الإمام علي عليه السلام
اسمه ونسبه
هو عليّ[١] بن أبي طالب[٢] بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف. وكان أبو طالب و عبد الله أخوين لأب وامّ. وامّه فاطمة[٣] بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف. فكان هو - وإخوته - أوّل هاشمي ولد من هاشميّين[٤].
كنيته ولقبه
كنيته المشهورة: «أبو الحسن»، وكنّي أيضاً بـ «أبي الحسين»، و «أبي السبطين»، و «أبي الريحانتين»[٥].
وكنّاه رسول اللّه (ص) بـ «أبي تراب»[٦].
ولقبه: أمير المؤمنين - ولم يجوّز أصحابنا أن يلقّب غيره من الأئمّة (ع) بهذا اللقب[٧] - والمرتضى، وله ألقاب كثيرة أخرى مقتبسة ممّا ورد في حقّه عن النبيّ (ص)[٨].
مولده
ولد (ع) بمكّة في البيت الحرام[٩] في الثالث عشر من شهر رجب بعد عام الفيل بثلاثين سنة، أي قبل البعثة بعشر سنين[١٠]. هذا هو المعروف، وقيل غير ذلك[١١].
وفاته
استشهد (ع) ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان سنة ٤٠ من الهجرة على أثر ضربة أشقى الأوّلين والآخرين عبد الرحمن بن ملجم المرادي على امّ رأسه في مسجد الكوفة، وقد خرج (ع) يوقظ الناس لصلاة الصبح[١٢] ليلة تسع عشرة من الشهر نفسه [١٣].
وقد كان (ع) يعلم ذلك ويخبر به[١٤].
وتولّى غسله وتكفينه ابناه الحسن والحسين(ع) بأمره، وحملاه إلى الغري من نجف الكوفة، ودفناه هناك ليلاً، وعمّيا موضع قبره وفقاً لوصيّته إليهما.
ولم يزل قبره مخفيّاً حتّى دلّ عليه الصادق (ع) في أيام زيارته لـ أبي جعفر المنصور وهو بالحيرة [١٥].
عمره الشريف
كان عمره ثلاثاً وستّين سنة، بناء على ما هو المعروف من كونه أسلم وهو ابن عشر سنين، وأمّا بناء على كونه أسلم وهو ابن ثلاث عشرة سنة، فيكون عمره ستّا وستين سنة.
أقام مع رسول اللّه (ص) ثلاثاً وثلاثين سنة، عشر منها قبل البعثة، وثلاث عشرة سنة بعدها، وعشر سنين بالمدينة بعد الهجرة، وعاش بعد ما قبض النبيّ (ص) ثلاثين سنة إلّا خمسة أشهر وأياما[١٦].
إسلامه
أسلم وهو ابن عشر سنين على ما هو المعروف، كما تقدّم، وقيل: ابن ثلاث عشرة سنة[١٧].
وقيل: ابن خمس عشرة أو ستّ عشرة سنة[١٨].
مدّة إمامته
بلغت إمامته ثلاثين سنة إلّا خمسة أشهر وأياماً[٢٠]، وهي المدّة التي عاشها بعد رسول اللّه (ص).
هذا على مبنانا من كونه إماماً وخليفة لرسول اللّه (ص) بلا فصل، وأمّا على مبنى غيرنا، فهي مدّة حكمه (ع).
مدّة حكمه
وتبدأ من أوّل انتقال الخلافة والحكومة إليه بعد مقتل عثمان بن عفان إلى يوم استشهاده (ع). وهي عبارة عن خمس سنين إلّا ثلاثة أشهر [٢١].
أهمّ الأحداث في مدّة حكمه
كانت الحروب الثلاثة التي وقعت أيّام حكومته (ع) أهمّ الأحداث في مدّة حكمه، وهي: الجمل، وصفّين، والنهروان.
حرب الجمل
قاد هذه الحرب طلحة والزبير وعائشة، وكانت راكبة على جمل؛ ولذلك سمّيت هذه الحرب بحرب الجمل. أمّا طلحة والزبير، فكانا قد بايعا عليّاً(ع) بعد مقتل عثمان، لكنّهما نكثا البيعة وخرجا إلى عائشة، وكانت بمكّة، فألّباها على الخروج ورغّباها في ذلك فأجابتهما[٢٢].
ولمّا سارت عائشة مع القوم ووصلت إلى ماء يسمّى حوأب نبحت عليهم كلابها، فصرخت بأعلى صوتها ثمّ ضربت عضد بعيرها فأناخته، ثمّ قالت: «أنا واللّه صاحبة كلاب الحوأب [٢٣] طروقاً ردّوني»، تقول ذلك ثلاثاً، فامتنعت من المسير حتّى جاءها ابن الزبير فقال: النجاء، النجاء، فقد أدرككم واللّه عليّ بن أبي طالب، فارتحلوا[٢٤].
ثمّ وصلوا إلى البصرة واحتدموا مع عامل الإمام عليّ (ع) عليها، وهو عثمان بن حنيف.
ولمّا سمع عليّ (ع) ذلك عزم على المسير إلى البصرة، فلمّا وصلها أتمّ الحجّة عليهم وأمر أصحابه ألّا يبدأوهم بقتال، ثمّ بدأ أهل الجمل القتال وانتهى إلى هزيمتهم، وقتل طلحة، قتله مروان بن الحكم، وقتل الزبير بعد أن انحاز من المعركة، قتله ابن جرموز.
وأرجع عليّ (ع) عائشة إلى المدينة مراعياً لها حرمة الزوجيّة لرسول اللّه (ص)، وبعث معها أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر وثلاثين رجلاً وعشرين امرأة من ذوات الدين ألبسهنّ العمائم وقلّدهنّ السيوف، وأمرهنّ أن لا يعلمن عائشة بذلك[٢٥].
وأمّا عليّ (ع) فقد سار إلى الكوفة وجعلها مركزاً لحكومته.
حرب صفين
لمّا رجع عليّ (ع) إلى الكوفة راسل معاوية كي ينتهي عن المخالفة، وتكرّرت المراسلات، لكنّه كان يمتنع عن الإجابة.
ثمّ قاد كلّ من الإمام عليّ (ع) ومعاوية جيشاً كبيراً، والتقوا جميعاً على الفرات في الرقّة. دامت الحرب مئة وعشرة أيّام تقريباً، قتل فيها خلق كثير، أكثرهم من أهل الشام.
وقد احتوى جيش عليّ (ع) على كثير من الصحابة وكبار المهاجرين والأنصار، كان منهم عمار بن ياسر، ولمّا استشهد اطمأنّ أصحاب عليّ (ع) بكونهم على حقّ؛ لأنّهم سمعوا عن النبيّ (ص) قوله في عمّار: « تَقْتُلُهُ اَلْفِئَةُ اَلْبَاغِيَةُ».
وشاع هذا الخبر في معسكر معاوية وارتبك الناس، فقال عمرو: إنّما قتله من جاء به[٢٦]!
وكادت الغلبة تكون لجيش الإمام (ع) وبيد الأشتر، لولا احتيال عمرو بن العاص - بطلب من معاوية - برفع المصاحف والمطالبة بتحكيم القرآن، فوقع الخلاف في جيش عليّ (ع)، وكان أكثرهم إصرارا على ذلك الأشعث بن قيس وجماعته.
فاضطرّ عليّ (ع) إلى التحكيم وأراد أن يبعث عبد الله بن عباس حكما من قبله، لكنّهم رفضوا ذلك وأبوا إلّا أبا موسى الأشعري، وكان مخذّلاً للناس عن عليّ (ع).
وعيّن معاوية عمرو بن العاص حكما من قبله، ثمّ التقيا في دومة الجندل، واحتال عمرو على أبي موسى قائلا: ليخلع كلّ منّا صاحبه ونجعلها لشخص آخر[٢٧]، وفي رواية أخرى: نجعلها شورى.
فخلع أبو موسى عليّاً(ع)، لكن قال عمرو: إنّ أبا موسى خلع صاحبه وهو أعرف به، وأمّا أنا فاقرّ معاوية.
فعلم أبو موسى الخدعة وكثر اللغط والكلام بينهما، فالتحق أبو موسى بمكّة وعمرو بالشام[٢٨].
