الإيمان في نهج البلاغة

من إمامةبيديا

المقدمة

إنّ من يتشهّد الشهادتين فإنّه يدخل في ربقة الإسلام فيجري عليه ما يجري على المسلمين، لكنّ هذا ما هو إلا أول الطريق في سلّم الارتباط بالله (عزَّ وجل) والوصول إليه، فمن بعد التعهد من الإنسان بأن يلتزم بأوامر الله ونواهيه يأتي الإسلام ليفتتح الكثير من الطرق أمامه ليصل إلى الله تعالى ذكره، فهناك الكثير من الطرق التي تؤدّي إلى هذا الهدف، وأفضلها ما أشار إليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وهو الإيمان بالله تعالى، فقال في خطبته المعروفة بالديباج: «إِنَّ أَفْضَلَ مَا تَوَسَّلَ بِهِ اَلْمُتَوَسِّلُونَ إِلَى اَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى اَلْإِيمَانُ بِهِ وَ بِرَسُولِهِ »[١]، وقد احتل هذا المفهوم نصيباً وافراً من الروايات والآيات الدالة عليه والمشيرة إلى كل ما يتعلّق به، وفي هذا البحث نظر في بعض منها خصوصاً ما ورد عن الأمير (ع) في نهج البلاغة، لنتعرف على حقيقة الإيمان والفارق بينه وبين الإسلام، مروراً بأقسامه وكيفية استشعاره فينا والتعرف على التعامل مع الآخر بلحاظ الدرجة الإيمانية، ونختمه بذكر جملة من الطرق التي تسهم في إعانة الفرد على الارتقاء إلى أعلى الدرجات الإيمانية.

الإيمان وبيان فرقه عن الإسلام

قال أمير المؤمنين (ع) في بيان معنى الإيمان أنّه تصديقٌ في القلب بالله تعالى وبما أنزل من كتاب على رسوله الأعظم (ص) ولهذا التصديق ترجمة في الخارج عن طريق العمل، فعندما سئل عن الإيمان، قال (ع): «اَلْإِيمَانُ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ وَ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ» [٢] وهذه ثلاثة أمور لابد من تحققها ليتحقق الإيمان وهي:

  1. المعرفة بالقلب: وهي عبارة عن التصديق بالله تعالى والقبول والإذعان بما جاء به النبي محمد (ص) من معتقدات حقّة. ولا يكتفى بهذا التصديق بل لابد من الأمر الثاني للذم الوارد في قوله تعالى: وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا[٣]، ومن يضطر إلى إخفاء إيمانه على المستوى اللساني فإنّ إيمانه باقٍ ولا يزول لقوله تعالى: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ[٤]. وإقرار باللسان بأن يتشهد الشهادتين، ولو لم يوافق القلب.
  2. وعمل بالأركان: وأركان الشيء هي ما يستند إليها ويتقوم بها [٥]، وأركان الإسلام خمسة بها يتقوّم إسلام المسلم فلو أنكرها فهو مرتد، وهذه الأركان خمسة هي الواردة في الحديث الشريف عن إمامنا الباقر (ع): «بُنِيَ اَلْإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسِ دَعَائِمَ: إِقَامِ اَلصَّلاَةِ، وَ إِيتَاءِ اَلزَّكَاةِ، وَ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ ، وَ حِجِّ اَلْبَيْتِ ، وَ اَلْوَلاَيَةِ لَنَا أَهْلَ اَلْبَيْتِ»[٦]. ومن هنا نعي جيّداً تفسير قوله تعالى: قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ[٧] لأنّ "الإسلام انقياد ودخول في السلم، وإظهار الشهادة وترك المحاربة يشعر به"[٨]، وفائدته حقن الدماء وتحليل النكاح واحترام المال، لا أكثر من ذلك، فالإسلام لوحده لا ينجي من الهلاك في الآخرة بل لا بد من الإيمان، يقول الإمام الصادق (ع): « إِنَّ اَلْإِسْلاَمَ قَبْلَ اَلْإِيمَانِ وَ عَلَيْهِ يَتَوَارَثُونَ وَ يَتَنَاكَحُونَ وَ اَلْإِيمَانُ عَلَيْهِ يُثَابُونَ ». [٩]

والإمام الباقر (ع) يختزل الأمور الثلاثة في أمرين أولهما مترتب على المعرفة والتصديق حيث قال: « اَلْإِيمَانُ إِقْرَارٌ وَ عَمَلٌ وَ اَلْإِسْلاَمُ إِقْرَارٌ بِلاَ عَمَلٍ » [١٠]. ونلاحظ هنا أنّ الإمام يركز على أهمية أن يوجد عنصران يتحقق بهما الإيمان هما الإقرار مع العمل، وإذا أقرَّ شخصٌ ولم يتحقق منه العمل فإنه لا يستحق وسام الإيمان بل يكون مستحقاً لوسام آخر هو أقل بدرجات من الإيمان وهذا الوسام هو الإسلام، وعلى هذا لا يكون الإيمان بالتمني بل لابد من خلوصه في القلوب وتصديق عمل الإنسان بأنّه مقرٌّ بهذا الأمر.

فمن هنا يتّضح لنا أن الإيمان يختلف عن الإسلام مفهوماً لكن على نحو العموم من وجه؛ فمن كان مؤمناً فقد تحقق الإسلام منه ولا عكس، لذا يقول الإمام الصادق (ع) في رواية الفضيل بن يسار: « اَلْإِيمَانُ يُشَارِكُ اَلْإِسْلاَمَ وَ اَلْإِسْلاَمُ لاَ يُشَارِكُ اَلْإِيمَانَ»[١١]، ويمثل الإمام الصادق (ع) بمثال لطيف للتفريق بينهما بتشبيه الإيمان بالكعبة والإسلام بالحرم، ففي معرض جوابه (ع) عن أيهما أفضل الإيمان أو الإسلام، «عَنْ أَبِي اَلصَّبَّاحِ اَلْكِنَانِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ : أَيُّهُمَا أَفْضَلُ، اَلْإِيمَانُ أَوِ اَلْإِسْلاَمُ فَإِنَّ مَنْ قِبَلَنَا يَقُولُونَ: إِنَّ اَلْإِسْلاَمَ أَفْضَلُ مِنَ اَلْإِيمَانِ؟ فَقَالَ: اَلْإِيمَانُ أَرْفَعُ مِنَ اَلْإِسْلاَمِ قُلْتُ: فَأَوْجِدْنِي ذَلِكَ قَالَ: مَا تَقُولُ فِي مَنْ أَحْدَثَ فِي اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرَامِ مُتَعَمِّداً؟ قَالَ: يُضْرَبُ ضَرْباً شَدِيداً، قَالَ: أَصَبْتَ، قَالَ: فَمَا تَقُولُ فِيمَنْ أَحْدَثَ فِي اَلْكَعْبَةِ مُتَعَمِّداً؟ قُلْتُ: يُقْتَلُ. قَالَ: أَصَبْتَ أَ لاَ تَرَى أَنَّ اَلْكَعْبَةَ أَفْضَلُ مِنَ اَلْمَسْجِدِ ، وَ أَنَّ اَلْكَعْبَةَ تَشْرَكُ اَلْمَسْجِدَ وَ اَلْمَسْجِدَ لاَ يَشْرَكُ اَلْكَعْبَةَ ، وَ كَذَلِكَ اَلْإِيمَانُ يَشْرَكُ اَلْإِسْلاَمَ وَ اَلْإِسْلاَمُ لاَ يَشْرَكُ اَلْإِيمَانَ»[١٢]

