النص على الإمام
تمهيد
يشترط الشيعة لثبوت إمامة أحد الأئمة أن يكون هناك نص واضح وصريح من النبي (ص) أو من إمام سابق على إمامته. فالنصّ هو الطريق الوحيد المعتبر لتعيين الإمام في نظر الشيعة. أمّا أهل السنة فلا يرون أنّ النص هو الطريق الوحيد، بل يعتبرون طرقاً أخرى صحيحة لتنصيب الإمام[١].
طرق تعيين الإمام عند أهل السنة
يذكر علماء أهل السنة عدّة طرق لتعيين الإمام غير النص، منها:
- بيعة أهل الحل والعقد: وهم جماعة من الشخصيات البارزة في المجتمع تقبل بإمامة شخص وتلتزم بطاعته من خلال البيعة. ولا يشترط عدد معيّن لصحّة البيعة، بل تكفي بيعة شخص واحد منهم.
- الغلبة والقهر: يرى بعض علماء السنة أنّه لو استولى أحد على منصب الإمامة بالقوّة، ولو كان فاسقاً ظالماً جاهلاً، فإنّه يصبح إماماً شرعيّاً يجب طاعته[٢].[٣]
النص هو الطريق الوحيد لإثبات الإمامة عند الشيعة
يرى الشيعة أنّ الإمامة ليست مجرّد منصب دنيوي كالحكومة والسلطنة، بل هي منصب إلهي خطير يتولّى مسؤولية قيادة الأمّة وحفظ الشريعة. لذلك لابدّ أن يتحلّى الإمام بصفات خاصّة كالعصمة والعلم اللدني والأفضلية على الجميع. ولا يمكن التأكّد من وجود هذه الصفات في الإمام إلّا بنصّ من الله على لسان نبيّه.
فهل يعقل أن يُترك هذا المنصب العظيم الأهمّية ليُعيّن شاغله ببيعة شخص واحد؟ وهل يقبل العقل السليم أن يتولّى قيادة الأمّة - دينيّاً ودنيويّاً - شخص فاسق فاجر وصل للحكم بالقوّة؟
لذلك يستدلّ الشيعة على انحصار طريق ثبوت الإمامة بالنصّ بدليل عقلي مبنيّ على شرط العصمة. فالعصمة صفة باطنية خفيّة لا يعلمها إلّا الله، ولا سبيل لمعرفة المعصوم إلّا بإخبار الله عنه في نص واضح.
وهكذا يتّضح أنّ الخلاف بين الشيعة والسنة في تحديد خليفة النبي (ص) مبنيّ على اختلاف جذري في تصوّرهم لحقيقة الإمامة ودورها في المجتمع الإسلامي، ممّا أدّى لاختلافهم في الشروط الواجب توفّرها في الإمام[٤].
المراجع والمصادر
الهوامش
- ↑ انظر: محمد سعيدي مهر، دروس في علم الكلام الإسلامي: ٤٩٢.
- ↑ انظر - كنموذج -: الجرجاني، شرح المواقف ٨: ٣٥١- ٣٥٤.
- ↑ انظر: محمد سعيدي مهر، دروس في علم الكلام الإسلامي (كتاب)|دروس في علم الكلام الإسلامي، ص ٤٩٢-٤٩٣.
- ↑ انظر: محمد سعيدي مهر، دروس في علم الكلام الإسلامي: ٤٩٣ و٤٩٤.