الإمام علي الرضا عليه السلام
اسمه ونسبه
هو علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع).
واُمّه: امّ ولد يقال لها: «امّ البنين»، واسمها «نجمة»، أو «تكتم»[١].
كنيته ولقبه
كنيته: أبو الحسن - أبو الحسن الثاني - .
مولده
ولد بالمدينة سنة مئة وثمان وأربعين من الهجرة [٣] في الحادي عشر من ذي القعدة، كما قيل [٤].
وفاته
استشهد (ع) في صفر سنة ثلاث ومئتين [٥].
ودفن في قرية «سناباد» من أرض «طوس» بخراسان.
عمره الشريف
كان له (ع) من العمر يوم قبض خمس وخمسون سنة [٦]، عاش مع أبيه خمساً وثلاثين سنة.
مدّة إمامته
بلغت مدّة إمامته وخلافته لأبيه عشرين سنة [٧].
حكّام عصره
عاصره من الحكّام: هارون الرشيد وولداه: محمد الأمين و عبد الله المأمون، واستشهد في عهد الأخير [٨].
الإمام (ع) في عهد هارون
لم يصل إلى الإمام (ع) من قبل هارون أذى على الرغم من كلّ السعايات به والتحريض على قتله، فمن ذلك: قال عيسى بن جعفر لهارون حين توجّه من الرقّة إلى مكّة: «اذكر يمينك التي حلفت بها في آل أبي طالب، فإنّك حلفت: إن ادّعى أحد بعد موسى الإمامة ضربت عنقه صبراً، وهذا عليّ ابنه يدّعي هذا الأمر، ويقال فيه ما يقال في أبيه، فنظر إليه مغضباً، فقال: وما ترى؟ تريد أن أقتلهم كلّهم؟» [٩].
وكان (ع) يخبر بأنّ هارون لا يقدر على شيء من إيذائه.
فقد روي عن محمد بن سنان أنّه قال: «قُلْتُ لِأَبِي اَلْحَسَنِ اَلرِّضَا عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فِي أَيَّامِ هَارُونَ إِنَّكَ قَدْ شَهَرْتَ نَفْسَكَ بِهَذَا اَلْأَمْرِ وَجَلَسْتَ مَجْلِسَ أَبِيكَ وَسَيْفُ هَارُونَ يُقَطِّرُ اَلدَّمَ فَقَالَ جَرَّأَنِي عَلَى هَذَا مَا قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ إِنْ أَخَذَ أَبُو جَهْلٍ مِنْ رَأْسِي شَعْرَةً فَاشْهَدُوا أَنِّي لَسْتُ بِنَبِيٍّ وَأَنَا أَقُولُ لَكُمْ إِنْ أَخَذَ هَارُونُ مِنْ رَأْسِي شَعْرَةً فَاشْهَدُوا أَنِّي لَسْتُ بِإِمَامٍ»[١٠].
وروي: «عَنْ أَبِي اَلصَّلْتِ اَلْهَرَوِيِّ قَالَ: كَانَ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ ذَاتَ يَوْمٍ جَالِساً فِي مَنْزِلِهِ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ هَارُونَ اَلرَّشِيدِ فَقَالَ أَجِبْ أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ فَقَامَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَقَالَ لِي يَا أَبَا اَلصَّلْتِ إِنَّهُ لاَ يَدْعُونِي فِي هَذَا اَلْوَقْتِ إِلاَّ لِدَاهِيَةٍ فَوَ اَللَّهِ لاَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَعْمَلَ بِي شَيْئاً أَكْرَهُهُ لِكَلِمَاتٍ وَقَعَتْ إِلَيَّ مِنْ جَدِّي رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ قَالَ فَخَرَجْتُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى هَارُونَ اَلرَّشِيدِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَرَأَ هَذَا اَلْحِرْزَ إِلَى آخِرِهِ فَلَمَّا وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ نَظَرَ إِلَيْهِ هَارُونُ اَلرَّشِيدُ وَقَالَ يَا أَبَا اَلْحَسَنِ قَدْ أَمَرْنَا لَكَ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَاُكْتُبْ حَوَائِجَ أَهْلِكَ فَلَمَّا وَلَّى عَنْهُ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَهَارُونُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ فِي قَفَاهُ قَالَ أَرَدْتَ وَأَرَادَ اَللَّهُ وَمَا أَرَادَ اَللَّهُ خَيْرٌ »[١١].
الإمام (ع) في عهد المأمون وولايته للعهد
لم يحدث في عهد الأمين شيء يذكر بالنسبة إلى الإمام (ع).
وبعد أن استتبّ الأمر للمأمون - بعد مقتل أخيه الأمين - حاول أن يجلب إليه أنظار بني عليّ (ع) ويستميل إليه قلوبهم، فاستدعى الرضا (ع) وجماعة من بني عليّ من المدينة إلى مرو، وأنفذ الجلودي لذلك.
وعندما وصل الرضا (ع) إلى مرو أكرمه ثمّ أرسل له: « أَنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْلَعَ نَفْسِي مِنَ اَلْخِلاَفَةِ وَأُقَلِّدَكَ إِيَّاهَا فَمَا رَأْيُكَ فِي ذَلِكَ فَأَنْكَرَ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ هَذَا اَلْأَمْرَ وَقَالَ لَهُ أُعِيذُكَ بِاللَّهِ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ مِنْ هَذَا اَلْكَلاَمِ وَأَنْ يَسْمَعَ بِهِ أَحَدٌ فَرَدَّ عَلَيْهِ اَلرِّسَالَةَ فَإِذَا أَبَيْتَ مَا عَرَضْتُ عَلَيْكَ فَلاَ بُدَّ مِنْ وِلاَيَةِ اَلْعَهْدِ مِنْ بَعْدِي فَأَبَى عَلَيْهِ اَلرِّضَا إِبَاءً شَدِيداً فَاسْتَدْعَاهُ إِلَيْهِ وَخَلاَ بِهِ وَمَعَهُ اَلْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ ذُو اَلرِّئَاسَتَيْنِ لَيْسَ فِي اَلْمَجْلِسِ غَيْرُهُمْ وَقَالَ لَهُ إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أُقَلِّدَكَ أَمْرَ اَلْمُسْلِمِينَ وَأَفْسَخَ مَا فِي رَقَبَتِي وَأَضَعَهُ فِي رَقَبَتِكَ فَقَالَ لَهُ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ اَللَّهَ اَللَّهَ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُ لاَ طَاقَةَ لِي بِذَلِكَ وَلاَ قُوَّةَ لِي عَلَيْهِ قَالَ لَهُ إِنِّي مُوَلِّيكَ اَلْعَهْدَ مِنْ بَعْدِي فَقَالَ لَهُ أَعْفِنِي مِنْ ذَلِكَ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ لَهُ اَلْمَأْمُونُ كَلاَماً فِيهِ كَالتَّهَدُّدِ لَهُ عَلَى اَلاِمْتِنَاعِ عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُ فِي كَلاَمِهِ إِنَّ عُمَرَ بْنَ اَلْخَطَّابِ جَعَلَ اَلشُّورَى فِي سِتَّةٍ أَحَدُهُمْ جَدُّكَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَشَرَطَ فِيمَنْ خَالَفَ مِنْهُمْ أَنْ تُضْرَبَ عُنُقُهُ وَلاَ بُدَّ مِنْ قَبُولِكَ مَا أُرِيدُهُ مِنْكَ فَإِنَّنِي لاَ أَجِدُ مَحِيصاً عَنْهُ فَقَالَ لَهُ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَإِنِّي أُجِيبُكَ إِلَى مَا تُرِيدُ مِنْ وِلاَيَةِ اَلْعَهْدِ عَلَى أَنَّنِي لاَ آمُرُ وَلاَ أَنْهَى وَلاَ أُفْتِي وَلاَ أَقْضِي وَلاَ أُوَلِّي وَلاَ أَعْزِلُ وَلاَ أُغَيِّرُ شَيْئاً مِمَّا هُوَ قَائِمٌ فَأَجَابَهُ اَلْمَأْمُونُ إِلَى ذَلِكَ كُلِّهِ»
ثمّ إنّ المأمون أخذ البيعة من الناس لولاية العهد للإمام الرضا (ع)، وأمر الخاصّة والعامّة بلبس الخضرة.
ثمّ أمر ابنه العباس بن المأمون أن يبايع له أوّل الناس، فرفع الرضا (ع) يده، فتلقّى وجهه وببطنها وجوههم، فقال له المأمون: «ابسط يدك للبيعة»، فقال الرضا (ع): « إِنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ هَكَذَا كَانَ يُبَايِعُ » فبايعه الناس ويده فوق أيديهم».
فقامت الشعراء، فجعلوا يذكرون فضل الرضا (ع) وما كان من المأمون في أمره.