ولمّا رأى عليّ (ع) الوهن وعدم الانتظام ينتشران في جيشه رجع إلى الكوفة.
حرب النهروان[٢٩]
اجتمع أربعة آلاف ممّن اشترك معه في حرب معاوية بصفّين وغيرهم، واعترضوا عليه لقبوله التحكيم، وكان أكثرهم قد أصرّ عليه في قبوله، فكفّروه وطلبوا منه أن يتوب من ذلك ويرجع إلى قتال معاوية. وكان شعارهم: «لا حكم إلّا للّه».
وكان محلّ اجتماعهم أوّلا بحروراء[٣٠]، ثمّ ساروا إلى النهروان، وقتلوا في طريقهم عبد الله بن خباب[٣١] فذبحوه ذبحاً، وبقروا بطن زوجته، وقتلوا نساء آخر.
والتقاهم عليّ (ع) في النهروان، فأرسل إليهم عبد الله بن عباس فوعظهم، ثمّ خطبهم هو فقال: «فأنا نذير لكم أن تصبحوا صرعى بأثناء هذا النهر... وقد كنت نهيتكم عن هذه الحكومة، فأبيتم عليّ إباء المخالفين المنابذين حتّى صرفت رأيي إلى هواكم...»[٣٢].
ثمّ طالبهم بأن يدفعوا إليه قتلة عبد اللّه بن خبّاب ومن معه، فامتنعوا بعد أن أقرّوا بقتله. ومع ذلك لم يبدأهم بالقتال، بل كانوا هم البادئين به[٣٣].
وقد أبيدوا بأجمعهم، ولم يفلت منهم عشرة ولم يقتل من أصحاب الإمام علي(ع) عشرة كما أخبر هو (ع) بذلك[٣٤] وبغيره.
هذا وقد عرف هؤلاء بالخوارج وبالمارقين؛ لأنّهم مرقوا من الدين، وقد سمّاهم النبيّ (ص) بذلك، وسمّى أصحاب الجمل بالناكثين؛ لأنّهم نكثوا البيعة مع عليّ (ع)، وأصحاب معاوية بالقاسطين؛ لأنّهم قسطوا عن الحقّ[٣٥].
منزلته عند رسول اللّه (ص)
تربّى الإمام عليّ (ع) في حجر النبيّ (ص) وشهد مشاهده كلّها إلّا غزوة تبوك، حيث جعله خليفة على المدينة، وقال له: «أَ مَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلاَّ أَنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي »[٣٦].
وزوّجه ابنته فاطمة الزهراء(ع) بعد أن ردّ خطبة كبار القوم لها[٣٧].
وقال هو (ع) عن نفسه: «... وَ قَدْ عَلِمْتُمْ مَوْضِعِي مِنْ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِالْقَرَابَةِ اَلْقَرِيبَةِ وَ اَلْمَنْزِلَةِ اَلْخَصِيصَةِ وَضَعَنِي فِي حِجْرِهِ وَ أَنَا وَلَدٌ يَضُمُّنِي إِلَى صَدْرِهِ وَ يَكْنُفُنِي فِي فِرَاشِهِ وَ يُمِسُّنِي جَسَدَهُ وَ يُشِمُّنِي عَرْفَهُ . وَ كَانَ يَمْضَغُ اَلشَّيْءَ ثُمَّ يُلْقِمُنِيهِ وَ مَا وَجَدَ لِي كَذْبَةً فِي قَوْلٍ وَ لاَ خَطْلَةً فِي فِعْلٍ وَ لَقَدْ قَرَنَ اَللَّهُ بِهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مِنْ لَدُنْ أَنْ كَانَ فَطِيماً أَعْظَمَ مَلَكٍ مِنْ مَلاَئِكَتِهِ يَسْلُكُ بِهِ طَرِيقَ اَلْمَكَارِمِ وَ مَحَاسِنَ أَخْلاَقِ اَلْعَالَمِ لَيْلَهُ وَ نَهَارَهُ وَ لَقَدْ كُنْتُ أَتَّبِعُهُ اِتِّبَاعَ اَلْفَصِيلِ أَثَرَ أُمِّهِ يَرْفَعُ لِي فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَخْلاَقِهِ عَلَماً وَ يَأْمُرُنِي بِالاِقْتِدَاءِ بِهِ وَ لَقَدْ كَانَ يُجَاوِرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِحِرَاءَ فَأَرَاهُ وَ لاَ يَرَاهُ غَيْرِي وَ لَمْ يَجْمَعْ بَيْتٌ وَاحِدٌ يَوْمَئِذٍ فِي اَلْإِسْلاَمِ غَيْرَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ خَدِيجَةَ وَ أَنَا ثَالِثُهُمَا أَرَى نُورَ اَلْوَحْيِ وَ اَلرِّسَالَةِ وَ أَشُمُّ رِيحَ اَلنُّبُوَّةِ»[٣٨].
فضائله ومناقبه
قال ابن حجر: «ومناقبه كثيرة حتّى قال أحمد: لم ينقل لأحد من الصحابة ما نقل لعليّ... وكلّما أرادوا إخماده وهدّدوا من حدّث بمناقبه لا يزداد إلّا انتشارا... وتتبّع النسائي ما خصّ به من دون أصحابه فجمع من ذلك شيئاً كثيراً بأسانيد أكثرها جياد»[٣٩].
علمه
فقد كان أعلم الناس بعد رسول اللّه (ص)، حيث لم يفارقه مدّة حياته، فكان يعلم بكلّ ما ينزل من القرآن وتفسيره وتأويله، ولم يكن غيره كذلك، ولم يعهد عن أحد غيره قول: «سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي فَوَ اَلَّذِي فَلَقَ اَلْحَبَّةَ وَ بَرَأَ اَلنَّسَمَةَ لَوْ سَأَلْتُمُونِي عَنْ آيَةٍ لَأَخْبَرْتُكُمْ بِوَقْتِ نُزُولِهَا وَ فِي مَنْ نَزَلَتْ وَ أَنْبَأْتُكُمْ بِنَاسِخِهَا وَ مَنْسُوخِهَا وَ خَاصِّهَا وَ عَامِّهَا وَ مُحْكَمِهَا وَ مُتَشَابِهِهَا وَ اَللَّهِ مَا مِنْ فِئَةٍ تَضِلُّ أَوْ تَهْدِي إِلاَّ وَ أَنَا أَعْرِفُ قَائِدَهَا وَ سَائِقَهَا وَ نَاعِقَهَا إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ وَ زَادَ فِي نَهْجِ اَلْبَلاَغَةِ وَ مَنْ يُقْتَلُ مِنْ أَهْلِهَا وَ مَنْ يَمُوتُ»[٤٠]؛
ولذلك قال ابن عباس: «واللّه لقد أعطي عليّ بن أبي طالب تسعة أعشار العلم، وأيم اللّه لقد شارككم في العشر العاشر»[٤١]،
وعن عبد الملك بن أبي سليمان، قال: قلت لعطاء: «أكان في أصحاب محمّد (ص) أحد أعلم من عليّ؟ قال: لا واللّه، ما أعلمه»[٤٢]،
وقال سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص: «قلت لعبد اللّه بن عيّاش بن أبي ربيعة: يا عمّ لم كان صفو الناس[٤٣] إلى عليّ؟! فقال: يا بن أخي، إنّ عليّا (ع) كان له ما شئت: من ضرس قاطع في العلم، وكان له البسطة في العشيرة، والقدم في الإسلام، والصهر لرسول اللّه (ص)، والفقه في السنّة، والنجدة في الحرب، والجود في الماعون»[٤٤].
وكم استنجد به الخلفاء في حلّ مشاكلهم العلميّة، حتّى كان عمر يتعوّذ باللّه من معضلة ليس لها أبو الحسن (ع)[٤٥].
ولم لا يكون كذلك وقد وسمه النبيّ (ص) بوسام العلم، فقال: «أَنَا مَدِينَةُ اَلْعِلْمِ وَ عَلِيٌّ بَابُهَا فَمَنْ أَرَادَ اَلْعِلْمَ فَلْيَأْتِهِ مِنْ بَابِهِ.»[٤٦].
