث المقدار والكمية أو من حيث النوع والكيفية لا حدّ لها ولا حصر، وإن كانت محدودة مقارنة بالفضل والرحمة الإلهيين اللامتناهيين: ﴿لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ﴾[٧٠]، كما أشار القرآن إلى أنّ هناك نعم في الجنة لا يُمكن للإنسان تصورها، لعل أهل الجنة يصلون إلى مراتب عالية من اللذات المعنوية ولذة وصال المحبوب وعنايته الخاصّة، هذه اللذات التي لا تخطر على وهم أو خيال أحد من الناس: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾[٧١].[٧٢]
المراجع والمصادر
الهوامش
- ↑ محمد سعيدي مهر، دروس في علم الكلام الاسلامي، ص٦٣٧.
- ↑ سورة آل عمران: ١٣٣؛ راجع أيضاً: سورة الحديد: ٢١، سورة الشعراء: ٩٠.
- ↑ سورة البقرة: ٢٤؛ راجع أيضاً: سورة آل عمران: ١٣١، سورة الشعراء: ٩١.
- ↑ أشكل على هذا الاستدلال: كثير من الآيات المرتبطة بيوم القيامة تشتمل على أفعال ماضي (مثل ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ﴾ وغيرها) في حين أنّ سبب استعمال الفعل الماضي في هذه الموارد هو التأكيد البليغ على أنّ وقوع هذه الأحداث في الآخرة هو أمر حتمي، فاستعمال فعل الماضي في مورد الجنة والنار لا يدلّ دلالة قطعية على وجودهما لأنه يحتمل أن يكون المراد من هذا الاستعمال في الآيات المذكورة هو التأكيد على الوقوع الحتمي للجنة والنار في الآخرة. قيل في الجواب عن الإشكال أنّ حمل الفعل الماضي على معناه المجازي (يعني على حتمية وقوع الفعل في المستقبل) لا يصحّ بدون قرينة تدلّ عليه، والآيات التي تم الاستدلال بها لا قرينة فيها تدلّ على ذلك.
- ↑ سورة النجم: ١٣-١٥.
- ↑ سورة غافر: ٤٦.
- ↑ سورة سبأ: ١٥.
- ↑ سورة العنكبوت: ٥٤.
- ↑ العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج٨، ص١١٩، ح٦.
- ↑ محمد سعيدي مهر، دروس في علم الكلام الاسلامي، ص٦٣٨-٦٤٠.
- ↑ راجع: التفتازاني، شرح المقاصد، ج٥، ص١٠٧ - ١١١؛ العلامة الحلي، كشف المراد، ص٤٥٣.
- ↑ سورة القصص: ٨٨.
- ↑ سورة الرعد: ٣٥.
- ↑ محمد سعيدي مهر، دروس في علم الكلام الاسلامي، ص٦٤٠-٦٤١.
- ↑ يُمكن معرفة أوصاف أهل الجنة من مجموع الآيات المرتبطة بتوصيفهم؛ ومن أوصافهم: الإيمان والعمل الصالح، التقوى، الإحسان، الجهاد والشهادة، ترك اتباع الهوى و...، راجع: ناصر مكارم الشيرازي، بيام قرآن، ج٦، ص١٩٧ - ٢٢٥.
- ↑ محمد سعيدي مهر، دروس في علم الكلام الاسلامي (كتاب)|دروس في علم الكلام الاسلامي، ص٦٤١-٦٤٢.
- ↑ سورة الزمر: ٧٣.
- ↑ و راجع: سورة ص: ٥٠.
- ↑ سورة الرعد: ٢٣.
- ↑ سورة الحجر: ٤٤.
- ↑ قد يُراد بالعدد سبعة في الآية التي تذكر عدد أبواب النار الإشارة إلى الكثرة، فالمقصود من العدد ثمانية في هذه الحالة هو أن عدد أبواب الجنة أكثر من عدد أبواب النار، ويؤيّد هذه الاحتمال بعض الروايات التي ذكرت أن عدد أبواب الجنة ٧١ باباً، راجع: العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج٨، ص١٣٩، ح٥٥.
- ↑ العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج٨، ص١٣١، ح٣٢.
