الإمام المهدي عليه السلام
اسمه ونسبه
هو الحجة بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(ع)[١].
وامّه امّ ولد، اسمها «نرجس»[٢]، أو «سوسن»[٣]، أو «صقيل»[٤].
كنيته ولقبه
ورد: أنّ اسمه اسم النبي(ص)، وكنيته كنيته [٥].
وأمّا ألقابه فكثيرة، منها: الحجّة، و «القائم»، و «المهدي»، و «الخلف الصالح»، و صاحب الزمان، و «الصاحب»، و «المنتظر»[٦].
مولده
ولد (ع) بسامراء ليلة النصف من شعبان سنة مئتين وخمس وخمسين [٧]، أو ستّ وخمسين [٨].
وكان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين [٩].
حديث «مَنْ مَاتَ وَ لَمْ يَعْرِفْ إِمَامَ زَمَانِهِ فَقَدْ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً»
روى الفريقان - السنّة والشيعة - حديثاً مضمونه: «مَنْ مَاتَ وَ لَمْ يَعْرِفْ إِمَامَ زَمَانِهِ فَقَدْ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً». وورد هذا الحديث بألفاظ مختلفة.
فروي عن طريق السنّة عن النبيّ (ص) بالألفاظ التالية:
- « مَنْ مَاتَ بِغَيْرِ إِمَامٍ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً»[١٠].
- «مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً »[١١].
وهناك عبارات مشابهة أخرى [١٢].
وروي عن طريق الشيعة باللفظ الآتي: فورد « عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَنْ مَاتَ وَ لَيْسَ عَلَيْهِ إِمَامٌ فَمِيتَتُهُ مِيتَةٌ جَاهِلِيَّةٌ »[١٣].
وورد عن الإمام الرضا (ع) أنّه قال: «مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ لَهُ إِمَامٌ مَاتَ مِيتَةَ جَاهِلِيَّةِ»[١٤].
وطبقاً لمضمون هذه الأحاديث لابدّ أن تكون للمسلم بيعة مع إمام، ولا يشذّ منه زمان، فيشمل مثل زماننا هذا الذي خلا من الخلافة ولو بمظاهرها وشكليّاتها.
فهنا يتبادر سؤال إلى الذهن، وهو: من هو الإمام الذي ينبغي أن نبايعه في هذا الزمان لكي لا تكون ميتتنا ميتة جاهلية؟
حديث: «اَلْأَئِمَّةُ اِثْنَا عَشَرَ كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ»
وردت روايات مستفيضة عن طريق الفريقين - السنّة والشيعة - مفادها: أنّ الأئمّة اثنا عشر، وصرّح في بعضها: بأنّهم كلّهم من قريش، منها:
١. ما رواه مسلم بإسناده عن جابر بن سمرة، قال: «دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَنْقَضِي حَتَّى يَمْضِيَ فِيهِمِ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً، قَالَ: ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ خَفِيَ عَلَيَّ، قَالَ: فَقُلْتُ لِأَبِي: مَا قَالَ؟ قَالَ: كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ»[١٥].
وقد ورد هذا المضمون في كثير من الصحاح والمسانيد والسنن [١٦].
وأورده الشيخ الطوسي وغيره من مشايخنا بطرقهم عن مشايخ السنّة أيضاً [١٧].
٢. «حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ جَعْفَرٍ اَلْهَمْدَانِيُّ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ غِيَاثِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ اَلصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ: سُئِلَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ عَنِ مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِنِّي مُخَلِّفٌ فِيكُمُ اَلثَّقَلَيْنِ كِتَابَ اَللَّهِ وَ عِتْرَتِي مَنِ اَلْعِتْرَةُ فَقَالَ أَنَا وَ اَلْحَسَنُ وَ اَلْحُسَيْنُ وَ اَلْأَئِمَّةُ - اَلتِّسْعَةُ مِنْ وُلْدِ اَلْحُسَيْنِ تَاسِعُهُمْ مَهْدِيُّهُمْ وَ قَائِمُهُمْ لاَ يُفَارِقُونَ كِتَابَ اَللَّهِ وَ لاَ يُفَارِقُهُمْ حَتَّى يَرِدُوا عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ حَوْضَهُ»[١٨].
٣. وما رواه بإسناده عن الإمام سيّد العابدين عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن جدّه (ع)، قال: «قال رسول الله (ص): «اَلْأَئِمَّةُ بَعْدِي اِثْنَا عَشَرَ أَوَّلُهُمْ أَنْتَ يَا عَلِيُّ وَ آخِرُهُمُ اَلْقَائِمُ اَلَّذِي يَفْتَحُ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى يَدَيْهِ مَشَارِقَ اَلْأَرْضِ وَ مَغَارِبَهَا»[١٩].
والروايات بهذا المعنى متواترة [٢٠].
ووردت طائفة أخرى من الروايات مفادها: أنّ الأئمّة اثنا عشر كعدّة نقباء بني إسرائيل، فمن ذلك:
ما أخرجه أحمد، عن مسروق، قال: «كنّا جلوساً عند عبد الله بن مسعود وهو يقرئنا القرآن، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن، هل سألتم رسول الله (ص): كم تملك هذه الامّة من خليفة؟ فقال عبد الله بن مسعود: ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلك، ثمّ قال: نعم، ولقد سألنا رسول الله (ص)، فقال: «اثنا عشر كعدّة نقباء بني إسرائيل»[٢١].
وأخرج الحديث أشخاص آخرون أيضاً [٢٢].
وهناك روايات مضمونها أنّه لو لم يبق من الناس إلّا اثنان يكون أحدهما الإمام، فمنها:
ما رواه مسلم و البخاري عن النبي (ص) أنّه قال: «لاَ يَزَالُ هَذَا اَلْأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ مِنَ اَلنَّاسِ اِثْنَانِ »[٢٣].
فالرواية تفيد أمرين:
- أنّ كلمة «لاَ يَزَالُ» تدلّ على استمرار الإمامة في جميع الأزمنة.
- أنّ الإمام من قريش.
وهنا يأتي السؤال: من هو الإمام فعلاً، وكيف نعرف أنّه من قريش؟
وما رواه الكليني بإسناده عن أبي عبد الله (ع)، قال: «لَوْ لَمْ يَبْقَ فِي اَلْأَرْضِ إِلاَّ اِثْنَانِ، لَكَانَ أَحَدُهُمَا اَلْحُجَّةَ»[٢٤].
والرواية تدلّ بسياقها على استمرار وجود الإمام والحجّة أيضاً وإن لم تشتمل على كلمة «لاَ يَزَالُ».
ما ورد في الحديث النبوي عن المهدي
الروايات الواردة في الإمام المهدي (ع) متواترة إجمالاً[٢٥]، ولم يشكّك فيها إلّا ابن خلدون وبعض الكتّاب المعاصرين من أهل السنّة.
وهذه الروايات قد اكتفى بعضها ببيان أصل ظهوره في آخر الزمان، والبعض الآخر أنّه من امّة النبيّ (ص)، أو من أهل بيت النبيّ (ص)، أو ولده، أو من ولد فاطمة(ع)، أو من ولد الحسن (ع)، أو الحسين (ع)، أو منهما.
وفيما يلي نشير إلى بعض النماذج من هذه الروايات من طُرق السنّة:
ما ورد في أنّ المهدي يخرج في آخر الزمان
أخرج مسلم عن أبي سعيد الخدري و جابر بن عبد الله الأنصاري، عن رسول الله (ص) أنّه قال: «يَكُونُ فِي آخِرِ اَلزَّمَانِ خَلِيفَةٌ يَقْسِمُ اَلْمَالَ وَ لاَ يَعُدُّهُ»[٢٦]. وحمل ذلك على المهدي (ع).
وروى المتقي الهندي، عن أبي نعيم و الخطيب البغدادي أنّهما أخرجا عن ابن عمر أنّه قال: «قال رسول الله (ص): «يَخْرُجُ اَلْمَهْدِيُّ وَ عَلَى رَأْسِهِ مَلَكٌ يُنَادِي هَذَا اَلْمَهْدِيُّ فَاتَّبِعُوهُ»[٢٧].