ولم يختصّ علمه بالشريعة، بل كان يشمل ما سيحدث، وهو القائل: « بَلِ اِنْدَمَجْتُ عَلَى مَكْنُونِ عِلْمٍ لَوْ بُحْتُ بِهِ لاَضْطَرَبْتُمْ اِضْطِرَابَ اَلْأَرْشِيَةِ فِي اَلطَّوِيِّ اَلْبَعِيدَةِ»[٤٧].
وذلك باب واسع وله نماذج كثيرة، منها قوله في الخوارج - حينما قالوا له: إنّ القوم عبروا جسر النهروان -: «مَصَارِعُهُمْ دُونَ اَلنُّطْفَةِ وَ اَللَّهِ لاَ يُفْلِتُ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ وَ لاَ يَهْلِكُ مِنْكُمْ عَشَرَةٌ».
قال ابن أبي الحديد: «هذا الخبر من الأخبار التي تكاد تكون متواترة؛ لاشتهاره ونقل الناس كافّة له، وهو من معجزاته وأخباره المفصّلة عن الغيوب»[٤٨].
وقد جمع بعضها في كتاب مستقلّ أو ضمن كتاب آخر[٤٩].
شجاعته
«فهو الشجاع الذي ما فرّ قطّ، لا ارتاع من كتيبة، ولا بارز أحداً إلّا قتله، ولا ضرب قطّ فاحتاجت الأولى إلى ثانية، وفي الحديث: « كانت ضرباته وترا » ولمّا دعا معاوية إلى المبارزة...
قال له عمرو: لقد أنصفك، فقال معاوية: ما غششتني منذ نصحتني إلّا اليوم، أتأمرني بمبارزة أبي الحسن وأنت تعلم أنّه الشجاع المطرق؟! أراك طمعت في إمارة الشام بعدي!
وكانت العرب تفتخر بوقوفها في الحرب في مقابلته، وأمّا قتلاه، فافتخار رهطهم بأنّه (ع) قتلهم أظهر وأكثر، قالت أخت عمرو بن ود[٥٠] ترثيه:
لو كان قاتل عمرو غير قاتله | بكيته أبدا ما دمت في الأبد | |
لكنّ قاتله من لا نظير له | وكان يدعى أبوه بيضة البلد[٥١].[٥٢] |
وهو الذي قتل مرحبا اليهودي[٥٣]، وقلع باب خيبر، وقد اجتمع عليه عصبة من الناس ليقلبوه فلم يقلبوه[٥٤]، فعلى يده فتحت حصون خيبر بعد أن عجز غيره عن فتحها[٥٥]، فقال رسول اللّه (ص): « لَأُعْطِيَنَّ اَلرَّايَةَ غَداً رَجُلاً يُحِبُّ اَللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يُحِبُّهُ اَللَّهُ وَ رَسُولُهُ كَرَّاراً غَيْرَ فَرَّارٍ لاَ يَرْجِعُ حَتَّى يَفْتَحَ اَللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ.»[٥٦]، ثمّ دفع الراية إلى عليّ (ع)، وقد كان به رمد فبصق (ص) في عينيه ودعا له فبرأ، حتّى كأن لم يكن به وجع[٥٧].
وهو الذي قتل نصف المقتولين ببدر من المشركين[٥٨].
وهو الذي نام على فراش النبيّ يوم أراد المشركون قتله[٥٩].
وهو الذي عرفت مشاهده في جميع الغزوات والسرايا، ولم يتخلّف عن رسول اللّه (ص) فيها إلّا في غزوة تبوك.
وهو الذي اقتلع هبل من أعلى الكعبة، وكان عظيماً جدّاً، وألقاه إلى الأرض[٦٠]
وهو الذي اقتلع الصخرة العظيمة في أيام خلافته (ع) بيده - وهو في الستّينات من عمره - بعد عجز الجيش كلّه عن ذلك، وأنبط الماء من تحتها[٦١].
زهده
«فهو سيّد الزهّاد، وإليه تشدّ الرحال، ما شبع من طعام قطّ، وكان أخشن الناس مأكلاً وملبساً، قال عبد الله بن أبي رافع: « دخلت إليه يوم عيد، فقدّم جرابا مختوما، فوجدنا فيه خبز شعير يابسا مرضوضا، فقدّم فأكل، فقلت: يا أمير المؤمنين، فكيف تختمه؟ قال: خفت هذين الولدين أن يلتّاه بسمن أو زيت ».
وكان ثوبه مرقوعاً بجلد تارة وليف أخرى، ونعلاه من ليف. وكان يلبس الكرباس الغليظ... وكان يأتدم إذا ائتدم بخلّ أو ملح، فإن ترقّى عن ذلك فبعض نبات الأرض، فإن ارتفع عن ذلك فبقليل من ألبان الإبل، ولا يأكل اللحم إلّا قليلاً، ويقول: «لا تجعلوا بطونكم مقابر الحيوان»، وكان مع ذلك أشدّ الناس قوّة وأعظمهم أيدا» [٦٢].
وكان عمر بن عبد العزيز يقول: «أزهد الناس في الدنيا عليّ بن أبي طالب» [٦٣].
وكان يؤدّب أصحابه على ذلك، وعتابه لعثمان بن حنيف على استجابته دعوة بعض الأشراف معروف، وقد جاء فيه: «ألا وإنّ إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، ومن طعمه بقرصيه... فو اللّه ما كنزت من دنياكم تبرا، ولا ادّخرت من غنائمها وفرا، ولا أعددت لبالي ثوبي طمرا، ولا حزت من أرضها شبرا، ولا أخذت منها إلّا كقوت أتان دبرة[٦٤].[٦٥].
عبادته وخشيته من اللّه تعالى
«فكان أعبد الناس وأكثرهم صلاة وصوما؛ ومنه تعلّم الناس صلاة الليل، وملازمة الأوراد وقيام النافلة، وما ظنّك برجل يبلغ من محافظته على ورده أن يبسط له بين الصفّين ليلة الهرير، فيصلّي عليه ورده، والسهام تقع بين يديه وتمرّ على صماخه يمينا وشمالا، فلا يرتاع لذلك، ولا يقوم حتّى يفرغ من وظيفته! وما ظنّك برجل كانت جبهته كثفنة البعير لطول سجوده...» [٦٦].
روى شيخ المفيد بإسناده عن سعيد بن كلثوم، قال: «كنت عند الصادق جعفر بن محمّد (ع)، فذكر أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (ع)، فأطراه ومدحه بما هو أهله، ثمّ قال: واللّه ما أكل عليّ بن أبي طالب (ع) من الدنيا حراما قطّ حتّى مضى لسبيله، وما عرض له أمران قطّ هما للّه رضا إلّا أخذ بأشدّهما عليه في دينه، وما نزلت برسول اللّه (ص) نازلة إلّا دعاه فقدّمه ثقة به، وما أطاق عمل رسول اللّه (ص) من هذه الامّة غيره، وإن كان ليعمل عمل رجل كأنّ وجهه بين الجنّة والنار، يرجو ثواب هذه، ويخاف عقاب هذه، ولقد أعتق من ماله ألف مملوك في طلب وجه اللّه والنجاة من النار ممّا كدّ بيديه ورشح منه جبينه، وإن كان ليقوت أهله بالزيت والخلّ والعجوة، وما كان لباسه إلّا الكرابيس، إذا فضل شيء عن يده من كمّه دعا بالجلم فقصّه، وما أشبهه من ولده وأهل بيته أحد أقرب شبها به في لباسه وفقهه من علي بن الحسين (ع)»[٦٧].
حسن خلقه
فقد ضرب به المثل في حسن الخلق، وبشر الوجه، وطلاقة المحيّا والتبسّم. ولكنّ أعداءه عابوه بذلك، قال عمرو بن العاص لأهل الشام: «إنّه ذو دعابة[٦٨] شديدة» فقال عليّ (ع): «عجبا لابن النابغة! يزعم لأهل الشام أنّ فيّ دعابة، وأنّي امرؤ تلعابة[٦٩]، اعافس[٧٠] وأمارس[٧١]».
وعمرو بن العاص إنّما أخذها عن عمر بن الخطاب؛ لقوله له لمّا عزم على الاستخلاف: «للّه أبوك لولا دعابة فيك!».
