الله

من إمامةبيديا
(بالتحويل من الله تعالى)

المدخل

إنّ اسم «اللّه» هو أجمل الأسماء لدى أهل المعرفة، وأكثر الكلمات أخذا بمجامع القلوب عندهم، وأعظمها مضمونا لديهم. هو اسم لحقيقة ترجع إليها الحقائق جميعا... وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ[١] وحقيقة هذا الاسم ـ كما هي ـ غير منكشفة لأحدٍ سوى صاحبه، فلا يبلغ أحد كنه معرفته، ولا يعلم ما هو إلّا هو.

وأمّا ما ورد بشأنه في مصادر اللغة والنصوص الإسلامية شرحا وبيانا، فنشير إليه:

اللّه لغةً

المشهور في لفظ الجلالة؛ أنّه مشتق من «ألَه» أو «وَلَهَ» أو «لاه». وقيل: إنّه غير مشتقّ، بل وضع ابتداء لذات واجب الوجود.

قال العلّامة المجلسي: واختُلف في لفظ الجلالة؛ فالمشهور أنّه عربيّ مشتقّ إمّا من «أله» بمعنى عبد، أو من «أله» إذا تحيّر؛ إذ العقول تتحيّر في معرفته، أو من «ألهت إلى فلان» أي سكنت إليه؛ لأنّ القلوب تطمئنُّ بذكره، والأرواح تسكن إلى معرفته، أو من «أله» إذا فزع من أمر نزل عليه، و«ألهه غيره» أجاره؛ إذ العابد يفزع إليه وهو يجيره، أو من «أله الفصيل» إذا ولع باُمّه؛ إذ العباد يولعون بالتضرّع إليه في الشدائد، أو من «وله» إذا تحيّر وتخبّط عقله، وكان أصله «ولاه» فقلبت الواو همزة؛ لاستثقال الكسرة عليها، أو من «لاه» مصدر لاه يليه ليها ولاها: إذا احتجب وارتفع؛ لأنّه تعالى محجوب عن إدراك الأبصار، ومرتفع على كلّ شيء وعمّا لا يليق به.

وقيل: إنّه غير مشتّق، وهو علم للذّات المخصوصة، وضع لها ابتداء. وقيل: أصله «لاها» بالسريانيّة، فعُرّب بحذف الألف الأخيرة وإدخال اللّام عليه. [٢]

وعلى فرض الاشتقاق فإنّ المعاني المتحصِّلة من لفظ الجلالة بما يناسب مبادئ الاشتقاق فيه مايلي: «المعبود»، «الذات الّتي تحار معرفتها العقول»، «من إليه تسكن الأرواح وتطمئن القلوب»، «من إليه مفزع العباد في الشدائد»، «الحقيقة المحجوبة عن إدراك الأبصار».

وأمّا على تقدير العَلَمية، فلفظ الجلالة اسم للذات المستجمعة لصفات الجمال والجلال.[٣]

«اللّه عز و جل» في القرآن والحديث

يتصدّر اسم الجلالة قائمة الأسماء الواردة للخالق سبحانه في القرآن والحديث، كما أنّه أكثرها استعمالاً وتداولاً [٤]، فقد تكرّر ذكره في القرآن الكريم في (٢٨١٦) موضعا.

يقول الإمام أمير المؤمنين (ع) في شرف اسم الجلالة: «اللّهُ أعظَمُ اسمٍ مِن أسماءِ اللّهِ عز و جل، وهُوَ الاسمُ الَّذي لا يَنبَغي أن يُسمّى بِهِ غَيرُ اللّهِ، ولَم يَتَسَمَّ بِهِ مَخلوقٌ». [٥]

بعد التّأمّل في الأحاديث المفسِّرة للفظ «إله» ولفظ «اللّه»، يتّضح لنا اشتقاق لفظ الجلالة في الأصل. وأمّا ما أوردته كتب اللغة من معانٍ مختلفة لمبدأ الاشتقاق، فإنّ هذه المعاني فضلاً عن عدم تعارضها في نفسها، يدلّ كلّ واحد منها على جهة من جهات المعنى المدلول للفظ الجلالة بكلّ ما لهذا المعنى من جامعيّة واستيعاب. ولذا قد نلاحظ ورود هذه المعاني في سياق واحد كما روي عن الإمام عليّ (ع)، قال: قالب:نص حدي [٦]

ولكن انفصم لفظ الجلالة بعد ذلك تدريجيا عن معناه الاشتقاقي، واستُعمل علَما في ذات واجب الوجود المستجمعة للصفات الكمالية كافّة.