ما ورد في أنّه (ع) من امّته (ص)
من ذلك ما رواه ابن ماجة عن أبي سعيد الخدري أنّ النبيّ (ص) قال: «يَكُونُ فِي أُمَّتِي اَلْمَهْدِيُّ ...»[٢٨]. وهناك روايات أخرى بهذا اللفظ [٢٩].
ما جاء في أنّه (ع) من أهل بيته (ص)
والروايات الواردة بهذا المضمون كثيرة، منها:
- ما رواه أحمد بإسناده عن محمد بن الحنفية، عن أبيه عليّ (ع)، قال: «قال رسول الله (ص): «اَلْمَهْدِيُّ مِنَّا أَهْلَ اَلْبَيْتِ، يُصْلِحُهُ اَللَّهُ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ»[٣٠].
- ما أخرجه أبو داوود بإسناده، عن عليّ (ع)، عن النبيّ (ص) أنّه قال: «لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ اَلدَّهْرِ إِلاَّ يَوْمٌ لَبَعَثَ اَللَّهُ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَمْلَأُهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً »[٣١].
- وروى عن أبي سعيد الخدري، قال: «قال رسول الله (ص): «اَلْمَهْدِيُّ مِنِّي...»[٣٢].
- وعن أبي سعيد الخدري، قال: «قال رسول الله (ص): «لَتُمْلَأَنَّ اَلْأَرْضُ ظُلْماً وَ عُدْوَاناً ثُمَّ لَيَخْرُجَنَّ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي حَتَّى يَمْلَأَهَا قِسْطاً وَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً [عُدْوَاناً] وَ ظُلْماً»[٣٣].
- وعن عائشة، عن النبيّ (ص) قال: «هُوَ رَجُلٌ مِنْ عِتْرَتي يُقاتِلُ على سُنَّتي كَمَا قَاتَلْتُ أَنَا على الوَحْي»[٣٤].
- وعن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (ع)، قال: قلت: يا رسول الله، {{نص حديث|أَمِنَّا المهدي أَمْ مِنْ غَيْرِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " بَلْ مِنَّا، بِنَا يَخْتِمُ اللَّهُ كَمَا بِنَا فَتَحَ، وَبِنَا...» [٣٥].
- وعن أبي أيّوب الأنصاري، قال: «قال رسول الله (ص) لفاطمة: «نَبِيُّنَا خَيْرُ اَلْأَنْبِيَاءِ وَ هُوَ أَبُوكِ ، وَ وَصِيُّنَا خَيْرُ اَلْأَوْصِيَاءِ وَ هُوَ بَعْلُكِ ، وَ شَهِيدُنَا خَيْرُ اَلشُّهَدَاءِ وَ هُوَ عَمُّ أَبِيكِ، وَ مِنَّا مَنْ لَهُ جَنَاحَانِ يَطِيرُ بِهِمَا فِي اَلْجَنَّةِ وَ هُوَ جَعْفَرٌ ، وَ مِنَّا سِبْطَا هَذِهِ اَلْأُمَّةِ وَ هُمَا اِبْنَاكِ»[٣٦].
ما ورد في أنّه (ع) من ولده (ص)
ورد في بعض الروايات عن رسول الله (ص): «اَلْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِي »[٣٧]، أو «المهدي رجل من ولدي» [٣٨].
فبناء على هذا القسم من الروايات ينحصر المهدي في ولد النبيّ (ص)، أي يكون من ولد فاطمة (ع). وهذا ما تصرّح به الروايات الآتية.
ما ورد في أنّه (ع) من ولد فاطمة(ع)
ومن هذه الروايات:
- ما رواه جملة من أصحاب السنن بإسنادهم عن ام سلمة، قالت: «سمعت رسول الله (ص) يقول: «اَلْمَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ » [٣٩].
- وعن قتادة، قال: «قلت لسعيد بن المسيّب: أحقّ المهدي؟ قال: نعم، هو حقّ. قلت: ممّن هو؟ قال: من قريش. قلت: من أيّ قريش؟ قال: من بني هاشم؟ قلت: من أيّ بني هاشم؟ قال: من ولد عبد المطّلب. قلت: من أيّ ولد عبد المطّلب؟ قال: من أولاد فاطمة. قلت: من أيّ ولد فاطمة؟ قال: حسبك الآن» [٤٠].
- وقال المتقي الهندي في البرهان: «وأخرج أبو نعيم، عن الحسين (ع): أنّ النبيّ (ص) قال لفاطمة: «يا بنيّة، المهدي من ولدك»[٤١]. وقال أيضاً: «وأخرج ابن عساكر عن الحسين (ع): أنّ النبيّ (ص) قال: « أبشري يا فاطمة المهدي منك "»[٤٢].
وأخرج المتّقي أيضاً في كنز العمّال عن عليّ (ع) قال: « اَلْمَهْدِيُّ رَجُلٌ مِنَّا مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ» [٤٣].
وهناك روايات عديدة أخرى بهذا المضمون.
ما ورد في أنّه من ولد الحسن و الحسين(ع)
فمن ذلك ما رواه جمع من الحفّاظ، عن «عَنْ عَلِيِّ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ هُوَ فِي اَلْحَالَةِ اَلَّتِي قُبِضَ فِيهَا فَإِذَا فَاطِمَةُ عِنْدَ رَأْسِهِ فَبَكَتْ حَتَّى اِرْتَفَعَ صَوْتُهَا فَرَفَعَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِلَيْهَا رَأْسَهُ وَ قَالَ حَبِيبَتِي فَاطِمَةُ مَا اَلَّذِي يُبْكِيكِ فَقَالَتْ أَخْشَي اَلضَّيْعَةَ مِنْ بَعْدِكَ فَقَالَ يَا حَبِيبَتِي أَ مَا عَلِمْتِ أَنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ اِطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ اَلْأَرْضِ اِطِّلاَعَةً فَاخْتَارَ مِنْهَا أَبَاكِ فَبَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ ثُمَّ اِطَّلَعَ اِطِّلاَعَةً فَاخْتَارَ مِنْهَا بَعْلَكِ وَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ أُنْكِحَكِ إِيَّاهُ يَا فَاطِمَةُ وَ نَحْنُ أَهْلُ بَيْتٍ قَدْ أَعْطَانَا اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ سَبْعَ خِصَالٍ لَمْ يُعْطِ أَحَداً قَبْلَنَا وَ لاَ يُعْطِي أَحَداً بَعْدَنَا أَنَا خَاتَمُ اَلنَّبِيِّينَ وَ أَكْرَمُ اَلنَّبِيِّينَ عَلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَحَبُّ اَلْمَخْلُوقِينَ إِلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَنَا أَبُوكِ وَ وَصِيِّي خَيْرُ اَلْأَوْصِيَاءِ وَ أَحَبُّهُمْ إِلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُوَ بَعْلُكِ وَ شَهِيدُنَا خَيْرُ اَلشُّهَدَاءِ وَ أَحَبُّهُمْ إِلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُوَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ عَمُّ أَبِيكِ وَ عَمُّ بَعْلِكِ وَ مِنَّا مَنْ لَهُ جَنَاحَانِ يَطِيرُ فِي اَلْجَنَّةِ مَعَ اَلْمَلاَئِكَةِ حَيْثُ يَشَاءُ وَ هُوَ اِبْنُ عَمِّ أَبِيكِ وَ أَخُو بَعْلِكِ وَ مِنَّا سِبْطَا هَذِهِ اَلْأُمَّةِ وَ هُمَا اِبْنَاكِ اَلْحَسَنُ وَ اَلْحُسَيْنُ وَ هُمَا سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ وَ أَبُوهُمَا وَ اَلَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ خَيْرٌ مِنْهُمَا يَا فَاطِمَةُ وَ اَلَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ إِنَّ مِنْهُمَا مَهْدِيَّ هَذِهِ اَلْأُمَّةِ إِذَا صَارَتِ اَلدُّنْيَا هَرْجاً وَ مَرْجاً وَ تَظَاهَرَتِ اَلْفِتَنُ وَ اِنْقَطَعَتِ اَلسُّبُلُ ...»[٤٤].