ثمّ قال المأمون للرضا (ع): «اخطب الناس وتكلّم فيهم»، فحمد الله وأثنى عليه، وقال: « إِنَّ لَنَا عَلَيْكُمْ حَقّاً بِرَسُولِ اَللَّهِ وَلَكُمْ عَلَيْنَا حَقّاً بِهِ فَإِذَا أَدَّيْتُمْ إِلَيْنَا ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْنَا اَلْحَقُّ لَكُمْ ».
ولم ينقل عنه غير هذا في ذلك المجلس.
ثمّ أمر المأمون فضربت له الدراهم وطبع عليها اسم الرضا (ع)، وخطب له في كلّ بلد بولاية العهد [١٢].
دعوة الإمام (ع) لصلاة العيد
«لَمَّا حَضَرَ اَلْعِيدُ وَكَانَ قَدْ عُقِدَ لِلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِوِلاَيَةِ اَلْعَهْدِ بَعَثَ إِلَيْهِ اَلْمَأْمُونُ فِي اَلرُّكُوبِ إِلَى اَلْعِيدِ وَاَلصَّلاَةِ بِالنَّاسِ وَاَلْخُطْبَةِ بِهِمْ فَبَعَثَ إِلَيْهِ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَدْ عَلِمْتَ مَا كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ مِنَ اَلشُّرُوطِ فِي دُخُولِ اَلْأَمْرِ فَأَعْفِنِي مِنَ اَلصَّلاَةِ بِالنَّاسِ فَقَالَ اَلْمَأْمُونُ إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ يَطْمَئِنَّ قُلُوبُ اَلنَّاسِ وَيَعْرِفُوا فَضْلَكَ وَلَمْ يَزَلْ يَتَرَدَّدُ اَلرُّسُلُ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ فَلَمَّا أَلَحَّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ اَلْمَأْمُونُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ إِنْ أَعْفَيْتَنِي فَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ وَإِنْ لَمْ تُعْفِنِي خَرَجْتُ كَمَا خَرَجَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ لَهُ اَلْمَأْمُونُ اُخْرُجْ كَمَا شِئْتَ وَأَمَرَ اَلْقُوَّادَ وَاَلنَّاسَ أَنْ يُبَكِّرُوا إِلَى بَابِ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ فَقَعَدَ اَلنَّاسُ لِأَبِي اَلْحَسَنِ فِي اَلطُّرُقَاتِ وَاَلسُّطُوحِ وَاِجْتَمَعَ اَلنِّسَاءُ وَاَلصِّبْيَانُ يَنْظُرُونَ خُرُوجَهُ وَصَارَ جَمِيعُ اَلْقُوَّادِ وَاَلْجُنْدِ إِلَى بَابِهِ عَلَى دَوَابِّهِمْ فَوَقَفُوا حَتَّى طَلَعَتِ اَلشَّمْسُ فَاغْتَسَلَ أَبُو اَلْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَلَبِسَ ثِيَابَهُ وَتَعَمَّمَ بِعِمَامَةٍ بَيْضَاءَ مِنْ قُطْنٍ أَلْقَى طَرَفاً مِنْهَا عَلَى صَدْرِهِ وَطَرَفاً بَيْنَ كَتِفَيْهِ وَمَسَّ شَيْئاً مِنَ اَلطِّيبِ وَأَخَذَ بِيَدِهِ عُكَّازَةً وَقَالَ لِمَوَالِيهِ اِفْعَلُوا مِثْلَ مَا فَعَلْتُ فَخَرَجُوا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ حَافٍ قَدْ شَمَّرَ سَرَاوِيلَهُ إِلَى نِصْفِ اَلسَّاقِ عَلَيْهِ ثِيَابٌ مُشَمَّرَةٌ فَمَشَى قَلِيلاً وَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى اَلسَّمَاءِ وَكَبَّرَ وَكَبَّرَ مَوَالِيهِ مَعَهُ ثُمَّ مَشَى حَتَّى وَقَفَ عَلَى اَلْبَابِ فَلَمَّا رَآهُ اَلْقُوَّادُ وَاَلْجُنْدُ عَلَى تِلْكَ اَلصُّورَةِ سَقَطُوا كُلُّهُمْ إِلَى اَلْأَرْضِ وَكَانَ أَحْسَنُهُمْ حَالاً مَنْ كَانَ مَعَهُ سِكِّينٌ قَطَعَ بِهَا شَرَّابَةَ جَاجِيلَتِهِ وَنَزَعَهَا وَتَحَفَّى وَكَبَّرَ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَلَى اَلْبَابِ وَكَبَّرَ اَلنَّاسُ مَعَهُ فَخُيِّلَ إِلَيْنَا أَنَّ اَلسَّمَاءَ وَاَلْحِيطَانَ تُجَاوِبُهُ وَتَزَعْزَعَتْ مَرْوُ بِالْبُكَاءِ وَاَلضَّجِيجِ لَمَّا رَأَوْا أَبَا اَلْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَسَمِعُوا تَكْبِيرَهُ وَبَلَغَ اَلْمَأْمُونَ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ اَلْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ ذُو اَلرِّئَاسَتَيْنِ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ إِنْ بَلَغَ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ اَلْمُصَلَّى عَلَى هَذَا اَلسَّبِيلِ اِفْتَتَنَ بِهِ اَلنَّاسُ وَخِفْنَا كُلُّنَا عَلَى دِمَائِنَا فَأَنْفِذْ إِلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ فَبَعَثَ إِلَيْهِ اَلْمَأْمُونُ قَدْ كَلَّفْنَاكَ شَطَطاً وَأَتْعَبْنَاكَ وَلَسْنَا نُحِبُّ أَنْ يَلْحَقَكَ أَذًى فَارْجِعْ وَلِيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ مَنْ كَانَ يُصَلِّي بِهِمْ عَلَى رَسْمِهِ فَدَعَا أَبُو اَلْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِخُفِّهِ فَلَبِسَهُ وَرَكِبَ وَرَجَعَ وَاِخْتَلَفَ أَمْرُ اَلنَّاسِ فِي ذَلِكَ اَلْيَوْمِ وَلَمْ يَنْتَظِمْ فِي صَلاَتِهِ»[١٣].
استشهاد الإمام (ع)
روى المفيد وغيره: أنّه كان أبو الحسن الرضا(ع) يكثر وعظ المأمون إذا خلا به ويخوّفه بالله ويقبّح له ما يرتكبه من الخلاف، فكان المأمون يظهر قبول ذلك منه ويبطن كراهته واستثقاله.
وكان (ع) يزري على الحُسن والفضل ابني سهل عند المأمون إذا ذكرهما، ويصف له مساوئهما، وينهاه عن الإصغاء إلى قولهما، فعرفا ذلك منه، فلم يزالا يحطبان عليه عند المأمون حتّى قلبا رأيه وعمل على قتله، فاتّفق أنّه أكل هو والمأمون يوماً طعاماً، فاعتلّ منه الرضا (ع) وأظهر المأمون تمارضاً.
وروي أنّ المأمون أمر شخصاً باسم عبد الله بن بشير أن يطوّل أظفاره، ثمّ أعطاه شيئاً شبه التمر الهندي وأمره أن يعجنه بيده، ثمّ دخل - أي المأمون على الرضا (ع) - واستدعى ذلك الشخص وأمره أن يعصر الرمّان بيديه، ثمّ ناول ماءه للإمام (ع)، فلم يلبث إلّا يومين حتّى قبض.
وروي: أنّ الرضا (ع) كان يعجبه العنب فأخذ له منه شيء فجعل في موضع أقماعه الإبر أيّاماً، ثمّ نزعت منه، وجيء به إليه، فأكل منه وهو في علّته التي ذكرت، فقتله، وذكروا أنّ ذلك من لطيف السموم.
وذكروا أيضاً عن أبي الصلت الهروي [١٤]: أنّه قال: « دَخَلْتُ عَلَى اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَقَدْ خَرَجَ اَلْمَأْمُونُ مِنْ عِنْدِهِ فَقَالَ لِي يَا أَبَا اَلصَّلْتِ قَدْ فَعَلُوهَا وَجَعَلَ يُوَحِّدُ اَللَّهَ وَيُمَجِّدُهُ» وجعل يوحّد الله ويمجّده [١٥].
ولمّا توفّي الرضا (ع) كتم المأمون موته يوماً وليلة، ثمّ أنفذ إلى محمد بن جعفر الصادق (ع) وجماعة من آل أبي طالب الذين كانوا عنده، فلمّا حضروه نعاه إليهم وبكى، وأظهر حزناً شديداً وتوجّعاً، وأراهم إيّاه صحيح الجسد، وقال: «يعزّ عليّ يا أخي أن أراك في هذه الحال، قد كنت آمل أن اقدّم قبلك، فأبى الله إلّا ما أراد»، ثمّ أمر بغسله وتكفينه وتحنيطه، وخرج مع جنازته يحملها حتّى انتهى إلى الموضع الذي هو مدفون فيه الآن فدفنه.
