أهل البيت
التعريف
المعنى اللغوي
أهل البيت مركّب، إضافي من اللفظين «أهل» و «البيت»، و معنى «أهل» في قولنا: «أهل الرجل» هو عياله وذووه، وفي قولنا: «أهل البيت» هو ساكنو البيت، وفي قولنا: «أهل الأمر» هو من يملك زمام الاُمور، وفي قولنا: «أهل المذهب» هو أتباع ذلك المذهب.[١]
كما قد تستعمل بمعانٍ اُخرى عند إضافتها لألفاظ اُخرى، فتستعمل بمعنى الشخص أو الأشخاص الأكفّاء أو الخبير والماهر في عمل معيّن، فيقول الراغب في هذا المجال:
أهل الرجل: من يجمعه وإيّاهم نسب أو دين، أو ما يجري مجراهما؛ من صناعة وبيت وبلد، وأهل الرجل في الأصل: من يجمعه وإيّاهم مسكن واحد، ثمّ تجوز به، فقيل: أهل الرجل: من يجمعه وإيّاهم نسب.[٢]
والجامع المشترك بين هذه المعاني هو القرابة والصلة التي تربط الشخص بهؤلاء الأفراد الّذين عدّوا من أهله. وبطبيعة الحال كلّما كانت الصلة والقرابة أشدّ فإنّ صدق عنوان «الأهل» عليهم سيكون أتمّ وأكمل.
وأمّا كلمة «البيت» فإنّها إذا اُضيفت إلى الأفراد بما لهم من شخصية كانت بمعنى البيت المسكون، أو العشيرة والقبيلة، وأمّا إذا اُضيفت إلى الشخص بما له من مقام ومنزلة أو نظير ذلك ـ كقولنا: «بيت الرئاسة»، و «بيت القضاء»، و «بيت المرجعية»، و «بيت العلم»، و «بيت النبوّة» ـ كانت بمعنى الاُسرة الذين تشدّهم صلة قريبة بالمعنى المذكور.[٣].[٤]
المعنى الاصطلاحي
استعمل القرآن الكريم كلمة «أهل» بمعناها اللغوي، حيث أطلقها على من تشدّه نوع آصرة ورابطة، نظير: ﴿أَهْلَ الْقُرَى﴾[٥]، ﴿أَهْلِ الْمَدِينَةِ﴾[٦]، ﴿أَهْلُ الْإِنْجِيلِ﴾[٧]، ﴿أَهْلُ التَّقْوَى﴾[٨].
وقد جاء استعمال التركيب «أهل البيت» في ثلاثة مواطن:
- في قصّة النبيّ موسى (ع) عندما كان طفلاً وقالت اُخته للفراعنة: ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ﴾[٩]
- في قصّة النبيّ إبراهيم (ع) عندما تعجّبت زوجته من بشارة الملائكة لها، فقالت لها الملائكة: ﴿رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ﴾[١٠]
- في سورة الأحزاب وفي عداد وصايا الله سبحانه لنساء النبيّ (ص)، وبضمير النسوة يتغيّر الخطاب من النسوة إلى النبيّ (ص)، وبصيغة الجمع المذكر، حيث يقول: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾[١١]
ولا ريب أنّ المراد من «أهل البيت» في هذه الآية هم الذين نزلت فيهم آية التطهير، لكن المهمّ في المقام هو أن نري المراد من هؤلاء؟[١٢]
القرائن الدالّة على تفسير أهل البيت (ع)
بالتأمّل في دلالة سياق الآية ومضمونها، وبالتأمّل في إجراءات النبيّ (ص) في مجال تفسير الآية والتعريف بأهل البيت، مضافاً للقرائن الاُخرى التي ستأتي الإشارة إليها، لا يبقي شكّ في أنّ المقصود من ﴿أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ في الآية المذكورة ليسوا أهل بيت شخص النبيّ، وإنّما المراد بهم أهل بيت عنوان النبيّ (ص) ؛ أي عدد خاصّ من أهل بيت النبيّ، وهم الذين اُلقيت على عاتقهم هداية الاُمّة بعد النبيّ (ص).
