نبوة النبي الخاتم
إخبار أنبياء سابقين عن نبوّة رسول الله(صلى الله عليه وآله)
مضى أنّ من وسائل إثبات النبوّة هو إخبار نبيٍّ سابق عن نبوّة النبي المأخّر وهذا متحقّق بشأن نبوّة رسول الله(صلى الله عليه وآله)لإخبار التوراة والإنجيل عنها، وإن عُمّي عليها في التوراة والإنجيل الحاليين فلا شكّ في وجودها بوضوح في التوراة والإنجيل زمن الرسول(صلى الله عليه وآله) بدليل أنّ القرآن أخبر بذلك، في حين أنّه لو كان كاذباً لفضحه الكفّار في ذلك الزمان بأسهل ما يكون.
وقد أخبر القرآن عن ذلك في عدّة آيات:
- ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُون﴾[١].
- ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُون﴾[٢].
- ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيل﴾[٣].[٤]
تجميع قرائن مختلفة على نبوّة نبيّنا(صلى الله عليه وآله)
إنّ القرائن المختلفة من ظروف البيئة وظروف النبيّ وأوصافه وأوصاف أتباعه وما إلى ذلك تدلّ بمجموعها دلالة أقوى من دلالة الإعجاز على صدقه، من قبيل: صدقه وأمانته طيلة حياته قبل النبوّة من ناحية، ورفعة مستوى المعارف المعطاة من قبله من ناحية اُخرى، ومستوى دناءة بيئته علماً ومعرفةً وانهماكاً في الخرافات وما إلى ذلك ممّا لا يحتمل عادة انبثاق تلك الظروف عن نظم وقوانين وأخلاقيّات وقيم من أرفع ما يمكن أن يكون من ناحية ثالثة، وعلى الرغم من كون النبيّ نفسه اُمّياً لا يقرأ ولايكتب من ناحية رابعة، وأمثال ذلك من القرائن والدلائل.
فها هو نبيّنا محمّد(صلى الله عليه وآله) كان اُمّياً لا يقرأ ولا يكتب كما ورد ذلك في القرآن: ﴿وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَاب وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لاَّرْتَابَ الْمُبْطِلُون﴾[٥]، والفارق كان عظيماً بين مستوى المعارف الموجودة في القرآن ومستوى ثقافة الرسول(صلى الله عليه وآله)الظاهريّة والعاديّة قبل نبوّته: ﴿قُل لَّوْ شَاء اللّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُون﴾[٦].
وكانت شبه الجزيرة العربيّة منهمكة في الضلال والخرافات والحروب والرذائل: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلال مُّبِين﴾[٧].
وأيّ ضلال أشدّ من صنع الصنم بأيديهم من الخشب أو الحجر ثمّ عبادته: ﴿أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُون﴾[٨] ؟ أو من صنع إله من التمر ثمّ أكلهم إيّاه؟ أو من وأد البنات: ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُون أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُون﴾[٩]؟ أو من الحروب والعداوات والاعتداءات الدائمة ضمن قوميّة واحدة: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَة مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا﴾[١٠]؟ أو من خرافيّة عباداتهم: ﴿وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَة﴾[١١]؟ أو من تفاخرهم الخرافي بالعدد حتّى بالأموات: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِر﴾[١٢]، أو ما إلى ذلك؟ وبهذا اتضح انطباق دليل آخر من أدلّة النبوّة على نبوّة نبيّنا(صلى الله عليه وآله).[١٣]
المراجع والمصادر
الهوامش
- ↑ س ۲ البقرة، الآية: ۱٤٦.
- ↑ س ٦ الأنعام، الآية: ۲٠.
- ↑ س ۷ الأعراف، الآية: ۱٥۷.
- ↑ السيد كاظم الحائري، أصول الدين، ص217.
- ↑ س ۲۹ العنكبوت، الآية: ٤۸.
- ↑ س ۱٠ يونس، الآية: ۱٦.
- ↑ س ۳ آل عمران، الآية: ۱٦٤.
- ↑ س ۳۷ الصافّات، الآية: ۹٥.
- ↑ س ۱٦ النحل، الآية: ٥۸ ـ ٥۹.
- ↑ س ۳ آل عمران، الآية: ۱٠۳.
- ↑ س ۸ الأنفال، الآية: ۳٥.
- ↑ س ۱٠۲ التكاثر، الآية: ۱ ـ ۲.
- ↑ السيد كاظم الحائري، أصول الدين، ص219-220.