والموضع دار حميد بن قحطبة في قرية سناباد بأرض طوس، وفيها قبر هارون الرشيد، وقبر أبي الحسن (ع) بين يديه في قبلته [١٦].
فضائل الإمام (ع) ومناقبه
كان إبراهيم بن العباس[١٧] يقول: «مَا رَأَيْتُ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ سئل عن شيء قطّ إِلاَّ عِلْمَهُ، و لاَ رَأَيْتُ أَعْلَمَ مِنْهُ بِمَا كَانَ فِي اَلزَّمَانِ إِلَى وَقْتِهِ و عَصْرِهِ، و كَانَ اَلْمَأْمُونُ يَمْتَحِنُهُ بِالسُّؤَالِ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ فَيُجِيبُ عَنْهُ، و كَانَ كَلاَمُهُ كُلُّهُ و جَوَابُهُ و تَمَثُّلُهُ اِنْتِزَاعَاتٍ مِنَ اَلْقُرْآنِ، و كَانَ يَخْتِمُهُ فِي كُلِّ ثَلاَثٍ و يَقُولُ: «لَوْ أَنِّي أَرَدْتُ أن أختمه في أَقْرَبَ مِنْ ثَلاَثٍ لَخَتَمْتُ، و لَكِنِّي مَا مَرَرْتُ بِآيَةٍ قَطُّ إِلاَّ فَكَّرْتُ فِيهَا و فِي أَيِّ شيء انزلت و فِي أَيِّ وَقْتٍ، فَلِذَلِكَ صِرْتُ أَخْتِمُهُ فِي كُلِّ ثَلاَثٍ».
وقال أيضاً: «مَا رَأَيْتُ و لاَ سَمِعْتُ بِأَحَدٍ أَفْضَلَ مِنْ أَبِي اَلْحَسَنِ اَلرِّضَا ، و شَاهَدْتُ مِنْهُ ما لم اشاهده مِنْ أَحَدٍ، و مَا رَأَيْتُهُ جَفَا أَحَداً بِكَلاَمِهِ قط، و لاَ رَأَيْتُهُ قَطَعَ عَلَى أَحَدٍ كَلاَمَهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ، و مَا رَدَّ أَحَداً عَنْ حَاجَةٍ يَقْدِرُ عَلَيْهَا، و لاَ مَدَّ رِجْلَيْهِ بَيْنَ يَدَيْ جَلِيسٍ لَهُ قَطُّ، و لاَ اتكئ بَيْنَ يَدَيْ جَلِيسٍ لَهُ قَطُّ، و لاَ رَأَيْتُهُ يَشْتِمُ أَحَداً مِنْ مَوَالِيهِ و مَمَالِيكِهِ، و مَا رَأَيْتُهُ تَفَلَ قط، و لاَ رَأَيْتُهُ يُقَهْقِهُ فِي ضَحِكِهِ بَلْ كَانَ ضَحِكُهُ اَلتَّبَسُّمَ، و كَانَ إِذَا خَلاَ و نُصِبَتْ مَائِدَتُهُ أَجْلَسَ عَلَى مَائِدَتِهِ مماليكه و مواليه حَتَّى اَلْبَوَّابَ و اَلسَّائِسَ، و كَانَ قَلِيلَ اَلنَّوْمِ بِاللَّيْلِ، كَثِيرَ اَلسَّهَرِ، يُحْيِي أَكْثَرَ لَيَالِيهِ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى اَلصُّبْحِ، و كَانَ كَثِيرَ اَلصَّوْمِ، و لاَ يَفُوتُهُ صِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي اَلشَّهْرِ، و يَقُولُ: «ذَلِكَ صَوْمُ اَلدَّهْرِ» و كَانَ كَثِيرَ المعروف و اَلصَّدَقَةِ فِي اَلسِّرِّ، و أَكْثَرُ ذَلِكَ يَكُونُ مِنْهُ فِي اَللَّيَالِي اَلْمُظْلِمَةِ، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ رَأَى مِثْلَهُ فِي فَضْلِهِ فَلاَ تُصَدِّقُوهُ» [١٨].
وقال أبو الصلت الهروي: « مَا رَأَيْتُ أَعْلَمَ مِنْ عَلِيِّ ابن موسى الرضا عليهما السَّلاَمُ، و لاَ رَآهُ عَالِمٌ إِلاَّ شَهِدَ لَهُ بِمِثْلِ شهادتي، و لقد جَمَعَ اَلْمَأْمُونُ فِي مَجَالِسَ لَهُ ذَوَاتِ عَدَدِ عُلَمَاءِ اَلْأَدْيَانِ و فُقَهَاءِ اَلشَّرِيعَةِ و اَلْمُتَكَلِّمِينَ فَغَلَبَهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ حَتَّى مَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلاَّ أَقَرَّ لَهُ بِالْفَضْلِ و أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْقُصُورِ، و لَقَدْ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى اَلرِّضَا عليهما السلام يَقُولُ: «كُنْتُ أَجْلِسُ فِي اَلرَّوْضَةِ و اَلْعُلَمَاءُ بِالْمَدِينَةِ مُتَوَافِرُونَ، فَإِذَا أَعْيَا اَلْوَاحِدُ مِنْهُمْ عَنْ مَسْأَلَةٍ أَشَارُوا إِلَيَّ بِأَجْمَعِهِمْ و بَعَثُوا إِلَيَّ بِالْمَسَائِلِ فأجيب عنها»[١٩].
وقال أبو الصلت: «و لَقَدْ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ كَانَ يَقُولُ لِبَنِيهِ: «هَذَا أَخُوكُمْ عليّ بن موسى عالم آل محمد، فاسألوه عَنْ أَدْيَانِكُمْ و اِحْفَظُوا مَا يَقُولُ لَكُمْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبِي جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُولُ لِي: إِنَّ عَالِمَ آلِ مُحَمَّدٍ لفي صُلْبِكَ، و لَيْتَنِي أَدْرَكْتُهُ فَإِنَّهُ سَمِيُّ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ»[٢٠].
«نَظَرَ أَبُو نُوَاسٍ[٢١] إِلَى أَبِي اَلْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ ذَاتَ يَوْمٍ وَقَدْ خَرَجَ مِنْ عِنْدِ اَلْمَأْمُونِ عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ فَدَنَا مِنْهُ أَبُو نُوَاسٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَقَالَ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ قَدْ قُلْتُ فِيكَ أَبْيَاتاً فَأُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَهَا مِنِّي قَالَ هَاتِ فَأَنْشَأَ يَقُولُ:»
مُطَهَّرُونَ نَقِيَّاتٌ ثِيَابُهُمْ | تَجْرِي اَلصَّلاَةُ عَلَيْهِمْ أَيْنَمَا ذُكِرُوا | |
مَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَوِيّاً حِينَ تَنْسُبُهُ | فَمَا لَهُ مِنْ قَدِيمِ اَلدَّهْرِ مُفْتَخَرٌ | |
فَاللَّهُ لَمَّا بَرَا خَلْقاً فَأَتْقَنَهُ | صَفَاكُمْ وَاِصْطَفَاكُمْ أَيُّهَا اَلْبَشَرُ | |
فَأَنْتُمُ اَلْمَلَأُ اَلْأَعْلَى وَعِنْدَكُمْ | عِلْمُ اَلْكِتَابِ وَمَا جَاءَتْ بِهِ اَلسُّوَرُ |
«فَقَالَ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَدْ جِئْتَنَا بِأَبْيَاتٍ مَا سَبَقَكَ إِلَيْهَا أَحَدٌ ثُمَّ قَالَ يَا غُلاَمُ هَلْ مَعَكَ مِنْ نَفَقَتِنَا شَيْءٌ فَقَالَ ثَلاَثُمِائَةِ دِينَارٍ فَقَالَ أَعْطِهَا إِيَّاهُ ثُمَّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَعَلَّهُ اِسْتَقَلَّهَا يَا غُلاَمُ سُقْ إِلَيْهِ اَلْبَغْلَةَ»[٢٢].