أورد هذا الحديث جمع من الحفّاظ كما تقدّم، ولكن في بعضها بدل «مِنْهُمَا مَهْدِيَّ هَذِهِ اَلْأُمَّةِ»: « وَ مِنَّا اَلْمَهْدِيُّ» [٤٥].
وورد المضمون المتقدّم عن أبي أيّوب الأنصاري، وفيه: « وَ مِنَّا اَلْمَهْدِيُّ» [٤٦].
ما ورد في أنّه (ع) من ولد الحسن (ع)
وروى أبو داوود عن أبي إسحاق، قال: «قال عليّ - ونظر إلى ابنه الحسن -: « قَالَ عَلِيٌّ عَنْهُ، وَنَظَرَ إِلَى ابْنِهِ الْحَسَنِ، فَقَالَ: إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ كَمَا سَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَيَخْرُجُ مِنْ صُلْبِهِ رَجُلٌ يُسَمَّى بِاسْمِ نَبِيِّكُمْ، يُشْبِهُهُ فِي الْخُلُقِ، وَلَا يُشْبِهُهُ فِي الْخَلْقِ» [٤٧].
ما ورد في أنّه (ع) من ولد الحسين (ع)
- روي عن حذيفة بن اليمان، قال: «خَطَبَنَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَذَكَرَنَا مَا هُوَ كَائِنٌ ثُمَّ قَالَ لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ اَلدُّنْيَا إِلاَّ يَوْمٌ وَاحِدٌ لَطَوَّلَ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ذَلِكَ اَلْيَوْمَ حَتَّى يَبْعَثَ رَجُلاً مِنْ وُلْدِي اِسْمُهُ اِسْمِي فَقَامَ سَلْمَانُ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ مِنْ أَيِّ وُلْدِكَ هُوَ قَالَ مِنْ وَلَدِي هَذَا وَ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ»[٤٨].
- وروي عن أبي سعيد الخدري مثل ما تقدّم [٤٩] من دخول فاطمة الزهراء (ع) على النبيّ (ص) في مرضه وتأثّرها وتألّمها بذلك حتّى بدت دموعها على خدّها، فأخبرها رسول الله (ص) أموراً فاستبشرت بها، فكان ممّا أخبرها به هو أنّه قال لها: «... ومنّا سبطا هذه الامّة، وهما ابناك، ومنّا مهدي الامّة الذي يصلّي خلفه عيسى بن مريم، ثمّ ضرب على منكب الحسين (ع) وقال: من هذا مهديّ هذه الامّة»[٥٠].
وروى ابن أبي الحديد عن قاضي القضاة، عن إسماعيل بن عباد بإسناد متّصل بعليّ (ع): أنّه ذكر المهديّ وقال: «إنّه من ولد الحسين (ع)، وذكر حليته...».
ثمّ قال: «وذكر هذا الحديث بعينه عبد الله بن قتيبة في كتاب " غريب الحديث "» [٥١].
هذا من طرق السنّة، وأمّا من طرق الشيعة، فمن المسلّمات عندهم أنّ المهدي (ع) من ولد الحسين (ع)، بل صار هذا من الضروريات عندهم إلّا الكيسانية [٥٢] الذين اعتقدوا بأنّ محمد بن الحنفية هو المهدي، وقد انقرضوا.
إذن لا حاجة إلى سرد الروايات في ذلك، لكن نشير إلى بعض النماذج منها:
- روى ابن بابويه بإسناد صحيح إلى سلمان الفارسي عليه، قال: «دَخَلْتُ عَلَى اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَإِذَا اَلْحُسَيْنُ عَلَى فَخِذَيْهِ وَ هُوَ يُقَبِّلُ عَيْنَيْهِ وَ يَلْثِمُ فَاهُ وَ هُوَ يَقُولُ أَنْتَ سَيِّدٌ اِبْنُ سَيِّدٍ أَنْتَ إِمَامٌ اِبْنُ إِمَامٍ أَنْتَ حُجَّةٌ اِبْنُ حُجَّةٍ أَبُو حُجَجٍ تِسْعَةٍ مِنْ صُلْبِكَ تَاسِعُهُمْ قَائِمُهُمْ»[٥٣].
- وروى بإسناده إلى الحسين بن علي (ع)، قال: «دَخَلْتُ أَنَا وَ أَخِي عَلَى جَدِّي رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَأَجْلَسَنِي عَلَى فَخِذِهِ وَ أَجْلَسَ أَخِيَ اَلْحَسَنَ عَلَى فَخِذِهِ اَلْأُخْرَى ثُمَّ قَبَّلَنَا وَ قَالَ بِأَبِي أَنْتُمَا مِنْ إِمَامَيْنِ صَالِحَيْنِ اِخْتَارَكُمَا اَللَّهُ مِنِّي وَ مِنْ أَبِيكُمَا وَ أُمِّكُمَا وَ اِخْتَارَ مِنْ صُلْبِكَ يَا حُسَيْنُ تِسْعَةَ أَئِمَّةٍ تَاسِعُهُمْ قَائِمُهُمْ وَ كُلُّكُمْ فِي اَلْفَضْلِ وَ اَلْمَنْزِلَةِ عِنْدَ اَللَّهِ تَعَالَى سَوَاءٌ»[٥٤].[٥٥].
- وروى بإسناد صحيح عن الصادق، عن أبيه الباقر، عن جدّه السجاد، عن أبيه الحسين (ع)، قال: « سُئِلَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ عَنْ مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ إِنِّي مُخَلِّفٌ فِيكُمُ اَلثَّقَلَيْنِ كِتَابَ اَللَّهِ وَ عِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي، مَنْ اَلْعِتْرَةُ ؟ فَقَالَ: أَنَا وَ اَلْحَسَنُ وَ اَلْحُسَيْنُ وَ اَلْأَئِمَّةُ اَلتِّسْعَةُ مِنْ وُلْدِ اَلْحُسَيْنِ تَاسِعُهُمْ مَهْدِيُّهُمْ وَ قَائِمُهُمْ، لاَ يُفَارِقُونَ كِتَابَ اَللَّهِ وَ لاَ يُفَارِقُهُمْ حَتَّى يَرِدُوا عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ حَوْضَهُ»[٥٦].
والأحاديث بهذا المعنى كثيرة [٥٧].
نتيجة
أنّ المشهور عند أهل السنّة، والمتّفق عليه عند الشيعة هو أنّ المهدي من ولد فاطمة الزهراء(ع). وممّا يؤيّد أنّ المشهور عند السنّة هو ذلك:
- كلام ابن أبي الحديد عند شرح ما روي من خطبة الإمام عليّ (ع) التي جاء فيها: «... وَ بِنَا فُتِحَ لاَ بِكُمْ وَ بِنَا يُخْتَمُ لاَ بِكُمْ» حيث قال بالنسبة إلى المقطع الأخير: «إشارة إلى المهدي الذي يظهر في آخر الزمان. وأكثر المحدّثين على أنّه من ولد فاطمة(ع)، وأصحابنا المعتزلة لا ينكرونه، وقد صرّحوا بذكره في كتبهم، واعترف به شيوخهم إلّا أنّه عندنا لم يخلق بعد، وسيخلق. وإلى هذا يذهب أصحاب الحديث أيضاً» [٥٨].
- قال السيوطي بعد أن نقل عن ابن ماجة رواية: «... وَ لاَ مَهْدِيَّ إِلاَّ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ»: «قال القرطبي في التذكرة: إسناده ضعيف، والأحاديث عن النبيّ (ص) في التنصيص على خروج المهدي من عترته من ولد فاطمة ثابتة أصحّ من هذا الحديث، فالحكم بها دونه» [٥٩].
وإنّك تجد هذا التعبير في كلمات كثير من الباحثين.