وبعبارة اُخرى: المراد من أهل البيت هم أهل بيت الرسالة، وهم الذين حمّلهم الباري سبحانه أعباء تبليغ رسالة النبيّ (ص) بعده بشكل خاصّ.
وإليك فيما يلي بعض القرائن الدالّة على تفسير الآية: [١٣]
سياق آية التطهير
مقتضي التأمّل في دلالة سياق آية التطهير هو أنّ المراد من أهل البيت فيها ليس هو مطلق أقرباء النبيّ (ص) ؛ وذلك أنّ الضمائر الواردة في الآيات السابقة عليها جاءت جميعاً بصيغة جمع المؤنّث، بينما وردت الضمائر في هذا المقطع من الآية بصيغة جمع المذكر ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾[١٤]، وهذا ما يكشف عن أنّ المراد منهم ليس هو مطلق قرابة النبيّ الشاملة لنسائه، وإنّما المراد منهم هو عدد خاصّ من قرابته (ص)[١٥].[١٦]
مضمون آية التطهير
بدأت الآية المذكورة بكلمة ﴿إِنَّمَا ﴾، وهي ممّا يفيد الحصر، ولهذا فهي تدلّ على أنّ صفة الطهارة المطلقة من الأدناس الظاهرية والباطنية هي خاصّة بأهل البيت، وعبارة ﴿يُرِيدُ اللَّهُ﴾ لبيان أنّ اللّه سبحانه وتعالى أراد هذه الطهارة لأهل البيت تكويناً ؛ ذلك لأنّ إرادة اللّه التشريعية بلزوم الطهارة لا تخصّ أهل البيت، وإنّما تعمّ جميع الناس، فالباري سبحانه يريد من جميع الناس أن يطهّروا أنفسهم من الأدناس.
وعلى هذا الأساس ومع الالتفات إلى أنّ إرادة الباري التكوينية غير قابلة للتخلّف، فإنّ هذه الفضيلة الكبرى الواردة في الآية لا تشمل الكفّار والمشركين من قرابة النبيّ (ص)، وإنّما تشمل الطاهرين من قرابته خاصّة. وعليه فإنّ مقتضى مضمون آية التطهير هو أنّ المراد من ﴿أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ فيها هو عدد خاصّ من قرابة النبيّ الأعظم (ص)، وهم الذين يتّصفون بالطهارة المطلقة.[١٧]
تفسيرها عمليّاً من قبل النبيّ (ص)
مضافاً لدلالة سياق ومضمون الآية المذكورة على أنّ المراد من أهل البيت فيها هو عدد خاصّ من قرابة النبيّ (ص)، فقد قام النبيّ بإجراءات عديدة بهدف التعريف بأهل بيته، فإذا أخذنا هذه الإجراءات بنظر الاعتبار فسوف لا يبقي مجال للشكّ والترديد لدى المحقّق المنصف في دلالة الآية.
وبعبارة اُخرى فإنّ النبيّ (ص) أتمّ الحجّة على اُمّته في مجال التعريف بأهل بيته المذكورين في القرآن الكريم. ومن أهم إجراءاته في هذا المجال هو ما يلي[١٨]:
- عند نزول آية التطهير: عندما نزلت آية التطهير جمع النبيّ (ص) عليّا وفاطمة والحسن والحسين تحت كساء يماني وقال: «هَؤُلاَءِ أَهْلُ بَيْتِي»، ومنع زوجته عن الدخول تحت الكساء إلى جانب أهل بيته (ع).
