البلوغ

من إمامةبيديا

التعريف

البلوغ من مادة «بلغ» بمعنى الوصول إلى الشيء، وبلوغ أقصى المقصد، أو الاقتراب من أقصاه، يقول ابن فارس: الباءُ وَاللّامُ وَالغَينُ أصلٌ واحِدٌ، وهُوَ الوُصولُ إلَى الشَّيءِ. تَقولُ: بَلَغتُ المَكانَ؛ إذا وَصَلتَ إلَيهِ وقَد تُسَمَّى المُشارَفَةُ بُلوغا بِحَقِّ المُقارَبَةِ.[١]

وذكر ابن منظور في هذا المجال قائلاً: بَلَغَ الشَّيءُ يَبلُغُ بُلوغا وبَلاغا: وَصَلَ وَانتَهى... وبَلَغَ الغُلامُ: اِحتَلَمَ كَأَنَّهُ بَلَغَ وَقتُ الكِتابِ عَلَيهِ وَالتَّكليفِ...بَلَغَ الصَّبِيُّ وَالجارِيَةُ: إذا أدرَكا وهُما بالِغانِ. [٢]

كما فسّر الراغب كلمة البلوغ كالتالي: البُلوغُ وَالبَلاغُ: الاِنتِهاءُ إلى أقصَى المَقصَدِ وَالمُنتَهى، مَكانا كانَ أو زَمانا أو أمرا مِنَ الاُمورِ المُقَدَّرَةِ، ورُبَّما يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ المُشارَفَةِ عَلَيهِ وإن لَم يَنتَهِ إلَيهِ. [٣]

وعلى هذا الأساس، فإنّ وصول الطفل إلى مرحلة طبيعية من الحياة تتفتّح فيها الغريزة الجنسية وتظهر عليه بعض التغيّرات من النواحي الجسمية والروحية والإدراكية، يسمّى «البلوغ».[٤]

«البلوغ» في القرآن

استُخدمت في القرآن الكريم ثلاثة تعابير، لبيان المراحل الطبيعية لنمو الطفل، وهي: «بلوغ النكاح»، «بلوغ الحُلُم» و«بلوغ الأشُدّ»، وسنقدّم إيضاحاً مختصرا لكلٍّ منها:

  1. بلوغ النكاح: المراد من «بلوغ النكاح» الفترة التي يصل فيها الطفل إلى مرحلة من النمو الطبيعي بحيث يكتسب القدرة على الزواج من الناحية الجنسية. ويعتبر القرآن الكريم الوصول إلى هذه المرحلة من شروط الاستقلال القانوني للطفل: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ[٥] وتشير هذه الآية إلى هذه الحقيقة؛ وهي أنّ البلوغ ليس له معنى واحد في كلّ المواضع، من وجهة نظر القرآن، فقد يكون الشخص بالغا من الناحية الجنسية، ولكنّه ليس بالغاً من الناحية القانونية.
  2. بلوغ الحُلُم: يبدو أنّ المراد من «بلوغ الحلم»، البلوغ الجنسي أيضاً[٦]، فقد أمر القرآن الكريم الأطفال الذين نضجوا جنسياً بأن يستأذنوا دوماً عند دخول الغرفة التي يستريح فيها الوالدان، إلّا أنّ الاستئذان ثلاث مرات يكفي بالنسبة إلى الأطفال المميّزين الذين لم يبلغوا جنسيّاً﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاء ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ[٧].
  3. بلوغ الأشُدّ: طرح مفهوم «بلوغ الأشدّ» بتعابير مختلفة في ثماني آيات، ويمكن تصنيف هذه الآيات تحت أربعة عناوين:
    1. البلوغ الجنسي: استخدم تعبير «بلوغ الأشد» في مقابل مرحلة الطفولة في آيتين: ﴿ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ[٨] وبناءً على ذلك، فإنّ المراد من «بلوغ الأشدّ» في هذا النوع هو مرحلة ما بعد مرحلة الطفولة، ولكن متى تبدأ هذه المرحلة، وما هي علاماتها؟ فقد أغمضت الآية الشريفة عن تحديدهما، ولذلك، يمكن الرجوع إلى روايات أهل البيت (ع) أو إلى العرف للإجابة على هذا السؤال. الجدير بالذكر هو أنّ هناك رواية عن الإمام الصادق (ع) يقول فيها: «اِنقِطاعُ يُتمِ اليَتيمِ بِالاِحتِلامِ وهُوَ أشُدُّهُ، وإنِ احتَلَمَ ولَم يُؤنَس مِنهُ رُشدٌ وكانَ سَفيها أو ضَعيفا فَليُمسِك عَنهُ وَلِيُّهُ مالَهُ» [٩] واستناداً إلى هذه الرواية والروايتين المشابهتين لها[١٠]، فإنّ «بلوغ الأشد» يبدأ بتفتّح الغريزة الجنسية والاحتلام حتى وإن لم يبلغ الطفل النموّ العقلي.
    2. البلوغ القانوني: اتّخذ «بلوغ الأشد» في آيتين موضوع حكم رفع الحَجر عن الأيتام: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ[١١]. الجدير بالذكر هو أنّ بإمكاننا من خلال جعل هذه الآية إلى جانب الآية السادسة من سورة النساء أن نصل إلى هذه النتيجة؛ وهي أنّ المراد من «بلوغ الأشدّ» المؤدّي إلى رفع الحجر، هو البلوغ الجنسي المقترن مع النمو العقلي، كما أنّ «بلوغ الأشد» في الآية ﴿قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُكْراً[١٢] التي تطرح البلوغ العقلي لليتيمين لاستخراج الكنز المتعلّق بهما، قد يكون المراد منه هذا المعنى نفسه.
    3. البلوغ الإداري والقيادي: هناك آيتان ورد فيهما «بلوغ الأشدّ» وأشارتا من خلاله إلى أنّ بعض الأناس الصالحين يكتسبون الاستعداد لتسلّم منصب الرسالة الإلهية وإدارة المجتمع وقيادته، كما يقول القرآن بشأن النبي موسى (ع): ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ[١٣] أو كما يقول حول يوسف (ع): ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وقد روي عن الإمام الصادق (ع) في بيان «بلوغ الأشدّ» في الآية الاُولى قوله: «أشُدُّهُ: ثَمانَ عَشرَةَ سَنَةً، وَاستَوى: اِلتَحى» [١٤] الجدير بالذكر هو أنّ العمر ليس شرطا لبلوغ النبوّة والإمامة والقيادة الإلهية، فقد بلغ يحيى (ع) النبوّة في طفولته: ﴿وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً[١٥]. كما أنّ بعض أئمّة أهل البيت (ع) ـ كالإمام الجواد (ع) ـ بلغوا الإمامة في طفولتهم. وهذا يعني أنّ «بلوغ الأشدّ» الذي يمثل مرحلة ما بعد الطفولة، رغم أنّه يمّهد الطريق بشكل طبيعي للإدارة والقيادة، إلا أن الله عز وجل واستناداً إلى حكمته البالغة منح في بعض الظروف السياسية الاجتماعية الخاصّة، قدرة قيادة المجتمع وتوجيهه لبعض الأشخاص الذين كانوا يتمتّعون بالكفاءة اللازمة وذلك في سنوات الطفولة، وفي الحقيقة فإن «بلوغ الأشد» بالمفهوم المذكور، يحدث في هذا النوع من الحالات وبشكل استثنائي لبعض الأشخاص قبل الموعد الطبيعي.
    4. كمال البلوغ: ورد «بلوغ الأشد» في إحدى الآيات إلى جانب بلوغ سنّ الأربعين: ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً[١٦] وتشير هذه الآية إلى أن «بلوغ الأشد» الذي يمثّل مرحلة كمال الإنسان وقوّته تنتهي في سنّ الأربعين، كما نقل في رواية عن أبي بصير عن الإمام الصادق (ع): «إذا بَلَغَ العَبدُ ثَلاثاً وثَلاثينَ سَنَةً فَقَد بَلَغَ أشُدَّهُ وإذا بَلَغَ أربَعينَ سَنَةً فَقَدِ انتَهى مُنتَهاهُ، وإذا بَلَغَ إحدى وأَربَعينَ فَهُوَ فِي النُّقصانِ»[١٧]

واستناداً إلى هاتين الروايتين، فإنّ مرحلة «بلوغ الأشد» تبدأ ب«الاحتلام»[١٨]

وتبلغ ذروتها في سن الثالثة والثلاثين، وكمالها في سن الأربعين، ولعلّ الحكمة منها أنّ خاتم الأنبياء (ص) بعث بالرسالة في سنّ الأربعين لأنه (ص) كان يتمتّع في هذا العمر بالحدّ الأقصى من الاستعداد لأداء المسؤولية الثقيلة المتمثلة في إدارة المجتمع وتوجيهه وقيادته.[١٩]

نتيجة دراسة آيات البلوغ

يمكننا التوصل إلى النتائج التالية من خلال التأمّل في الآيات التي طرح فيها موضوع البلوغ:

  1. لم يفرّق القرآن بين بلوغ الصبية وبلوغ الصبي.
  2. لم يطرح عمرا خاصّا للبلوغ، بل تمّ الاستناد إلى علاماته الطبيعة مثل: البلوغ الجنسي والرشد العقلي.
  3. ليس للبلوغ في القرآن معنى واحدا في جميع المواضع، بل قد يأتي أحياناً بمعنى البلوغ الجنسي، وأحياناً بمعنى البلوغ القانوني، واُخرى بمعنى البلوغ الإداري.
  4. اعتبر البلوغ الجنسي في القرآن الكريم مجرّد مبدأ أحد الأحكام الواضحة وهو وجوب الاستئذان في دخول غرفة استراحة الوالدين.[٢٠]