وإذا ثبت أنّه من ولد فاطمة (ع)، فيدور الأمر بين كونه من ولد الحسن (ع) أو الحسين (ع)، ولكنّ الترجيح مع الثاني، بل هو المتعيّن، وذلك:
١. لأنّ الرواية التي تقول: إنّه من ولد الحسن (ع) رواها أبو داوود في سننه، فقال: «وحدّثت عن هارون بن المغيرة قال: أخبرنا عمرو بن أبي قيس، عن شعيب بن خالد، عن أبي إسحاق، قال: قال عليّ « - ونظر إلى ابنه الحسن - فقال: إنّ ابني هذا سيّد كما سمّاه النبيّ (ص)، وسيخرج من صلبه رجل يسمّى باسم نبيّكم (ص)...»[٦٠].
وعلّق الحافظ المنذري على الرواية بعد نقلها بقوله: «هذا منقطع، أبو إسحاق السبيعي رأى عليّاً رؤية» [٦١] ثمّ قال: «وقال فيه أبو داوود: حدّثت عن هارون بن المغيرة» [٦٢].
إذن فهو يذكر إشكالين:
- عدم رواية أبي إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السبيعي - عن الإمام عليّ (ع) مباشرة، فروايته هذه تكون منقطعة من هذه الجهة.
- إنّ أبا داوود لم ينقل الرواية عن هارون بن المغيرة مباشرة، بل حدّثه بها شخص آخر مجهول، فهي منقطعة أيضاً من هذه الجهة.
٢. إنّ احتمال التصحيف في نقل الرواية وضبطها قويّ جدّا، فإنّ كتابة الحسن والحسين متشابهة، بل وسماع لفظهما متقارب أيضاً.
٣. هناك بعض المحاولات لعدم ذكر الرواية التي تقول: إنّ المهدي من ولد الحسين (ع)، وتقديم التي تقول بأنّه من ولد الحسن (ع) [٦٣].
٤. وعلى فرض صحّة الرواية القائلة بأنّه من ولد الحسن (ع)، فهي لا تنافي الروايات المصرّحة بكونه من ولد الحسين (ع) ؛ لأنّ الإمام عليّ بن الحسين (ع) قد تزوّج ببنت عمّه امّ عبد الله فاطمة بنت الحسن (ع)، فولدت له الإمام الباقر (ع) [٦٤]، فكلّ من كان من ذرّيّته يكون من صلب الحسن والحسين (ع)، وعلى هذا يحمل ما ورد: «إنّ منهما مهدي هذه الامّة»، كما تقدّم [٦٥].
٥. ويدلّ على أنّ المهدي من ولد الحسين (ع) تصريحات الأئمّة بذلك، فقد جمعها العلماء في كتبهم المعنيّة [٦٦]، ولا يسعنا ذكرها فعلاً، وسوف نذكر خصوص ما ورد عن أمير المؤمنين (ع) في ذلك [٦٧].
الاستنتاج
الذي نستنتجه من جميع ما تقدّم هو:
أنّ الإمام الذي يجب الاعتقاد والالتزام به في هذا الزمان هو الإمام الحجّة بن الحسن العسكري(ع)، وهو المهدي الموعودة به الأمم.
وبهذه الطريقة يمكن الالتزام بروايات «مَنْ مَاتَ وَ لَمْ يَعْرِفْ إِمَامَ زَمَانِهِ فَقَدْ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً»، وروايات «اِثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً » أو « اِثْنَيْ عَشَرَ إِمَاماً »، وروايات « اَلْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ» و «مِنْ وُلْدِ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ» و «مِنْ وُلْدِ اَلْحُسَيْنِ».
وبغير ذلك لا يمكن الاحتفاظ بهذه الروايات كلّها ؛ وذلك لأنّ الذي لا يعتقد بإمامة الحجّة بن الحسن (ع) إمّا أن يعتقد بإمامة شخص آخر فعلاً أو لا.
فعلى الثاني - وهو عدم اعتقاده بإمامة شخص آخر - يشمله حديث «مَنْ مَاتَ وَ لَمْ يَعْرِفْ إِمَامَ زَمَانِهِ فَقَدْ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً»، فتكون ميتته ميتة جاهلية.
وعلى الأوّل - وهو أن يعتقد بإمامة شخص آخر - إمّا أن يكون ذلك الإمام واحداً من مجموع الاثني عشر أم لا.
فعلى الثاني يكون قد خالف روايات «اِثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً » أو « اِثْنَيْ عَشَرَ إِمَاماً »، فإنّ المهدي من جملة الاثني عشر قطعاً.
وعلى الأوّل، يأتي دور السؤال عن أنّ هؤلاء الاثني عشر من هم؟
فإن كان المراد بهم الأئمّة الاثني عشر من أهل البيت (ع) فهو المطلوب.
وإن كان المراد غيرهم، فنسأل: من هم الاثنا عشر الذين لا يخلو الزمان من أحدهم؟
ولم يجد هذا السؤال جواباً مقنعاً. وأقوى ما قيل فيه: إنّ المراد من الخلفاء الاثني عشر هم الخلفاء الذين اجتمعت الامّة على خلافتهم مثل الخلفاء الأربعة ومعاوية ويزيد و...
والجواب:
أوّلاً: متى حصل الإجماع والاجتماع على خلافة هؤلاء؟ [٦٨]
ثانياً: إنّ هؤلاء انقرضوا، فتبقى رواية اثني عشر خليفة بدون مصداق في زماننا هذا، مع أنّ كلمة «لا يزال» أو «لا ينقضي» وما شابههما تدلّان على استمرار إمامة الاثني عشر ما دام الدين قائما، وهو يتحقّق بإمامة المهدي (ع).
إذن لا مناص من الالتزام بأنّ المهدي الذي وعدت به الأمم هو الحجّة بن الحسن العسكري (ع).
أدلّة وشواهد أخرى على ما تدّعيه الإماميّة
هناك أدلّة وشواهد عديدة أخرى تؤكّد ما تقوله الإماميّة في الإمام المهدي (ع)، نشير إلى بعضها إجمالا:
دلالة كلمات الإمام أمير المؤمنين (ع) على ذلك
للإمام أمير المؤمنين (ع) كلمات تدلّ على عقيدة الإماميّة في الإمام المهدي، وإن حاول بعضهم تفسيرها على ما يوافق عقيدة غيرهم فيه، وفيما يلي نشير إلى بعضها إجمالا:
١. قوله (ع): «فَانْظُرُوا أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ فَإِنْ لَبَدُوا فَالْبُدُوا، وَ إِنِ اِسْتَنْصَرُوكُمْ فَانْصُرُوهُمْ، فَلَيُفَرِّجَنَّ اَللَّهُ [اَلْفِتْنَةَ] بِرَجُلٍ مِنَّا أَهْلَ اَلْبَيْتِ . بِأَبِي اِبْنُ خِيَرَةِ اَلْإِمَاءِ ، لاَ يُعْطِيهِمْ إِلاَّ اَلسَّيْفَ هَرْجاً هَرْجاً...»[٦٩].
قال ابن أبي الحديد: «فإن قيل: من هذا الرجل الموعود به، الذي قال (ع) عنه: " بأبي ابن خيرة الإماء "؟ قيل: أمّا الإماميّة فيزعمون أنّه إمامهم الثاني عشر، وأنّه ابن أمة اسمها نرجس، وأمّا أصحابنا فيزعمون أنّه فاطمي يولد في مستقبل الزمان، لامّ ولد، وليس بموجود الآن» [٧٠].
ومن المعلوم أنّ ما ذكره من عدم ولادته صرف ادّعاء لا برهان له عليه.
٢. قال الطبرسي في تفسير قوله تعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾[٧١]: «وقد صحّت الرواية عن أمير المؤمنين (ع) أنّه قال: والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة لتعطفن الدنيا علينا بعد شماسها [٧٢] عطف الضروس [٧٣] على ولدها " وتلا عقيب ذلك: وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ...» [٧٤].
وورد هذا التعبير في نهج البلاغة أيضاً [٧٥] وقال ابن أبي الحديد معلّقاً عليه: «والإماميّة تزعم أنّ ذلك وعد منه بالإمام الغائب الذي يملك الأرض في آخر الزمان، وأصحابنا يقولون: إنّه وعد بإمام يملك الأرض ويستولي على الممالك، ولا يلزم من ذلك أنّه لابدّ أن يكون موجودا، وإن كان غائبا إلى أن يظهر...» [٧٦].