وقال معاوية لـ قيس بن سعد: «رحم اللّه أبا حسن، فلقد كان هشّا بشّا، ذا فكاهة».
فقال قيس: «نعم، كان رسول اللّه (ص) يمزح ويبتسم إلى أصحابه، وأراك تسرّ حسوا في ارتغاء[٧٢]، وتعيبه بذلك؟! أما واللّه لقد كان مع تلك الفكاهة والطلاقة أهيب من ذي لبدتين قد مسّه الطوى؛ تلك هيبة التقوى، وليس كما يهابك طغام أهل الشام».
وعلّق ابن أبي الحديد بعد نقل ذلك كلّه بقوله: «وقد بقي هذا الخلق متوارثا متناقلا في محبّيه وأوليائه إلى الآن، كما بقي الجفاء والخشونة والوعورة في الجانب الآخر، ومن له أدنى معرفة بأخلاق الناس وعوائدهم يعرف ذلك» [٧٣].
حلمه
فكان أحلم الناس، وأصفحهم، وقد ظهر ذلك في مواقفه خلال حروبه، فقد صفح عن مروان وكان أعدى الناس له، وأشدّهم بغضا[٧٤].
وصفح عن عبد الله بن الزبير - وهو العدوّ اللدود له - بعد أسره، ولم يزد على قوله (ع) له:«اذهب فلا أرينّك».
وصفح عن جميع من حاربه من أهل البصرة وسار بهم سيرة رسول اللّه (ص) مع أهل مكّة.
وإرساله عائشة مكرّمة إلى المدينة معروف، مع ما كانت عليه من العداء له.
ولمّا استولى معاوية على الفرات منع أصحاب عليّ (ع) من الشرب منه، لكنّه لمّا استولى هو وأصحابه على الفرات، لم يمنع معاوية وأصحابه من الماء[٧٥].
وقضاياه من هذا القبيل كثيرة.
بلاغته وفصاحته
فهي أبين من الشمس وأوضح من النهار.
قال ابن أبي الحديد: «فهو (ع) إمام الفصحاء، وسيّد البلغاء، وفي كلامه قيل: دون كلام الخالق، وفوق كلام المخلوق، ومنه تعلّم الناس الخطابة والكتابة.
قال عبد الحميد بن يحيى[٧٦]: « حفظت سبعين خطبة من خطب الأصلع، ففاضت ثمّ فاضت ».
وقال ابن نباتة[٧٧]: « حفظت من الخطابة كنزاً لا يزيده الإنفاق إلّا سعة وكثرة، حفظت مئة فصل من مواعظ عليّ بن أبي طالب ».
ولمّا قال محفن بن أبي محفن لمعاوية: « جئتك من عند أعيا الناس! » قال له: « ويحك؟ كيف يكون أعيا الناس! » فو اللّه ما سنّ الفصاحة لقريش غيره "، ويكفي هذا الكتاب الذي نحن شارحوه دلالة على أنّه لا يجارى في الفصاحة، ولا يبارى في البلاغة، وحسبك أنّه لم يدوّن لأحد من فصحاء الصحابة العشر، ولا نصف العشر ممّا دوّن له...»[٧٨].
عدالته
فقد جسّد (ع) العدالة بكلّ ما لها من معنى، ودعا إليها قولاً وعملاً، فهو القائل حينما عوتب على التسوية في العطاء، وطلب منه أن يرجّح الرؤساء والأشراف فيه، كي لا يميلوا إلى معاوية: «أتأمروني أن أطلب النصر بالجور في من ولّيت عليه؟! واللّه لا أطور به[٧٩] ما سمر سامر[٨٠]، وما أمّ [٨١] نجم في السماء نجما، لو كان المال لي لسوّيت بينهم، فكيف وإنّما المال مال اللّه! ألا وإنّ إعطاء المال في غير حقّه تبذير وإسراف، وهو يرفع صاحبه في الدنيا ويضعه في الآخرة، ويكرمه في الناس، ويهينه عند اللّه...» [٨٢].
وقال في رسالته التي كتبها إلى الأشتر: « أَنْصِفِ اَللَّهَ وَ أَنْصِفِ اَلنَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ وَ مِنْ خَاصَّةِ أَهْلِكَ وَ مَنْ لَكَ فِيهِ هَوًى مِنْ رَعِيَّتِكَ فَإِنَّكَ إِنْ لاَ تَفْعَلْ تَظْلِمْ وَ مَنْ ظَلَمَ عِبَادَ اَللَّهِ كَانَ اَللَّهُ خَصْمَهُ دُونَ عِبَادِهِ وَ مَنْ خَاصَمَهُ اَللَّهُ أَدْحَضَ حُجَّتَهُ فَكَانَ لِلَّهِ حَرْباً حَتَّى يَنْزِعَ وَ يَتُوبَ وَ لَيْسَ شَيْءٌ أَدْعَى إِلَى تَغْيِيرِ نِعْمَةِ اَللَّهِ وَ تَعْجِيلِ نِقْمَتِهِ مِنْ إِقَامَةٍ عَلَى ظُلْمٍ فَإِنَّ اَللَّهَ يَسْمَعُ دَعْوَةَ اَلْمَظْلُومِينَ وَ هُوَ لِلظَّالِمِينَ بِالْمِرْصَادِ وَ لْيَكُنْ أَحَبُّ اَلْأُمُورِ إِلَيْكَ أَوْسَطَهَا فِي اَلْحَقِّ وَ أَعَمَّهَا فِي اَلْعَدْلِ وَ أَجْمَعَهَا لِرِضَى اَلرَّعِيَّةِ » [٨٣].
ويكفيك عدله أن يوصي بقاتله فيقول: «أَلاَ لاَ تَقْتُلُنَّ بِي إِلاَّ قَاتِلِي اُنْظُرُوا إِذَا أَنَا مِتُّ مِنْ ضَرْبَتِهِ هَذِهِ فَاضْرِبُوهُ ضَرْبَةً بِضَرْبَةٍ وَ لاَ تُمَثِّلُوا بِالرَّجُلِ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ إِيَّاكُمْ وَ اَلْمُثْلَةَ وَ لَوْ بِالْكَلْبِ اَلْعَقُورِ» [٨٤].
وقد اشتهرت عدالته بين غير المسلمين فضلاً عن المسلمين، وقد ألّفوا الكتب فيها، منها ما كتبه المؤلّف المسيحي «جورج جرداق» في خمسة أجزاء وسمّاه «الإمام عليّ صوت العدالة الإنسانيّة».
ولنختم الكلام بوصف ضرار عليّاً(ع) في مجلس معاوية.
فقد روي: «أنّ ضرار بن ضمرة الكناني دخل على معاوية فقال له: صف لي عليّاُ. فقال: أو تعفيني يا أمير المؤمنين؟! قال: لا أعفيك. قال: أمّا إذ لابدّ: فإنّه كان واللّه بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلا، ويحكم عدلا، يتفجّر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه.
يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل وظلمته.
كان واللّه غزير العبرة، طويل الفكرة، يقلّب كفّه، ويخاطب نفسه، يعجبه من اللباس ما قصر، ومن الطعام ما جشب.
كان واللّه كأحدنا، يدنينا إذا أتيناه، ويجيبنا إذا سألناه، وكان مع تقرّبه إلينا وقربه منّا لا نكلّمه هيبة له، فإن تبسّم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم.
يعظّم أهل الدين، ويحبّ المساكين، لا يطمع القويّ في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله، فأشهد باللّه، لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه، يميل في محرابه قابضا على لحيته، يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين، فكأنّي أسمعه الآن وهو يقول: يا ربّنا، يا ربّنا - يتضرّع إليه - ثمّ يقول للدنيا: إليّ تغرّرت؟! وإليّ تشوّفت؟! هيهات! هيهات! غرّي غيري، قد بتتّك ثلاثا، فعمرك قصير، ومجلسك حقير، وخطرك يسير. آه، آه من قلّة الزاد، وبعد السفر، ووحشة الطريق!