البلوغ في الأحاديث

هناك موضوعان حظيا باهتمام الأحاديث بشكل مفصّل فيما يتعلّق بالبلوغ:

دور البلوغ في الأحكام التكليفية والوضعية

ورد التأكيد في عدد من الروايات على أنّ الطفل لا يكلّف قبل الوصول إلى مرحلة البلوغ بأداء الواجبات الإلهية وترك المحرمات، وإذا ما ارتكب عملاً قبيحاً، فإنّه لا يعتبر مذنباً، كما روي عن النبي (ص): « إنَّ الصَّبِيَّ لا يَجري عَلَيهِ القَلَمُ حَتّى يَبلُغَ» [٢١]

وعلى هذا الأساس، فإن ارتكب الطفل ذنباً، فإن الإسلام لم يقرّر له عقوبة خاصة، مثل: السرقة، فلا تجري عقوبتها عليه، علماً أنّ من الضروري القيام ببعض الإجراءات لتأديبه.

كما لا تجري الأحكام الوضعية بشأن الطفل، مثل عدم نفوذ الطلاق والوصية.

علامات البلوغ

العلامات التي ذكرت في الروايات للبلوغ هي:

  1. الاحتلام: اعتبر «الاحتلام» الذي هو علامة البلوغ الجنسي، في الروايات، باعتباره إحدى علامات البلوغ التكليفية والقانونية للصبيان. وقد أوضحنا فيما سبق أن القرآن الكريم أشار بشكل إجمالي إلى تكليف الأطفال الذين بلغوا مرحلة البلوغ الجنسي. وبناءً على ذلك، يمكن القول إنّ تكليف الأطفال الذين بلغوا جنسياً متّفق عليه في الكتاب والسنة، ولذلك فإنه لا يوجد اختلاف بين الفقهاء في هذا المجال.
  2. الحيض: تعتبر رؤية دم «الحيض» من وجهة نظر الروايات، العلامة الأكيدة على بلوغ الفتيات، وليس هناك اختلاف في هذا المجال.
  3. نمو شعر العانة: اعتبر نمو الشعر الخشن على العانة، علامة بلوغ الصبيان، في عدد من الروايات، ويرى الكثير من الفقهاء، أنّ هذه العلامة مشتركة بين الفتيات والفتيان مستدلّين على ذلك بأن نمو هذا الشعر هو علامة البلوغ الطبيعية[٢٢].
  4. سن البلوغ: اختلفت الروايات في بيان سن البلوغ: فقد ذكرت بعض الروايات أن سن بلوغ الفتيان خمسة عشر عاماً، فيما ذكرت روايات اُخرى أنّه ثلاث عشرة سنة[٢٣]، وفي بعضها أنّه عشر سنوات[٢٤]، وفي رابع أنّه تسع سنوات[٢٥]، وفي آخر أنّه ثماني سنوات[٢٦].

وأمّا فيما يتعلّق بالفتيات، فإنّ الغالبية العظمى من الروايات ذكرت أنّ سنّ بلوغهنّ تسع سنين. وهناك رواية ذكرت أنّ سنّ بلوغهنّ ثلاث عشرة سنة[٢٧]، فيما تشير رواية اُخرى إلى أنه عشر سنوات[٢٨].[٢٩]

سنّ البلوغ في آثار الفقهاء المتقدّمين

لا نرى في آثار الفقهاء القدامى، مثل الشيخ الصدوق والسيد المرتضى، حديثاً عن سنّ البلوغ، بل إنّهم يؤكدون على علامات البلوغ الطبيعية (الاحتلام عند الفتيان، والعادة الشهريّة عند الفتيات).

يقول الشيخ الصدوق في بيان حد وجوب الصيام على الأطفال بعد نقل الروايات ذات العلاقة بهذا الموضوع: وهذه الأخبار كلّها متّفقة المعاني، يؤخذ الصبيّ بالصيام إذا بلغ تسع سنين إلى أربع عشرة سنة أو خمس عشرة سنة وإلى الاِحتلام، وكذلك المرأة إلى الحيض، ووجوب الصوم عليهما بعد الاِحتلام والحيض، وما قبل ذلك تأديب. [٣٠]

كما يصرّح في كتاب المقنع: اعلم أنّ الغلام يؤخذ بالصيام إذا بلغ تسع سنين على قدر ما يطيقه، فإن أطاق إلى الظهر أو بعده صام إلى ذلك الوقت، فإذا غلب عليه الجوع والعطش أفطر، وإذا صام ثلاثة أيّام وُلّاءً اُخِذ بصوم الشهر كلّه. وروي أنّ الغلام يؤخذ بالصوم ما بين أربع عشرة سنة إلى خمس عشرة سنة إلاّ أن يقوى قبل ذلك، وروي عن أبي عبد الله أنّه قال: «عَلَى الصَّبِيِّ إذا احتَلَمَ الصِّيامُ، وعَلَى المَرأَةِ إذا حاضَتِ الصِّيامُ والخِمارُ»[٣١].

