فاطمة الزهراء

من إمامةبيديا

التعريف

فاطمة الزهراء (ع): هي بنت رسول الله محمد بن عبد الله(ص)، واُمّها خديجة بنت خويلد (ع). فهي ولدت من أكرم أبوين عرفهما التاريخ، ولم يكن لأحد في تاريخ الإنسانية ما لأبيها من الآثار التي غيّرت وجه التاريخ، ودفعت بالإنسانية أشواطاً بعيدة نحو الأمام في بضع سنوات معدودة، ولم يحدّث التاريخ عن اُمّ كاُمّها التي وهبت كلّ ما لديها لمبدأ زوجها العظيم، مقابل ما أعطاها من هداية ونور.

وعاشت السيّدة الزهراء (ع) مع أبيها محن تبليغ الرسالة الإلهية، كحصار بني هاشم في شعب أبي طالب، ولم تبلغ من العمر سوى سنتين، ثمّ واجهت محنة وفاة اُمّها الحنون وعمّ أبيها، وهي في بداية عامها السادس، فكانت بعدهما تؤنس أبيها في وحدته وتؤازره على ما يلمّ به من طغاة قريش وعتاتهم، وهاجرت مع ابن عمّها الإمام علي بن أبي طالب (ع) والفواطم إلى المدينة المنوّرة وهي في الثامنة من عمرها الشريف.

وقد أثبتت الزهراء (ع) للعالم الإنساني أجمع أنّها الإنسان الكامل الذي يحمل طابع الاُنوثة، فيكون آية إلهية كبرى على قدرة الله البالغة وإبداعه العجيب[١].[٢]

ولادتها ووفاتها (ع)

اختلف المؤرّخون في تاريخ ولادتها (ع)، فذكر مؤرخّو الإمامية أنّه في يوم الجمعة في العشرين من شهر جمادى الآخرة في السنة الخامسة من البعثة، خلافاً لغيرهم حيث ذهبوا إلى أنّ ولادتها قبل البعثة بخمس سنين.

وأمّا وفاتها فقد كانت في السنة الحادية عشر من الهجرة [٣].[٤]

فاطمة (ع) من آل البيت (ع)

المراد بالآل: هو من يختصّ بالإنسان اختصاصاً ذاتياً ويتعلّق به تعلّقاً شديداً[٥]، وهذا الارتباط الوثيق بالنبي(ص) لا ينطبق إلّا على الخمسة أصحاب الكساء.

قال الفخر الرازي في تفسير قوله تعالى: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى[٦]: «آل محمد(ص): هم الذين يؤول أمرهم إليه، فكلّ من كان أمرهم إليه أشدّ وأكمل كانوا هم الآل، ولا شكّ أنّ فاطمة وعليّاً والحسن والحسين (ع) كان التعلّق بينهم وبين رسول الله(ص) أشدّ التعلّقات، وهذا كالمعلوم بالنقل المتواتر، فوجب أن يكونوا هم الآل[٧].

وتدلّ على ذلك النصوص الكثيرة التي منها: ما ورد بشأن نزول آية التطهير، وهو قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا[٨]. «عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: نَزَلَتْ هَذِهِ اَلْآيَةُ فِي بَيْتِي، وَفِي اَلْبَيْتِ سَبْعَةٌ: جَبْرَئِيلُ، وَمِيكَائِيلُ، وَرَسُولُ اَللَّهِ، وَعَلِيٌّ، وَفَاطِمَةُ، وَاَلْحَسَنُ، وَاَلْحُسَيْنُ (صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ). قَالَتْ: وَكُنْتُ عَلَى اَلْبَابِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ، أَ لَسْتُ مِنْ أَهْلِ اَلْبَيْتِ؟ قَالَ: إِنَّكِ إِلَى خَيْرٍ، إِنَّكِ مِنْ أَزْوَاجِ اَلنَّبِيِّ»[٩].