أقول: وهو يؤوّل كلّ ما ورد من هذا القبيل عنه (ع).
٣. قوله (ع) في كلام لـ كميل بن زياد: « اَللَّهُمَّ بَلَى لاَ تَخْلُو اَلْأَرْضُ مِنْ قَائِمٍ لِلَّهِ بِحُجَّةٍ، إِمَّا ظَاهِراً مَشْهُوراً، أَوْ خَائِفاً مَغْمُوراً، لِئَلاَّ تَبْطُلَ حُجَجُ اَللَّهِ وَ بَيِّنَاتُهُ ...»[٧٧].
وظهور هذا الكلام في عقيدة الإماميّة ممّا لا إشكال فيه ؛ لأنّه (ع) قسّم الإمام إلى ظاهر مشهور، وخائف مغمور، وهو الغائب.
ولكن مع ذلك قال ابن أبي الحديد شارحاً العبارة المتقدّمة: «اللهمّ بلى، لا تخلو الأرض من قائم بحجّة الله تعالى ؛ كيلا يخلو الزمان ممّن هو مهيمن لله تعالى على عباده، ومسيطر عليهم، وهذا يكاد يكون تصريحا بمذهب الإماميّة، إلّا أنّ أصحابنا يحملونه على أنّ المراد به الأبدال الذين وردت الأخبار النبوية عنهم أنّهم في الأرض سائحون، فمنهم من يعرف، ومنهم من لا يعرف، وأنّهم لا يموتون حتّى يودعوا السرّ - وهو العرفان - عند قوم آخرين يقومون مقامهم» [٧٨].
وبهذا النحو تملّص من هذا النصّ الذي صرّح بوضوح بمذهب الإماميّة أيضاً، وأوّله بما لا يرضى به صاحبه!
٤. قوله (ع): «فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ ضَرَبَ يَعْسُوبُ اَلدِّينِ بِذَنَبِهِ فَيَجْتَمِعُونَ إِلَيْهِ كَمَا يَجْتَمِعُ قَزَعُ اَلْخَرِيفِ»[٧٩].
اليعسوب: أمير النحل وذكرها، والرئيس الكبير [٨٠].
فيعسوب الدين: الرئيس الكبير، من منظار الدين والمتديّنين.
والقزع: قطع من السحاب [٨١].
قال ابن أبي الحديد: «... وهذا الخبر من أخبار الملاحم التي كان يخبر بها (ع)، وهو يذكر فيه المهدي الذي يوجد عند أصحابنا في آخر الزمان، ومعنى قوله: " ضرب بذنبه ": أقام وثبت بعد اضطراب ؛ وذلك لأنّ اليعسوب فحل النحل وسيّدها، وهو أكثر زمانه طائر بجناحيه، فإذا ضرب بذنبه الأرض فقد أقام وترك الطيران والحركة.
فإن قلت: فهذا يشبه مذهب الإماميّة في أنّ المهدي خائف مستتر ينتقل في الأرض، وأنّه يظهر آخر الزمان ويثبت ويقيم في دار ملكه.
قلت: لا يبعد على مذهبنا أن يكون الإمام المهدي الذي يظهر في آخر الزمان مضطرب الأمر. منتشر الملك في أوّل أمره لمصلحة يعلمها الله تعالى، ثمّ بعد ذلك يثبت ملكه وتنتظم أموره» [٨٢].
وهكذا تخلّص من هذا النصّ أيضاً، لكنّه صار مصداقا لقوله تعالى: ﴿يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا﴾[٨٣].
وهناك موارد أخرى من كلامه (ع) يشير فيها إلى المهدي (ع) ويستفاد منها حياته وغيبته إلى أن يظهره الله تعالى، لكنّا أعرضنا عن ذكرها مخافة الإطالة [٨٤].
الحوادث التي اقترنت بإمامة الإمام الحسن العسكري (ع)
الحوادث التي عاصرت إمامة الإمام العسكري (ع) تشهد بصحّة دعوى الإماميّة ؛ وذلك للمراقبة الشديدة التي فرضتها السلطة على الإمام (ع) وبيته مخافة أن يكون له ولد ؛ ولهذا لم يكن له ولد غير الإمام المنتظر (ع)، وكانت ولادته - كما تحدّثنا الأخبار [٨٥] - في غاية الخفاء والسريّة، ولم يشاهد هذا المولود العظيم إلّا بعض الخواصّ من أصحاب الإمام العسكري (ع) [٨٦].
وكان سبب هذه المراقبة هو علم ملوك بني العباس عن طريق ما وصل إليهم من الأحاديث التي أخبرت بأنّه سوف يولد المهدي (ع) من صلب الإمام العسكري (ع) وهم يعلمون بعدم كذبها.
وبهذا يمكن توجيه ما رواه أحمد بن عبيد الله بن خاقان حيث جاء فيه: «وبعث السلطان إلى داره من فتّشها وفتّش حجرها وختم على جميع ما فيها، وطلبوا أثر ولده، وجاءوا بنساء يعرفن الحمل، فدخلن إلى جواريه ينظرن إليهنّ، فذكر بعضهنّ أنّ هناك جارية بها حمل، فجعلت في حجرة ووكّل بها نحرير الخادم وأصحابه ونسوة معهم...»[٨٧].
فإنّه لا وجه لما عملوه سوى ما ذكرناه: من علمهم بولادة المهدي من الإمام العسكري (ع)، وإلّا فمجرّد ولادة شخص آخر غيره وإن كان إماما كسائر الأئمّة (ع) لا يحرّضهم على ذلك، كما لم يقع نظيره بالنسبة إلى سائر الأئمّة، فإنّ معارضة الملوك والخلفاء لهم إنّما كانت بعد وصولهم إلى مرحلة الإمامة، لا من قبل ولادتهم!
اعتراف جماعة من علماء السنّة بولادته
ذكرت جملة من المصادر المعنيّة بالكلام عن الإمام المهدي (ع) [٨٨] أسماء شخصيّات علميّة سنّية أقرّت بولادة الإمام (ع) وأنّه ابن الإمام الحسن العسكري (ع)، ونحن نكتفي بذكر بعضهم تجنّبا للإطالة، منهم:
١. كمال الدين محمد بن طلحة:[٨٩] في كتاب مطالب السّؤول في مناقب آل الرسول، حيث قال: «الباب الثاني عشر في أبي القاسم بن محمّد الحسن...».
ثمّ ذكر أبياتاً وعبارات في وصفه (ع)، ثمّ قال: «فأمّا مولده فبسرّ من رأى في ثالث وعشرين [٩٠] سنة ثمان وخمسين ومئتين للهجرة.
وأمّا نسبه أباً واُمّاً، فأبوه محمد بن الحسن الخالص بن علي المتوكل بن محمد القانع بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الزكي بن علي المرتضى أمير المؤمنين
وامّه امّ ولد تسمّى «صقيل»، وقيل: «حكيمة»، وقيل: غير ذلك.[٩١]
ثمّ حاول أن يدفع الشبهات التي ذكروها في طول عمره ونحو ذلك.
٢. سبط ابن الجوزي [٩٢] في كتابه تذكرة الخواص، فإنّه قال: «فصل في ذكر الحجّة المهدي» ثمّ قال: «هو محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى الرضا بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع)، وكنيته أبو عبد الله وأبو القاسم، وهو الخلف الحجّة صاحب الزمان، القائم والمنتظر، والتالي، وهو آخر الأئمّة...» [٩٣]. ثمّ أخذ يدفع شبهات طول العمر ونحوه.
٣. ابن الصباغ المالكي[٩٤] في الفصول المهمّة، حيث قال: «ولد أبو القاسم محمد بن الحجة بن الحسن الخالص بسرّ من رأى ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومئتين للهجرة.
وأمّا نسبه أبا وامّا، فهو أبو القاسم محمد الحجة بن الحسن الخالص بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين.
وأمّا امّه، فامّ ولد يقال لها: نرجس، خير أمة، وقيل: اسمها غير ذلك.