ويؤكد الشريف المرتضى رحمه الله قائلاً: إذا أسلم الكافر قبل استهلال الشهر كان عليه صيامه كلّه، وإن كان إسلامه وقد مضت منه أيّامٌ صام المستقبل ولا قضاء عليه في الفائت، وكذلك الغلام إذا احتلم والجارية إذا بلغت المحيض. [٣٢]

ويحتمل أن يكون مراد هؤلاء الفقهاء هو أنّ السنّ ليس أمارةً تعبّديةً للبلوغ، بل إنّ معيار البلوغ عند الفتيان الاحتلام، وعند الفتيات العادة الشهريّة.[٣٣]

رأي مشهور الفقهاء حول سنّ البلوغ

أفتى مشهور الفقهاء استناداً إلى الروايات التي ذكرت أن سنّ بلوغ الفتيان خمس عشرة سنة وسنّ بلوغ الفتيات تسع سنوات، واستناداً إلى هذا الرأي فإن سنّ البلوغ هو أمر تعبّدي عيّنه الشارع إلى جانب العلامات الطبيعية الاُخرى. والجدير بالذكر هو أنّنا سوف لا نذكر في هذا الباب سوى الروايات الدالة على هذا المعنى، آخذين بنظر الاعتبار رأي مشهور الفقهاء.[٣٤]

رأي الفيض الكاشاني

يرى المحدّث والمحقّق الجليل الملّا محسن الفيض رحمه الله أنّ اختلاف الروايات يقتضي اختلاف سنّ البلوغ فيما يتعلّق بأنواع التكليف. وبعبارة اُخرى؛ فإنّ للبلوغ معانٍ ومراتب مختلفة، وهذا هو نصّ ما ذكره: والتوفيق بين الأخبار يقتضي اختلاف معنى البلوغ بحسب السنّ بالإضافة إلى أنواع التكاليف، كما يظهر ممّا روي في باب الصيام أنّه لا يجب على الاُنثى قبل إكمالها الثلاث عشر سنة إلّا إذا حاضت قبل ذلك، وما روي فى باب الحدود أنّ الاُنثى تؤاخذ بها وهي تؤخذ لها إذا كملت تسع سنين، إلى غير ذلك ممّا ورد في الوصية والعتق ونحوهما أنّها تصحّ من ذي العشر[٣٥]

وقد أخذ بعض الباحثين المعاصرين بهذا الرأي وقالوا: إنّ للبلوغ مراتب وكلّ مرتبة منه موضوع أحكام خاصة، مثل:

  1. البلوغ العقائدي: يكفي ـ فيما يتعلّق بالعقائد ـ النطق بالشهادتين في إسلام الطفل الكافر إذا ما كان هذا النطق قائماً على المعرفة والوعي، حتى وإن لم يبلغ عمر الصبي خمس عشرة سنة ولم يبلغ عمر الفتاة تسع سنوات، ومثل هذا الطفل تجري عليه أحكام الإسلام ويخرج عن التبعية للوالدين الكافرين.
  2. البلوغ القانوني: فيما يخصّ العقود والمعاملات مثل: البيع، الإجارة، الرهن، الوصية والطلاق؛ فإنّه يكفي بلوغ سن العاشرة من العمر. وبطبيعة الحال شريطة بلوغه النمو العقلي.
  3. بلوغ إجراء الحدود والتعزيرات: بالنسبة إلى إجراء الحدود والتعزيرات يكفي بلوغ الفتاة مبلغ النساء واستعدادها للزواج وقدرتها الجسمية، حتّى وإن لم تبلغ العاشرة.
  4. البلوغ العبادي: هناك أمران يكفي تحقق أحدهما في تحقّق البلوغ في مجال العبادات: العادة الشهرية، أو سنّ الثالثة عشرة، وخاصّة فيما يتعلّق بالصيام[٣٦].

وعلى أيّ حال، يمكن القول إنّ الرأي الأخير ينسجم مع ما طرح في معنى البلوغ من وجهة نظر القرآن، وكذلك مع رأي علماء النفس حول البلوغ، والذي سنأتي على ذكره. وبالطبع فإنّ علينا أن نأخذ بنظر الاعتبار ـ كما سبقت الإشارة ـ أنّ هناك إشكالات طرحت فيما يتعلّق بهذا الرأي، ويمكن طرحها في المباحث الفقهية التفصيلية، وما طُرح هنا، لم يكن سوى إشارة للآراء الفقهية حول علامات البلوغ[٣٧].[٣٨]

البلوغ من وجهة نظر علماء النفس

قام علماء النفس بدراسات واسعة حول البلوغ، وسنتطرّق هنا أولاً إلى تعريفهم للبلوغ ثم نتناول علامات البلوغ وننتهي بالعوامل المؤثّرة في البلوغ من وجهة نظر علماء النفس:

تعريف البلوغ

يرى علماء النفس أنّ البلوغ مرحلة من العمر تقترن ببعض التغيّرات في جسم الطفل وأحاسيسه وأفكاره، وتبدأ هذه المرحلة بتفتح الغريزة الجنسية. ويؤدّي البلوغ إلى تغيّر شعور الشخص، وتتغير نظرته إلى العالم. ويتغيّر تعامله مع الآخرين ومع نفسه[٣٩].