أقسام الإيمان

قال الأمير (ع): «فَمِنَ اَلْإِيمَانِ مَا يَكُونُ ثَابِتاً مُسْتَقِرّاً فِي اَلْقُلُوبِ وَ مِنْهُ مَا يَكُونُ عَوَارِيَّ بَيْنَ اَلْقُلُوبِ وَ اَلصُّدُورِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ »[١٣]، يقسّم الأمير (ع) الإيمان إلى قسمين:

القسم الأول: الإيمان المستقر: وهو ما بلغ حد الكمال، فصار ثابتاً مستقراً في القلب بالبرهان اليقيني، وبلوغه حدّ الكمال لكونه قد ظفر بالبرهان الراجع إلى ما لا يزول من العقل ولا يضعف وهي البديهيات، وقد عبّر الأمير (ع) عن هذا القسم بقوله: «فَمِنَ اَلْإِيمَانِ مَا يَكُونُ ثَابِتاً مُسْتَقِرّاً فِي اَلْقُلُوبِ ».

القسم الثاني: الإيمان غير المستقر وهو ما كان متزلزلاً باعتبار كونه في معرض الزوال سريعاً كما عبّر الإمام عليّ (ع) بأنه يكون عواري بين القلوب والصدور؛ وهذا أضعف الأقسام لأنّه لا يستند إلى برهان ولا قياس، بل هو على سبيل التقليد للأسلاف السابقين، وبمن يحسن الظن بهم كالزُهاد والعُبّاد، وقد عبّر الأمير (ع) عن هذا القسم بقوله: « وَ مِنْهُ مَا يَكُونُ عَوَارِيَّ بَيْنَ اَلْقُلُوبِ وَ اَلصُّدُورِ » فجعله عارية لا تدخل القلب بل بين القلب والصدر.

القسم الثالث: وهذا متوسط بين القسمين السابقين من حيث الرسوخ فهو بين الثبات والتزلزل لأنّه يستند إلى القياس الجدليّ، كمن يؤمن بالاعتماد على جملة من الأقيسة التي تنفع في مقام الجدل ولا تبلغ حدّ البرهان اليقيني وهذا القسم مستفاد من بعض النسخ لنهج البلاغة حيث كانت العبارة هكذا «فَمِنَ اَلْإِيمَانِ مَا يَكُونُ ثَابِتاً مُسْتَقِرّاً فِي اَلْقُلُوبِ وَ مِنْهُ مَا يَكُونُ عَوَارِيَّ بَيْنَ اَلْقُلُوبِ وَ اَلصُّدُورِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ »، فيكون الأمير (ع) قد عبّر عن هذا القسم بقوله « وَ مِنْهُ مَا يَكُونُ عَوَارِيَّ بَيْنَ اَلْقُلُوبِ » فهذا القسم داخل في القلب لكنه لا يطيل المكث في القلب لذا استعار (ع) لفظ العواري؛ ليقول: «إنّ الإيمان بمعنى العارية التي تكون في البيت فهي غير ثابتة فيه دائماً فزمان الإعارة ينقضي فهي بعرضة الخروج منه»[١٤]

استشعار الإيمان

الإيمان لا يمكن إدراكه بالحواس فليس هو عضواً في الجسم بحيث يمكن لمسه أو الإشارة إليه حتى... بل هو أمر معنوي يدركه صاحب القلب السليم، نعم لهذا الإيمان أمور يتجلى من خلالها نشير إلى نزر يسير منها:

  1. التسليم: التسليم إلى الله تعالى والرضا بقضائه، يقول الرسول (ص): «إن لكل شيء حقيقة، وما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أنّ ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطئه لم يكن ليصيبه»[١٥]، وهذا هو التسليم المطلق له تعالى، فلا اعتراض على حكمه وحباً ورضاً بقضائه وقدره.
  2. التوكل: أن يكون الإنسان المؤمن متوكّلاً على الله تعالى، يقول الأمير (ع): « لاَ يُصَدَّقُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَكُونَ بِمَا فِي يَدِ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ أَوْثَقَ مِنْهُ بِمَا فِي يَدِهِ » [١٦] فما في يد العبد من رزق –مثلاً- فهو خيرٌ قد قسمه الله له فتارة يستغني وأخرى يفتقر، وعلى كلّ حال فعين الله تراقبه أيشكر ويحمَد أم يكفر وينقَم، فإن كان في كل أحواله لله شاكراً وعليه متوكّلاً قرّبه الله إليه، ورزقه ما لا يحتسب في الدنيا والآخرة.
  3. الحب في الله: الحب في الله والبغض في الله، عندما أحب ما يحبه الله وأبغض ما يبغضه الله وأغضب لا لمصلحتي الشخصية بل أغضب لله فيكون هذا الأمر خير تجلِّ على وجود الإيمان في قلب الإنسان. يقول الرسول (ص): «لا يجد العبد حقيقة الإيمان حتى يغضب لله ويرضى لله فإذا فعل ذلك فقد استحق حقيقة الإيمان» [١٧]
  4. حبّ النبي وآله: حبّ النبي محمد وآله الطاهرين، وهذا من الحقائق المهمة التي تُميِّز الإيمان الصادق من الإيمان الكاذب فهذا قول الرسول (ص) لعلي بن أبي طالب(ع): «لاَ يُحِبُّكَ إِلاَّ مُؤْمِنٌ وَلاَ يُبْغِضُكَ إِلاَّ مُنَافِقٌ أَوْ وَلَدُ زِنْيَةٍ أَوْ مَنْ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهِيَ طَامِثٌ»[١٨]. وإحياؤنا لمجالس الفرح والحزن عليهم وتمسكنا بها وذكر فضائلهم والنهل من علومهم لهو خير دليل على حبّهم (ع)، وهذا التمسك لا علاقة له بالتعصب الجاهلي أو الانتماء القبلي أو الدم النسبي بل هذا التمسك هو من الحب الشديد لهم والرغبة في إظهار المودّة لهم (ع) لعلنا نفوز بأعالي درجات الجنان لأنّه إن حققنا الإيمان في قلوبنا لم يبقَ علينا إلا أن نتنافس في فضائل الدرجات؛ كما قال الصادق (ع): «خَرَجْتُ أَنَا وَ أَبِي حَتّىٰ إِذَا كُنَّا بَيْنَ اَلْقَبْرِ وَ اَلْمِنْبَرِ إِذَا هُوَ بِأُنَاسٍ مِنَ الشِّيعَةِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ إِنِّي وَ اَللَّهِ لَأُحِبُّ رِيَاحَكُمْ وَ أَرْوَاحَكُمْ فَأَعِينُوا عَلَى ذَلِكَ بِوَرَعٍ وَ اِجْتِهَادٍ وَ اِعْلَمُوا أَنَّ وَلاَيَتَنَا لاَ تُنَالُ إِلاَّ بِالْوَرَعِ وَ اَلاِجْتِهَادِ وَ مَنِ اِئْتَمَّ مِنْكُمْ بِعَبْدٍ فَلْيَعْمَلْ بِعَمَلِهِ أَنْتُمْ شِيعَةُ اَللَّهِ وَ أَنْتُمْ أَنْصَارُ اَللَّهِ وَ أَنْتُمُ اَلسَّابِقُونَ اَلْأَوَّلُونَ وَ اَلسَّابِقُونَ اَلْآخِرُونَ وَ اَلسَّابِقُونَ فِي اَلدُّنْيَا إِلَى وَلاَيَتِنَا وَ اَلسَّابِقُونَ فِي اَلْآخِرَةِ إِلَى اَلْجَنَّةِ قَدْ ضَمِنَّا لَكُمُ اَلْجَنَّةَ بِضَمَانِ اَللَّهِ وَ ضَمَانِ رَسُولِ اَللَّهِ وَ اَللَّهِ مَا عَلَى دَرَجَةِ اَلْجَنَّةِ أَكْثَرُ أَرْوَاحاً مِنْكُمْ فَتَنَافَسُوا فِي فَضَائِلِ اَلدَّرَجَاتِ أَنْتُمُ اَلطَّيِّبُونَ وَ نِسَاؤُكُمُ اَلطَّيِّبَاتُ كُلُّ مُؤْمِنَةٍ حَوْرَاءُ عَيْنَاءُ وَ كُلُّ مُؤْمِنٍ صِدِّيقٌ» [١٩].
  5. الإيثار: يقول الأمير «عَلاَمَةُ اَلْإِيمَانِ أَنْ تُؤْثِرَ اَلصِّدْقَ حَيْثُ يَضُرُّكَ عَلَى اَلْكَذِبِ حَيْثُ يَنْفَعُكَ» [٢٠]، وهذه الخصلة العظيمة ترفع المؤمن فوق نفسه فلا يراها مُفضّلة على الآخرين، ففي غالب الأحيان يقدّم مصالحهم على مصالحة. وهذا خلق نتعلّمه من رسول الله (ص)، فقد ورد في الخبر أنه (ص) « مَا شَبِعَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةً حَتَّى فَارَقَ اَلدُّنْيَا وَ لَوْ شَاءَ لَشَبِعَ وَ لَكِنَّهُ كَانَ يُؤْثِرُ عَلَى نَفْسِهِ»، ومن وصيّه علي بن أبي طالب (ع) عند ما بات على فراش رسول الله (ص): «فَأَوْحَى اَللَّهُ إِلَى جَبْرَئِيلَ وَ مِيكَائِيلَ إِنِّي آخَيْتُ بَيْنَكُمَا وَ جَعَلْتُ عُمُرَ اَلْوَاحِدِ مِنْكُمَا أَطْوَلَ مِنْ عُمُرِ اَلْآخَرِ فَأَيُّكُمَا يُؤْثِرُ صَاحِبَهُ بِالْحَيَاةِ فَاخْتَارَ كِلاَهُمَا اَلْحَيَاةَ فَأَوْحَى اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِمَا أَ فَلاَ كُنْتُمَا مِثْلَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ آخَيْتُ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَبَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ يَفْدِيهِ بِنَفْسِهِ فَيُؤْثِرُهُ بِالْحَيَاةِ اِهْبِطَا إِلَى اَلْأَرْضِ فَاحْفَظَاهُ مِنْ عَدُوِّهِ فَكَانَ جَبْرَئِيلُ عِنْدَ رَأْسِهِ وَ مِيكَائِيلُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ وَ جَبْرَئِيلُ يُنَادِي بَخْ بَخْ مَنْ مِثْلُكَ يَا اِبْنَ أَبِي طَالِبٍ يُبَاهِي اَللَّهُ بِكَ اَلْمَلاَئِكَةَ فَأَنْزَلَ اَللَّهُ تَعَالَى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ»[٢١].
  6. السماحة: يقول الأمير (ع): «اَلْمُؤْمِنُ بِشْرُهُ فِي وَجْهِهِ وَ حُزْنُهُ فِي قَلْبِهِ أَوْسَعُ شَيْءٍ صَدْراً وَ أَذَلُّ شَيْءٍ نَفْساً.يَكْرَهُ اَلرِّفْعَةَ وَ يَشْنَأُ اَلسُّمْعَةَ طَوِيلٌ غَمُّهُ بَعِيدٌ هَمُّهُ كَثِيرٌ صَمْتُهُ مَشْغُولٌ وَقْتُهُ شَكُورٌ صَبُورٌ مَغْمُورٌ بِفِكْرَتِهِ ضَنِينٌ بِخَلَّتِهِ سَهْلُ اَلْخَلِيقَةِ لَيِّنُ اَلْعَرِيكَةِ ! نَفْسُهُ أَصْلَبُ مِنَ اَلصَّلْدِ وَ هُوَ أَذَلُّ مِنَ اَلْعَبْدِ» [٢٢]، وهنا جملة من العلامات أولها السماحة ونكتفي بها وهي عبارة عن «العطاء بكرم وسخاء» [٢٣] فالمؤمن سمح يعطي الآخرين من روحه الطيبة وخلقه العالي بالبشر الذي يراه الآخرون في وجهه، فيكون باباً تنفتح به أساريرهم وقد تنفرج همومهم، وهذا المؤمن يعبّر عنه الأمير (ع) في موضع آخر بقوله: «مَأْمُولٌ لِكُلِ شِدَّةٍ هَشَّاشُ بَشَّاشٌ »[٢٤]، ويقال للرجل هش بش إذا كان «طلق الوجه» [٢٥] فتكون هشّاش على فعّال فيها من المبالغة ما فيها.