وبما روي من فعل النبي(ص) من أنّه كان يمرّ بباب فاطمة ستّة أشهر إذا خرج إلى صلاة الفجر، فيقول: «اَلصَّلاَةَ يَا أَهْلَ اَلْبَيْتِ ﴿إِنَّمٰا يُرِيدُ اَللّٰهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ أَهْلَ اَلْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه[١٠]

ووافق كثير من فقهاء المذاهب فقهاء الإمامية في انطباق (آل البيت) على أصحاب الكساء الخمسة: (فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها: الحسن والحسين) معتبرين ذلك القدر المتّفق عليه بين المسلمين [١١].

ويترتّب على دخولها (ع) في (آل البيت) مجموعة من الأحكام، منها: عصمتها والصلاة عليها، ووجوب محبّتها، وحرمة الصدقة عليها، وإهانتها، واستحباب إحياء ذكرها، والتوسّل بها، والتبرّك بقبرها، والتبرّك باسمها، وغير ذلك من الأحكام التي تخصّ الآل [١٢].[١٣]

ميراث فاطمة (ع) من النبي(ص)

أمر الله (عزوجل) نبيّه الكريم(ص) أن يعطي قرابته حقّهم، حيث قال تعالى: ﴿فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ[١٤]. وقد اتّفق المفسّرون على أنّ ذا القربى هم أقرباء الرسول(ص): عليّ وفاطمة والحسن والحسين (ع)[١٥]، فقد جاء في الدرّ المنثور للسيوطي عن أبي سعيد الخدري أنّه قال: لمّا نزلت الآية: ﴿فَآتِ ذَا الْقُرْبَى ... دعا رسول الله(ص) فاطمة الزهراء وأعطاها فدكاً[١٦].

وذكر ابن حجر في الصواعق المحرقة أنّ عمر قال: إنّي اُحدّثكم عن هذا الأمر: إنّ الله خصّ نبيّه في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحداً غيره، فقال تعالى: ﴿وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[١٧]، فكانت هذه - يعني فدكاً - خالصة لرسول الله(ص). وذكرت بعض الروايات أنّه عندما استقرّ الأمر لأبي بكر انتزع فدكاً من فاطمة، ومعنى هذا أنّ فدكاً كانت في يد فاطمة (ع)، وتحت تصرّفها من عهد أبيها الرسول(ص)، فانتزعها أبو بكر منها[١٨].

ويدلّ على ذلك أيضاً ما روي من أنّ الإمام علياً (ع) جاء إلى أبي بكر وهو في المسجد فقال: «لِمَ مَنَعْتَ فَاطِمَةَ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ قَدْ مَلَكَتْهُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ أَقَامَتْ شُهُوداً أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) جَعَلَهُ لَهَا، وَ إِلاَّ فَلاَ حَقَّ لَهَا فِيهِ. فَقَالَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): يَا أَبَا بَكْرٍ، تَحْكُمُ فِينَا بِخِلاَفِ حُكْمِ اَللَّهِ فِي اَلْمُسْلِمِينَ ! قَالَ: لاَ. قَالَ: فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ اَلْمُسْلِمِينَ شَيْءٌ يَمْلِكُونَهُ، اِدَّعَيْتُ أَنَا فِيهِ، مَنْ تَسْأَلُ اَلْبَيِّنَةَ؟ قَالَ: إِيَّاكَ كُنْتُ أَسْأَلُ اَلْبَيِّنَةَ عَلَى مَا تَدَّعِيهِ عَلَى اَلْمُسْلِمِينَ . قَالَ: فَإِذَا كَانَ فِي يَدِي شَيْءٌ وَ اِدَّعَى فِيهِ اَلْمُسْلِمُونَ، تَسْأَلُنِي اَلْبَيِّنَةَ عَلَى مَا فِي يَدِي، وَ قَدْ مَلَكْتُهُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ بَعْدَهُ، وَ لَمْ تَسْأَلِ اَلْمُسْلِمِينَ اَلْبَيِّنَةَ عَلَى مَا اِدَّعَوْا عَلَيَّ شُهُوداً كَمَا سَأَلْتَنِي عَلَى مَا اِدَّعَيْتُ عَلَيْهِمْ؟ فَسَكَتَ أَبُو بَكْرٍ...»[١٩].[٢٠]

فضل زيارتها (ع)