وأمّا كنيته، فأبو القاسم، وأمّا لقبه، فالحجّة والمهدي والخلف الصالح والقائم المنتظر وصاحب الزمان، وأشهرها المهدي...» [٩٥].
ثمّ أخذ - بعد ذكر أوصافه (ع) - بسرد روايات المهدي عن طرق السنّة.
وهناك قائمة تذكر أشخاصاً كثيرين ممّن اعترفوا بولادة المهدي المنتظر (ع) وأنّ أباه الحسن بن عليّ العسكري (ع)، لكنّا نعتذر من ذكرهم مخافة الإطالة، وممّن ذكروه: عبد الوهاب الشعراني [٩٦]، ونقل ذلك عن الشيخ حسن العراقي، وشيخه علي الخواص، ثمّ نقل عبارة محيي الدين بن العربي من كتاب الفتوحات المكّية.[٩٧]
غيبة الإمام المهدي (ع)
الغيبة الصغرى
الغيبة الكبرى
المراجع والمصادر
الهوامش
- ↑ ورد النهي عن تسميته «الحجّة»، فقد روى داوود بن القاسم الجعفري، قال: «سمعت أبا الحسن العسكري (ع) يقول: الخلف من بعدي الحسن، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟ فقلت: ولم جعلني الله فداك؟! قال: إنّكم لا ترون شخصه ولا يحلّ لكم ذكره باسمه. فقلت: فكيف نذكره؟ فقال: قولوا: الحجّة من آل محمّد صلوات الله عليه وسلامه». أصول الكافي ١: ٣٣٢، كتاب الحجّة، باب في النهي عن الاسم، الحديث الأوّل.
- ↑ انظر: الإرشاد ٢: ٣٣٩، وكتاب الغيبة (للشيخ الطوسي): ١٤٣.
- ↑ انظر كتاب الغيبة (للشيخ الطوسي): ١٤١.
- ↑ انظر: كمال الدين: ٤٣٢، باب ميلاد القائم (ع)، الحديث ١٢، والدروس ٢: ١٦.
- ↑ انظر البحار ٣٨: ٣٠٥، تاريخ الإمام علي(ع)، باب أنّه أخصّ برسول الله، ضمن الحديث ٥.
- ↑ انظر إعلام الورى ٢: ٢١٣، ولم يذكر الأخير وهو مشهور.
- ↑ انظر: أصول الكافي ١: ٥١٤، كتاب الحجّة، باب مولد الصاحب (ع)، والإرشاد ٢: ٣٣٩.
- ↑ رواه في الكافي ١: ٥١٤ أيضاً.
- ↑ انظر الإرشاد ٢: ٣٤٠.
- ↑ مسند أحمد ٤: ١١٩، مسند الشاميّين، من حديث معاوية بن أبي سفيان، الحديث ١٦٨٨٢.
- ↑ صحيح مسلم ٣: ١٤٧٨، كتاب الإمارة، الباب ١٣، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين، الحديث ٥٨، رواه عن عبد الله بن عمر، وقد ذكره لعبد الله بن مطيع الذي ترأس قريش في قتالها مع مسلم بن عقبة الذي أرسله يزيد إلى المدينة وارتكب الجريمة النكراء في واقعة الحرّة. وتمام الحديث: «سمعت رسول الله (ص) يقول: من خلع يدا من طاعة، لقي الله يوم القيامة لا حجّة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهليّة». فنتسأل: لماذا امتنع هو من بيعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع)؟! فإن قيل: بايع بعد ذلك. قلنا: لم يثبت ذلك، وعدم بيعته دراية وبيعته بعد ذلك رواية، والرواية لا تقاوم الدراية. كما أنّ معاوية راوي الحديث الأوّل كذلك، بل عدم بيعته مطلقا ممّا لا غبار عليه.
- ↑ انظر المصدرين المتقدّمين، وصحيح البخاري ٤: ٢٢٢، كتاب الفتن، الباب ٢، الحديث ٢ و٣، وصحيح مسلم ٣: ١٤٧٨، كتاب الإمارة، الباب ١٣، الحديث ٥٦.
- ↑ أصول الكافي ١: ٣٧٦، كتاب الحجّة، باب من مات وليس له إمام، الحديث الأوّل.
- ↑ البحار ٢٣: ٧٨، كتاب الإمامة، باب وجوب معرفة الإمام، الحديث ٧، وانظر ٤٩: ٢٦٧، كتاب تاريخ الإمام الرضا (ع)، باب أحوال أصحابه، الحديث ٨.
- ↑ صحيح مسلم ٣: ١٤٥٢، كتاب الإمارة، الحديث ٥.
- ↑ انظر: صحيح البخاري ٤: ٢٤٨، آخر كتاب الأحكام، وسنن أبي داوود ٤: ٨٦، كتاب المهدي، الأحاديث ٤٢٧٩ - ٤٢٨١، وسنن الترمذي ٤: ٥٠١، كتاب الفتن، باب ما جاء في الخلفاء.
- ↑ انظر: كتاب الغيبة (للشيخ الطوسي): ٨٧ - ٩١، وكتاب الغيبة (للنعماني): ١٠٢ - ١٠٧، وغيرهما.
- ↑ كمال الدين: ٢٤٠ - ٢٤١، الباب ٢٢، الحديث ٦٤.
- ↑ كمال الدين: ٢٨٢، الباب ٢٤، الحديث ٣٥.
- ↑ انظر: كتاب الغيبة (للنعماني): ٥٧ - ١١١، باب ما روي في أنّ الأئمّة اثنا عشر إماما، وكتاب الغيبة (للشيخ الطوسي): ٩١ - ١٠٠، وأصول الكافي ١: ٥٢٥، باب ما جاء في الاثني عشر والنصّ عليهم (ع)، والإرشاد ٢: ٣٤٥.
- ↑ مسند أحمد ١: ٥١٧، مسند عبد الله بن مسعود، الحديث ٣٧٨٠.
- ↑ انظر: مستدرك الحاكم ٤: ٥٠١، وكنز العمال ٦: ٨٩، الحديث ١٤٩٧١، ومجمع الزوائد ٥: ١٩٠، باب الخلفاء الاثني عشر، ومسند أبي يعلى ٩: ٢٢٢، الحديث ٥٣٢١، والجامع الصغير ١: ٣٥٠، الحديث ٢٢٩٧.
- ↑ صحيح مسلم ٣: ١٤٥٢، كتاب الإمارة، باب الناس تبع لقريش، الحديث ٤، وصحيح البخاري ٢: ٢٦٥، كتاب بدء الخلق، باب مناقب قريش، الحديث ٢، و٤: ٢٣٣، كتاب الأحكام، باب الامراء من قريش، الحديث ٢، وفيه: «ما بقي منهم اثنان».
- ↑ أصول الكافي ١: ١٧٩، كتاب الحجّة، باب لو لم يبق في الأرض إلّا رجلان... الحديث الأوّل.
- ↑ قال السيّد محمّد صديق حسن القنوجي البخاري المتوفّى سنة ١٣٠٧ ه في كتاب الإذاعة: ١١٢: «... والأحاديث الواردة فيه على اختلاف رواياتها كثيرة جدّا، تبلغ حدّ التواتر»، ثمّ ناقش رأي ابن خلدون في تضعيفها، ثمّ نقل عن محمّد بن عليّ الشوكاني في كتابه «التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر، والدجّال، والمسيح» دعوى تواتر هذه الروايات وإثباتها. ونقل أحمد بن محمّد الصدّيق في كتابه «إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون»: ٤٣٣ - ٤٣٤ عن جماعة التصريح بتواتر أخبار المهدي (ع). وانظر خاتمة كتاب الإمام المهدي عند أهل السنّة لتجد مقالات ومحاضرات علماء السنّة المعاصرين في ذلك.
- ↑ صحيح مسلم ٤: ٢٢٣٥، كتاب الفتن، الباب ١٨ لا تقوم الساعة حتّى يمر الرجل... الحديث ٦٩.
- ↑ البرهان في علامات مهدي آخر الزمان (للمتّقي الهندي): ٧٢، الحديث ٢.