ولأبي نواس أيضاً:
قِيلَ لِي أَنْتَ أَوْحَدُ اَلنَّاسِ طُرّاً | فِي فُنُونٍ مِنَ اَلْكَلاَمِ اَلنَّبِيهِ | |
لَكَ مِنْ جَوْهَرِ اَلْكَلاَمِ بديع | يثمر الدر في يدي مجتنيه | |
فَعَلاَمَ تَرَكْتَ مَدْحَ اِبْنِ مُوسَى | و اَلْخِصَالَ اَلَّتِي تَجَمَّعْنَ فِيهِ | |
قُلْتُ لاَ أَهْتَدِي لِمَدْحِ إِمَامٍ | كَانَ جِبْرِيلُ خَادِماً لِأَبِيهِ[٢٣] |
«دَخَلَ دِعْبِلُ بْنُ عَلِيٍّ اَلْخُزَاعِيُّ [٢٤]عَلَى اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِمَرْوَ فَقَالَ لَهُ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ إِنِّي قَدْ قُلْتُ فِيكُمْ قَصِيدَةً وَآلَيْتُ عَلَى نَفْسِي أَلاَ أُنْشِدَهَا أَحَداً قَبْلَكَ فَقَالَ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ هَاتِهَا يَا دِعْبِلُ فَأَنْشَدَ»:
مَدَارِسُ آيَاتٍ خَلَتْ مِنْ تِلاَوَةٍ | وَ مَنْزِلُ وَحْيٍ مُقْفِرُ اَلْعَرَصَاتِ |
فلمّا بلغ قوله:
أَرَى فَيْئَهُمْ فِي غَيْرِهِمْ مُتَقَسِّماً | وَ أَيْدِيَهِمُ مِنْ فَيْئِهِمْ صَفِرَاتِ |
بكى أبو الحسن (ع)، وقال له: «صَدَقْتَ يَا خُزَاعِيُّ».
فلمّا بلغ قوله:
إِذَا وَتَرُوا مَدُّوا إِلَى وَاتِرِيهِم | أَكُفّاً عَنِ اَلْأَوْتَارِ مُنْقَبِضَاتِ |
جعل الرضا (ع) يقلّب كفّيه ويقول: « أَجَلْ وَاَللَّهِ مُنْقَبِضَاتٍ».
فلمّا بلغ قوله:
لَقَدْ خِفْتُ فِي اَلدُّنْيَا وَأَيَّامِ سَعْيِهَا | وَ إِنِّي لَأَرْجُو اَلْأَمْنَ بَعْدَ وَفَاتِي |
قال الرضا (ع): « آمَنَكَ اَللَّهُ يَوْمَ اَلْفَزَعِ اَلْأَكْبَرِ».
فلمّا انتهى إلى قوله:
وَ قَبْرٌ بِبَغْدَادَ لِنَفْسٍ زَكِيَّةٍ | تَضَمَّنَهُ اَلرَّحْمَنُ فِي اَلْغُرُفَاتِ |
قال الرضا (ع): « أَ فَلاَ أُلْحِقُ لَكَ بِهَذَا اَلْمَوْضِعِ بَيْتَيْنِ بِهِمَا تَمَامُ قَصِيدَتِكَ فَقَالَ بَلَى يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ:».
وَ قَبْرٌ بِطُوسَ يَا لَهَا مِنْ مُصِيبَةٍ | تَوَقَّدَ فِي اَلْأَحْشَاءِ بِالْحُرُقَاتِ | |
إِلَى اَلْحَشْرِ حَتَّى يَبْعَثَ اَللَّهُ قَائِماً | يُفَرِّجُ عَنَّا اَلْهَمَّ وَاَلْكُرُبَاتِ |
«فَقَالَ دِعْبِلٌ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ هَذَا اَلْقَبْرُ اَلَّذِي بِطُوسَ قَبْرُ مَنْ هُوَ فَقَالَ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَبْرِي وَلاَ تَنْقَضِي اَلْأَيَّامُ وَاَللَّيَالِي حَتَّى تَصِيرَ طُوسُ مُخْتَلَفَ شِيعَتِي وَزُوَّارِي[٢٥] فِي غُرْبَتِي أَلاَ فَمَنْ زَارَنِي فِي غُرْبَتِي بِطُوسَ كَانَ مَعِي فِي دَرَجَتِي يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ مَغْفُوراً لَهُ »[٢٦].
ثمّ أعطاه (ع) صرّة، فردّها دعبل وطلب منه ثوباً من ثيابه، فأعطاه الإمام (ع) جبّة وردّ عليه الصرّة.
ولد عبل مع هذه الجبّة والصرّة إلى حين رجوعه إلى الكوفة قصص معروفة[٢٧].
حديث سلسلة الذهب
لمّا دخل الإمام الرضا (ع) نيسابور في طريقه إلى مرو استقبله الناس بمختلف طبقاتهم، وخاصّة العلماء وطلبة العلم والمحدّثين، فأحاطوا به والتمسوا منه أن يريهم وجهه ويحدّثهم بحديث عن آبائه عن جدّه رسول الله (ص).
فأمر غلمانه بكشف المظلّة عن القبّة، فعلا الضجيج، فصاح العلماء: معاشر الناس، اسمعوا وعوا وانصتوا لسماع ما ينفعكم، ولا تؤذونا بكثرة صراخكم وبكائكم...
فقال علي بن موسى الرضا (ع): « حَدَّثَنِي أَبِي مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ اَلْكَاظِمُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ اَلصَّادِقُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ اَلْبَاقِرُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَلِيُّ بْنُ اَلْحُسَيْنِ زَيْنُ اَلْعَابِدِينَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي اَلْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ شَهِيدُ أَرْضِ كَرْبَلاَءَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ شَهِيدُ أَرْضِ اَلْكُوفَةِ قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي وَاِبْنُ عَمِّي مُحَمَّدٌ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ قَالَ حَدَّثَنِي جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ سَمِعْتُ رَبَّ اَلْعِزَّةِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقُولُ كَلِمَةُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ حِصْنِي فَمَنْ قَالَهَا دَخَلَ حِصْنِي وَمَنْ دَخَلَ حِصْنِي أَمِنَ مِنْ عَذَابِي»[٢٨].
وفي بعض الروايات: « فَلَمَّا مَرَّتِ اَلرَّاحِلَةُ نَادَانَا بِشُرُوطِهَا وَأَنَا مِنْ شُرُوطِهَا»[٢٩].
ونقل النصّ بأنحاء آخر من قبيل: «... قَالَ اَللَّهُ جَلَّ جَلاَلُهُ إِنِّي أَنَا اَللّٰهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ أَنَا فَاعْبُدُونِي مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ بِشَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ بِالْإِخْلاَصِ دَخَلَ فِي حِصْنِي وَمَنْ دَخَلَ فِي حِصْنِي أَمِنَ مِنْ عَذَابِي » [٣٠].
الإمام الرضا (ع) يصلّي للاستسقاء
احتبس المطر أيام كان الإمام (ع) بخراسان بعد ولاية عهده للمأمون، فجعل بعض حاشية المأمون والمتعصّبين على الرضا (ع) يقولون: « اُنْظُرُوا لَمَّا جَاءَنَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى وَصَارَ وَلِيَّ عَهْدِنَا فَحَبَسَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنَّا اَلْمَطَرَ وَاِتَّصَلَ ذَلِكَ بِالْمَأْمُونِ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ فَقَالَ لِلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَدِ اِحْتَبَسَ اَلْمَطَرُ فَلَوْ دَعَوْتَ اَللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُمْطِرَ اَلنَّاسَ قَالَ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ نَعَمْ قَالَ فَمَتَى تَفْعَلُ ذَلِكَ وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ اَلْجُمُعَةِ قَالَ يَوْمَ اَلْإِثْنَيْنِ فَإِنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَتَانِي اَلْبَارِحَةَ فِي مَنَامِي وَمَعَهُ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَقَالَ يَا بُنَيَّ اِنْتَظِرْ يَوْمَ اَلْإِثْنَيْنِ فَابْرُزْ إِلَى اَلصَّحْرَاءِ وَاِسْتَسْقِ فَإِنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ سَيَسْقِيهِمْ وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يُرِيكَ اَللَّهُ مِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ حَالَهُ لِيَزْدَادَ عِلْمُهُمْ بِفَضْلِكَ وَمَكَانِكَ مِنْ رَبِّكَ عَزَّ وَجَلَّ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ اَلْإِثْنَيْنِ غَدَا إِلَى اَلصَّحْرَاءِ وَخَرَجَ اَلْخَلاَئِقُ يَنْظُرُونَ فَصَعِدَ اَلْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اَللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ اَللَّهُمَّ يَا رَبِّ أَنْتَ عَظَّمْتَ حَقَّنَا أَهْلَ اَلْبَيْتِ فَتَوَسَّلُوا بِنَا كَمَا أَمَرْتَ وَأَمَّلُوا فَضْلَكَ وَرَحْمَتَكَ وَتَوَقَّعُوا إِحْسَانَكَ وَنِعْمَتَكَ فَاسْقِهِمْ سَقْياً نَافِعاً عَامّاً غَيْرَ رَائِثٍ وَلاَ ضَائِرٍ وَلْيَكُنِ اِبْتِدَاءُ مَطَرِهِمْ بَعْدَ اِنْصِرَافِهِمْ مِنْ مَشْهَدِهِمْ هَذَا إِلَى مَنَازِلِهِمْ وَمَقَارِّهِمْ - قَالَ فَوَ اَللَّهِ اَلَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ نَبِيّاً لَقَدْ نَسَجَتِ اَلرِّيَاحُ فِي اَلْهَوَاءِ اَلْغُيُومَ وَأَرْعَدَتْ وَأَبْرَقَتْ وَتَحَرَّكَ اَلنَّاسُ كَأَنَّهُمْ يَرَوْنَ اَلتَّنَحِّيَ عَنِ اَلْمَطَرِ فَقَالَ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَلَى رِسْلِكُمْ أَيُّهَا اَلنَّاسُ فَلَيْسَ هَذَا اَلْغَيْمُ لَكُمْ إِنَّمَا هُوَ لِأَهْلِ بَلَدِ كَذَا فَمَضَتِ اَلسَّحَابَةُ وَعَبَرَتْ ثُمَّ جَاءَتْ سَحَابَةٌ أُخْرَى تَشْتَمِلُ عَلَى رَعْدٍ وَبَرْقٍ فَتَحَرَّكُوا فَقَالَ عَلَى رِسْلِكُمْ فَمَا هَذِهِ لَكُمْ إِنَّمَا هِيَ لِأَهْلِ بَلَدِ كَذَا فَمَا زَالَ حَتَّى جَاءَتْ عَشْرُ سَحَابَاتٍ وَعَبَرَتْ وَيَقُولُ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ عَلَى رِسْلِكُمْ لَيْسَتْ هَذِهِ لَكُمْ إِنَّمَا هِيَ لِأَهْلِ بَلَدِ كَذَا ثُمَّ أَقْبَلَتْ سَحَابَةٌ حَادِيَةَ عَشَرَ فَقَالَ أَيُّهَا اَلنَّاسُ هَذِهِ بَعَثَهَا اَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَكُمْ فَاشْكُرُوا اَللَّهَ تَعَالَى عَلَى تَفَضُّلِهِ عَلَيْكُمْ وَقُومُوا إِلَى مَنَازِلِكُمْ وَمَقَارِّكُمْ فَإِنَّهَا مُسَامِتَةٌ لَكُمْ وَلِرُءُوسِكُمْ مُمْسِكَةٌ عَنْكُمْ إِلَى أَنْ تَدْخُلُوا مَقَارَّكُمْ ثُمَّ يَأْتِيكُمْ مِنَ اَلْخَيْرِ مَا يَلِيقُ بِكَرَمِ اَللَّهِ تَعَالَى وَجَلاَلِهِ وَنَزَلَ مِنَ اَلْمِنْبَرِ فَانْصَرَفَ اَلنَّاسُ فَمَا زَالَتِ اَلسَّحَابَةُ مُمْسِكَةً إِلَى أَنْ قَرُبُوا مِنْ مَنَازِلِهِمْ ثُمَّ جَاءَتْ بِوَابِلِ اَلْمَطَرِ فَمَلَأَتِ اَلْأَوْدِيَةَ وَاَلْحِيَاضَ وَاَلْغُدْرَانَ وَاَلْفَلَوَاتِ فَجَعَلَ اَلنَّاسُ يَقُولُونَ هَنِيئاً لِوُلْدِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ كَرَامَاتُ اَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»[٣١].
تلامذة الإمام الرضا (ع)
كان تلامذة الإمام الرضا (ع) والراوون عنه كثيرين؛ وذلك لقلّة الضغوط السياسية عليه نسبيّاً، فقد تقدّم أنّ هارون لم يتعرّض للإمام (ع) كثيراً، وهكذا كان الأمر أيام المأمون، ولو بحسب الظاهر حتّى استشهد (ع)، وذلك يعني حرية الاتّصال بالإمام (ع) نسبيّاً والأخذ من علومه.
وقد ذكر الشيخ الطوسي أسماء ما يقارب ثلاثمئة وعشرين ممّن روى عن الإمام الرضا (ع) نكتفي بذكر ثلاثة منهم:
١. محمد بن أبي عمير:
قال عنه النجاشي: بغدادي الأصل والمقام، لقي أبا الحسن موسى(ع) وسمع منه أحاديث، كنّاه في بعضها، فقال: يا أبا أحمد، وروى عن الرضا (ع). جليل القدر، عظيم المنزلة فينا وعند المخالفين، الجاحظ يحكي عنه في كتبه...
وقال: كان وجهاً من وجوه الرافضة، وكان حبس في أيام الرشيد، فقيل: ليلي القضاء، وقيل: إنّه ولّي بعد ذلك، وقيل: بل ليدلّ على مواضع الشيعة وأصحاب موسى بن جعفر (ع).
وروي أنّه ضرب أسواطاً بلغت منه، فكاد أن يقرّ لعظيم الألم، فسمع محمد بن يونس بن عبد الرحمن وهو يقول: اتّق الله يا محمّد بن أبي عمير، فصبر ففرّج الله.
وروي أنّه حبسه المأمون حتّى ولّاه قضاء بعض البلاد.
وقيل: إنّ أخته دفنت كتبه في حال استتارها وكونه في الحبس أربع سنين، فهلكت الكتب.
وقيل: بل تركتها في غرفة فسال عليها المطر فهلكت، فحدّث من حفظه، وممّا كان سلف له في أيدي الناس؛ فلهذا أصحابنا يسكنون إلى مراسيله، وقد صنّف كتباً كثيرة»[٣٢].
وقال عنه الشيخ الطوسي: «كان من أوثق الناس عند الخاصّة والعامّة وأنسكهم نسكا، وأورعهم، وأعبدهم، وقد ذكره الجاحظ في كتابه في فخر قحطان على عدنان بهذه الصفة التي وصفناه، وذكر أنّه كان أوحد زمانه في الأشياء كلّها.
وأدرك من الأئمّة (ع) ثلاثة: أبا إبراهيم موسى بن جعفر ولم يرو عنه، و أبا الحسن الرضا وروى عنه، والجواد (ع).
وروى عنه أحمد بن محمد بن عيسى كتب مئة رجل من رجال أبي عبد الله (ع)» [٣٣].
وذكروا أنّه كان له من المصنّفات أربعة وتسعون كتاباً [٣٤].
توفّي سنة مئتين وسبع عشرة من الهجرة[٣٥].
٢. أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي:
قال عنه النجاشي: «أحمد... كوفيّ لقي الرضا وأبا جعفر(ع)، وكان عظيم المنزلة عندهما» [٣٦]. ثمّ ذكر كتبه.
وقال عنه الشيخ الطوسي: «... كوفيّ ثقة لقى الرضا (ع)، وكان عظيم المنزلة عنده، وروى عنه كتاباً»[٣٧]. ثمّ ذكر كتبه.
وروى الكشيّ عنه أنّه قال: «دَخَلْتُ عَلَى أَبِي اَلْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) أَنَا وَصَفْوَانُ بْنُ يَحْيَى وَمُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ وَأَظُنُّهُ، قَالَ، عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ اَلْمُغِيرَةِ أَوْ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ جُنْدَبٍ وَهُوَ بَصْرِيٌّ قَالَ فَجَلَسْنَا عِنْدَهُ سَاعَةً ثُمَّ قُمْنَا، فَقَالَ لِي : أَمَّا أَنْتَ يَا أَحْمَدُ فَاجْلِسْ، فَجَلَسْتُ، فَأَقْبَلَ يُحَدِّثُنِي فَأَسْأَلُهُ فَيُجِيبُنِي، حَتَّى ذَهَبَ عَامَّةُ اَللَّيْلِ، فَلَمَّا أَرَدْتُ اَلاِنْصِرَافَ، قَالَ لِي: يَا أَحْمَدُ تَنْصَرِفُ أَوْ تَبِيتُ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ ذَاكَ إِلَيْكَ إِنْ أَمَرْتَ بِالاِنْصِرَافِ اِنْصَرَفْتُ وَإِنْ أَمَرْتَ بِالْقِيَامِ أَقَمْتُ! قَالَ: أَقِمْ فَهَذَا اَلْحَرُّ وَقَدْ هَدَأَ اَللَّيْلُ وَنَامُوا ، فَقَامَ وَاِنْصَرَفَ، فَلَمَّا ظَنَنْتُ أَنَّهُ قَدْ دَخَلَ: خَرَرْتُ لِلَّهِ سَاجِداً، فَقُلْتُ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ حُجَّةُ اَللَّهِ وَوَارِثُ عِلْمِ اَلنَّبِيِّينَ أَنِسَ بِي مِنْ بَيْنِ إِخْوَانِي وَحَبَّبَنِي ، فَأَنَا فِي سَجْدَتِي وَشُكْرِي فَمَا عَلِمْتُ إِلاَّ وَقَدْ رَفَسَنِي بِرِجْلِهِ، ثُمَّ قُمْتُ فَأَخَذَ بِيَدِي فَغَمَزَهَا ثُمَّ قَالَ: يَا أَحْمَدُ إِنَّ أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) عَادَ صَعْصَعَةَ بْنَ صُوحَانَ فِي مَرَضِهِ، فَلَمَّا قَامَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ لَهُ: يَا صَعْصَعَةُ لاَ تَفْتَخِرَنَّ عَلَى إِخْوَانِكَ بِعِيَادَتِي إِيَّاكَ وَاِتَّقِ اَللَّهَ! ثُمَّ اِنْصَرَفَ عَنِّي »[٣٨].