آفات الإيمان

كل ما يكون في القلب لابد له من مفسدات، فينبغي معرفتها والتنبّه إليها والنظر في النفس نظرة فاحص عنها فإن كانت موجودة قلعها وإن لم تكن احترز عنها، وهنا ثلاث من الآفات:

  1. مجالسة أهل الهوى: يقول الأمير (ع): «وَاِعْلَمُوا أَنَّ يَسِيرَ اَلرِّيَاءِ شِرْكٌ وَمُجَالَسَةَ أَهْلِ اَلْهَوَى مَنْسَاةٌ لِلْإِيمَانِ وَمَحْضَرَةٌ لِلشَّيْطَانِ » [٢٦] فمجالسة أهل الهوى تدعو إلى الغفلة عن الإيمان ونسيانه، وإذا حصل هذا صدرت من الإنسان أفعال تتنافى مع ما يؤمن به في واقع نفسه فقد يفعل أفعال الكفار ويضمر أفكار الملحدين ولو التفت إلى إيمانه لم يقبل من نفسه الانحراف عن جادّة الصواب. أما أهل الهوى فهم الذين يتّبعون ما تميل إليه نفوسهم من دون رعاية إلى مبغوضيتها وقبحها.
  2. الكذب: يقول الأمير (ع): «جَانِبُوا اَلْكَذِبَ فَإِنَّهُ مُجَانِبٌ لِلْإِيمَانِ، اَلصَّادِقُ عَلَى شَرَفِ مَنْجَاةٍ وَ كَرَامَةٍ وَ اَلْكَاذِبُ عَلَى شَفَا مَهْوَاةٍ وَ مَهَانَةٍ»[٢٧]، الإمام ينهى عن الكذب لأنّه لا يمكن أن يجتمع مع الإيمان أبداً، والكذب ليس فيه نفع حتى لو جلب شيئاً من فتات الدنيا ما جلب، وهذا ما أوصى به رسول الله (ص) أمير المؤمنين (ع) حيث كان ويقول: «يا علي! عليك بالصدق، فإن ضرّك في العاجل كان فرجك في الآجل»[٢٨] ويقول أيضاً: «جَانِبُوا اَلْكَذِبَ، إِنَّ اَلصَّادِقَ عَلَى شَفَا مَنْجَاةٍ وَ كَرَامَةٍ، إِنَّ اَلْكَاذِبَ عَلَى شَفَا مَخْزَاةٍ وَ هَلَكَةٍ»[٢٩] ذلك لأنّ نتيجة الكذب تنتهي إلى الفجور والعياذ بالله لذا كان الكذب مجانباً للإيمان.
  3. الحسد: يقول الأمير (ع): «وَلاَ تَحَاسَدُوا فَإِنَّ اَلْحَسَدَ يَأْكُلُ اَلْإِيمَانَ كَمَا تَأْكُلُ اَلنَّارُ اَلْحَطَبَ»[٣٠] الحسد «من أعظم أبواب الشيطان التي يدخل بها على القلب»[٣١]، لأنّ الحاسد ينشغل فكره وقلبه بأمر المحسود ويراقبه بشكل دائم ويرافق هذا الانشغال حزن وهمّ لما يرد على المحسود من خيرات ويتغافل هذا المسكين عن ما وهبه الله تعالى من الخيرات الظاهرة والباطنة وبدل أن يغبط يحسد، وكلّما أصرّ على الحسد انشغل عن العمل الصالح الجالب للحسنات والخيرات، وقد يصل الأمر بالحاسد إلى أن يتبرّأ الله منه؛ يقول الإمام الصادق (ع): «قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) : قَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِمُوسَى بْنِ عِمْرَانَ : يَا بْنَ عِمْرَانَ ، لاَ تَحْسُدَنَّ اَلنَّاسَ عَلَى مَا آتَيْتَهُمْ مِنْ فَضْلِي، وَ لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى ذَلِكَ، وَ لاَ تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ، فَإِنَّ اَلْحَاسِدَ سَاخِطٌ لِنِعَمِي، صَادٌّ لِقَسْمِيَ اَلَّذِي قَسَمْتُ بَيْنَ عِبَادِي، وَ مَنْ يَكُ كَذَلِكَ فَلَسْتُ مِنْهُ وَ لَيْسَ مِنِّي»[٣٢]

درجات الإيمان

وبما أنّ هذه الأمور كالحب في الله والبغض في الله وكذا حب أهل البيت (ع) تتفاوت بين الناس شدة وضعفاً مما يعني أن الإيمان في الناس بتبعها متفاوت شدة وضعفاً فليس حبنا لأهل البيت كحب سلمان ولا تسليمنا كتسليم مالك الأشتر... وهذا ما نريد الآن الحديث عنه وهو درجات الإيمان.

الروايات الشريفة يوجد فيها ما يدل على وجود تعدد في درجات الإيمان كقول الرسول (ص): « إِنَّ أَعْلَى مَنَازِلِ اَلْإِيمَانِ دَرَجَةٌ وَاحِدَةٌ مَنْ بَلَغَ إِلَيْهَا فَقَدْ فَازَ وَ ظَفِرَ وَ هُوَ أَنْ يَنْتَهِيَ سَرِيرَتُهُ فِي اَلصَّلاَحِ إِلَى أَنْ لاَ يُبَالِيَ بِهَا إِذَا ظَهَرَتْ وَ لاَ يَخَافَ عِقَابَهَا إِذَا سُتِرَتْ» [٣٣] وكقول الإمام الصادق (ع): «إِنَّ اَلْإِيمَانَ عَشْرُ دَرَجَاتٍ...» [٣٤]، وكقول الأمير (ع): «لَوْ كُشِفَ لِيَ اَلْغِطَاءُ مَا اِزْدَدْتُ يَقِيناً» معناه: بلوغ أقصى درجات الإيمان بالله تعالى، وأقصى ما يمكن من معرفة الله تعالى، وقوله: رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا[٣٥] يدل على أن علمه قابل للزيادة، وهو لا ينافي بلوغه أقصى درجات الإيمان، وأقصى ما يمكن من معرفة الله تعالى [٣٦]

ولك أن تسأل عن حد هذه الدرجات فما هي أقصى الدرجات وما هي أدناها، وجوابه ما ورد في بحار الأنوار على لسان بعض المحققين حيث قال:

  1. وأوائل درجات الإيمان تصديقات مشوبة بالشكوك والشبه على اختلاف مراتبها ويمكن معها الشرك وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ[٣٧].
  2. وأواسطها تصديقات لا يشوبها شك ولا شبهة الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا[٣٨] وأكثر إطلاق الإيمان عليها خاصة إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ[٣٩].
  3. وأواخرها تصديقات كذلك مع كشف وشهود وذوق وعيان ومحبة كاملة لله سبحانه وشوق تام إلى حضرته المقدسة يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ[٤٠].

وإلى المراتب الثلاثة الإشارة بقوله (عزَّ وجل)ّ: لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ[٤١].