لا خلاف[٢١] بين فقهاء الإمامية في استحباب زيارة فاطمة (ع) بنت رسول الله(ص)، واُمّ الحسن والحسين(ع)، وحليلة أمير المؤمنين، وسيّد الوصيين الإمام علي بن أبي طالب (ع) استحباباً مؤكّداً[٢٢]، بل هو من ضروريّات المذهب، بل الدين[٢٣]، وفي خبر يزيد بن عبدالملك عن أبيه عن جدّه، قال: «دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ فَابْتَدَأَتْنِي بِالسَّلاَمِ ثُمَّ قَالَتْ مَا غَدَا بِكَ قُلْتُ طَلَبُ اَلْبَرَكَةِ فَقَالَتْ أَخْبَرَنِي أَبِي وَ هُوَ ذَا هُوَ أَنَّهُ مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَ عَلَيَّ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ أَوْجَبَ اَللَّهُ لَهُ اَلْجَنَّةَ قَالَ فَقُلْتُ لَهَا فِي حَيَاتِهِ وَ حَيَاتِكِ قَالَتْ نَعَمْ وَ بَعْدَ مَوْتِنَا»[٢٤].

وفي كيفية زيارتها (ع) «إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ مُحَمَّدٍ اَلْعُرَيْضِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ذَاتَ يَوْمٍ قَالَ: إِذَا صِرْتَ إِلَى قَبْرِ جَدَّتِكَ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ فَقُلْ يَا مُمْتَحَنَةُ اِمْتَحَنَكِ اَللَّهُ اَلَّذِي خَلَقَكِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَكِ فَوَجَدَكِ لِمَا اِمْتَحَنَكِ صَابِرَةً وَ زَعَمْنَا أَنَّا لَكِ أَوْلِيَاءُ وَ مُصَدِّقُونَ وَ صَابِرُونَ لِكُلِّ مَا أَتَانَا بِهِ أَبُوكِ وَ أَتَانَا بِهِ وَصِيُّهُ فَإِنَّا نَسْأَلُكِ إِنْ كُنَّا صَدَّقْنَاكِ إِلاَّ أَلْحَقْتِنَا بِتَصْدِيقِنَا لَهُمَا لِنُبَشِّرَ أَنْفُسَنَا بِأَنَّا قَدْ طَهُرْنَا بِوَلاَيَتِكِ»[٢٥].[٢٦]

بعض العبادات التي اختصّت بها (ع)

صلاة فاطمة (ع)

ذكر فقهاء الإمامية أنّه يستحبّ صلاة فاطمة الزهراء (ع)، وذُكرت لها صلاتان:

  1. عن هشام بن سالم عن الإمام الصادق (ع) قال: «مَنْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فَقَرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِخَمْسِينَ مَرَّةً «قُلْ هُوَ اَللّٰهُ أَحَدٌ» كَانَتْ صَلاَةَ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ وَ هِيَ صَلاَةُ اَلْأَوَّابِينَ»[٢٧].
  2. قال الشيخ في المصباح: «وصلاة فاطمة ركعتان، تقرأ في الاُولى: الحمد مرّة ومئة مرّة ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ، وفي الثانية: الحمد مرّة ومئة مرّة ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ»[٢٨].[٢٩]

وقد بحث الفقهاء في نسبة هاتين الصلاتين إلى فاطمة الزهراء (ع)، فالمعروف أنّها ركعتان، وصلاة الأربع ركعات نسبت لأمير المؤمنين (ع) ولفاطمة الزهراء (ع) أيضاً، وبعض الفقهاء عكس الأمر[٣٠].

تسبيح فاطمة(ع)

يستحبّ تسبيح فاطمة (ع) في نفسه من دون اعتبار وصف التعقيب وإن زاد الأجر بذلك؛ لإطلاق جملة من الأدلّة أنّه من الذكر الكثير، وأنّه ما عبد الله بشيء من التحميد أفضل منه[٣١].[٣٢]

ذكر بعض فقهاء الإمامية أنّ أفضل تعقيبات الصلاة هو تسبيح فاطمة الزهراء(ع)[٣٣]، وقد قال رسول الله(ص): «مُعَقِّبَاتٌ لاَ يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ أَوْ فَاعِلُهُنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ ثَلاَثٌ وَ ثَلاَثُونَ تَسْبِيحَةً وَ ثَلاَثٌ وَ ثَلاَثُونَ تَحْمِيدَةً وَ أَرْبَعٌ وَ ثَلاَثُونَ تَكْبِيرَةً» [٣٤]، وروي عن الإمام الباقر (ع) أنّه قال: «مَا عُبِدَ اَللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ اَلتَّحْمِيدِ أَفْضَلَ مِنْ تَسْبِيحِ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ وَ لَوْ كَانَ شَيْءٌ أَفْضَلَ مِنْهُ لَنَحَلَهُ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ»[٣٥]. وقال الإمام الصادق (ع): «تَسْبِيحُ فَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ عَلَيْهَا السَّلاَمُ فِي كُلِّ يَوْمٍ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ صَلاَةِ أَلْفِ رَكْعَةٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ»[٣٦].

وإنّما نُسب التسبيح إلى الزهراء(ع) لما رواه الشيخ الصدوق أنّ الإمام علي (ع) قال لرجل من بني سعد: «أَ لاَ أُحَدِّثُكَ عَنِّي وَ عَنْ فَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدِي فَاسْتَقَتْ بِالْقِرْبَةِ حَتَّى أَثَّرَ فِي صَدْرِهَا وَ طَحَنَتْ بِالرَّحَى حَتَّى مَجِلَتْ يَدَاهَا وَ كَسَحَتِ اَلْبَيْتَ حَتَّى اِغْبَرَّتْ ثِيَابُهَا وَ أَوْقَدَتْ تَحْتَ اَلْقِدْرِ حَتَّى دَكِنَتْ ثِيَابُهَا فَأَصَابَهَا مِنْ ذَلِكَ ضُرٌّ شَدِيدٌ فَقُلْتُ لَهَا لَوْ أَتَيْتِ أَبَاكِ فَسَأَلْتِهِ خَادِماً يَكْفِيكِ حَرَّ مَا أَنْتِ فِيهِ مِنْ هَذَا اَلْعَمَلِ فَأَتَتِ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَوَجَدَتْ عِنْدَهُ حُدَّاثاً فَاسْتَحْيَتْ فَانْصَرَفَتْ فَعَلِمَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهَا قَدْ جَاءَتْ لِحَاجَةٍ فَغَدَا عَلَيْنَا وَ نَحْنُ فِي لِحَافِنَا فَقَالَ «اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ» فَسَكَتْنَا وَ اِسْتَحْيَيْنَا لِمَكَانِنَا ثُمَّ قَالَ «اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ» فَسَكَتْنَا ثُمَّ قَالَ «اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ» فَخَشِينَا إِنْ لَمْ نَرُدَّ عَلَيْهِ أَنْ يَنْصَرِفَ وَ قَدْ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فَيُسَلِّمُ ثَلاَثاً فَإِنْ أُذِنَ لَهُ وَ إِلاَّ اِنْصَرَفَ فَقُلْنَا «وَ عَلَيْكَ اَلسَّلاَمُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ اُدْخُلْ» فَدَخَلَ وَ جَلَسَ عِنْدَ رُءُوسِنَا ثُمَّ قَالَ «يَا فَاطِمَةُ مَا كَانَتْ حَاجَتُكِ أَمْسِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ» فَخَشِيتُ إِنْ لَمْ نُجِبْهُ أَنْ يَقُومَ فَأَخْرَجْتُ رَأْسِي فَقُلْتُ أَنَا وَ اَللَّهِ أُخْبِرُكَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ إِنَّهَا اِسْتَقَتْ بِالْقِرْبَةِ حَتَّى أَثَّرَ فِي صَدْرِهَا وَ جَرَتْ بِالرَّحَى حَتَّى مَجِلَتْ يَدَاهَا وَ كَسَحَتِ اَلْبَيْتَ حَتَّى اِغْبَرَّتْ ثِيَابُهَا وَ أَوْقَدَتْ تَحْتَ اَلْقِدْرِ حَتَّى دَكِنَتْ ثِيَابُهَا فَقُلْتُ لَهَا لَوْ أَتَيْتِ أَبَاكِ فَسَأَلْتِهِ خَادِماً يَكْفِيكِ حَرَّ مَا أَنْتِ فِيهِ مِنْ هَذَا اَلْعَمَلِ قَالَ «أَ فَلاَ أُعَلِّمُكُمَا مَا هُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنَ اَلْخَادِمِ إِذَا أَخَذْتُمَا مَنَامَكُمَا فَكَبِّرَا أَرْبَعاً وَ ثَلاَثِينَ تَكْبِيرَةً وَ سَبِّحَا ثَلاَثاً وَ ثَلاَثِينَ تَسْبِيحَةً وَ اِحْمَدَا ثَلاَثاً وَ ثَلاَثِينَ تَحْمِيدَةً» فَأَخْرَجَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ رَأْسَهَا وَ قَالَتْ «رَضِيتُ عَنِ اَللَّهِ وَ عَنْ رَسُولِهِ رَضِيتُ عَنِ اَللَّهِ وَ عَنْ رَسُولِهِ»[٣٧].