فوكفت دموع معاوية على لحيته ما يملكها، وجعل ينشفها بكمّه، وقد اختنق القوم بالبكاء، فقال: كذا كان أبو الحسن. كيف وجدك عليه يا ضرار؟ قال: وجد من ذبح واحدها في حجرها، لا ترقأ دمعتها، ولا يسكن حزنها، ثمّ قام فخرج»[٨٥].[٨٦]
المراجع والمصادر
الهوامش
- ↑ قالوا: سمّته امّه حيدرة باسم أبيها أسد؛ لأنّ الحيدرة من أسماء الأسد. وإليه يشير (ع) مرتجزا يوم خيبر:
أَنَا اَلَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَةٌ ضِرْغَامُ آجَامٍ وَ لَيْثٌ قَسْوَرَةٌ عَبْلُ اَلذِّرَاعَيْنِ شَدِيدُ اَلْقَصَرَةٌ كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ اَلْمَنْظَرَةِ أَكِيلُكُمْ بِالسَّيْفِ كَيْلَ اَلسَّنْدَرَةِ أَضْرِبُكُمْ ضَرْباً يُبِينُ اَلْفِقْرَةَ
انظر شرح النهج (لابن أبي الحديد) ١: ١٢.ولكن سمّاه أبوه عليّا، وقال:
سمّيته بعليّ كي يدوم له عزّ العلوّ وفخر العزّ أدومه
انظر الفصول المهمّة (لابن الصباغ المالكي): ٣٠. - ↑ سيّد البطحاء، شيخ قريش، ورئيس مكّة، وكانت قريش تسمّيه: «الشيخ»، فهو الذي كفل رسول الله (ص) صغيراً، وحماه وحاطه كبيراً، ومنعه من مشركي قريش، ولقي لأجله عنتا عظيما، وقاسى بلاء شديداً، وصبر على نصره والقيام بأمره، وجاء في الخبر: أنّه لمّا توفّي أبو طالب أوحي إلى النبيّ (ص): اخرج منها، فقد مات ناصرك. انظر شرح النهج (لابن أبي الحديد) ١: ٢٩.
- ↑ من سابقات المؤمنات إلى الإيمان، وأبرّ الناس برسول الله (ص)، فقد كانت له بمنزلة الامّ، ربّته في حجرها. وهي من أوائل المهاجرات إلى المدينة، حيث خرجت مع ولدها عليّ (ع) وسائر الفواطم. كفّنها رسول الله (ص) عند موتها بقميصه، وتوسّد في قبرها. انظر: أصول الكافي ١: ٤٥٣، والإرشاد ١: ٥، وإعلام الورى ١: ٣٠٦، وشرح النهج ١: ١٣ - ١٤، والفصول المهمّة: ٣٠ - ٣١.
- ↑ انظر المصادر المتقدّمة.
- ↑ انظر: إعلام الورى ١: ٣٠٧، والفصول المهمّة: ١٢٤.
- ↑ انظر: إعلام الورى ١: ٣٠٧، وشرح النهج ١: ١١. وذكروا وجوها لذلك: منها: أنّه (ص) وجده نائما في تراب، قد سقط عنه رداؤه، وأصاب التراب جسده، فجاء حتّى جلس عند رأسه وأيقظه، وجعل يمسح التراب عن ظهره ويقول له: اجلس، إنّما أنت أبو تراب. ومنها: أنّه (ص) قال له ذلك لمّا رآه ساجدا معفّرا وجهه في التراب. وكانت أحبّ كناه إليه، وروى مسلم: «أنّه استعمل على المدينة رجل من آل مروان، فدعا سهل بن سعد، فأمره أن يشتم عليّا، فأبى سهل، فقال له: قل: لعن اللّه أبا التراب! فقال سهل: ما كان لعليّ اسم أحبّ إليه من أبي التراب، وإن كان ليفرح - إذا دعي بها». صحيح مسلم ٤: ١٨٧٤، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل عليّ (ع)، الحديث ٢٤٠٩. وقال ابن أبي الحديد: «كانت من أحبّ كناه إليه صلوات اللّه عليه، وكان يفرح إذا دعي بها، وكانت ترغّب بنو اميّة خطباءها أن يسبّوه بها على المنابر، وجعلوها نقيصة له، ووصمة عليه، فكأنّما كسوه بها الحليّ والحلل، كما قال الحسن البصري...». شرح النهج ١: ١١ - ١٢.
- ↑ انظر إعلام الورى ١: ٣٠٧.
- ↑ مثل: الوصي، وسيّد الأوصياء، وإمام المتّقين، وقائد الغرّ المحجّلين، ويعسوب الدين أو يعسوب المؤمنين، وسيّد المسلمين، وغير ذلك. انظر: إعلام الورى ١: ٣٠٧، وشرح النهج ١: ١٢ - ١٣، وحلية الأولياء ١: ٦٦ - ٦٧، والبحار ٣٥: ٤٥ - ٦٧، والفصول المهمّة: ١٢٤.
- ↑ انظر: الإرشاد ١: ٥، وإعلام الورى ١: ٣٠٦، والفصول المهمّة: ٢٩، والمستدرك على الصحيحين ٣: ٤٨٣ - وجاء فيه: «تواترت الأخبار أنّ فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب وجهه في جوف الكعبة» - ومروج الذهب ٢: ٣٤٩، ونقل السيّد الأمين في أعيان الشيعة عن الآلوسي في شرح عينية عبد الباقي العمري قوله: «وكون الأمير وجهه ولد في البيت أمر مشهور في الدنيا، وذكر في كتب الفريقين: السنّة والشيعة».
ومحلّ الشاهد من القصيدة هو قوله:
أنت العليّ الذي فوق العلى رفعا ببطن مكّة وسط البيت إذ وضعا
ونقل أيضاً عن السيّد الحميري قوله:ولدته في حرم الإله وأمنه والبيت حيث فناؤه والمسجد بيضاء طاهرة الثياب كريمة طابت وطاب وليدها والمولد
أعيان الشيعة ١: ٣٢٣ - ٣٢٤، ترجمة الإمام عليّ (ع)، وانظر أيضاً كتاب عليّ وليد الكعبة، للعلّامة الشيخ محمّد علي الأردوبادي الغروي. - ↑ انظر: أصول الكافي ١: ٤٥٢، والإرشاد ١: ٥، وإعلام الورى ١: ٣٠٦، والإصابة ٢: ٥٠٧، ترجمة الإمام عليّ. ويرى بعضهم: أنّ ولادته كانت قبل البعثة بأكثر من ذلك، ومن هنا وقع الخلاف في عمره عند إسلامه.
- ↑ جمعت الأقوال المذكورة في أعيان الشيعة ١: ٣٢٣.
- ↑ انظر: الإرشاد ١: ٩ - ١٠، وإعلام الورى ١: ٣٠٩ - ٣١٠، وقال ابن عبد البرّ: «... واختلفوا أيضاً هل ضربه في الصلاة أو قبل الدخول فيها، وهل اتمّ بهم الصلاة أو هو أتمّها؟ والأكثر أنّه استخلف جعدة بن هبيرة فصلّى بهم تلك الصلاة». الاستيعاب بهامش الإصابة ٣: ٥٩، وكان جعدة ابن أخته (ع) امّ هانئ.
- ↑ هذا هو المعروف، وقيل: في الليلة السابعة عشرة، قاله جماعة من العامّة، وعلّله ابن أبي الحديد في شرح النهج ١: ١٦: بأنّها ليلة بدر، وقد ورد: أنّه يقتل (ع) في ليلة بدر.
- ↑ وقد استفاضت الأخبار التي ذكر فيها أنّ النبيّ (ص) أخبر بمقتله، وأخبر هو بذلك أيضاً، فمنها: ما رواه ابن الصبّاغ عن أنس بن مالك، قال: «مرض عليّ (ع) فدخلت عليه وعنده أبو بكر وعمر وعثمان فجلست عنده معهم، فجاء النبيّ (ص) فنظر في وجهه، فقال أبو بكر وعمر: قد تخوّفنا عليه يا رسول اللّه! فقال: لا بأس عليه، ولن يموت الآن، ولا يموت حتّى يملأ غيظا، ولن يموت إلّا مقتولا». الفصول المهمّة: ١٢٤. ونقل قضيّة أخرى مشابهة إلّا أنّ القائل والمخبر فيها الإمام نفسه. ونقل المفيد في إرشاده قضايا عديدة، منها كيفيّة أخذ الإمام (ع) البيعة من ابن ملجم، وفيها إخباره إجمالا بما سيحدث، ومنها نعيه نفسه مرارا، حتّى روى عن أبي زيد الأحول، عن الأجلح، أنّه سمع أشياخ كندة أكثر من عشرين مرّة يقولون: «سمعنا عليّا (ع) على المنبر يقول: ما يمنع أشقاها أن يخضّبها من فوقها بدم؟! ويضع يده على لحيته (ع)». الإرشاد ١: ١١ - ١٣.