- السلام على أهل البيت (ع): بعد نزول آية التطهير وبهدف بيان المراد من ﴿أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ فيها، والمراد من ﴿أَهْلَكَ﴾ في قوله تعالي: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ﴾[١٩]، كان النبيّ (ص) يأتي بيت عليّ وفاطمة كلّ يوم عند أذان الصبح، ويخاطبهم بعنوان ﴿أَهْلَ الْبَيْتِ﴾، ويسلّم عليهم، ويدعوهم إلى الصلاة.
- اصطحاب أهل البيت (ع) إلى المباهلة: بعد نزول آية المباهلة ونزول الأمر إلي النبيّ (ص) بمباهلة نصاري نجران، اصطحب النبيّ عليّاً وفاطمة والحسن والحسين (ع) باعتبارهم مصاديق لـ ﴿أَنْفُسَنَا﴾[٢٠] و ﴿نِسَاءنَا﴾[٢١] و ﴿أَبْنَاءَكُمْ﴾[٢٢] الواردة في الآية المذكورة، اصطحبهم معه إلى المباهلة، وحاول بذلك التعريف بأهل بيته. وفي هذا الموضع منع النبيّ أيضاً من التحاق عائشة بأهل بيته (ع).
- جعل أهل البيت (ع) عدلاً للقرآن: من أبرز الإجراءات التي قام بها النبيّ (ص) للتعريف بأهل بيته هي أنّه جعلهم عدلاً و كفؤاً للقرآن الكريم، وذلك في حديث الثقلين المتواتر، وبذلك ضمن لنا مصونيّتهم عن الخطأ، وأثبت مرجعيّتهم للاُمّة علميّاً ودينيّاً وسياسيّاً.
- بيان ضرورة معرفة منزلة أهل البيت (ع): الخطوة الاُخرى التي قام بها النبيّ الأعظم في هذا المجال هي بيان قيمة معرفة منزلة أهل البيت (ع)، والتأكيد علي أهمّية معرفتهم، وتشبيههم بسفينة نوح، وباب حطّة، ونجوم السماء، ومقام الكعبة في سائر البقاع، ومحلّ العين في البدن، وبيان أنّ الكون مع أهل البيت يضمن السعادة والفلاح، والانفصال عنهم يوجب الضلالة والرجوع إلى الجاهلية الاُولى.
- بيان المقام العلمي والديني لأهل البيت (ع): الخطوة الاُخرى التي نفّذها النبيّ (ص) هي بيان المنزلة العلميّة لأهل البيت، نظير كونهم خزّان علم اللّه، وورثة الأنبياء، والراسخون في العلم، و أهل الذكر، وأعلم الناس، وأنّ كلامهم كلامه (ص). مضافاً إلي كلماته (ص) التي أبان فيها مرجعيّتهم الدينية؛ نظير الروايات الدالّة على أنّهم حفظة الدين، ومعدن الرسالة، وأركان الحقّ، و المفسّرون للدين، وبالتالي فقد ربط بداية الدين ونهايته بأهل بيته (ع).
- وجوب مودّة أهل البيت (ع): النقطة الاُخري التي أكّدها النبيّ (ص) للاُمّة هي وجوب مودّة أهل بيته، وأبان لهم بركات هذه المودّة، نظير: كونها أساس الإسلام، وأنّها محبّة اللّه ورسوله، وأنّها شرط قبول التوحيد، وعلامة الإيمان، وأفضل العبادة، وأوّل ما يسأل عنه المسلم يوم القيامة، وأنّها تكسب المحبّ لهم خير الدنيا والآخرة.
- التحذير من بغض أهل البيت (ع): الخطوة الاُخرى التي أتاها النبيّ (ص) في هذا المجال هي التحذير من بغض وعداوة أهل البيت وآثارهما السلبية، نظير: إيجابهما الغضب الإلهي، والكون في عداد المنافقين والكفّار، وأنّ عاقبتهما الاُخروية هي نار جهنّم لا محالة.