قال المحقّق النجفي: (الظاهر استحبابه تسبيح الزهراء(ع) في نفسه من دون اعتبار وصف التعقيب، وإن زاد الأجر بذلك)[٣٨].

وأمّا كيفيته فالمشهور بينهم - بل أُدعي عملهم عليه - هو أربع وثلاثون تكبيرة، ثمّ ثلاث وثلاثون تحميدة، ثمّ ثلاث وثلاثون تسبيحة[٣٩]، وذلك للأخبار، منها: صحيحة محمد بن عذافر، قال: «دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَسَأَلَهُ أَبِي عَنْ تَسْبِيحِ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ فَقَالَ «اَللَّهُ أَكْبَرُ» حَتَّى أَحْصَى أَرْبَعاً وَ ثَلاَثِينَ مَرَّةً ثُمَّ قَالَ «اَلْحَمْدُ لِلَّهِ» حَتَّى بَلَغَ سَبْعاً وَ سِتِّينَ ثُمَّ قَالَ «سُبْحَانَ اَللَّهِ» حَتَّى بَلَغَ مِائَةً يُحْصِيهَا بِيَدِهِ جُمْلَةً وَاحِدَةً»[٤٠]، وقد قدّم البعض التسبيح على التحميد [٤١].

وقد روي عن النبي(ص) أنّه قال: «مَن سَبَّحَ اللَّهَ في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وحَمِدَ اللَّهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وكَبَّرَ اللَّهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وتِسْعُونَ، وقالَ: تَمامَ المِئَةِ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحَمْدُ وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ خَطاياهُ وإنْ كانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ»[٤٢].[٤٣]