- ↑ انظر: الإرشاد ١: ١٠، وإعلام الورى ١: ٣١٢، وشرح النهج ١: ١٦، والفصول المهمّة: ١٢٩. قال ابن أبي الحديد: «وما يدّعيه أصحاب الحديث من الاختلاف في قبره... باطل كلّه، لا حقيقة له، وأولاده أعرف بقبره، وأولاد كلّ الناس أعرف بقبور آبائهم من الأجانب، وهذا القبر الذي زاره بنوه لمّا قدموا العراق، منهم جعفر بن محمّد (ع) وغيره من أكابرهم وأعيانهم». شرح النهج ١: ١٦. والسبب في وصيّته بإخفاء قبره هو: علمه (ع) بما كان ينتهي إليه الأمر من استيلاء بني اميّة على الخلافة، وعدم مبالاتهم واكتراثهم بما يرتكبونه من قبيح الأقوال والأعمال في سبيل ترسيخ حكومتهم. انظر الإرشاد ١: ١٠. مضافاً إلى ذلك وجود الخوارج بالكوفة وهم - ألدّ أعدائه الذين لا تقلّ عداوتهم له من معاوية، وكانوا لا يتورّعون من ارتكاب أيّة جناية متأوّلين في ذلك.
- ↑ انظر إعلام الورى ١: ٣١١ - ٣١٢.
- ↑ انظر شرح النهج ١: ١٤.
- ↑ رواه ابن عبد البرّ، انظر الاستيعاب بهامش الإصابة ٣: ٣٠، ترجمة الإمام عليّ (ع).
- ↑ هذا رأي الشيعة كافّة، وأمّا غيرهم، فقد قال ابن أبي الحديد عنهم: «ذهب أكثر أهل الحديث إلى أنّه (ع) أوّل الناس اتّباعا لرسول اللّه (ص) إيمانا به، ولم يخالف في ذلك إلّا الأقلّون، وقد قال هو (ع): « أنا الصدّيق الأكبر، وأنا الفاروق الأوّل، أسلمت قبل إسلام الناس، وصلّيت قبل صلاتهم ». ومن وقف على كتب أصحاب الحديث تحقّق ذلك وعلمه واضحا. وإليه ذهب الواقدي، وابن جرير الطبري، وهو القول الذي رجّحه ونصره صاحب كتاب الاستيعاب». شرح النهج ١: ٣٠، وانظر: تاريخ الطبري ٢: ٥٥، والاستيعاب بهامش الإصابة ٣: ٢٦ - ٣٣. وقال ابن حجر العسقلاني: «أوّل الناس إسلاما في قول كثير من أهل العلم». الإصابة ٢: ٥٠٧. ونقل ابن حجر الهيتمي عن بعضهم دعوى الإجماع على أنّ عليّا (ع) أوّل من أسلم. انظر الصواعق: ١٢٠. وممّا اشتهر نقله ما رووه عن عفيف الكندي: أنّه نزل على العبّاس بن عبد المطّلب في الجاهلية، فرأى شابا وامرأة عن خلفه وغلاما عن يمينه يصلّون، فقال عفيف: يا عبّاس، أمر عظيم؟ فقال العبّاس: أمر عظيم، ثمّ عرّفهم له، فقال: هذا محمّد بن عبد اللّه ابن أخي، وهذا عليّ بن أبي طالب ابن أخي، وهذه خديجة بنت خويلد زوجة ابن أخي، وهذا - أي الرسول (ص) - حدّثني: «أنّ ربّك ربّ السماء أمرهم بهذا الذي تراهم عليه، وأيم اللّه ما أعلم على ظهر الأرض كلّها أحدا على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة». وكان عفيف يقول بعد إسلامه: «فليتني كنت آمنت يومئذ فكنت أكون ثالثا» أي ثالث المؤمنين بالنبيّ (ص)، أو كان يقول: «يا ليتني كنت رابعا» أي رابع المصلّين. انظر: تاريخ الطبري ٢: ٥٦ - ٥٧، والاستيعاب - بهامش الإصابة ٣: ٣٢، وشرح النهج ١: ٢٩، والإرشاد ١: ٢٩ - ٣٠. وأمّا تصريحاته هو (ع) بذلك فكثيرة، ذكرت ضمن خطبه في نهج البلاغة وغيرها.
- ↑ انظر إعلام الورى ١: ٣١١ - ٣١٢.
- ↑ انظر تاريخ الطبري ٤: ١١٧.
- ↑ وكانت قبل ذلك تحرّض الناس على قتل عثمان وتقول: «اقتلوا نعثلا». ولمّا سمعت بقتله قالت: «أبعده اللّه! ذلك بما قدّمت يداه، وما اللّه بظلّام للعبيد». وعندما سمعت ببيعة الناس لعليّ (ع) قالت - مشيرة إلى السماء والأرض -: «لوددت أنّ هذه وقعت على هذه». ثمّ قالت: «قتلوا ابن عفّان مظلوما». انظر شرح النهج ٦: ٢١٥ - ٢١٦.
- ↑ ذكر ابن أبي الحديد: أنّه حاولت عائشة إقناع امّ سلمة للخروج معها، لكنّها امتنعت من ذلك وذكّرت عائشة بأمور، منها: أنّها قالت لها: «واذكّرك أيضاً، كنت أنا وأنت مع رسول اللّه (ص) وأنت تغسلين رأسه وأنا أحيس له حيسا، وكان الحيس يعجبه، فرفع رأسه وقال: « يا ليت شعري أيتكّن صاحبة الجمل الأذنب تنبحها كلاب الحوأب، فتكون ناكبة عن الصراط » فرفعت يدي من الحيس، فقلت: أعوذ باللّه وبرسوله من ذلك، ثمّ ضرب على ظهرك، وقال: « إيّاك أن تكونيها »، ثمّ قال: « يا بنت أبي اميّة، إيّاك أن تكونيها يا حميراء، أمّا أنا فقد أنذرتك ». قالت عائشة: نعم أذكر هذا». شرح النهج ٦: ٢١٧ - ٢١٨. والحيس: تمر يخلط بسمن وأقط فيعجن شديداً، ثمّ يندر نواه. القاموس المحيط: «حيس».
- ↑ انظر تاريخ الطبري ٣: ٤٧٥.
- ↑ انظر مروج الذهب ٢: ٣٧٠.
- ↑ انظر تاريخ الطبري ٤: ٢٩، وقال ابن حجر - بعد قوله: إنّ كلّا من الفريقين مجتهد -: «وظهر بقتل عمّار أنّ الصواب كان مع عليّ، واتّفق على ذلك أهل السنّة بعد اختلاف كان في القديم، وللّه الحمد». الإصابة ٢: ٥٠٨.
- ↑ كان أبو موسى يميل إلى صهره عبد اللّه بن عمر، انظر المصدرين التاليين.
- ↑ انظر: تاريخ الطبري ٤: ٤١، ومروج الذهب ٢: ٣٩٨.
- ↑ النهروان: كورة واسعة بين بغداد وواسط من الجانب الشرقي، حدّها الأعلى متّصل ببغداد. معجم البلدان: «نهروان».
- ↑ حروراء: قرية بظاهر الكوفة، وقيل: موضع على ميلين منها، نزل به الخوارج الذين خالفوا عليّ بن أبي طالب (ع) فنسبوا إليها. معجم البلدان: «حروراء».