كما قُدّمت تعاريفُ اُخرى، ولا مجال لذكرها كلّها هنا.[٤٠]

العلامات الخارجية والغالبية للبلوغ

يرى علماء النفس أنّ البلوغ يقترن مع تغييرات مختلفة: بعضها ظاهر وبعضها خفيّ. جاء في كتاب روانشناسي رشد كودك ونوجوان (علم نفس الطفولة والمراهقة): تتمثّل أهمّ التحوّلات الجسمية في مرحلة الشباب، في ظهور الخصائص الأوّلية والخصائص الثانوية. والمراد من الخصائص الأوّلية، تكامل الأعضاء التناسلية والقدرة على التناسل، وأما الخصائص الثانوية فهي نمو اللحية والشارب وتغير الصوت لدى الفتيان، ونمو الثديين والحوض لدى الفتيات. وبعد العادة الشهرية عند الفتيات والانتصاب والإنزال عند الفتيان، تظهر قابلية التناسل. ومن العلامات المهمة للبلوغ عند الفتيات، زيادة طول القامة، وكبر الثديين والحوض، أخيرا والعادة الشهرية. وتدلّ كلّ هذه العلامات على أنّ الفتاة اليافعة قادرة على التناسل. وتعتبر العادة الشهرية إيذاناً بنهاية النمو الجسدي السريع للفتيات ويختلف زمان بدايتها... ويتراوح مسار البلوغ الجنسي لدى الفتيات بين ٩ ـ ١٨ سنة. [٤١]

وجاء فيما يتعلّق بعلامات البلوغ عند الذكور: تتمثّل أهمّ آثار البلوغ الجنسي عند الفتيان في خشونة الصوت وصغر العجز، وضحامة أسفل الرقبة شيئا ما، فيما يزداد عرض الصدر والكتفين، وتنبت اللحية والشارب بعد سنتين من بلوغهم. ومن الآثار الأخرى للبلوغ لدى الفتيان والفتيات ارتفاع ضغط الدم وازدياد خفقان القلب. ويتراوح مسار البلوغ الجنسي لدى الفتيان بين ١١ إلى ١٨ سنة؛ أي إنّه متأخّر عن بلوغ الفتيات بسنتين. [٤٢]

وكتب موريس دبس قائلاً: الخصائص الجسمية والنفسية في هذه المرحلة (البلوغ): نحن نعلم أنّ النموّ الطبيعي للجسم يتجلّى على شكل ثلاث سلاسل من الظواهر، حيث يحدث على إثر عمل الغدد الصماء الداخلية. ويمكن أن نذكر من جملة ذلك: آخِرَ نموٍّ للقامة والوزن والذي يحدث لدى الفتيات بشكل مبكّر قياساً إلى الفتيان. والاُخرى: ظهور الصفات الجنسية الفرعية ـ أو الثانوية ـ والتي تعدّ بحد ذاتها علامة على ظاهرة رئيسة. والثالثة: نموّ الجهاز التناسلي، حيث تعتبر العادة الشهرية عند الفتيات، والاحتلام الأوّل لدى الفتيان من آثاره.[٤٣]

ويرى إف كي شارتل ورث أن: يتراوح السن التقريبي لظهور الحيض من ٩ إلى ١٧ عاماً، ويبلغ معدّله العمري ثلاث عشرة سنة. والحيض قبل التاسعة وبعد الثامنة عشرة نادر للغاية (سوى في الحالات التي تصاب فيها الفتيات باختلال عمل الغدد). ويحدث أوّل حيض لدى حوالي ثلاثة أرباع الفتيات في سن الثانية عشرة، الثالثة عشرة والرابعة عشرة. [٤٤]

العوامل المؤثّرة في البلوغ

ظهور علامات البلوغ لدى الفتيات والفتيان، له ارتباط تامّ بالمناخ، والتغذية، والثقافة وما إلى ذلك. نعم لا تتّفق الآراء بشأن مدى تأثير هذه العوامل.

يقول أحد الباحثين في هذا المجال: للعِرق والتغذية والعوامل الفيزيائية والنفسية السائدة في بيئة الحياة الأثر في تعيين زمان ظهور البلوغ ومستوى ترشّح الهورمونات ذات العلاقة. وعلى سبيل المثال فإنّ الفيتامين E يعدّ من جملة العوامل الغذائية المؤثرة. كما أنّ العِرق والعوامل الفيزيائية في البيئة الجغرافية لبعض شعوب المناطق الحارّة القريبة من خطّ الاستواء، تؤدّي إلى البلوغ المبكّر.