توفّي سنة مئتين وإحدى وعشرين [٣٩].
٣. زكريا بن آدم:
قال عنه النجاشي: «زكريا بن آدم بن عبد الله بن سعد الأشعري القمي، ثقة، جليل، عظيم القدر، وكان له وجه عند الرضا (ع)» [٤٠]. ثمّ عدّ كتبه ومنها: كتاب مسائله للرضا (ع).
ونقل الكشّي بإسناده عنه، أنّه قال للرضا (ع): « إِنِّي أُرِيدُ الْخُرُوجَ عَنْ أَهْلِ بَيْتِي فَقَدْ كَثُرَ سفاههم [اَلسُّفَهَاءُ]، فَقَالَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ لَهُ: لاَ تَفْعَلْ فَإِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى يَدْفَعُ عَنْهُمْ بِكَ كَمَا يَدْفَعُ عَنْ أَهْلِ بَغْدَادَ بِأَبِي اَلْحَسَنِ الْكَاظِمِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ»[٤١].
ونقل بإسناده عن علي بن المسيب، قال: « قُلْتُ لِلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ شُقَّتِي بَعِيدَةٌ وَلَسْتُ أَصِلُ إِلَيْكَ فِي كُلِّ وَقْتٍ فَمِمَّنْ آخُذُ مَعَالِمَ دِينِي قَالَ مِنْ زَكَرِيَّا بْنِ آدَمَ اَلْقُمِّيِّ اَلْمَأْمُونِ عَلَى اَلدِّينِ وَاَلدُّنْيَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ اَلْمُسَيَّبِ فَلَمَّا اِنْصَرَفْتُ قَدِمْنَا عَلَى زَكَرِيَّا بْنِ آدَمَ فَسَأَلْتُهُ عَمَّا اِحْتَجْتُ إِلَيْهِ»[٤٢].
احتجاجات الإمام الرضا (ع)
سجّلت احتجاجات كثيرة للإمام الرضا (ع) مع جميع أهل الملل والنحل ومختلف فرق المسلمين، خاصّة في السنين الأخيرة من حياته التي قضاها مع المأمون؛ وذلك لأنّ المأمون كان يغري به من يحاججه ويناظره لعلّه يحطّ من قدره أمام الناس وخاصّة العلماء، كما كان للمأمون نفسه حوارات ومناظرات مع الإمام (ع)، للسبب نفسه، أو للاستفادة منه.
احتجاج الإمام (ع) مع علماء سائر الأديان
فمن تلك الاحتجاجات ما رووه: من أنّ المأمون أمر الفضل بن سهل أن يجمع له علماء الأديان والفرق والمتكلّمين، فجمعهم وأدخلهم على المأمون بأمره، ثمّ قال لهم المأمون: إنّما جمعتكم لخير وأحببت أن تناظروا ابن عمّي هذا المدني، القادم عليَّ، فإذا كان بكرة فاغدوا عليّ ولا يتخلّف منكم أحد. فقالوا: السمع والطاعة يا أمير المؤمنين. ثمّ أخبر المأمون الإمام (ع) بذلك. ولمّا صار الغد أرسل إلى الإمام (ع)، فدخل والمجلس غاصّ بأهله، فقام المأمون وقاموا جميعاً، فجلس الإمام (ع)، ثمّ أمر القائمين بالجلوس.
ثمّ التفت المأمون إلى الجاثليق[٤٣]: فقال: يا جاثليق، هذا ابن عمّي علي بن موسى بن جعفر، وهو من ولد فاطمة بنت نبيّنا، وابن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهما، فاحبّ أن تكلّمه وتحاجّه وتنصفه.
« فَقَالَ اَلْجَاثَلِيقُ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ كَيْفَ أُحَاجُّ رَجُلاً يَحْتَجُّ عَلَيَّ بِكِتَابٍ أَنَا مُنْكِرُهُ وَنَبِيٍّ لاَ أُومِنُ بِهِ فَقَالَ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَا نَصْرَانِيُّ فَإِنِ اِحْتَجَجْتُ عَلَيْكَ بِإِنْجِيلِكَ أَ تُقِرُّ بِهِ قَالَ اَلْجَاثَلِيقُ وَهَلْ أَقْدِرُ عَلَى دَفْعِ مَا نَطَقَ بِهِ اَلْإِنْجِيلُ نَعَمْ وَاَللَّهِ أُقِرُّ بِهِ عَلَى رَغْمِ أَنْفِي فَقَالَ لَهُ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ وَاِسْمَعِ اَلْجَوَابَ فَقَالَ اَلْجَاثَلِيقُ مَا تَقُولُ فِي نُبُوَّةِ عِيسَى وَكِتَابِهِ هَلْ تُنْكِرُ مِنْهُمَا شَيْئاً قَالَ اَلرِّضَا أَنَا مُقِرٌّ بِنُبُوَّةِ عِيسَى وَكِتَابِهِ وَمَا بَشَّرَ بِهِ أُمَّتَهُ وَأَقَرَّتْ بِهِ اَلْحَوَارِيُّونَ وَكَافِرٌ بِنُبُوَّةِ كُلِّ عِيسًى لَمْ يُقِرَّ بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَبِكِتَابِهِ وَلَمْ يُبَشِّرْ بِهِ أُمَّتَهُ قَالَ اَلْجَاثَلِيقُ أَ لَيْسَ إِنَّمَا نَقْطَعُ اَلْأَحْكَامَ بِشَاهِدَيْ عَدْلٍ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بَلَى قَالَ فَأَقِمْ شَاهِدَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مِلَّتِكَ عَلَى نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ مِمَّنْ لاَ تُنْكِرُهُ اَلنَّصْرَانِيَّةُ وَسَلْنَا مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مِلَّتِنَا قَالَ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَلْآنَ جِئْتَ بِالنَّصِفَةِ يَا نَصْرَانِيُّ أَ لاَ تَقْبَلُ مِنِّي اَلْعَدْلَ اَلْمُقَدَّمَ عِنْدَ اَلْمَسِيحِ عِيسَى اِبْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ اَلْجَاثَلِيقُ وَمَنْ هَذَا اَلْعَدْلُ سَمِّهِ لِي قَالَ مَا تَقُولُ فِي يُوحَنَّا اَلدَّيْلَمِيِّ قَالَ بَخْ بَخْ ذَكَرْتَ أَحَبَّ اَلنَّاسِ إِلَى اَلْمَسِيحِ قَالَ فَأَقْسَمْتُ عَلَيْكَ هَلْ نَطَقَ اَلْإِنْجِيلُ أَنَّ يُوحَنَّا قَالَ إِنَّمَا اَلْمَسِيحُ أَخْبَرَنِي بِدِينِ مُحَمَّدٍ اَلْعَرَبِيِّ وَبَشَّرَنِي بِهِ أَنَّهُ يَكُونُ مِنْ بَعْدِهِ فَبَشَّرْتُ بِهِ اَلْحَوَارِيِّينَ فَآمَنُوا بِهِ قَالَ اَلْجَاثَلِيقُ قَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ يُوحَنَّا عَنِ اَلْمَسِيحِ وَبَشَّرَ بِنُبُوَّةِ رَجُلٍ وَبِأَهْلِ بَيْتِهِ وَوَصِيِّهِ وَلَمْ يُلَخِّصْ مَتَى يَكُونُ ذَلِكَ وَلَمْ تسم [يُسَمِّ] لَنَا اَلْقَوْمَ فَنَعْرِفَهُمْ قَالَ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَإِنْ جِئْنَاكَ بِمَنْ يَقْرَأُ اَلْإِنْجِيلَ فَتَلاَ عَلَيْكَ ذِكْرَ مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَأُمَّتِهِ أَ تُؤْمِنُ بِهِ قَالَ سَدِيداً »
ثمّ استشهد ببعض من كان يعرف الإنجيل هناك، وتلا هو (ع) السفر الثالث من الإنجيل حتّى وصل إلى ذكر محمّد وأهل بيته (ع). فأقرّ الجاثليق.
ثمّ دارت محاورات أخرى بين الإمام (ع) والجاثليق أفحم فيها الجاثليق، ثمّ جاء دور كبير علماء اليهود، والمجوس، والصابئة، وخاصّة عمران الصابي، وكانت النتيجة إفحام هؤلاء جميعا. والمحاورة طويلة ذكرها الصدوق في كتابي التوحيد، وعيون أخبار الرضا، ونقلها المجلسي [٤٤] في البحار عنهما.
ولم يصب المأمون في ذلك المجلس إلّا الندم ممّا فعله؛ لأنّه لم يحصل إلّا على عكس ما كان يأمله.