- ↑ قالوا لعبد اللّه لمّا لقيهم: حدّثنا عن أبيك، فقال: «إنّي سمعت أبي يقول: سمعت رسول اللّه (ص) يقول: ستكون بعدي فتنة يموت فيها قلب الرجل كما يموت بدنه، يمسي مؤمنا، ويصبح كافرا، فكن عبد اللّه، المقتول، ولا تكن القاتل». ثمّ سألوه عن أشياء، منها رأيه في عليّ (ع) بعد التحكيم والحكومة، فقال: «إنّ عليّا أعلم باللّه وأشدّ توقّيا على دينه، وأنفذ بصيرة»، فقالوا: إنّك لست تتّبع الهدى، إنّما تتبّع الرجال على أسمائهم، ثمّ قرّبوه إلى شاطئ النهر فأضجعوه فذبحوه بعد ما آمنوه. ثمّ بقروا بطن امرأته وهي حبلى متمّ، وقتلوا ثلاث نسوة من طيّ. ومن غريب فعلهم أنّ بعضهم قتل خنزيرا لنصراني فقالوا: هذا فساد في الأرض، فألزموه بإرضاء صاحب الخنزير. وسقطت رطبة من نخلة فجعلها بعضهم في فيه فقال له آخر: بغير حلّها وبغير ثمن؟ فلفظها. انظر: تاريخ الطبري ٤: ٦٠ - ٦١، وشرح النهج ٢: ٢٨١ - ٢٨٢.
- ↑ نهج البلاغة: ٨٠، قسم الخطب، الخطبة ٣٦.
- ↑ انظر: تاريخ الطبري ٤: ٦٣ - ٦٤، ومروج الذهب ٢: ٤٠٥.
- ↑ انظر: مروج الذهب ٢: ٤٠٥ - وفيه: «لا يفلت منهم إلّا عشرة» والظاهر أنّه سهو - وشرح النهج ٢: ٢٧٣، وفيه: «فقال عليّ (ع) لأصحابه: احملوا عليهم فو اللّه لا يقتل منكم عشرة ولا يفلت منهم عشرة، فحمل عليهم فطحنهم طحنا... قتل من أصحابه (ع) تسعة، وأفلت من الخوارج ثمانية»، لكن في تاريخ الطبري ٤: ٦٧: «لم يقتل من أصحاب عليّ إلّا سبعة».
- ↑ انظر: نهج البلاغة: ٤٩، الخطبة ٣ المعروفة بالشقشقيّة، والإرشاد ١: ٣١٤ - ٣١٥، ومروج الذهب ٢: ٤٠٤، والاستيعاب بهامش الإصابة ٣: ٥٣. وأخرج البخاري عن أبي سعيد، قال: «بينا النبيّ (ص) يقسم، جاء عبد اللّه بن ذي الخويصرة التميمي فقال: اعدل يا رسول اللّه، فقال: ويلك! من يعدل إذا لم أعدل؟ قال عمر بن الخطّاب: دعني أضرب عنقه، قال: دعه، فإنّ له أصحابا يحقّر أحدكم صلاته مع صلاته [ ظ: صلاتهم ]، وصيامه مع صيامه [ ظ: صيامهم ]، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميّة... آيتهم رجل إحدى يديه - أو قال ثدييه - مثل ثدي المرأة - أو قال: مثل البضعة - تدردر، يخرجون على فرقة من الناس. قال أبو سعيد: أشهد سمعت من النبيّ (ص) ، وأشهد أنّ عليّا قتلهم، وأنا معه جيء بالرجل على النعت الذي نعته النبيّ (ص) ». صحيح البخاري ٤: ١٩٨، كتاب الفتن، باب من ترك قتال الخوارج. قال ابن أبي الحديد: «قد تظافرت الأخبار حتّى بلغت حدّ التواتر بما وعد اللّه تعالى قاتلي الخوارج من الثواب على لسان رسول اللّه (ص)، وفي الصحاح المتّفق عليها...»، ثمّ ذكر الرواية المتقدّمة. ثمّ نقل عن مسند أحمد عن عائشة أنّها قالت في الخوارج: «إنّهم شرّ الخلق والخليقة، يقتلهم خير الخلق والخليقة، وأقربهم عند اللّه وسيلة». ونقل عن كتاب صفّين للمدائني عن مسروق: أنّ عائشة قالت له - لمّا عرفت أنّ عليّا (ع) قتل - ذا الثديّة -: «لعن اللّه عمرو بن العاص! فإنّه كتب إليّ يخبرني أنّه قتله بالإسكندرية! ألا إنّه ليس يمنعني ما في نفسي أن أقول ما سمعته من رسول اللّه (ص) يقول: يقتله خير امّتي من بعدي». شرح النهج ٢: ٢٦٥ - ٢٦٨. وقد تواتر: أنّه حينما أخبروا عليّا (ع) بأنّ الخوارج فرّوا وأدبروا وعبروا النهر قال لهم: «واللّه ما عبروه، ولن يعبروه. وأنّ مصارعهم لدون النطفة، والذي فلق الحبّة، وبرأ النسمة...». والمراد من النطفة ماء النهر، كما قال الرضي. وجاءت الفرسان تركض وتخبره بعبورهم النهر، فقام (ع) فركب فرسه وذهب بنفسه لينظر، فقال شاب: واللّه لأكوننّ قريبا منه، فإن كانوا عبروا النهر لأجعلنّ سنان هذا الرمح في عينيه، أيدّعي علم الغيب؟! فلمّا انتهى (ع) إلى النهر وجد القوم قد كسروا جفون سيوفهم، وعرقبوا خيلهم، وجثوا على ركبهم، وحكّموا تحكيمة واحدة بصوت عظيم له زجل، فنزل ذلك الشاب، فقال: يا أمير المؤمنين، إنّي كنت شككت فيك آنفا، وإنّي تائب إلى اللّه وإليك، فاغفر لي، فقال (ع): إنّ اللّه هو الذي يغفر الذنوب، فاستغفره. انظر: شرح النهج ٢: ٢٧٢، و٥: ٣ - ٤، والإرشاد ١: ٣١٧ - ٣١٩، وفيه: أنّ الشاب هو جندب بن عبد اللّه الأزدي. وبعد انتهاء القتال طلب الإمام (ع) ذا الثدية طلبا شديدا، وقلّب القتلى، فلم يقدر عليه، فجعل يقول: واللّه ما كذبت ولا كذبت، اطلبوا الرجل، وإنّه لفي القوم، فلم يزل يتطلّبه حتّى وجده. فإذا لحم مجتمع على منكبه كثدي المرأة، له حلمة عليها شعرات سود، فسجد (ع) وكبّر وكبّر الناس سرورا. انظر: شرح النهج ٢: ٢٧٦، وتاريخ الطبري ٤: ٦٥ - ٦٦، ومروج الذهب ٢: ٤٠٦، ومسند أحمد ١: ١١٠، مسند الإمام عليّ (ع)، الحديث ٦٧٥.
- ↑ أمّا إنّه لم يفارقه في مشاهده إلّا تبوك، فهو من المسلّمات، انظر: الإصابة ٢: ٥٠٧، ترجمة الإمام عليّ (ع)، والاستيعاب بهامش الإصابة ٣: ٣٤، ترجمة الإمام (ع)، وأمّا الحديث فقد قال عنه في الاستيعاب: «وهو من أثبت الآثار وأصحّها»، ثمّ ذكر للحديث طرقا كثيرة، منها طرق سعد بن أبي وقّاص، وقال: «كثيرة جدّا». وانظر صحيح مسلم ٤: ١٨٧٠، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل عليّ (ع)، الحديث ٢٤٠٣.
- ↑ انظر البحار ٤٣: ٩٢، تاريخ سيّدة النساء فاطمة(ع)، باب تزويجها، الحديث ٣ و٤.
- ↑ نهج البلاغة: ٣٠٠ - ٣٠١، الخطبة رقم ١٩٢، وهي المعروفة بالقاصعة.
- ↑ الإصابة في تمييز الصحابة ٢: ٥٠٧ - ٥٠٨، ترجمة الإمام عليّ (ع).
- ↑ الإرشاد ١: ٣٥، وانظر: الإصابة ٢: ٥٠٩، ترجمة الإمام عليّ (ع)، وبهامشه الاستيعاب ٣: ٤٣.
- ↑ الاستيعاب بهامش الإصابة ٣: ٤٠.
- ↑ الاستيعاب بهامش الإصابة ٣: ٤٠.
