البصيرة في معارف الإمام الحسين وسيرته
التمهيد
من الخصائص الفكرية والعملية لأنصار الإمام الحسين في ثورة الطف هي البصيرة وصواب الرأي. ورد وصف «أهل البصائر» في النصوص الدينية والمعارف الإسلامية اشارة لأصحاب القلوب الحيّة والمعرفة العميقة للحقّ والباطل، وللإمام والحجّة الإلهية، وللطريق والمنهج، والعدو والصديق، والمؤمن والمنافق.
أصحاب البصيرة لهم رؤيا صائبة، يضعون أقدامهم على الطريق بوعي ونباهة واختيار، ولجميع اعمالهم ومواقفهم جذور اعتقادية واسس دينية، وجميع مواقفهم مبدئية لا انتهازية ولا نفعية، وليست منبثقة من التعصّب القومي والجاهلي، وهم لا يستثارون بالدعايات الباطلة الخدّاعة، ولا يستجيبون لسلطان القهر.
يرى أهل البصيرة طريقهم بوضوح بلا اي لبس أو ابهام، وهم على ثقة ببطلان ادعاء عدوّهم، لا يبيعون انفسهم لعوامل الاغراء ولا الارهاب، ولا يتخلّون عن معتقدهم وجهادهم، ولسيوفهم وجهادهم عمق عقائدي. وهم كما قال علي(ع): «حَمَلُوا بَصَائِرَهُمْ عَلَى أَسْيَافِهِمْ »[١].
أمثال هؤلاء الوعاة العارفين حاربوا إلى جانب علي(ع) ضد معاوية، ودافعوا في كل الأحوال عن الإمام الحسن(ع)، وفي يوم الطف بذلوا أرواحهم فداء للحسين ودفاعا عن القرآن. وهذا ما يتّضح جليّا من خلال كلماتهم ورجزهم وأقوالهم. كانوا يعتبرون الإمام الحسين اماما واجب النصرة ولا بدّ من بذل النفس لاجله، ويعدّون أعداءه كافرة قلوبهم، ودأبهم النفاق، وللجهاد ضدهم اجر كأجر مجاهدة المشركين. وأحاديث الحسين، والإمام السجاد، وأبي الفضل، وعلي الأكبر وسائر شبان بني هاشم وانصار الإمام الحسين تدلّ على عمق بصيرتهم.
وصف الإمام الصادق أبا الفضل العباس بصفة «نافذ البصيرة» وهو ما يعكس عمق رؤياه وثبات ايمانه في مناصرة سيد الشهداء، وذلك قوله فيه: «كانَ عَمُّنَا العَبّاسُ بنُ عَلِيٍّ نافِذَ البَصيرَةِ صُلبَ الإيمانِ»[٢]، وجاء في زيارة أبي الفضل العباس: «أَنَّكَ مَضَيْتَ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ أَمْرِكَ مُقْتَدِياً بِالصَّالِحِينَ».
وكذلك قول علي الأكبر لأبيه: «أَ لَسْنَا عَلَى اَلْحَقِّ؟!» هو قول معروف.
وفي مقابل ذلك كان أفراد الجبهة المقابلة عمي القلوب، ومغرورين، ولا هدف لهم، وقد وقعوا ضحية للدعايات الاموية التي أعمت أبصارهم، وكان الطعام الحرام سبباً في أن تمتلئ آذانهم وقرا.[٣]
المراجع والمصادر
الهوامش
- ↑ نهج البلاغة، صبحي الصالح، الخطبة ١٥٠.
- ↑ اعيان الشيعة ٧: ٤٣٠.
- ↑ جواد المحدثي، موسوعة عاشوراء، ص ٦٨.