وعلى سبيل المثال فإنّ علامات البلوغ الجسمي لدى الفتيات في الحبشة التي تعتبر من البلدان الأفريقية الشديدة الحرارة، تظهر في التاسعة أو العاشرة من العمر؛ في حين أنّ البلوغ في لابوني، في أقصى شمال أوروبا، وفي شبه الجزيرة الإسكندنافية يكون في سنّ الثامنة عشرة.

كما أنّ الفساد الأخلاقي في المجتمعات المنحلّة يؤدّي هو الآخر إلى البلوغ المبكّر في تلك المجتمعات.

ويختلف سنّ البلوغ في الأعراق المختلفة، وتلعب العوامل البيئية، والثقافية، والوراثية والغذائية دورها في ظهور البلوغ.

وعلى سبيل المثال: فإنّ سنّ البلوغ عند الفتيات في الهند متأخّر عنه في الفتيات البريطانيات والأميركيات، بل قدّر بعض الباحثين تقدّم بلوغ الفتيات في البلدان الأوروبية بحدود ثلاثة أشهر إلى أربعة أشهر في كلّ عشر سنوات بالقياس للسنوات السابقة عليها. كما تشير الدراسات الإحصائية في إيران من خلال المقارنة بين سنّ الحيض عند الفتيات والأُمهات وجدّاتهنّ إلى انخفاض سنّ الحيض بمرور الزمان [٤٥].[٤٦]