وأعلى الكل ما ورد في قول رسول الله (ص): « إِنَّ أَعْلَى مَنَازِلِ اَلْإِيمَانِ دَرَجَةٌ وَاحِدَةٌ مَنْ بَلَغَ إِلَيْهَا فَقَدْ فَازَ وَ ظَفِرَ وَ هُوَ أَنْ يَنْتَهِيَ سَرِيرَتُهُ فِي اَلصَّلاَحِ إِلَى أَنْ لاَ يُبَالِيَ بِهَا إِذَا ظَهَرَتْ وَ لاَ يَخَافَ عِقَابَهَا إِذَا سُتِرَتْ »[٤٢]، وهناك غاية أخرى للإيمان وهي أن يصل العبد إلى مصافّ الأولياء الصالحين ولن يكون إلا إذا ترقّى العبد في إيمانه، فإذا ترقى العبد في إيمانه بلغ منزلة الرضا بالقضاء، وإذا ازداد في سلم الإيمان علواً وسمواً وصعوداً، أصبح شاكراً لربه على البلاء، فالأولياء الصالحون لن يكونوا مؤمنين إلا كما وصفهم الإمام الكاظم (ع): «لَنْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ حَتَّى تَعُدُّوا اَلْبَلاَءَ نِعْمَةً وَ اَلرَّخَاءَ مُصِيبَةً وَ ذَلِكَ أَنَّ اَلصَّبْرَ عِنْدَ اَلْبَلاَءِ أَعْظَمُ مِنَ اَلْغَفْلَةِ عِنْدَ اَلرَّخَاءِ » [٤٣]

فوائد معرفة درجات الإيمان

بعد هذا نسأل ماهي الفائدة المتحصلة من معرفتنا لدرجات الإيمان؟

وهنا نكتفي بذكر ثلاث من الفوائد:

الفائدة الأولى: الارتقاء في درجات الإيمان عندما يقول تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا[٤٤] أي أنّه يأمر الذين آمنوا ودخل الإيمان في قلوبهم بأن يرتقوا في درجاتهم الإيمانية ولا يمكن تفسيرها بغير هذا وإلا لكان العبث واقع واضح في القرآن وهذا لا يسلم به أحد، فالفائدة الأولى هي أنّه على كل واحد منا أن يسعى لأن يرتقي بإيمانه إلى أرقى درجة يمكنه الارتقاء إليها.

الفائدة الثانية: عدم إسقاط العالي للداني وهي مذكورة في هذا الحديث الشريف المروي عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) حيث يقول: «إِنَّ اَلْإِيمَانَ عَشْرُ دَرَجَاتٍ بِمَنْزِلَةِ اَلسُّلَّمِ يُصْعَدُ مِنْهُ مِرْقَاةً بَعْدَ مِرْقَاةٍ فَلاَ يَقُولَنَّ صَاحِبُ اَلْوَاحِدِ لِصَاحِبِ اَلاِثْنَيْنِ لَسْتُ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى اَلْعَاشِرَةِ وَ لاَ تُسْقِطْ مَنْ هُوَ دُونَكَ فَيُسْقِطَكَ اَلَّذِي هُوَ فَوْقَكَ »[٤٥]، ومطلوبنا من هذا الحديث هو في الفقرة الأخيرة إذ هي في الواقع قاعدة في غاية الأهمية ينبغي لكل واحد منّا أن يضعها نصب عينيه؛ لأنّي إن وفِّقت لأداء الحج وأداء النوافل وصيام عدد من الأيام والشهور المستحبة –مثلاً- فإنّه لا يحق لي أن أسقط من هو دوني وأن أقول بأنه ليس على شيء لأنّي إن فعلت هذا حقَّ لمن هو أعلى مني درجة أن يسقطني ويقول لي إنّك لست على شيء.

الفائدة الثالثة: عدم كسر المؤمن وهي قاعدة أخرى يذكرها الإمام (ع) في نفس الحديث السابق فيقول: « فَلاَ تُسْقِطْ مَنْ هُوَ دُونَكَ فَيُسْقِطَكَ مَنْ هُوَ فَوْقَكَ وَ إِذَا رَأَيْتَ مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْكَ بِدَرَجَةٍ فَارْفَعْهُ إِلَيْكَ بِرِفْقٍ - وَ لاَ تَحْمِلَنَّ عَلَيْهِ مَا لاَ يُطِيقُ فَتَكْسِرَهُ فَإِنَّ مَنْ كَسَرَ مُؤْمِناً فَعَلَيْهِ جَبْرُهُ». حيث يأمرنا الإمام بأنَّ كل إنسان قد وصل إلى درجة من الإيمان أرقى من غيره –ولو ادعاءً- فعليه أن يرفق بمن هو دونه فلا يحمل عليه ما لا يطيقه، وليس له أن يقول بأن هذا الشخص أدنى منه في درجة الإيمان وأنه ليس من أهل الخير والصلاح، لأنّ هذا المنطق ينجَرّ على نفس المتكلم إذ يوجد في الخارج من هو أرفع منه درجة في الإيمان فيكون من السهل أن يَسقط... وفي هذه الفقرة يذكر الإمام (ع) قيداً مهماً لمن يسعى في هداية غيره؛ هذا القيد هو الرفق، صحيح أنّه على من هو في درجة أرقى أن يرفع من هو دونه إليه، ولكن لا بد من أن تكون عملية الرفع هذه موسومة بالرفق كي لا تحصل حالة النفور من الإيمان، وهذا ما يُعبِّر عنه الإمام بأنه كَسْرٌ.