- بيان عدد أهل البيت (ع) وأسمائهم: ذكرت الروايات عدد أوصياء النبيّ (ص)، إلى جانب ذلك فقد جاء التصريح بأسماء أهل البيت في روايات اُخرى، وهاتان المجموعتان من الروايات تكشفان عن أوضح إجراء جاء به النبيّ (ص) للتعريف بأهل البيت (ع).
- تعيين حقوق أهل البيت (ع): القدم الآخر الذي سلكه النبيّ (ص) في هذا المجال، وبهدف بيان المنزلة السياسية والاجتماعية لأهل البيت (ع)، هو بيان حقوقهم المفروضة على الاُمّة، نظير: حقّ المودّة، حقّ الولاية، حقّ القيادة، حقّ الطاعة، حقّ الخمس، والصلاة عليهم.
- التأكيد على المنزلة السياسية الإلهية لأهل البيت (ع): جميع الخطوات التي جاء بها النبيّ (ص) في مجال التعريف بأهل البيت هي مقدّمة لبيان منزلتهم السياسية الإلهية، وبيان الحقيقة التالية: لماذا اختار أهل البيت أوصياء له وقادة سياسيين للاُمّة من بعده؟ ولماذا عدّ سِلمهم سلماً له، وحربهم حرباً له؟ نعم، سَبْر السيرة النبويّة يكشف لنا عن أنّ النبيّ (ص) سلك جميع الطرق الممكنة للتعريف بأهل البيت الذين هم قادة المجتمع الإسلامي في المستقبل، ولم يتوانَ عن شيء في هذا المجال، وبذلك فقد أتمّ الحجّة على الاُمّة، إلّا أنّنا إذا راجعنا تأريخ صدر الإسلام وجدنا ـ وللأسف الشديد ـ أنّ الاُمّة ظلمت أهل البيت بنحو ومقدار بحيث لو كان النبيّ (ص) قد أوصى بظلمهم لما استطاعت الاُمّة أن تزيد على ما ارتكبته في حقّهم. والملفت للنظر أنّ النبيّ (ص) كان يرى ما ستفعله الاُمّة بأهل بيته من الظلم والجور، ولهذا فإنّ عدداً هامّاً من الأحاديث النبويّة قد جاءت لبيان الظلم والجور الذي سيحلّ بأهل بيته من بعده.
- التنبّؤ بدولة أهل البيت (ع): تواترت الروايات الواردة في كتب الفريقين والتي تنصّ على أنّ النبيّ (ص) تنبّأ بأنّ المهدي من أهل بيته سيحكم العالم، ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً، ويمكننا أن نعدّ هذه التنبّؤات آخر خطوة جاء بها النبيّ (ص) للتعريف بأهل البيت (ع).[٢٣]
رواية عدد من نساء النبيّ (ص)
إلى جانب الخطوات التي جاء بها النبيّ (ص) للتعريف بأهل البيت (ع) وبيان المراد من هذا العنوان في آية التطهير، فقد جاء في عدد من النصوص المروية عن بعض نساء النبيّ (ص) ـ نظير اُمّ سلمة وعائشة ـ بيان كيفيّة نزول هذه الآية، وهذه النصوص شاهدة لتفسير أهل البيت، وأنّ المراد منهم ليس هو مطلق قرابة النبيّ، وإنّما هو عدد خاصّ منهم، وهم أصحاب الكساء خاصّة، وأنّه جاء التصريح في رواية عن اُمّ سلمة - وفي رواية عن عائشة - أنّها سألت النبيّ (ص): ألست من أهل بيتك؟ فأجابها النبيّ بصراحة بأنّ أهل البيت هم أصحاب الكساء، وأنّها زوجته فقط.[٢٤]
رواية عدد كبير من الصحابة
روى عدد كبير من صحابة النبيّ (ص) كيفيّة نزول آية التطهير - أمثال: أبو سعيد الخدري، و أنس بن مالك، والبراء بن عازب، وثوبان، وجابر بن عبد اللّه الأنصاري، وسعد بن أبي وقاص وغيرهم - وهي دليل آخر لإثبات المعنى المذكور لأهل البيت. [٢٥]
رواية أهل البيت (ع)
روى أهل البيت (ع) أنفسهم كيفيّة نزول آية التطهير، كما رواها عدد من نساء النبيّ وكثير من الصحابة. مضافاً إلى ذلك أنّهم أبانوا منزلتهم القرآنية باعتبارهم ﴿أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ في المناسبات المختلفة، واحتجّوا بها في مواطن متعدّدة. [٢٦]
اتّصاف أهل البيت (ع) بأوصاف الإنسان الكامل
يمكننا القول بأنّ اتّصاف عدد خاصّ من ﴿أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ النبيّ (ص) بأوصاف أكمل الناس، هو دليل قويّ آخر للمعنى المذكور لأهل البيت.