المراجع والمصادر

  1. محمد الريشهري، موسوعة معارف الكتاب والسنة

الهوامش

  1. معجم مقاييس اللغة: ج ١ ص ٣٠١ «بلغ».
  2. لسان العرب: ج ٨ ص ٤١٩ و٤٢٠ «بلغ».
  3. مفردات ألفاظ القرآن: ص ١٤٤ «بلغ».
  4. محمد الريشهري، موسوعة معارف الكتاب والسنة، ج٩، ص ٢٢٧-٢٢٨.
  5. سورة النساء، الآية ٦.
  6. ورد في لسان العرب ج ١٢ ص ١٤٥: «الحُلْمُ وَالاِحتِلامُ: الجِماعُ ونَحوُهُ فِي النَّومِ، وَالاِسمُ الحُلُمُ. ف وفي التنزيل العزيز: «لَمْ يَبْلُغُواْ الْحُلُمَ»». رأى البعض أنّ المراد من «الحلم» هنا هو العقل ولكن يبدو أنّه من غير الصحيح تعليق الحكم الشرعي على صيرورة الطفل عاقلاً، للأسباب التالية: أولاً: إنّ الطفولة لا تتنافى مع العقل، ثانياً: لا يمكن تعيين ضابطة لصيرورة الطفل عاقلاً، ثالثاً: عدم وجود تناسب بين الحكم والموضوع.
  7. سورة النور، الآية ٥٨-٥٩.
  8. الحجّ: ٥. وجاء في آية اُخرى: «ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُواْ أَشُدَّكُمْ» (غافر: ٦٧).
  9. الكافي: ج ٧ ص ٦٨ ح ٢، تهذيب الأحكام: ج ٩ ص ١٨٣ ح ٧٣٧، كتاب من لايحضره الفقيه: ج ٤ ص ٢٢٠ ح ٥٥١٧ كلّها عن هشام بن سالم، وسائل الشيعة: ج ١٢ ص ٢٦٨ ح ٢٢٧٥١.
  10. الخصال: ص ٢٣٥ ح ٧٥، تهذيب الأحكام: ج ٢ ص ٢٨٥.
  11. سورة الأنعام، الآية ١٥٢.
  12. سورة الكهف، الآية ٨٧.
  13. سورة القصص، الآية ١٤.
  14. معاني الأخبار: ص ٢٢٦ ح ١ عن محمّد بن النعمان الأحول، بحار الأنوار: ج ١٢ ص ٢٨٤ ح ٦٨.
  15. سورة مريم، الآية ١٢.
  16. سورة الأحقاف، الآية ١٥.
  17. تفسير العياشي: ج ٢ ص ٢٩٢ ح ٧٢، الخصال: ص ٥٤٥ ح ٢٣، بحار الأنوار: ج ٦ ص ١٢٠ ح ٧.
  18. يجدر ذكره أنه قد جاء في رواية بسند صحيح عن الإمام الصادق (ع): «إذا بلغ أشده ثلاث عشرة سنة ودخل في الأربع عشرة، وجب عليه ما وجب على المحتلمين احتلم أو لم يحتلم... (الكافي: ج ٧ ص ٦٩ ح ٧)» وحسب هذه الرواية فإن «بلوغ الأشد» يبدأ في سن الثالثة عشرة، إلا أن الفقهاء لم يفتوا بهذا الحكم لتعارض هذه الرواية مع روايات اُخرى مشهورةً.
  19. محمد الريشهري، موسوعة معارف الكتاب والسنة، ج٩، ص ٢٢٧-٢٣١.
  20. محمد الريشهري، موسوعة معارف الكتاب والسنة (كتاب)|موسوعة معارف الكتاب والسنة، ج٩، ص ٢٣١.
  21. فضائل الأشهر الثلاثة: ص ٥٥ ح ٣٣ وص ١١٦ ح ١١١ كلاهما عن سليمان المروزي عن الإمام الرضا (ع)، والأخير من دون إسنادٍ إليه (ص)، بحار الأنوار: ج ٩٧ ص ٨١ ح ٤٩.
  22. نعم قد يشكل عمومه للإناث بظهور النصوص في الذكور خاصة، بل قد يظهر من بعض الأصحاب اختصاصها بهم وإن لم يعرف نقل الخلاف في ذلك، لكن قد عرفت العموم في معقد إجماعي الخلاف والتذكرة، بل صرّحا به وإن لم يكن في العقد المزبور مؤيدا بتتبع أكثر العبارات وبأنّ الإنبات أمارة طبيعية اعتبرها الشارع لكشفه عن تحقّق الإدراك فلا يختلف (جواهر الكلام: ج ٢٦ ص ٧).
  23. تهذيب الأحكام: ج ٦ ص ٣١٠ ح ٨٥٦ وج ٩ ص ١٨٣ ح ٧٣٩، الكافي: ج ٧ ص ٦٩ ح ٧، كتاب من لايحضره الفقيه: ج ٤ ص ٢٢١ ح ٥٥١٩، وسائل الشيعة: ج ١٥ ص ٤٣٢ ح ٢٤٧٧٤.
  24. الكافي: ج ٦ ص ١٢٤ ح ٥ وج ٧ ص ٢٩ ح ٤، تهذيب الأحكام: ج ٨ ص ٧٦ ح ٢٥٤ وج ٩ ص ١٨٢ ح ٧٣٢، الاستبصار: ج ٣ ص ٣٠٢ ح ١٠٧٢، كتاب من لايحضره الفقيه: ج ٤ ص ١٩٧ ح ٥٤٥٢، وسائل الشيعة: ج ١٥ ص ٣٢٤ ح ٢٨٠٦٧ وج ١٣ ص ٤٢٨ ح ٢٤٧٦١.
  25. الكافي: ج ٧ ص ٢٣٣ ح ٩، تهذيب الأحكام: ج ١٠ ص ١٢٠ ح ٤٧٩، وسائل الشيعة: ج ١٨ ص ٥٢٥ ح ٣٤٧٨٤.
  26. تهذيب الأحكام: ج ٩ ص ١٨٣ ح ٧٣٦ وج ١٠ ص ١٢٠ ح ٤٨١، الاستبصار: ج ٤ ص ٢٤٩ ح ٩٤٥، وسائل الشيعة: ج ١٨ ص ٥٢٦ ح ٣٤٧٨٧ وج ١٣ ص ٣٢٢ ح ٢٤٤٥١.
  27. تهذيب الأحكام: ج ٢ ص ٣٨٠ ح ١٥٨٨، الاستبصار: ج ١ ص ٤٠٨ ح ١٥٦٠، وسائل الشيعة: ج ١ ص ٣٢ ح ٨٢.
  28. تهذيب الأحكام: ج ٧ ص ٢٥٥ ح ١٠٩٩، كتاب من لايحضره الفقيه: ج ٣ ص ٤٦١ ح ٤٥٩١، وسائل الشيعة: ج ١٤ ص ٤٦١ ح ٢٦٤٦٥.
  29. محمد الريشهري، موسوعة معارف الكتاب والسنة، ج٩، ص ٢٣٣-٢٣٥.
  30. كتاب من لا يحضره الفقيه: ج ٢ ص ١٢٢.
  31. المقنع: ص ١٩٥.
  32. رسائل المرتضى: ج ٣ ص ٥٧.