وهذا حديث آخر يوصل المراد بشكل أكبر فقد جاء في الكافي الشريف عن يعقوب بن الضحاك عن رجل من أصحابنا كان خادماً عند أبي عبدالله الصادق (ع)... يقول الخادم بعثني أبوعبدالله (ع) في حاجة وهو بالحيرة، أنا وجماعة من مواليه، قال: فانطلقنا فيها، ثم رجعنا مغتمين، قال: «بَعَثَنِي أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فِي حَاجَةٍ وَ هُوَ بِالْحِيرَةِ أَنَا وَ جَمَاعَةً مِنْ مَوَالِيهِ قَالَ فَانْطَلَقْنَا فِيهَا ثُمَّ رَجَعْنَا مُغْتَمِّينَ قَالَ وَ كَانَ فِرَاشِي فِي اَلْحَائِرِ اَلَّذِي كُنَّا فِيهِ نُزُولاً فَجِئْتُ وَ أَنَا بِحَالٍ فَرَمَيْتُ بِنَفْسِي فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذَا أَنَا بِأَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَدْ أَقْبَلَ قَالَ فَقَالَ قَدْ أَتَيْنَاكَ أَوْ قَالَ جِئْنَاكَ فَاسْتَوَيْتُ جَالِساً وَ جَلَسَ عَلَى صَدْرِ فِرَاشِي فَسَأَلَنِي عَمَّا بَعَثَنِي لَهُ فَأَخْبَرْتُهُ فَحَمِدَ اَللَّهَ ثُمَّ جَرَى ذِكْرُ قَوْمٍ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّا نَبْرَأُ مِنْهُمْ إِنَّهُمْ لاَ يَقُولُونَ مَا نَقُولُ قَالَ فَقَالَ يَتَوَلَّوْنَا وَ لاَ يَقُولُونَ مَا تَقُولُونَ تَبْرَءُونَ مِنْهُمْ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَهُوَ ذَا عِنْدَنَا مَا لَيْسَ عِنْدَكُمْ فَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَبْرَأَ مِنْكُمْ قَالَ قُلْتُ لاَ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ وَ هُوَ ذَا عِنْدَ اَللَّهِ مَا لَيْسَ عِنْدَنَا أَ فَتَرَاهُ اِطَّرَحَنَا قَالَ قُلْتُ لاَ وَ اَللَّهِ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا نَفْعَلُ قَالَ فَتَوَلَّوْهُمْ وَ لاَ تَبَرَّءُوا مِنْهُمْ إِنَّ مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ مَنْ لَهُ سَهْمٌ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ سَهْمَانِ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ ثَلاَثَةُ أَسْهُمٍ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ سِتَّةُ أَسْهُمٍ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ فَلَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ صَاحِبُ اَلسَّهْمِ عَلَى مَا عَلَيْهِ صَاحِبُ اَلسَّهْمَيْنِ وَ لاَ صَاحِبُ اَلسَّهْمَيْنِ عَلَى مَا عَلَيْهِ صَاحِبُ اَلثَّلاَثَةِ وَ لاَ صَاحِبُ اَلثَّلاَثَةِ عَلَى مَا عَلَيْهِ صَاحِبُ اَلْأَرْبَعَةِ وَ لاَ صَاحِبُ اَلْأَرْبَعَةِ عَلَى مَا عَلَيْهِ صَاحِبُ اَلْخَمْسَةِ وَ لاَ صَاحِبُ اَلْخَمْسَةِ عَلَى مَا عَلَيْهِ صَاحِبُ اَلسِّتَّةِ وَ لاَ صَاحِبُ اَلسِّتَّةِ عَلَى مَا عَلَيْهِ صَاحِبُ اَلسَّبْعَةِ وَ سَأَضْرِبُ لَكَ مَثَلاً إِنَّ رَجُلاً كَانَ لَهُ جَارٌ وَ كَانَ نَصْرَانِيّاً فَدَعَاهُ إِلَى اَلْإِسْلاَمِ وَ زَيَّنَهُ لَهُ فَأَجَابَهُ فَأَتَاهُ سُحَيْراً فَقَرَعَ عَلَيْهِ اَلْبَابَ فَقَالَ لَهُ مَنْ هَذَا قَالَ أَنَا فُلاَنٌ قَالَ وَ مَا حَاجَتُكَ فَقَالَ تَوَضَّأْ وَ اِلْبَسْ ثَوْبَيْكَ وَ مُرَّ بِنَا إِلَى اَلصَّلاَةِ قَالَ فَتَوَضَّأَ وَ لَبِسَ ثَوْبَيْهِ وَ خَرَجَ مَعَهُ قَالَ فَصَلَّيَا مَا شَاءَ اَللَّهُ ثُمَّ صَلَّيَا اَلْفَجْرَ ثُمَّ مَكَثَا حَتَّى أَصْبَحَا فَقَامَ اَلَّذِي كَانَ نَصْرَانِيّاً يُرِيدُ مَنْزِلَهُ فَقَالَ لَهُ اَلرَّجُلُ أَيْنَ تَذْهَبُ اَلنَّهَارُ قَصِيرٌ وَ اَلَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اَلظُّهْرِ قَلِيلٌ قَالَ فَجَلَسَ مَعَهُ إِلَى أَنْ صَلَّى اَلظُّهْرَ ثُمَّ قَالَ وَ مَا بَيْنَ اَلظُّهْرِ وَ اَلْعَصْرِ قَلِيلٌ فَاحْتَبَسَهُ حَتَّى صَلَّى اَلْعَصْرَ قَالَ ثُمَّ قَامَ وَ أَرَادَ أَنْ يَنْصَرِفَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَقَالَ لَهُ إِنَّ هَذَا آخِرُ اَلنَّهَارِ وَ أَقَلُّ مِنْ أَوَّلِهِ فَاحْتَبَسَهُ حَتَّى صَلَّى اَلْمَغْرِبَ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَنْصَرِفَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَقَالَ لَهُ إِنَّمَا بَقِيَتْ صَلاَةٌ وَاحِدَةٌ قَالَ فَمَكَثَ حَتَّى صَلَّى اَلْعِشَاءَ اَلْآخِرَةَ ثُمَّ تَفَرَّقَا فَلَمَّا كَانَ سُحَيْرٌ غَدَا عَلَيْهِ فَضَرَبَ عَلَيْهِ اَلْبَابَ فَقَالَ مَنْ هَذَا قَالَ أَنَا فُلاَنٌ قَالَ وَ مَا حَاجَتُكَ قَالَ تَوَضَّأْ وَ اِلْبَسْ ثَوْبَيْكَ وَ اُخْرُجْ بِنَا فَصَلِّ قَالَ اُطْلُبْ لِهَذَا اَلدِّينِ مَنْ هُوَ أَفْرَغُ مِنِّي وَ أَنَا إِنْسَانٌ مِسْكِينٌ وَ عَلَيَّ عِيَالٌ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَدْخَلَهُ فِي شَيْءٍ أَخْرَجَهُ مِنْهُ أَوْ قَالَ أَدْخَلَهُ مِنْ مِثْلِ ذِهْ وَ أَخْرَجَهُ مِنْ مِثْلِ هَذَا»[٤٦]

فبدل أن يبعده عن الضلال والشرك قام بممارسة أسلوب خاطئ ولم يراع التفاوت في الإيمان مما سبب في ضلال هذا الرجل، وبهذا المثال أشار الإمام (ع) إلى أسلوب خاطئ مفاده أن يُحمَّل من هو دون ما لا يطيق، وللأسف هناك من الأشخاص ممن يوفقون لبعض التوفيقات كالقيام ببعض المستحبات كصلاة الليل وما شاكل إلا أنّه ينظر إلى الباقي وكأنّهم يوشك أن يُزج بهم إلى النار وهذا غير صحيح؛ فالإمام الصادق (ع) يذكر عشر خصال بها يكون الإنسان مؤمناً وعندما يصل إلى العاشرة يقول: « وَاَلْعَاشِرَةُ وَمَا اَلْعَاشِرَةُ لاَ يَلْقَى أَحَداً إِلاَّ قَالَ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي وَأَتْقَى إِنَّمَا اَلنَّاسُ رَجُلاَنِ رَجُلٌ خَيْرٌ مِنْهُ وَأَتْقَى وَآخَرُ شَرٌّ مِنْهُ وَأَدْنَى فَإِذَا لَقِيَ اَلَّذِي هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ وَأَتْقَى تَوَاضَعَ لَهُ لِيَلْحَقَ بِهِ وَإِذَا لَقِيَ اَلَّذِي هُوَ شَرٌّ مِنْهُ وَأَدْنَى قَالَ لَعَلَّ شَرَّ هَذَا ظَاهِرٌ وَخَيْرَهُ بَاطِنٌ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ عَلاَ وَسَادَ أَهْلَ زَمَانِهِ» [٤٧]

وهذه الرواية مهمة جداً حيث تعلمني كيف أتوقف أمام كل إنسان ألقاه وأجعل من نفسي متواضعة أمام الآخرين لأن خيرهم إما ظاهر وباطن أو باطن فقط وهذا يعطيني حالة من التواضع أمام الآخرين وفيها ما فيها من مراعاة للمستويات الإيمانية بين الناس.

ويكفي أثراً من هذا أن يكون المؤمنون أجمع في حالة من الترابط الشديد فكلٌ يتعلّق بمن هو أرفع منه بيد واليد الأخرى ممدودة لمن هو أسفل منه... فإذا تصورت هذا فإنّك ستجد المؤمنين مترابطين متماسكين، وكلٌ يرفق بالآخر ويرفعه ويرتفع.