وبعبارة أوضح: ذكرت الروايات خصائص كثيرة لأهل البيت نظير: الخصائص العلمية، الأخلاقية، العملية، وإذا ما اتّصف شخص بهذه الأوصاف فهو من أرفع الناس منزلة، وهو إمام واُسوة للآخرين، وهذه الأوصاف والخصائص كانت في عدد قليل من أهل بيت الرسالة. وعليه فلا يصدق عنوان ﴿أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ إلّا على المعنى المتقدّم.[٢٧]
آراء اُخرى في تفسير أهل البيت (ع)
والملفت للنظر أنّ جميع المفسّرين من الشيعة وأهل السنّة يعتقدون أنّ آية التطهير نزلت في أصحاب الكساء، وهم: النبيّ (ص) وعليّ وفاطمة والحسن والحسين (ع)، وأنّ المراد من أهل البيت هو أصحاب الكساء[٢٨]. إلّا أنّه توجد آراء اُخرى لأهل السنّة في تفسير آية التطهير، و هي عبارة عمّا يلي:
- المراد من ﴿أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ هو نساء النبيّ (ص).
- المراد من ﴿أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ هو نساء النبيّ (ص) مضافاً لعليّ وفاطمة والحسن والحسين (ع).
- المراد من ﴿أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ هو جميع قرابة النبيّ (ص) من نسائه وأولاده وأقربائه، بل وخدّامه الذين كانوا في منزله.
- المراد من ﴿أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ هو من تحرم عليهم الصدقة.
وبالتأمّل فيما ذكرناه من النقاط حول معنى ﴿أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ يتّضح أنّه لا يمكن قبول شيء من هذه المعاني. نعم، السؤال الوحيد المطروح في المقام حول آية التطهير هو: لماذا ذكرت الآية أمراً لا يشمل نساء النبيّ أثناء بيانها لوظائف نساء النبيّ (ص) ؟
وفي مقام الجواب على هذا السؤال ذكرت أجوبة عديدة، منها: ليس المذكور خاصّاً بهذا المورد في القرآن، فالقرآن مليء بالآيات التي جاءت إلى جانب بعضها البعض، ومع ذلك فقد تعرّضت لاُمور مختلفة، بل نجد في كلام فصحاء العرب وشعرهم نظير ذلك بوفرة.
وقال العلّامة الطباطبائي في معرض الجواب عن هذا السؤال: رويت سبعون رواية في شأن نزول آية التطهير، ولم يرد حتّى في رواية واحدة نزول هذه الآية ضمن آيات نساء النبيّ، ولا ذكره أحد حتّى القائل باختصاص الآية بأزواج النبيّ، كما ينسب إلى عكرمة وعروة.