- ↑ سنن ابن ماجة ٢: ١٣٦٦، كتاب الفتن، باب خروج المهدي، الحديث ٤٠٨٣.
- ↑ انظر البرهان: ٨١ - ٨٢، الحديث ٢٥ و٢٧.
- ↑ مسند أحمد ١: ١٠٥، مسند عليّ بن أبي طالب، الحديث ٦٤٧.
- ↑ سنن أبي داوود ٤: ٨٧، كتاب المهدي، الحديث ٤٢٨٣.
- ↑ المصدر المتقدّم: ٨٨، الحديث ٤٢٨٥.
- ↑ عقد الدرر في أخبار المنتظر: ٤٠، نقلا عن نعيم بن حمّاد.
- ↑ عقد الدرر في أخبار المنتظر: ٣٧، نقلا عن نعيم بن حمّاد.
- ↑ عقد الدرر: ٤٦، وقال: «أخرجه جماعة من الحفّاظ في كتبهم، منهم: أبو القاسم الطبراني، وأبو نعيم الإصفهاني، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وأبو عبد الله نعيم بن حمّاد، وغيرهم».
- ↑ عقد الدرر: ٤٦ - ٤٧، وقال: «أخرجه الحافظ أبو القاسم الطبراني في معجمه الصغير». انظر المعجم الصغير ١: ٣٧.
- ↑ انظر: عقد الدرر: ٣٨، رواهما عن حذيفة وعبد الله بن عمر، والبرهان: ٩٣، الحديث ١٥ و١٦، والمهدي الموعود المنتظر عند علماء أهل السنّة والإمامية (للشيخ نجم الدين العسكري) ١: ١٤ - ٢٨، الباب الأوّل، وسوف نلخّص اسم الكتاب بعنوان المهدي الموعود.
- ↑ انظر: عقد الدرر: ٣٨، رواهما عن حذيفة وعبد الله بن عمر، والبرهان: ٩٣، الحديث ١٥ و١٦، والمهدي الموعود المنتظر عند علماء أهل السنّة والإمامية (للشيخ نجم الدين العسكري) ١: ١٤ - ٢٨، الباب الأوّل، وسوف نلخّص اسم الكتاب بعنوان المهدي الموعود.
- ↑ عقد الدرر: ٣٥، فقد نقله عن جملة من أصحاب السنن، منهم: أبو داوود ٤: ٨٨، الحديث ٤٢٨٤، وابن ماجة ٢: ١٣٦٨، الحديث ٤٠٨٦. وانظر: البرهان: ٨٩ - ٩٥، والمهدي الموعود: ١١٢ - ١٣٠، فإنّهما أوردا الحديث بطرق عديدة، كما أوردا أحاديث اخر بهذا اللفظ والمضمون.
- ↑ عقد الدرر: ٤٤.
- ↑ البرهان: ٩٤، الحديث ١٧.
- ↑ البرهان: ٩٤، الحديث ١٧.
- ↑ كنز العمّال ١٤: ٥٩١، الحديث ٣٩٦٧٥.
- ↑ ذخائر العقبى (لمحبّ الدين الطبري): ١٣٥ - ١٣٦، والمعجم الكبير (للطبراني) ٣: ٥٧ - ٥٨، الحديث ٢٦٧٥، والحاوي للفتاوي (للسيوطي) ٢: ١٣٧، رسالة «العرف الوردي في أخبار المهدي»، والمهدي الموعود ١: ١٣١، ونقله عن جماعة من علماء السنّة.
- ↑ انظر المهدي الموعود ١: ١٣٤.
- ↑ انظر عقد الدرر: ٤٦ - ٤٧، الباب الأوّل.
- ↑ سنن أبي داوود ٤: ٩٠، كتاب المهدي، الحديث ٤٢٩٠.
- ↑ عقد الدرر: ٤٥ - ٤٦، نقلا عن الحافظ أبي نعيم في «صفة المهدي»، وفرائد السمطين ٢: ٣٢٥ - ٣٢٦، وذخائر العقبى: ١٣٦ - ١٣٧، وقال: «فيحمل ما ورد مطلقا فيما تقدّم على هذا المقيّد».
- ↑ أقول: رويت هذه القضيّة بعدّة طرق، منها: عن طريق عليّ بن هلال، عن أبيه، وعن طريق أبي أيّوب الأنصاري، وقد تقدّما في الصفحة ٦٢٩ - ٦٣٠، وعن طريق أبي سعيد الخدري كما في المتن. هذا عن طريق السنّة، وأمّا عن طريق الشيعة فقد نقلت القضية عن سلمان الفارسي أيضاً. انظر كمال الدين: ٢٦٢ - ٢٦٤، الباب ٢٤، الحديث ١٠.
- ↑ الفصول المهمّة: ٢٨٦، وقال: «هكذا أخرجه الدارقطني صاحب الجرح والتعديل».
- ↑ شرح النهج ١: ٢٨١ - ٢٨٢.
- ↑ الكيسانية هم الذين اعتقدوا بإمامة محمّد بن الحنفية، وأنّه المهدي، قال الشيخ الطوسي عنهم: إنّهم انقرضوا، مضافا إلى ما روي من الاحتجاج والمناظرة التي جرت بين محمّد والإمام عليّ بن الحسين (ع)، ثمّ رجوع محمّد إلى إمامته (ع). انظر: كتاب الغيبة (للشيخ الطوسي): ١٥ - ١٧، وأصول الكافي ١: ٣٤٨، كتاب الحجّة، باب ما يفصل به بين دعوى المحقّ والمبطل في أمر الإمامة، الحديث ٥.
- ↑ كمال الدين: ٢٦٢، الباب ٢٤، الحديث ٩.
- ↑ وردت الرواية بالتسوية عن الإمام العسكري (ع) أيضاً، حيث جاء فيها: «... وأوّلنا وآخرنا في العلم سواء، ولرسول الله (ص) وأمير المؤمنين (ع) فضلهما». البحار ٥٠: ٢٥٥ - ٢٥٦، تاريخ الإمام العسكري (ع)، باب معجزاته، الحديث ١١.
- ↑ كمال الدين: ٢٦٩، الباب ٢٤، الحديث ١٢.
- ↑ كمال الدين: ٢٤٠ - ٢٤١، الباب ٢٢، الحديث ٦٤.
- ↑ انظر المصدر المتقدّم: ٣١٥، الباب ٢٩، الحديث ٢، والباب ٣٠، الأحاديث ١ - ٥، وانظر سائر الأبواب التي وردت أحاديثها عن سائر الأئمّة (ع) في هذا الموضوع.
- ↑ شرح النهج ١: ٢٨١.
- ↑ الحاوي للفتاوي ٢: ١٦٥، رسالة «العرف الوردي في أخبار المهدي».
- ↑ سنن أبي داوود ٤: ٩٠، كتاب المهدي، الحديث ٤٢٩٠.
- ↑ ولد أبو إسحاق لثلاث سنين بقين من خلافة عثمان، وكان يقول: «رفعني أبي حتّى رأيت عليّ بن أبي طالب يخطب وهو أبيض الرأس واللحية». وفيات الأعيان ٣: ٤٥٩، الترجمة ٥٠٢. أقول: ومن هذه حاله فكيف يروي عن عليّ (ع) الرواية المذكورة؟!
- ↑ مختصر سنن أبي داوود (للحافظ المنذري) ٦: ١٦٢، الحديث ٤١٢١، وانظر الإذاعة لما كان ويكون بين يدي الساعة (لمحمّد صدّيق حسن): ١٣٧ - ١٣٨.