وفي ضوء ما تكتسبه بحوث المعرفة الإلهيّة في القرآن والحديث من أهميّة بالغة، فإنّه يمكن إيجاز هذه البحوث في ثلاثة مباحث[٧]:

معرِفة اللّه عز و جل ودورها في الحياة

تُعنى بحوث هذا المبحث بالآيات والروايات الّتي ترتبط بأصل وجود اللّه سبحانه، ومعرفة حقيقة الحقائق جلّ شأنه. وهذه البحوث عبارة عن: أهميّة المعرفة الإلهيّة ودورها في تكامل الإنسان، آثار الإيمان باللّه تعالى في الحياة الفرديّة والاجتماعيّة، عوامل الهداية الخارجيّة والداخليّة في الإنسان نحو الخالق، طرق معرفة اللّه، الدلائل الواضحة على وجود اللّه، سرّ نيل المراتب العالية في معرفة اللّه؛ وهي مرتبة الشهود، حدود معرفة اللّه، الحجب بين الإنسان والخالق، وموانع معرفة اللّه.

التوحيد ومراتبه

يعتبر التوحيد الدعامة الأساسيّة في معرفة اللّه، إذ بدونه لا يكتمل الإيمان، كما يقول الإمام أمير المؤمنين (ع): «أوّلُ الدّينِ مَعرِفَتُهُ، وكَمالُ مَعرِفَتِهِ التَّصديقُ بِهِ، وكَمالُ التَّصديقِ بِهِ تَوحيدُهُ» [٨]

وقد خصّصنا المبحث الثاني من المباحث الواردة تحت عنوان «اللّه» لدراسة الآيات والروايات التي تبيّن فضل التوحيد، ومراتب وحدانيّته سبحانه وتعالى؛ فالموحّد الحقيقي هو الّذي يوحّد اللّه في مرتبة الذات والصفات والأفعال، وينفي عنه الشريك في الخلق والربوبيّة والتدبير، ويوحّده في اتّباع شرعه وأحكامه، فلا يتّبع غير قانونه وشرائعه في حياته الفرديّة والاجتماعيّة، ولا يطيع سواه ومن أمر بطاعته دون سائر خلقه.

معرفة أسماء اللّه عز و جل وصفاته

ثمّة تساؤلات عديدة تُطرح في بحث المعرفة الإلهيّة حول أسماء اللّه وصفاته تتطلّب الإجابة عليها، من قبيل: البحث في عدد أسماء اللّه وصفاته، ما معنى أسماء اللّه وصفاته؟ ما الفرق بين أسمائه وصفاته تعالى وأسماء الآخرين وصفاتهم؟ ما هي الأنواع الّتي تُقسم إليها أسماء اللّه، وما المقصود من الأسماء اللفظيّة والأسماء التكوينيّة؟ ما المقصود بالاسم الأعظم؟ ما دور الأسماء الإلهيّة في تدبير العالَم؟ وأخيرا كيف ينبغي أن يفكّر الإنسان الموحّد في الصفات الإلهيّة؟.[٩]

المراجع والمصادر

  1. محمد الريشهري، موسوعة معارف الكتاب والسنة

الهوامش

  1. سورة هود، الآية ١٢٣.
  2. بحار الأنوار: ج ٣ ص ٢٢٦.
  3. محمد الريشهري، موسوعة معارف الكتاب والسنة، ج٣، ص ٢٨١.
  4. من أسمائه وصفاته الواردة في القرآن الكريم والّتي تأتي بعد اسم الجلالة: «الرحيم» في ٢٢٧ موضعا، و «الرحمن» في ١٥٧ موضعا، و «العليم» في ١٦٠ موضعا. ولم ترد كثير من أسمائه وصفاته إلّا مرّة واحدة في القرآن، مثل «الأوّل» و«الآخر» و«الصمد». للمزيد في هذه الصفات والأسماء راجع: موسوعة العقائد الإسلامية: ج ٣ ـ ٥، (القسم الثالث والرابع).
  5. التوحيد: ص ٢٣٠ ح ٥، معاني الأخبار: ص ٤ ح ٢ وفيه إلى «حيث لا مغيث» وكلاهما عن يوسف بن محمّد بن زياد وعليّ بن محمّد بن سيّار، بحار الأنوار: ج ٣ ص ٤١ ح ١٦ وراجع: إرشاد القلوب: ص ١٦٨.
  6. التوحيد: ص ٨٩ ح ٢ عن وهب بن وهب القرشي عن الإمام الصادق عن آبائه (ع)، بحار الأنوار: ج ٣ ص ٢٢٢.
  7. محمد الريشهري، موسوعة معارف الكتاب والسنة، ج٣، ص ٢٨٢.
  8. نهج البلاغة: الخطبة ١، الاحتجاج: ج ١ ص ٤٧٣ ح ١١٣، عوالي اللآلي: ج ٤ ص ١٢٦ ح ٢١٥، بحارالأنوار: ج ٤ ص ٢٤٧ ح ٥.
  9. محمد الريشهري، موسوعة معارف الكتاب والسنة، ج٣، ص ٢٨٣.