الارتقاء بعد الاستقامة

العلو في درجات الإيمان يحتاج إلى نفس قابلة لذلك ومن هنا لا بد:

  1. من سلامة القلب واللسان قال رسول (ص): « لاَ يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ وَ لاَ يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ »[٤٨]، وهنا قد حُذف المتعلق مما يدلّ على العموم الشامل لكل ما فيه ذمّ واستنقاص للغير، وأشار الأمير إلى مفردة منها فقال (ع): «سَلِيمُ اَللِّسَانِ مِنْ أَعْرَاضِهِمْ» [٤٩]، فإذا سلم اللسان من هذه الأباطيل وتطهّر منها كان لسانه مستقيماً على الحق، واستقامة اللسان تكشف غالباً عن استقامة القلب.
  2. الصبر ويعتبر الصبر أول درجات الإيمان الذي يبدأ المؤمن به سلّم الارتقاء إلى مدارج الكمال، يقول الأمير (ع): «وَ عَلَيْكُمْ بِالصَّبْرِ فَإِنَّ اَلصَّبْرَ مِنَ اَلْإِيمَانِ كَالرَّأْسِ مِنَ اَلْجَسَدِ وَ لاَ خَيْرَ فِي جَسَدٍ لاَ رَأْسَ مَعَهُ وَ لاَ فِي إِيمَانٍ لاَ صَبْرَ مَعَهُ» [٥٠]

كيف أرتقي إلى أعلى الدرجات؟

ذُكِرَ في الروايات وفي كلمات العلماء طرقاً عديدة نذكر منها:

  1. العلم والمعرفة: فبهما تزداد قيمة الإنسان، وتعلو درجته كلّما ازدادت معرفته حتى يصل إلى ما دون الأنبياء؛ قال الرسول الأكرم (ص): «أقرب الناس من درجة النبوة أهل العلم والجهاد، أما أهل العلم فدلوا الناس على ما جاءت به الرسل، وأما أهل الجهاد فجاهدوا بأسيافهم على ما جاءت به الرسل»[٥١]، وقال أمير المؤمنين (ع) «يَا مُؤْمِنُ إِنَّ هَذَا اَلْعِلْمَ وَ اَلْأَدَبَ ثَمَنُ نَفْسِكَ فَاجْتَهِدْ فِي تَعَلُّمِهِمَا فَمَا يَزِيدُ مِنْ عِلْمِكَ وَ أَدَبِكَ يَزِيدُ فِي ثَمَنِكَ وَ قَدْرِكَ فَإِنَّ بِالْعِلْمِ تَهْتَدِي إِلَى رَبِّكَ وَ بِالْأَدَبِ تُحْسِنُ خِدْمَةَ رَبِّكَ» [٥٢]. وقال (ع): « تَعَلَّمِ اَلْعِلْمَ فَإِنَّ تَعَلُّمَهُ حَسَنَةٌ وَ مُدَارَسَتَهُ تَسْبِيحٌ وَ اَلْبَحْثَ عَنْهُ جِهَادٌ وَ تَعْلِيمَهُ مَنْ لاَ يَعْلَمُهُ صَدَقَةٌ وَ هُوَ عِنْدَ اَللَّهِ لِأَهْلِهِ قُرْبَةٌ ... يَرْفَعُ اَللَّهُ بِهِ أَقْوَاماً يَجْعَلُهُمْ فِي اَلْخَيْرِ أَئِمَّةً ...» [٥٣].
  2. العمل الصالح: المؤمن هو من يظهر إيمانه في سلوكه ومن كان كذلك فإنّ عمله لا يكون إلا عملاً صالحاً وهذا ما يطلبه الإسلام من المؤمنين قال تعالى: وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى[٥٤]، وبركة العمل الصالح يتقوم بالكيف لا بالكم، وخير مثال على هذا مبيت الإمام علي (ع) ليلة واحدة في فراش الرسول (ص)، وضربته يوم الخندق كانت تعادل عبادة الثقلين، لذا لا بد من اقتران الإيمان بالعمل، لذا يركّز الأمير (ع) على ضرورة هذا الاقتران حيث يقول: «لاَ تَكُنْ مِمَّنْ يَرْجُو اَلْآخِرَةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ » [٥٥] ولا يصحّ أن يكتفي العبد بأن يكون محبّاً للصالحين، وفي مقابل هذا الحب لا يعمل عملهم، «فَبِالْإِيمَانِ يُسْتَدَلُّ عَلَى اَلصَّالِحَاتِ وَ بِالصَّالِحَاتِ يُسْتَدَلُّ عَلَى اَلْإِيمَانِ» [٥٦]، ولا بد للإخلاص من أن يكون حاضراً في العمل وإلا كان هذا العمل هشيماً تذروه الرياح بل هباء منثوراً.
  3. الأخلاق الحسنة: فبها يبلغ الإنسان أعظم الدرجات ويصل إلى مقامات رفيعة حتى لو كان قليل العبادة، يقول أمير المؤمنين (ع) موصياً: «رُوضُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى اَلْأَخْلاَقِ اَلْحَسَنَةِ فَإِنَّ اَلْعَبْدَ اَلْمُسْلِمَ يَبْلُغُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ اَلصَّائِمِ اَلْقَائِمِ »[٥٧]، وقال (ع): « عَلَيْكُمْ بِمَكَارِمِ اَلْأَخْلاَقِ فَإِنَّهَا رِفْعَةٌ وَ إِيَّاكُمْ وَ اَلْأَخْلاَقَ اَلدَّنِيَّةَ فَإِنَّهَا تَضَعُ اَلشَّرِيفَ وَ تَهْدِمُ اَلْمَجْدَ» [٥٨]، وروي عن الإمام الصادق (ع) « إِنَّ أَكْمَلَ اَلْمُؤْمِنِينَ إِيمَاناً أَحْسَنُهُمْ خُلُقاً » [٥٩]

ومن ثمرات الارتقاء إلى أعلى الدرجات

رؤية الله تعالى: وقد سأل ذعلب اليماني الأميرَ فقال: «هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَ فَأَعْبُدُ مَا لاَ أَرَى فَقَالَ وَ كَيْفَ تَرَاهُ فَقَالَ لاَ تُدْرِكُهُ اَلْعُيُونُ بِمُشَاهَدَةِ اَلْعِيَانِ وَ لَكِنْ تُدْرِكُهُ اَلْقُلُوبُ بِحَقَائِقِ اَلْإِيمَانِ قَرِيبٌ مِنَ اَلْأَشْيَاءِ غَيْرَ مُلاَمِسٍ بَعِيدٌ مِنْهَا غَيْرَ مُبَايِنٍ مُتَكَلِّمٌ بِلاَ رَوِيَّةٍ مُرِيدٌ بِلاَ هِمَّةٍ صَانِعٌ لاَ بِجَارِحَةٍ لَطِيفٌ لاَ يُوصَفُ بِالْخَفَاءِ بَعِيدٌ لاَ يُوصَفُ بِالْجَفَاءِ بَصِيرٌ لاَ يُوصَفُ بِالْحَاسَّةِ رَحِيمٌ لاَ يُوصَفُ بِالرِّقَّةِ تَعْنُو اَلْوُجُوهُ لِعَظَمَتِهِ وَ تَوْجَلُ اَلْقُلُوبُ مِنْ مَخَافَتِهِ»[٦٠]

إدراك حقائق الولاية: « إِنَّ أَمْرَنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ لاَ يَحْمِلُهُ إِلاَّ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ اِمْتَحَنَ اَللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ وَ لاَ يَعِي حَدِيثَنَا إِلاَّ صُدُورٌ أَمِينَةٌ وَ أَحْلاَمٌ رَزِينَةٌ»[٦١]، وهذا يعني أن أمرهم (ع) مما يحتاج إدراك كنهه إلى صفاء في النفس، وقلب سليم، وصدر مستنير.