  33. محمد الريشهري، موسوعة معارف الكتاب والسنة، ج٩، ص ٢٣٥-٢٣٦.
  34. محمد الريشهري، موسوعة معارف الكتاب والسنة (كتاب)|موسوعة معارف الكتاب والسنة، ج٩، ص ٢٣٦.
  35. مفاتيح الشرايع: ج ١ ص ١٤. ومما يجدر ذكره أن رأي الفيض تمّ دحضه في جواهر الكلام بهذا الاستدلال على أنّه مخالف للإجماع، وهذا نصّ الجواهر: «فما تفرّد به الفاضل الكاشاني ـ من أنّ التحديد بالسنّ مختلف في التكليفات، وأنّ الحدّ في كلّ شيء هو التحديد الوارد فيه، ظنّا منه أنّ التوفيق بين النصوص الواردة في السنّ إنّما يحصل بذلك ـ واضح الفساد، لمخالفته إجماع الإمامية بل المسلمين كافّة، فإنّ العلماء مع اختلافهم في حدّ البلوغ بالسنّ مجمعون على أنّ البلوغ الرافع للحجر هو الذي يثبت به التكليف، وأنّ الذي يثبت به التكليف في العبادات هو الذي يثبت به التكليف في غيرها، وأنّه لا فرق بين الصلاة وغيرها من العبادات فيه. بل هو أمر ظاهر في الشريعة، معلوم من طريقة فقهاء الفريقين، وعمل المسلمين في الأعصار والأمصار من غير نكير، ولم يسمع من أحد منهم تقسيم الصبيان بحسب اختلاف مراتب السنّ، بأن يكون بعضهم بالغا في الصلاة مثلاً غير بالغ في الزكاة، أو بالغا في العبادات دون المعاملات، أو بالغا فيها غير بالغ في الحدود، وما ذاك إلّا لكون البلوغ بالسنّ أمرا متحدا غير قابل للتجزية والتنويع» (جواهر الكلام: ج ٢٦ ص ٤١).
  36. كاوشي در فقه / كتاب اول (بالفارسية): ص ٢٥١.
  37. على أساس ما ورد في «دائرة المعارف بزرگ إسلامي ـ بالفارسية ـ»: «أن بعض الروايات التي ف وصلتنا من القرن الأول الهجري تدلّ على أنّ مجرّد ظهور العلامات الجسمية، اعتبر تحقّقاً للبلوغ والمبدأ الزماني للتكليف (الصنعاني، عبد الرزاق: ج ٤ ص ١٥٣ وسعيد بن منصور: ج ٣ (١) ص ١٥٢ وابن أبي شيبة: ج ٦ ص ٢٢١ والحر العاملي: ج ١١ ص ٤٥ وأيضاً راجع: ابن قاسم: ج ١٦ ص ٢١٧ والبخاري: ج ٢ ص ٩٤٧). ومنذ أواخر القرن الأول وخلال القرن الهجري الثاني وردت إلى جانب تأكيد بعض الفقهاء على العلامات الجسمية (راجع: الطحاوي: ج ٣ ص ٢١٧، وأيضا: ابن أبى شيبة: ج ٥ ص ٤٨٠)، واعتبر آخرون بلوغ عمر خاص من علامات البلوغ أيضا) (راجع: سعيد بن منصور: ج ٣ (٣) ص ٣٨٢ والبخاري: ج ٢ ص ٩٤٧). وتبنى غالبية الفقهاء من أصحاب الحديث وبعض الفقهاء المالكيين والحنفيين وعموم الفقهاء الشافعيين والزيديين، سن الخامسة عشرة باعتباره سن البلوغ عند الفتيات والفتيان معا (راجع: الشافعي: ج ٣ ص ٢٢٠ والطحاوي ـ نفس المتقدم ـ والجصاص: ج ٣ ص ٦٢٥ وأبو إسحاق: ج ١ ص ٣٣٠ وابن العربي، عارضة... ج ٦ ص ١١٦، أحكام....؛ ج ١ ص ٣٢٠؛ ابن قدامة: ج ٤ ث ٥١٤؛ النووي، ج ١٣ ص ١٩ وص ٢١؛ ابن المرتضى: ج ١ ص ١٥٠؛ المرداوي: ص ٣٢٠؛ الغنيمي: ج ٢ ص ٧١). ولكن رأي أبي حنيفة يستحق التأمل حيث إنّه كان يعتبر سن البلوغ عند الفتيان ١٨ عاماً (رواية أبي يوسف والحسن بن زياد) أو ١٩ عاماً (رواية محمد بن الحسن) وبلوغ الفتيات ١٧ عاماً (الجصاص. نفس المصدر السابق). وفي القرن الثالث / ٩م، اعتبر داوود الإصفهاني ـ مؤسّس المذهب الظاهري ـ أنّ اتّخاذ العمر معياراً لتحقق البلوغ يخالف مضمون الروايات الدالّة على «رفع القلم عن الصبي». وهو يرى أنّ الشخص لا يعتبر بالغاً ما لم تظهر عليه علامات البلوغ، مهما بلغ عمره ابن قدامة: نفس المتقدم، النووي: ج ١٣ ص ٢٢ (دائرة المعارف بزرگ إسلامي: ج ١٢ ص ٥٢٨).
  38. محمد الريشهري، موسوعة معارف الكتاب والسنة، ج٩، ص ٢٣٧-٢٣٨.
  39. روان شناسي بلوغ (بالفارسية)، مؤسسة وليام ألنسون فايت في علم النفس والتحليل النفساني، طهران: نشر حسام.
  40. راجع: روانشناسي رشد كودك ونوجوان (بالفارسية): ص ٢٢.
  41. روانشناسي رشد كودك ونوجوان (بالفارسية): ص ٢١٩.
  42. روانشناسي رشد كودك ونوجوان (بالفارسية): ص ٢٢٠.
  43. مراحل تربيت، موريس وبس (بالفارسية): ص ١٥.
  44. روانشناسي رشد كودك ونوجوان (بالفارسية): ص ٢٢٠.
  45. بلوغ (بالفارسية)، دكتور احمد صبور اردوبادي، ص ١٤٩ ـ ١٥٠.
  46. محمد الريشهري، موسوعة معارف الكتاب والسنة، ج٩، ص ٢٣٩.