وذكروا محاورات أخرى للإمام مع سائر العلماء والمتكلّمين، لم يسع المجال للتعرّض لها [٤٥].
محاورات الإمام (ع) مع المأمون
كانت للإمام (ع) محاورات كثيرة مع المأمون، فأغلب مجالسه معه كانت تحتوي على سؤال أو حوار نذكر نماذج منها على سبيل المثال:
- «رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا سَارَ اَلْمَأْمُونُ إِلَى خُرَاسَانَ كَانَ مَعَهُ اَلْإِمَامُ اَلرِّضَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَبَيْنَا هُمَا يَتَسَايَرَانِ إِذْ قَالَ لَهُ اَلْمَأْمُونُ يَا أَبَا اَلْحَسَنِ إِنِّي فَكَّرْتُ فِي شَيْءٍ فَنَتَجَ لِيَ اَلْفِكْرُ اَلصَّوَابَ فِيهِ فَكَّرْتُ فِي أَمْرِنَا وَأَمْرِكُمْ وَنَسَبِنَا وَنَسَبِكُمْ فَوَجَدْتُ اَلْفَضِيلَةَ فِيهِ وَاحِدَةً وَرَأَيْتُ اِخْتِلاَفَ شِيعَتِنَا فِي ذَلِكَ مَحْمُولاً عَلَى اَلْهَوَى وَاَلْعَصَبِيَّةِ فَقَالَ لَهُ أَبُو اَلْحَسَنِ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِنَّ لِهَذَا اَلْكَلاَمِ جَوَاباً إِنْ شِئْتَ ذَكَرْتُهُ لَكَ وَإِنْ شِئْتَ أَمْسَكْتُ فَقَالَ لَهُ اَلْمَأْمُونُ لَمْ أَقُلْهُ إِلاَّ لِأَعْلَمَ مَا عِنْدَكَ فِيهِ قَالَ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنْشُدُكَ اَللَّهَ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ لَوْ أَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى بَعَثَ نَبِيَّهُ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فَخَرَجَ عَلَيْنَا مِنْ وَرَاءِ أَكَمَةٍ مِنْ هَذِهِ اَلْآكَامِ فَخَطَبَ إِلَيْكَ اِبْنَتَكَ أَ كُنْتَ مُزَوِّجَهُ إِيَّاهَا فَقَالَ يَا سُبْحَانَ اَللَّهِ وَهَلْ أَحَدٌ يَرْغَبُ عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فَقَالَ لَهُ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَ فَتَرَاهُ كَانَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَخْطُبَ إِلَيَّ قَالَ فَسَكَتَ اَلْمَأْمُونُ هُنَيْئَةً ثُمَّ قَالَ أَنْتُمْ وَاَللَّهِ أَمَسُّ بِرَسُولِ اَللَّهِ رَحِماً »[٤٦]. فنبّهه الإمام (ع) بأنّ الولد أقرب إلى الإنسان من ولد العمّ بلا ارتياب، فكيف يصحّ أن يتساويا بالفضل من حيث القرب؟!
- « قَالَ اَلْمَأْمُونُ يَوْماً لِلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَخْبِرْنِي بِأَكْبَرِ فَضِيلَةٍ لِأَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَدُلُّ عَلَيْهَا اَلْقُرْآنُ قَالَ فَقَالَ لَهُ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَضِيلَةٌ فِي اَلْمُبَاهَلَةِ قَالَ اَللَّهُ جَلَّ جَلاَلُهُ ﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾[٤٧] فَدَعَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ اَلْحَسَنَ وَاَلْحُسَيْنَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ فَكَانَا اِبْنَيْهِ وَدَعَا فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ فَكَانَتْ فِي هَذَا اَلْمَوْضِعِ نِسَاءَهُ وَدَعَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَكَانَ نَفْسَهُ بِحُكْمِ اَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اَللَّهِ تَعَالَى أَجَلَّ مِنْ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَفْضَلَ فَوَجَبَ أَنْ لاَ يَكُونَ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْ نَفْسِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِحُكْمِ اَللَّهِ تَعَالَى قَالَ فَقَالَ لَهُ اَلْمَأْمُونُ أَ لَيْسَ قَدْ ذَكَرَ اَللَّهُ تَعَالَى اَلْأَبْنَاءَ بِلَفْظِ اَلْجَمْعِ وَإِنَّمَا دَعَا رَسُولُ اَللَّهِ اِبْنَيْهِ خَاصَّةً وَذَكَرَ اَلنِّسَاءَ بِلَفْظِ اَلْجَمْعِ وَإِنَّمَا دَعَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ اِبْنَتَهُ وَحْدَهَا فَأَلاَّ جَازَ أَنْ يُذْكَرَ اَلدُّعَاءُ لِمَنْ هُوَ نَفْسُهُ وَيَكُونَ اَلْمُرَادُ نَفْسَهُ فِي اَلْحَقِيقَةِ دُونَ غَيْرِهِ فَلاَ يَكُونُ لِأَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مَا ذَكَرْتَ مِنَ اَلْفَضْلِ قَالَ فَقَالَ لَهُ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَيْسَ يَصِحُّ مَا ذَكَرْتَ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَذَلِكَ أَنَّ اَلدَّاعِيَ إِنَّمَا يَكُونُ دَاعِياً لِغَيْرِهِ كَمَا أَنَّ اَلْآمِرَ آمِرٌ لِغَيْرِهِ وَلاَ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ دَاعِياً لِنَفْسِهِ فِي اَلْحَقِيقَةِ كَمَا لاَ يَكُونُ آمِراً لَهَا فِي اَلْحَقِيقَةِ وَإِذَا لَمْ يَدْعُ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ رَجُلاً فِي اَلْمُبَاهَلَةِ إِلاَّ أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ نَفْسُهُ اَلَّتِي عَنَاهَا اَللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي كِتَابِهِ وَجَعَلَ حُكْمَهُ ذَلِكَ فِي تَنْزِيلِهِ قَالَ فَقَالَ اَلْمَأْمُونُ إِذَا وَرَدَ اَلْجَوَابُ سَقَطَ اَلسُّؤَالُ»[٤٨].
- «قَالَ اَلْمَأْمُونُ يَا أَبَا اَلْحَسَنِ أَخْبِرْنِي عَنْ جَدِّكَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِأَيِّ وَجْهٍ هُوَ قَسِيمُ اَلْجَنَّةِ وَاَلنَّارِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ أَ لَمْ تَرْوَ عَنْ أَبِيكَ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ يَقُولُ حُبُّ عَلِيٍّ إِيمَانٌ وَبُغْضُهُ كُفْرٌ فَقَالَ بَلَى قَالَ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقِسْمَةُ اَلْجَنَّةِ وَاَلنَّارِ إِلَيْهِ فَقَالَ اَلْمَأْمُونُ لاَ أَبْقَانِيَ اَللَّهُ بَعْدَكَ يَا أَبَا اَلْحَسَنِ أَشْهَدُ أَنَّكَ وَارِثُ عِلْمِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ »[٤٩].[٥٠]
المراجع والمصادر
الهوامش
- ↑ انظر: الإرشاد ٢: ٢٤٧، وإعلام الورى ٢: ٤٠.
- ↑ انظر البحار ٤٩: ٢ - ١١، تاريخ الإمام الرضا (ع)، باب ولادته وألقابه.
- ↑ انظر: أصول الكافي ١: ٤٨٦، والإرشاد ٢: ٢٤٥، والتهذيب ٦: ٨٣، كتاب المزار، الباب ٣٣.
- ↑ انظر الدروس ٢: ١٤.
- ↑ انظر: أصول الكافي ١: ٤٨٦، والإرشاد ٢: ٢٤٧، والتهذيب ٦: ٨٣، وإعلام الورى ٢: ٤٠.
- ↑ انظر: أصول الكافي ١: ٤٨٦، والإرشاد ٢: ٢٤٧، والتهذيب ٦: ٨٣، وإعلام الورى ٢: ٤٠.
- ↑ انظر إعلام الورى ٢: ٤١.
- ↑ انظر إعلام الورى ٢: ٤١.
- ↑ البحار ٤٩: ١١٣، تاريخ الإمام أبي الحسن الرضا (ع)، الباب ٩، الحديث الأوّل.
- ↑ انظر: روضة الكافي: ٢٥٧، الحديث ٣٧١، والبحار ٤٩: ١١٥، تاريخ الإمام أبي الحسن الرضا (ع)، الباب ٩، الحديث ٧.
- ↑ انظر البحار ٤٩: ١١٦، تاريخ الإمام أبي الحسن الرضا (ع)، الباب ٩، ذيل الحديث ٧.
- ↑ انظر: الإرشاد ٢: ٢٥٩ - ٢٦٢، وإعلام الورى ٢: ٧٢ - ٧٤.
- ↑ انظر: الإرشاد ٢: ٢٦٤ - ٢٦٥، وإعلام الورى ٢: ٧٥ - ٧٧.