- ↑ قال ابن القيّم الجوزية بعد هذه المحاولة: «وفي كونه من ولد الحسن سرّ لطيف، وهو أنّ الحسن رضي الله تعالى عنه ترك الخلافة لله، فجعل الله من ولده من يقوم بالخلافة الحقّ، المتضمّن للعدل الذي يملأ الأرض، وهذه سنّة الله في عباده أنّه من ترك لأجله شيئا أعطاه الله أو أعطى ذرّيّته أفضل منه، وهذا بخلاف الحسين، فإنّه حرص عليها، وقاتل عليها، فلم يظفر بها، والله أعلم». المنار المنيف في الصحيح والضعيف: ١٥١. أقول: خفي على ابن الجوزية وأمثاله: أنّ الحسن والحسين (ع) إمامان، قاما أو قعدا، فكلّ منهما كان يعمل طبقا لوظيفته الشرعية، ولولا خوف الإطالة لذكرنا تصريحاتهما وتصريحات سائر الأئمّة (ع) بذلك. إذن لم تكن تضحيات السبط الشهيد (ع) حرصا على الخلافة كما توهّمه هذا الشخص الذي لم يراع حرمة رسول الله (ص) في سبطه وفلذة كبده، فأساء الأدب، بل الأمر كان على العكس من ذلك تماما، فإنّه لمّا بذل (ع) مهجته وضحّى بكلّ غال ونفيس في سبيل الله وإعلاء كلمته والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا حرصا على الخلافة، أبدله الله تعالى بأمور، منها أنّه جعل الإمامة في ذرّيّته، وقد ورد التصريح بذلك عن الأئمّة من أهل البيت (ع) الذين هم أدرى بما في البيت من ابن القيّم وأمثاله. انظر البحار ٤٤: ٢٢١، تاريخ الحسين (ع)، باب ما عوّضه الله بشهادته. وأكثر هذه المحاولات جاءت لإخفاء نور الإمامة، والله يأبى إلّا أن يتمّ نوره. ويؤيّد ما ذكرناه قول سعيد بن المسيّب لقتادة حينما سأله عن المهدي فأجابه إلى أن قال: «من أولاد فاطمة» فقال قتادة: «من أيّ ولد فاطمة؟» قال ابن المسيّب: «حسبك الآن». فإنّ الظروف آنذاك لم تسمح لابن المسيّب أن يصرّح بالواقع ؛ لأنّه كان تأييدا لإمامة الأئمّة من ولد الحسين (ع).
- ↑ انظر أصول الكافي ١: ٤٦٩، كتاب الحجّة، باب مولد أبي جعفر محمى بن علي
- ↑ تقدّم في الصفحة ٦٢٩.
- ↑ راجع كمال الدين: ٣١٨ - ٣٨٥، الباب ٣١.
- ↑ انظر الصفحة ٦٣٥ - ٦٣٧.
- ↑ قال السيوطي في آخر رسالة «العرف الوردي في أخبار المهدي»: «تنبيهات: الأوّل - عقد أبو داوود في سننه بابا في المهدي، وأورد في صدره حديث جابر بن سمرة عن رسول الله (ص): " لا يزال هذا الدين قائما حتّى يكون اثنا عشر خليفة كلّهم تجتمع عليه الامّة " وفي رواية " لا يزال هذا الدين عزيزا إلى اثني عشر خليفة كلّهم من قريش"، فأشار بذلك إلى ما قاله العلماء: إنّ المهدي أحد الاثني عشر، فإنّه لم يقع إلى الآن وجود اثني عشر اجتمعت الامّة على كلّ منهم». الحاوي للفتاوي ٢: ١٦٥، رسالة «العرف الوردي في أخبار المهدي». أقول: إنّ ما نقله من العلماء: من أنّ المهدي هو أحد الاثني عشر متين جدّا، ويؤيّد عقيدة الإماميّة في هذا الموضوع. وأمّا مسألة أنّ الأئمّة الاثني عشر كلّهم تجتمع عليهم الامّة، فهذا أمر تفرّد به أبو داوود في رواية سمرة، وإلّا فالمشهور نقلوه خاليا من ذلك، بل يوافق اللفظ الثاني الذي ذكره للرواية. انظر المقدّمة الثانية. ولعلّ هذه الإضافة ألحقت لصرف الرواية عن أئمّة أهل البيت (ع)، والله العالم، وكم رأينا لذلك من نظير حتّى في عصرنا الحاضر.
- ↑ ذكر ابن أبي الحديد هذا المقطع وغيره في آخر خطبة مشهورة خطبها الإمام (ع) بعد وقعة النهروان وقال: إنّها منها، ولم يذكرها الشريف الرضي.
- ↑ شرح النهج ٧: ٥٨ - ٥٩.
- ↑ سورة القصص، الآية ٥.
- ↑ الشماس مصدر شمس الفرس شماسا، أي منع ظهره من أن يركب عليه. القاموس المحيط: «شمس».
- ↑ الضروس: الناقة السيّئة الخلق، تعضّ حالبها. القاموس المحيط: «ضرس».
- ↑ مجمع البيان (٧ - ٨): ٢٣٩.
- ↑ انظر نهج البلاغة: ٥٠٦، الحكمة ٢٠٩.
- ↑ شرح النهج ١٩: ٢٩.
- ↑ نهج البلاغة: ٤٩٧، الحكمة ١٤٧.
- ↑ شرح النهج ١٨: ٣٥١.
- ↑ نهج البلاغة: ٥١٧، فصل في غريب كلامه، رقم ١.
- ↑ القاموس المحيط: «عسب».
- ↑ المصدر المتقدّم: «قزع».
- ↑ شرح النهج ١٩: ١٠٤ - ١٠٥.
- ↑ سورة النحل، الآية 83.
- ↑ انظر شرح النهج ١: ٢٧٦ و٢٨١ - ٢٨٢، و٧: ٩٤، و١٠: ٩٥ - ٩٦، و١٩: ١٣٠، وغيرها.
- ↑ انظر: كتاب الغيبة (للشيخ الطوسي): ٧٣ - ٧٦، وكمال الدين: ٤٢٤ - ٤٣٤، الباب ٤٢.
- ↑ انظر كمال الدين: ٤٣٤ - ٤٧٩، الباب ٤٣.
- ↑ أصول الكافي ١: ٥٠٥.
- ↑ انظر المهدي الموعود ١: ١٨٢ - ٢٢٦، الباب السادس عشر.
- ↑ هو كمال الدين محمّد بن طلحة بن محمّد بن الحسن القرشي العدوي النصيبي الشافعي. من أعلام المحدّثين، مشارك في الفقه والأصول والأدب، توفّي سنة ٦٢٥ ه. انظر الإمام المهدي عند أهل السنّة ١: ١٢١، الطبعة القديمة.
- ↑ كذا في المصدر، والظاهر سقوط كلمة شعبان من العبارة.
- ↑ مطالب السّؤول: ٨٨، الباب الثاني عشر، والإمام المهدي عند أهل السنّة ١: ١٢٤، الطبعة القديمة، و١٠١ من الطبعة الحديثة.
- ↑ هو يوسف بن قزاوغلي بن عبد الله البغدادي الدمشقي أبو المظفّر شمس الدين الحنفي، من حفّاظ الحديث، مشارك في الفقه والتفسير والتاريخ، وكان من الوعّاظ المشهورين، توفّي سنة ٦٥٤ ه. انظر الإمام المهدي عند أهل السنّة ١: ١٣٥، الطبعة القديمة، و١١٣ من الطبعة الحديثة.
- ↑ تذكرة الخواص: ٣٦٣ - ٣٦٤.
- ↑ هو نور الدين عليّ بن محمّد بن أحمد بن عبد الله الصفاقسي، وأصله من مدينة غزّة. ولد في ذي الحجّة سنة ٧٨٤ ه بمكّة، واشتهر بابن الصبّاغ المالكي المكّي ؛ لأنّه كان من أعيان المذهب المالكي في عصره. توفّي سنة ٨٨٥ ه. انظر: مقدّمة الفصول المهمّة: ٥ و٦ و١٦. وموسوعة الإمام المهدي عند أهل السنّة ١: ٣٣٣، الطبعة القديمة و٣٠٣ من الطبعة الحديثة.
- ↑ الفصول المهمّة في معرفة أحوال الأئمّة (ع): ٢٨٢ - ٢٨٣.
- ↑ انظر: اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر ٢: ٤١٠ - ٤١١، البحث الخامس والستّون، والإمام المهدي عند أهل السنّة ١: ٤١٠ - ٤١١، الطبعة القديمة، و٣٤٩ - ٣٥٠ من الطبعة الحديثة.
- ↑ محمد علي الأنصاري، الموسوعة الفقهية الميسرة 5: 622 - 640.