[٦٢]

المراجع والمصادر

الهوامش

  1. نهج البلاغة، من خطبة له (ع) في فرائض الإسلام خطبة ١١٠.
  2. نهج البلاغة، الكلمات القصار ٢٢٧.
  3. سورة النمل، الآية ١٤.
  4. سورة النحل، الآية ١٠٦.
  5. تاج العروس للزبيدي، ج ١٨، ص ٢٤٢.
  6. الأمالي للشيخ الطوسي الجزء الخامس حديث ٥، ومثله وزيادة في الكافي ج٢، ص١٦. وتتمة من الرواية أنقلها للفائدة: «...أما لو أنّ رجلاً قام ليله، وصام نهاره، وتصدّق بجميع ماله، وحجّ جميع دهره، ولم يعرف ولاية وليّ الله فيواليه، ويكون جميع أعماله بدلالته إليه، ما كان له على الله حقّ في ثوابه، ولا كان من أهل الإيمان».
  7. سورة الحجرات، الآية ١٤.
  8. التفسير الصافي للفيض الكاشاني ج٦ ص٥٢٥.
  9. الكافي ج١، باب الاضطرار إلى الجنة، ص ١٧٣، ح٤.
  10. الكافي ج٢، باب الإسلام يحقن به الدم، ص ٤٢، ح٢.
  11. الكافي ج٢، باب أنّ الإيمان يشرك الإسلام ولا عكس، ص ٢٥، ح١.
  12. الكافي ج٢، باب أنّ الإيمان يشرك الإسلام ولا عكس، ص٢٦، ح٤.
  13. نهج البلاغة، في كلام له (ع) في تقسيم الإيمان والنهي عن البراءة من أحد.. خطبة ١٨٩.
  14. شرح أصول الكافي للمولى المازندراني ج٨، ص١٠٥، شرح ابن أبي الحديد ج١٣، ص٧٠، بحار الأنوار للمجلسي ج٦٦، ص٢٢٨ (بتصرف في الجميع).
  15. وسائل الشيعة ج١٥ باب٧ من أبواب جهاد النفس، ص٢٠١، ح١.
  16. نهج البلاغة، من الكلمات القصار ٣١٠.
  17. ميزان الحكمة ج١ ص ١٩٢.
  18. وسائل الشيعة ج٢ باب٢٤ من أبواب الحيض، ص٣١٩، ح٨.
  19. الأمالي للصدوق، ص ٧٢٤، المجلس ٩١، ح٤.
  20. نهج البلاغة، من الكلمات القصار ٤٥٨.
  21. سورة البقرة، الآية ٢٠٧.
  22. نهج البلاغة، من الكلمات القصار ٣٣٣.
  23. تاج العروس للزبيدي ج٤، ص ٩٥.
  24. من خطبة للأمير (ع) في صفات المتقين.
  25. الصحاح للجوهري ج٣، ص٩٩٦.
  26. نهج البلاغة خطبة ٨٦.
  27. نهج البلاغة، من خطبة له (ع) في صفة الجنة والحث على العمل وذكر نعمة الدين ذمّ الرياء والكذب.
  28. كنز العمال للمتقي الهندي ص٧٩٩ رقم الحديث ٤٣١٧٠. وقريب منه ما في البحار للمجلسي ج٧٤ ص٦١.
  29. نهج البلاغة، من خطبة له (ع) في صفة الجنة والحث على العمل وذكر نعمة الدين ذمّ الرياء والكذب.
  30. نهج البلاغة، من خطبة له (ع) فيها صفات من يحبه الله وحال أمير المؤمنين مع الناس.
  31. شرح أصول الكافي للمازندراني ج١، ص١٧١.
  32. وسائل الشيعة باب ٥٥ من أبواب جهاد النفس الحديث ٦، ج١١، ص٢٩٣.
  33. بحار الأنوار ج٧١ ص٣٦٩ ح١٩.
  34. الكافي ج٢ ص٤٠باب نسبة الإسلام ح٢.
  35. سورة طه، الآية 114.
  36. منتهى المطالب للعلامة الحلي ج٣، ص ٤٤.
  37. سورة يوسف، الآية ١٠٦.
  38. سورة الحجرات، الآية ١٥.
  39. سورة الأنفال، الآية ٢.
  40. سورة المائدة، الآية ٥٤.
  41. سورة المائدة، الآية ٩٣.
  42. بحار الأنوار للمجلسي ج٦٢، ص١١٥-١١٦ (بتصرف).
  43. التمحيص لمحمد بن همّام الاسكافي ص ٤-٥.
  44. سورة النساء، الآية ١٣٦.
  45. الكافي ج٢ ص٤٠ باب نسبة الإسلام ح٢.
  46. الكافي ج٢ص٤٣ باب درجات الإيمان ح٢.
  47. الأمالي للطوسي ج٦، ص٢٤٠ ح٥.
  48. نهج البلاغة، خطبة ١٧٦.
  49. من خطبة له (ع) يحذّر من متابعة الهوى.
  50. نهج البلاغة، من الكلمات القصار ٨٢.
  51. ميزان الحكمة ج٤ ص ٣٠٢٢.
  52. بحار الأنوار ج١ص ١٨٠باب فرض العلم ووجوبه ح٦٤.
  53. روضة الواعظين للفتال النيسابوي ص٩.
  54. سورة طه، الآية ٧٥.
  55. تحف العقول ص١٥٧ في موعظته (ع) ووصفه المقصرين.
  56. نهج البلاغة، خطبة ١٥٦
  57. بحار الأنوار ج١٠ ص٩٩ باب ٧، تحف العقول ص ١١١ في آدابه لأصحابه وهي أربعمائة باب للدين والدنيا.
  58. تحف العقول، ص٢١٥ من قصارى كلماته (ع).
  59. الكافي ج٢ ص٩٩ باب حسن الخلق ح١.
  60. نهج البلاغة، من كلام له في التنزيه جواباً لمن سأله هل رأيت ربك.
  61. نهج البلاغة، خطبة في كلام له في تقسيم الإيمان والنهي عن البراءة من أحد.
  62. [١]