- ↑ ما أروع هذا التعبير! وما أجمله! فإنّ مثل عمّار وخزيمة ذي الشهادتين ونحوهما كانوا مع عليّ، وعمرو بن العاص والمغيرة ونحوهما كانوا مع معاوية.
- ↑ الاستيعاب بهامش الإصابة ٣: ٤٣، ترجمة الإمام عليّ (ع).
- ↑ انظر الإصابة ٢: ٥٠٧، وبهامشه الاستيعاب ٣: ٣٩.
- ↑ الاستيعاب بهامش الإصابة ٣: ٣٨، وقد نقل العلّامة الأميني في موسوعة الغدير ٦: ٦١ - ٧٧ الحديث عن أكثر من مئة وأربعين من الحفّاظ وأصحاب المسانيد.
- ↑ نهج البلاغة: ٥٢، الخطبة ٥.
- ↑ شرح النهج ٥: ٣، ومقصوده من النطفة ماء النهر.
- ↑ انظر: الإرشاد ١: ٣١٢ - ٣٣٨، وشرح النهج ٢: ٢٨٦ - ٢٩٤.
- ↑ برز يوم الأحزاب ( الخندق ) ينادي: هل من مبارز؟ فلم يجبه أحد، فقال: ولقد بححت من الندا * ء بجمعهم: هل من مبارز؟ فنزل إليه عليّ (ع) فقتله واحتزّ رأسه وجاء به إلى رسول اللّه (ص)، ففرح وفرح المسلمون. ولمّا رأى الأحزاب ذلك انهزموا ﴿وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ﴾. الأحزاب: ٢٥. انظر: الإرشاد ١: ٩٨ - ١٠٢، وإعلام الورى ١: ٣٨٠ - ٣٨٢.
- ↑ «بيضة البلد» من الأضداد، تارة يراد به المدح، وأخرى الذمّ، والمراد هنا المدح، أي منفرد في حسنه، ليس مثله أحد. انظر لسان العرب: «بيض»، والمراد من «بيضة البلد» على هذا النقل هو: أبو طالب، وعلى نقل اللسان: عليّ بن أبي طالب؛ لأنّه ذكر بدل كلمة «أبوه» كلمة «قديما»؛ ولذلك فسّره به.
- ↑ شرح النهج ١: ٢٠ - ٢١.
- ↑ حيث خرج من الحصن وعليه مغفر وحجر قد ثقبه مثل البيضة على رأسه وهو يرتجز:
قد علمت خيبر أنّي مرحب شاك سلاحي بطل مجرّب
فقال (ع) في جوابه:أنا الذي سمّتني امّي حيدره ليث لغابات شديد قسوره أكيلكم بالسيف كيل السندره
فاختلفا ضربتين فبدره عليّ (ع) فضربه ضربة فقدّت الحجر والمغفر ورأسه حتّى وقع السيف في أضراسه وخرّ صريعا. انظر: الإرشاد ١: ١٢٦ - ١٢٧، وتاريخ الطبري ٢: ٣٠٠ - ٣٠١. - ↑ انظر: شرح النهج ١: ٢١، وتاريخ الطبري ٢: ٣٠١، والإرشاد ١: ١٢٨ - ١٢٩.
- ↑ انظر تاريخ الطبري ٢: ٣٠٠ - ٣٠١.
- ↑ القضية من المسلّمات، ذكرها كلّ من تعرّض للغزوة أو لفضائل الإمام عليّ (ع). انظر: صحيح مسلم ٤: ١٨٧١، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل عليّ بن أبي طالب (ع)، وتاريخ الطبري ٢: ٣٠٠ - ٣٠١، والإرشاد ١: ١٢٤ - ١٢٧، وغيرها.
- ↑ انظر المصادر المتقدّمة.
- ↑ انظر: شرح النهج ١٤: ٢٠٨ - ٢١٢، والإرشاد ١: ٧٠ - ٧٢، وإعلام الورى ١: ١٧٠ - ١٧٣.
- ↑ انظر: الإرشاد ١: ٥١، وإعلام الورى ١: ٣٧٤.
- ↑ انظر شرح النهج ١: ٢١.
- ↑ انظر: شرح النهج ١: ٢١، والإرشاد ١: ٣٣٤.
- ↑ شرح النهج ١: ٢٦.
- ↑ أسد الغابة ٤: ٢٤.
- ↑ الأتان: الأنثى من الحمير، والدبرة: المصابة بالدبرة، وهي القرحة التي تكون في ظهر الدابة. انظر لسان العرب: «أتن» و«دبر». وكلامه (ع) كناية عن قلّة الأكل، مثل أكل الدابة الدبرة حيث يقلّ أكلها.
- ↑ نهج البلاغة: ٤١٧، قسم الرسائل، الرسالة ٤٥.
- ↑ شرح النهج ١: ٢٧.
- ↑ الإرشاد ٢: ١٤١ - ١٤٢.
- ↑ الدعابة: المزاح. لسان العرب: «دعب».
- ↑ التلعابة: صيغة مبالغة من اللعب، وهنا بمعنى كثرة المزاح. لسان العرب: «لعب».
- ↑ المعافسة: معالجة الأمور وممارستها، ويراد بها المداعبة أيضاً. لسان العرب: «عفس».
- ↑ الممارسة: أريد بها هنا ملاعبة النساء. انظر النهاية ( لابن الأثير ): «مرس».
- ↑ في المثل: «يسرّ حسوا في ارتغاء»، يضرب لمن يظهر أمرا وهو يريد غيره. لسان العرب: «رغا».
- ↑ شرح النهج ١: ٢٥ - ٢٦.
- ↑ ذكروا: أنّ مروان اخذ أسيرا يوم الجمل، فاستشفع الحسن والحسين (ع) إلى أمير المؤمنين (ع)، فكلّماه فيه، فخلّى سبيله، فقالا له: يبايعك يا أمير المؤمنين؟ فقال (ع): «أو لم يبايعني بعد قتل عثمان؟ لا حاجة لي في بيعته! إنّها كفّ يهودية، لو بايعني بكفّه لغدر بسبّته، أما إنّ له إمرة كلعقة الكلب أنفه، وهو أبو الأكبش الأربعة، وستلقى الامّة منه ومن ولده يوما أحمر». نهج البلاغة: ١٠٢، قسم الخطب، الخطبة ٧٣. وهذا من إخباراته العجيبة بإمرة مروان وأنّها قصيرة كلعقة الكلب أنفه. انظر تفاصيل ذلك في شرح النهج ٦: ١٤٦ - ١٤٨.
- ↑ كلّ ذلك من المسلّمات، انظر شرح النهج ١: ٢٢ - ٢٤، و٣: ٣١٢.
- ↑ عبد الحميد بن يحيى المشهور بالكاتب، أديب بليغ، كان كاتبا لمروان بن محمّد ( مروان الحمار ) آخر حكّام بني اميّة. قيل: قتله المنصور بعد العثور عليه. وفيات الأعيان ٣: ٢٢٨ - ٢٣٢.
- ↑ عبد الرحيم بن محمّد بن إسماعيل بن نباتة الحذاقي صاحب الخطب المشهورة، من أئمّة الأدب، عيّنه سيف الدولة ابن حمدان خطيبا لمدينة حلب. قيل: توفّي سنة ٣٧٤ ه. وفيات الأعيان ٣: ١٥٦ - ١٥٨.
- ↑ شرح النهج ١: ٢٤ - ٢٥.
- ↑ أي: لا أقربه، ولا تطر حولنا، أي لا تقرب ما حولنا، أصله من طوار الدار، وهو ما كان ممتدّا معها من الفناء. شرح النهج ٨: ١١٠.
- ↑ أي: ما بقي الدهر. المصدر المتقدّم.
- ↑ أي: قصد؛ لأنّ النجوم تتبع بعضها بعضا. انظر لسان العرب: «أمم».
- ↑ نهج البلاغة: ١٨٣، الخطبة ١٢٦.
- ↑ نهج البلاغة: ٤٢٨ - ٤٢٩، قسم الرسائل، الرسالة ٥٣.
- ↑ نهج البلاغة: ٤٢٢، قسم الرسائل، الرسالة ٤٧.
- ↑ حلية الأولياء ١: ٨٤ - ٨٥.
- ↑ محمد علي الأنصاري، الموسوعة الفقهية الميسرة 5: 493 - 509.