المراجع والمصادر

  1. السيد محمود الهاشمي الشاهرودي، موسوعة الفقه الإسلامي المقارن

الهوامش

  1. أعلام الهداية ١٧: ٣-١٨.
  2. السيد محمود الهاشمي الشاهرودي، موسوعة الفقه الإسلامي المقارن، ج١٥، ص ٣٤١.
  3. انظر: الكافي (الكليني) ٤٥٧: ١، ح ١٠. مسار الشيعة: ٥٤. الإصابة (ابن حجر) ٢٦٣: ٨.
  4. السيد محمود الهاشمي الشاهرودي، موسوعة الفقه الإسلامي المقارن، ج١٥، ص ٣٤٢.
  5. انظر: معجم الفروق اللغوية: ٦، ٨٤. مفردات ألفاظ القرآن: ٩٨.
  6. سورة الشورى، الآية ٢٣.
  7. التفسير الكبير ١٦٦: ٢٧.
  8. سورة الأحزاب، الآية ٣٣.
  9. تاريخ مدينة دمشق ٢٠٦: ١٣-٢٠٧.
  10. المستدرك (الحاكم) ١٧٢: ٣، ح ٤٧٤٨.
  11. انظر: فضائل الصحابة ٥٨٨: ٢، ح ٩٩٤. مسند أحمد ٤٣١: ٧، ح ٢٦٠٥٧. تاريخ مدينة دمشق ٢٠٦: ١٣-٢٠٧. فتح القدير ٢٨٠: ٤. حاشية الدسوقي ٣٩٤: ٢. المغني ٥١٩: ٢. الموسوعة الفقهية الكويتيّة ٩٨: ١.
  12. المقنعة: ٢٤٣. الخلاف ٥٤٠: ٣،م ٤. مباني تكملة المنهاج ٣٢١: ١. إعانة الطالبين ٢٦٨: ١. المغني ٥١٧: ٢. نيل الأوطار ٢٤٠: ٤. معين الحكّام: ٢٢٨. الشرح الصغير ٤٤٤: ٤.
  13. السيد محمود الهاشمي الشاهرودي، موسوعة الفقه الإسلامي المقارن، ج١٥، ص ٣٤٣.
  14. سورة الروم، الآية ٣٨.
  15. أعلام الهداية ١٣٣: ٣.
  16. الدرّ المنثور ١٧٧: ٤.
  17. سورة الحشر، الآية ٦.
  18. الصواعق المحرقة: ٢٥.
  19. الاحتجاج ٢٣٧: ١. شرح نهج البلاغة (ابن أبي الحديد) ٣٧٤: ١٦.
  20. السيد محمود الهاشمي الشاهرودي، موسوعة الفقه الإسلامي المقارن، ج١٥، ص ٣٤٣.
  21. جواهر الكلام ٨٥: ٢٠.
  22. المقنعة: ٤٥٩. المبسوط ٣٨٦: ١. الجامع للشرائع: ٢٣١. تذكرة الفقهاء ٤٥٢: ٨. مدارك الأحكام ٢٧٨: ٨. جواهر الكلام ٨٥: ٢٠.
  23. جواهر الكلام ٨٥: ٢٠.
  24. وسائل الشيعة ٣٦٧: ١٤، ب ١٨ من المزار، ح ١.
  25. وسائل الشيعة ٣٦٧: ١٤-٣٦٨، ب ١٨ من المزار، ح ٢.
  26. السيد محمود الهاشمي الشاهرودي، موسوعة الفقه الإسلامي المقارن، ج١٥، ص ٣٤٤.
  27. وسائل الشيعة ١١٣: ٨، ب ١٠ من الصلوات المندوبة، ح ٢.
  28. مصباح المتهجّد: ٣٠١. وسائل الشيعة ١١٤: ٨، ب ١٠ من الصلوات المندوبة، ح ٦.
  29. السيد محمود الهاشمي الشاهرودي، موسوعة الفقه الإسلامي المقارن، ج١٥، ص ٣٤٥.
  30. جواهر الكلام ١٩٥: ١٢-١٩٦.
  31. تذكرة الفقهاء ٢٦٥: ٣. جواهر الكلام ٣٩٩: ١٠.
  32. السيد محمود الهاشمي الشاهرودي، موسوعة الفقه الإسلامي المقارن، ج١٥، ص ٣٤٥.
  33. المختصر النافع: ٥٧. تذكرة الفقهاء ٢٦٥: ٣. مدارك الأحكام ٤٥٢: ٣. مستند الشيعة ٣٩٣: ٥-٣٩٤. جواهر الكلام ٣٩٦: ١٠-٣٩٩.
  34. صحيح مسلم ٤١٨: ١، ٥٩٦.
  35. الكافي ٣٤٣: ٣، ح ١٤.
  36. الكافي ٣٤٣: ٣، ح ١٥.
  37. من لا يحضره الفقيه ٣٢٠: ١، ح ٩٤٧.
  38. جواهر الكلام ٣٩٩: ١٠.
  39. مستند الشيعة ٣٩٥: ٥.
  40. الكافي ٣٤٢: ٣، ح ٨. وانظر: الاستدلال به: مدارك الأحكام ٤٥٣: ٣. مستند الشيعة ٣٩٥: ٥.
  41. انظر: مستند الشيعة ٣٩٥: ٥. جواهر الكلام ٣٩٩: ١٠.
  42. صحيح مسلم ٤١٨: ١، ط الحلبي.
  43. السيد محمود الهاشمي الشاهرودي، موسوعة الفقه الإسلامي المقارن، ج٥، ص ١٠٨-١٠٩.