- ↑ محمد سعيدي مهر، دروس في علم الكلام الاسلامي، ص٦٤٢-٦٤٣.
- ↑ سورة الحديد: ٢١؛ وأيضا راجع: سورة آل عمران: ١٣٣.
- ↑ محمد سعيدي مهر، دروس في علم الكلام الاسلامي، ص٦٤٣-٦٤٤.
- ↑ سورة الرحمن، الآية 46-64.
- ↑ يُمكن استفادة هذا المطلب من التعبير في الآية الكريمة بعبارة (دون) في قوله تع تعالى: ﴿دُونِهِمَا جَنَّتَانِ﴾ إلا أنّ بعض المفسّرين فسّروا هذه العبارة بمعنى (غير) أو (قريب) وفي هذه الحالة من الصعب استنتاج المطلب السابق من الآية الكريمة. كما ذُكرت أقوال مختلفة في تفسير التثنية في قوله تعالى: ﴿جَنَّتَانِ﴾ منها أنّ هناك جنة الثواب وجنة أخرى من باب الفضل الإلهي. راجع: الميزان، ج١٤، ص١٠٨ و١٠٩.
- ↑ سورة الفرقان: ١٥.
- ↑ سورة الكهف: ٣١.
- ↑ سورة الواقعة: ١٠-12.
- ↑ سورة السجده: ١٩.
- ↑ سورة الكهف: ١٠٧.
- ↑ نُقل عن ابن عباس أنّ الجنة على سبعة أنواع: الفردوس، عدن، النعيم، الخلد، المأوى، السلام، وعليين. راجع: راغب الأصفهاني، المفردات في غريب القرآن، ص٩٨.
- ↑ الطبرسي، مجمع البيان، ج٣، ص٤٩٨.
- ↑ محمد سعيدي مهر، دروس في علم الكلام الاسلامي، ص٦٤٤-٦٤٥.
- ↑ الطبرسي، مجمع البيان، ج٣، ص٤٩٨.
- ↑ سورة الواقعة: ٢٧-٣٠.
- ↑ سورة الرعد: ٣٥.
- ↑ سورة الصف: ١٢.
- ↑ سورة الرحمن: ٥٤.
- ↑ سورة الواقعة: ١٥-١٦.
- ↑ سورة الواقعة: ٢٠.
- ↑ سورة الرحمن: ٦٨.
- ↑ سورة الطور: ٢٢.
- ↑ سورة محمد: ١٥.
- ↑ سورة المطففين: ٢٥.
- ↑ سورة المطففين: ٢٧-٢٨.
- ↑ سورة الصافات: ٤٦-٤٧.
- ↑ سورة الزخرف: ٧١.
- ↑ سورة الكهف: ٣١.
- ↑ سورة البقرة: ٢٥.
- ↑ سورة الرحمن: ٥٨.
- ↑ سورة الواقعة: ٢٣.
- ↑ سورة الواقعة: ٣٦.
- ↑ سورة الرحمن: ٥٦.
- ↑ سورة الواقعة: ١٧-١٨.
- ↑ سورة الزخرف: ٧١؛ راجع أيضاً: سورة فصلت: ٣١، سورة الأنبياء: ١٠٢.
- ↑ سورة النحل: ٣١.
- ↑ محمد سعيدي مهر، دروس في علم الكلام الاسلامي، ص٦٤٦-٦٤٩.
- ↑ سورة الزمر: ٧٣.
- ↑ سورة يس: ٥٨.
- ↑ سورة الاعراف: ٤٩.
- ↑ سورة يونس: ٢٥.
- ↑ سورة الحجر: ٤٧.
- ↑ سورة الواقعة: ٢٥.
- ↑ سورة النساء: ٦٩.
- ↑ سورة المطففين: ٢٤.
- ↑ سورة يس: ٥٥.
- ↑ سورة التوبة: ٧٢؛ راجع أيضا: سورة المائدة: ١١٩.
- ↑ سورة ق: ٣٥.
- ↑ سورة السجدة: ١٧.
- ↑ محمد سعيدي مهر، دروس في علم الكلام الاسلامي، ص٦٤٩-٦٥١.