وعلى هذا يلزم القول: بأنّ آية التطهير بحسب النزول ليست جزء من آيات نساء النبيّ ولا متّصلة بها، وإنّما وضعت بينها ؛ إمّا بأمر من النبيّ (ص) أو عند التأليف بعد الرحلة. ويؤيّده أنّنا لو حذفنا المقطع ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ﴾[٢٩] والذي هو جزء من الآية في الوقت الحاضر، فإنّ الآية المذكورة ستكون منسجمة تمام الانسجام مع الآيات التالية لها، ولا يبدو أنّ شيئا منها محذوف.[٣٠]
والآن سنستعرض لك نصوص الآيات والروايات التي تعيننا في معرفة ﴿أَهْلَ الْبَيْتِ﴾، باُسلوب ونظم جديد، مفعمة بالتحليلات الضرورية والتي تمسّ لها الحاجة[٣١]
المراجع والمصادر
الهوامش
- ↑ اُنظر: لسان العرب: مادّة (أهل).
- ↑ مفردات ألفاظ القرآن: ص ٩٦ (أهل).
- ↑ لمزيد الاطّلاع راجع: دائرة المعارف قرآن كريم (بالفارسية): ج ٥ ص ٧٧ ـ ١٢٨.
- ↑ محمد الريشهري، موسوعة معارف الكتاب والسنة، ج٦، ص ٨-١٠.
- ↑ سورة الأعراف، الآية ٩٦.
- ↑ سورة التوبة، الآية ١٠١.
- ↑ سورة المائدة، الآية ٤٧.
- ↑ سورة المدثر، الآية ٥٦.
- ↑ سورة القصص، الآية ١٢.
- ↑ سورة هود، الآية ٧٣.
- ↑ سورة الأحزاب، الآية ٣٣.
- ↑ محمد الريشهري، موسوعة معارف الكتاب والسنة، ج٦، ص ٨-١١.
- ↑ محمد الريشهري، موسوعة معارف الكتاب والسنة (كتاب)|موسوعة معارف الكتاب والسنة، ج٦، ص ١١.
- ↑ سورة الأحزاب، الآية ٣٣.
- ↑ هذه الآية بلحاظ السياق نظير الآيات ٢٨ و ٢٩ من سورة يوسف: ﴿إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ﴾.
- ↑ محمد الريشهري، موسوعة معارف الكتاب والسنة، ج٦، ص ١١.
- ↑ محمد الريشهري، موسوعة معارف الكتاب والسنة (كتاب)|موسوعة معارف الكتاب والسنة، ج٦، ص ١٢.
- ↑ محمد الريشهري، موسوعة معارف الكتاب والسنة (كتاب)|موسوعة معارف الكتاب والسنة، ج٦، ص ١٢.
- ↑ سورة طه، الآية ١٣٢.
- ↑ سورة آل عمران، الآية ٦١.
- ↑ سورة آل عمران، الآية ٦١.
- ↑ سورة آل عمران، الآية ٦١.
- ↑ محمد الريشهري، موسوعة معارف الكتاب والسنة، ج٦، ص ١٢-١٦.
- ↑ محمد الريشهري، موسوعة معارف الكتاب والسنة (كتاب)|موسوعة معارف الكتاب والسنة، ج٦، ص ١٦.
- ↑ محمد الريشهري، موسوعة معارف الكتاب والسنة (كتاب)|موسوعة معارف الكتاب والسنة، ج٦، ص ١٧.
- ↑ محمد الريشهري، موسوعة معارف الكتاب والسنة، ج٦، ص ١٧.
- ↑ محمد الريشهري، موسوعة معارف الكتاب والسنة (كتاب)|موسوعة معارف الكتاب والسنة، ج٦، ص ١٧-١٨.
- ↑ نعم، أتباع مدرسة أهل البيت يعتقدون أنّ عنوان ﴿أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ يصدق على الأئمّة الأحد عشر من ولد عليّ (ع) أيضا.
- ↑ سورة الأحزاب، الآية ٣٣.
- ↑ راجع: الميزان في تفسير القرآن: ج ١٦ ص ٣٣٠.
- ↑ محمد الريشهري، موسوعة معارف الكتاب والسنة، ج٦، ص ١٨-١٩.