- ↑ اسمه عبد السلام بن صالح، قال عنه النجاشي: «روى عن الرضا (ع)، ثقة، صحيح الحديث». رجال النجاشي: ٢٤٥، الترجمة ٦٤٣، والظاهر أنّ وثاقته معروفة بين العامّة والخاصّة، وإنّما الكلام في مذهبه، فقد صرّح الشيخ بكونه عاميّ المذهب. انظر رجال الشيخ: ٣٨٠، أصحاب الإمام الرضا (ع)، رقم ١٤، كما تراجع ترجمته التفصيلية في معجم رجال الحديث ١٠: ١٦ - ١٨.
- ↑ انظر ذلك كلّه في الإرشاد ٢: ٢٦٩ - ٢٧٠، وإعلام الورى ٢: ٨٠ - ٨١.
- ↑ انظر الإرشاد ٢: ٢٧١. أقول: إنّه كان يخبر مرارا بأنّه سيجنمع هو وهارون، فقد روى الشيخ المفيد بإسناده إلى مسافر أنّه قال: «كنت مع أبي الحسن الرضا (ع) بمنى فمرّ يحيى بن خالد، فغطّى وجهه من الغبار، فقال الرضا (ع): مساكين لا يدرون ما يحلّ بهم في هذه السنة، ثمّ قال: وأعجب من هذا، هارون وأنا كهاتين، وضمّ إصبعيه. قال مسافر: فو الله ما عرفت معنى حديثه حتّى دفناه معه». الإرشاد ٢: ٢٥٨.
- ↑ جاء في وفيات الأعيان: «إبراهيم بن العبّاس بن محمّد بن صول، بغداديّ، أصله من خراسان، يكنّى بأبي إسحاق، أشعر نظرائه الكتّاب، وأرقّهم لسانا... وهو أنعت الناس للزمان وأهله، غير مدافع، وأصله - - تركي، وكان صول وفيروز أخوين ملكا جرجان، تركيان، تمجّسا وصارا أشباه الفرس، فلمّا حضر يزيد بن المهلّب بن أبي صفرة جرجان أمّنهما، فلم يزل صول معه وأسلم على يده حتّى قتل معه يوم العقر... واتّصل إبراهيم وأخوه عبد الله بذي الرياستين الفضل بن سهل، ثمّ تنقّل في أعمال السلطان ودواوينه إلى أن توفّي وهو يتقلّد ديوان الضياع والنفقات بسرّ من رأى، للنصف من شعبان سنة ثلاث وأربعين ومئتين». وفيات الأعيان ١: ٤٥ - ٤٦، الترجمة ١١، نقلا عن كتاب «الورقة».
- ↑ إعلام الورى ٢: ٦٣ - ٦٤.
- ↑ إعلام الورى ٢: ٦٤.
- ↑ إعلام الورى ٢: ٦٤ - ٦٥، توفّي الإمام الصادق (ع) في الخامس والعشرين من شوّال سنة ١٤٨ ه، وولد الإمام الرضا (ع) في الحادي عشر من ذي القعدة في السنة نفسها، فلم يدرك الإمام الصادق حفيده الرضا عليهما السّلام.
- ↑ هو الحسن بن هانئ الشاعر المعروف، انظر ترجمته في وفيات الأعيان ٢: ٩٥، الترجمة ١٧٠.
- ↑ إعلام الورى ٢: ٦٥.
- ↑ إعلام الورى ٢: ٦٥.
- ↑ قال عنه النجاشي: «دعبل بن عليّ بن رزين... أبو عليّ الشاعر، مشهور، من أصحابنا. صنّف كتاب طبقات الشعراء، وكتاب الواحدة في مثالب العرب ومناقبها». رجال النجاشي: ١٦١ - ١٦٢، الترجمة ٤٢٨. قيل: ولد سنة ١٤٨ ه، ومات سنة ٢٤٥ ه. انظر ترجمته التفصيلية في معجم رجال الحديث ٧: ١٤٣ - ١٤٦، ووفيات الأعيان ٢: ٢٦٦ - ٢٧٠، الترجمة ٢٢٧.
- ↑ سبحان الله! ها أنا ذا وفّقت هذه الأيام - وهي آخر الصيف المصادف لشهر جمادى الآخرة من سنة ألف وأربعمئة وثلاث وعشرين - لزيارة سيّدي ومولاي أبي الحسن الرضا (ع) وها أنا أشاهد بامّ عيني عشرات الآلاف من زوّاره - وربّما بلغوا في كلّ سنة أكثر من عشرة ملايين كما أعلنتها الجهات الرسمية - وهم يفدون إلى زيارته من داخل إيران وخارجها. وربّما بلغ الزحام حدّا لا يتمكّن الإنسان معه من الوصول إلى الصحون والأروقة المحيطة بالروضة المشرّفة، فكيف بالروضة نفسها؟! وقد اضطررت البارحة إلى تغيير مسيري عدّة مرّات للتمكّن من الوصول إلى أحد الصحون المشرّفة، فخاطبت الإمام (ع) وقلت: سيّدي يا أبا الحسن، زاد الله في شرفك وشرف آبائك الطاهرين، وخاب شانئوكم وحاسدوكم والباغون عليكم يا أهل البيت!
- ↑ إعلام الورى ٢: ٦٦ - ٦٧.
- ↑ انظر إعلام الورى ٢: ٦٦ - ٦٧.
- ↑ انظر: البحار ٤٩: ١٢٦ - ١٢٧، تاريخ الإمام الرضا (ع)، باب خروجه من نيسابور، الحديث ٣، نقلا عن كشف الغمّة، عن تاريخ نيسابور، والفصول المهمّة: ٢٤٢ - ٢٤٣، نقلا عن تاريخ نيسابور.
- ↑ انظر البحار ٤٩: ١٢٣، باب وروده (ع) نيسابور، الحديث ٤.
- ↑ البحار ٤٩: ١٢٢، باب وروده إلى نيسابور، الحديث ٣.
- ↑ انظر البحار ٤٩: ١٨٠ - ١٨١، باب سائر ما جرى بينه وبين المأمون، الحديث ١٦.
- ↑ رجال النجاشي: ٣٢٦، الترجمة ٨٨٧.
- ↑ الفهرست (للشيخ الطوسي): ٢٦٥ - ٢٦٦، الترجمة ٥٩١.
- ↑ انظر: رجال النجاشي: ٣٢٦، والفهرست (للشيخ الطوسي): ٢٦٦.
- ↑ انظر رجال النجاشي: ٣٢٧، الترجمة ٨٨٧.
- ↑ رجال النجاشي: ٧٥، الترجمة ١٨٠.
- ↑ الفهرست (للشيخ الطوسي): ٣٦، الترجمة ٧٢.
- ↑ اختيار معرفة الرجال: ٥٨٧، الرقم ١٠٩٩.
- ↑ انظر رجال النجاشي: ٧٥، الترجمة ١٨٠.
- ↑ رجال النجاشي: ١٧٤، الترجمة ٤٥٨.
- ↑ اختيار معرفة الرجال: ٥٩٤، الرقم ١١١١.
- ↑ اختيار معرفة الرجال: ٥٩٤، الرقم ١١١٢.
- ↑ الجاثليق: مقدّم الأساقفة عند بعض الطوائف المسيحية الشرقية. انظر المعجم الوسيط: «جاثليق».
- ↑ انظر: التوحيد (للصدوق): ٤٤١ - ٤٤٧، وعيون أخبار الرضا (ع) ١: ١٥٦ - ١٦١، والبحار ١٠: ٢٩٩ - ٣١٨، كتاب الاحتجاج، باب مناظرات الإمام الرضا (ع)، الحديث الأوّل، و٤٩: ١٧٣ - ١٧٩، - - تاريخ الإمام الرضا (ع)، باب سائر ما جرى بينه وبين المأمون، الحديث ١٢ ملخّصا.
- ↑ انظر المصادر المتقدّمة مع اختلاف في الصفحات.
- ↑ البحار ١٠: ٣٤٩ - ٣٥٠، كتاب الاحتجاج، باب مناظرات الرضا (ع)، الحديث ٩، و٤٩: ١٨٧، تاريخ الإمام الرضا (ع)، باب سائر ما جرى بينه وبين المأمون، الحديث ١٩.
- ↑ سورة آل عمران، الآية 61.
- ↑ البحار ١٠: ٣٥٠، كتاب الاحتجاج، باب مناظرات الرضا (ع)، الحديث ١٠، و٤٩: ١٨٨، تاريخ الإمام الرضا (ع)، باب سائر ما جرى بينه وبين المأمون، الحديث ٢٠.
- ↑ البحار ٤٩: ١٧٢، تاريخ الإمام الرضا (ع)، باب سائر ما جرى بينه وبين المأمون، ذيل الحديث ١٠.
- ↑ محمد علي الأنصاري، الموسوعة الفقهية الميسرة 5: 575 - 590.